أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الديمقراطية العراقية .. حلم أن تبيض الدجاجة أسداً














المزيد.....

الديمقراطية العراقية .. حلم أن تبيض الدجاجة أسداً


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 20:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للإمام علي قولٌ أؤمن به كثيرًا، لا لأن قائله يحتل مكانة عظيمة في تاريخ الفكر والحكمة، وإنما لأن القول نفسه يلخص بشكل بارع ودقيق صورة ما عليه المجتمعات. ورغم أن العالم قد مرّ بمتغيراته المعروفة، ظل القول على حاله من ناحية الجوهر، وظلت تمظهراته الوضعية متأثرة بطبيعة أنظمة الحكم؛ فالأنظمة الشمولية غير الأنظمة الدكتاتورية، وذلك من حيث تأثيرها على سعة المساحات الثلاث التي جاء بها قول الإمام الحكيم: الناس ثلاث: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، والأكثرية رعاع أتباع كل ناعق.

وأجزم أن الإمام علي لم يقصد التقليل من شأن الأغلبية، لأن كلمة "الرعاع" في لغته تعني الأغلبية (الجاهلة الطائعة)، التي تختلف دون شك عن كلمة "الرعاع" التي تقترب بلغتنا من كلمة "القطيع".

بالنسبة لي، كنت متشائمًا من إمكانية أن تخلق الديمقراطية البائسة متغيراتها الإيجابية؛ لأنها، أي الديمقراطية، جاءت كردّ فعل على نظام قمعي رهيب، ولم تتأسس على بنية اجتماعية باقتصاد وثقافة حاضنة. ولهذا أراها قد أخرجتنا من مرحلة مقدسة مُعرَّفة بعنوان، إلى مرحلة مقدسة بعنوان مختلف.

لقد نزلت علينا بالباراشوت، ولم تتأسس على واقع موضوعي تؤثر فيه وتتأثر به. فالديمقراطية في الغرب جاءت بحكم مسيرة طويلة وبرفقة متغيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، أي أن هناك بنية تحتية أنتجتها ووضعتها على مساراتها السليمة، بحيث ظلت معادلة التأثر والتأثير قائمة وفاعلة، ليس فقط لحراسة تلك الديمقراطية، وإنما أيضًا لغرض تطويرها (لاحظ عدد التغييرات التي أدخلها الكونغرس على الدستور الأمريكي).

والحال هنا أن الغرب الديمقراطي قد التزم بالديمقراطية المرنة، في حين أن الفئة الحاكمة عندنا جاءت بديمقراطية لا يمكن أن نغير فيها ولو بمقدار فارزة، إلا بغياب فيتو المحافظات الثلاث، أو بعد أن تنتهي الثروة النفطية ولا يكون العراق مغريًا لطغمة اللصوص الحاكمة، أو بعد أن يتحرر العراق من عبوديته الإقليمية لهذه القوة أو تلك.

حتى في المجتمع الأمريكي الذي أعيش فيه، فإن "الرعاع" ما زال لهم اليد العليا في حسم نتائج الانتخابات، التي تأتي بكل تأكيد متوافقة مع نهج المؤسسة الديمقراطية المهيمنة. ظواهر مثل أوباما (الرئيس الأسود) أو ممداني المسلم، هي ظواهر غير منعزلة عن كونها إفرازًا لضغوط بيئية غير خارجة عن النظام الديمقراطي الذي أنتجها وأتاح لها فرصة التعبير عن نفسها، نتيجة للقوة الكامنة التي تمنحها الديمقراطية لفعل التغيير المتجانس.

نعم، الأغلبية بشر رعاع، غير أن رعاع الديمقراطية الغربية يختلفون عن رعاع الديمقراطية العراقية؛ فالأولى منتجة لمؤسسة ديمقراطية لم تأتِ من فراغ أو تنزل عليهم بالباراشوت، أما الثانية فهي رعاع لمؤسسة طائفية عِرقية حريصة على أن يبقى الرعاع ملكًا لها، تخط بيدها الضوابط المحروسة بدستور مقدس عصيّ على التغيير.

إن حلم أن تؤسس الديمقراطية العراقية الحالية، من خلال حالة تراكمية مؤثرة ولو بطيئة لواقع بديل، سيبقى حلمًا عصيًا على التحقيق. وهل نحن بحاجة إلى نظام دكتاتوري بديل؟ كلا، بطبيعة الحال. لكننا بكل تأكيد بحاجة إلى نظام يعيد تشكيل حالة الرعاع الذين بإمكانهم أن ينتجوا طليعتهم.

وأجزم أن الأمر لا يتم من خلال تنظيراتنا الثقافية، على أهميتها، وإنما من خلال متغيرات اقتصادية واجتماعية قادرة على إنجاب "رعاع" واعين، بما يجعلهم الرقم الأصعب في العملية الديمقراطية. وهو رقم ليس من السهولة شراؤه بـ"صوبة علاء الدين" أو "بطانية صينية" مستوردة على أنقاض "معمل فتاح باشا"، أو إقناع العبدالله الفقير بتأجيل سعادته إلى حين ظهور المهدي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضيافة المدافع .. الهزيمة في الشوش
- في ضيافة المدافع بعض من الرجال الأوفياء
- قصة مدينتين
- في غرفتي طارق عزيز .. (في ضيافة المدافع)
- ما بعد تموز 1958 .. هذا ما حدث (2)
- بعد تموز عام 1958 .. هذا ما حدث
- المقاطعة المشاركة
- في ضيافة المدافع .. صمت الفرسان
- لن نمسح مساوئ إيران بمساوئ إسرائيل
- بين السيء والأسوأ منه
- صدام حسين لم يكن عميلاً
- الشاعر كأديب والشاعر كإنسان
- (الحرام الحرام) و(الحرام الحلال)
- بين الدولة المدنية والدولة العلمانية
- حوار مع الأستاذ سالم مشكور فساد في النظام مقابل نظام للفساد ...
- مقالة من سبعة سطور .. (العراقي السوري .. الصورة والمرآة)
- طوفان الأقصى وما أدراك ما طوفان الأقصى
- العقائدي السايكوباث
- الطائفية التقدمية
- أصحاب الحناجر المريضة


المزيد.....




- بعد خطته للسلام.. ترامب يهاجم القيادة الأوكرانية بشدة: لم تب ...
- كيرن هايسود.. كيان مالي أسهم في تنفيذ المشروع الصهيوني بفلسط ...
- هجرة العقول تتفاقم في إسرائيل بعد طوفان الأقصى
- تحقيقات تكشف مشارح مكتظة ومقابر سرية في تنزانيا
- -الحمل الوحشي-.. حركة بديلة تتحول إلى تجارة بالملايين واتهام ...
- قدّرت الخسائر بـ 1,5 مليون دولار.. حريق يلتهم ديكورات المسلس ...
- -إنهم ليسوا هنا-.. رئيس جنوب إفريقيا يعلق -مازحا- على غياب أ ...
- إسرائيل تعلن استهداف رئيس أركان حزب الله بأول ضربة في قلب بي ...
- طهران تختنق بالدخان.. جودة الهواء تتلوث إلى مستويات خطيرة في ...
- انتخابات مبكرة على وقع أزمة سياسية.. صرب البوسنة ينتخبون رئي ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الديمقراطية العراقية .. حلم أن تبيض الدجاجة أسداً