أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - في غرفتي طارق عزيز .. (في ضيافة المدافع)














المزيد.....

في غرفتي طارق عزيز .. (في ضيافة المدافع)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 20:47
المحور: سيرة ذاتية
    


لم تعد بناية المكتب العسكري مؤهلة لاستيعاب مكاتب القيادتين القومية والقطرية اللتين أخذتا بالتوسع فتقرر حينها أن تنتقل القومية إلى بناية أخرى, وتم اختيار مبنى أنيق قيل لي أنه كان في السابق بيتاً للوصي على العرش الأمير عبدالإله, بينما أخذت أكثر المكاتب (المالي والتنظيمي والأمني) بيوتاً إلى الجوار, ثم وبعد شهور عدة اختار عبدالخالق السامرائي بيتاً إلى أقصى اليسار من المبنى العام مقراً للمكتب الثقافي بعد أن تسلم مسؤوليته من الدكتور إلياس فرح وبهذا انتقلت أنا أيضاً لذلك المكتب, وكنت حينها الوحيد الذي يشغله في غرفة مطلة على حديقة الدار إلى الجوار من ضفة نهر دجلة ولصيقة بغرفة عبدالخالق السامرائي.
لم يكن المكتب الثقافي قد تشكل بعد أو إتسع, إذ ظل محصوراً على أشخاص عدة كنت الوحيد المتفرغ بينهم, بثلاثة أيام نهاراً وبتفرغ كامل مساءً, بينما كنت أقضي الثلاثة أيام الأخرى من الاسبوع في عملي (معيداً) في كلية طب الأسنان.
أما بقية الأعضاء فظلوا في البداية يشكلون الفريق الذي يشرف على تحرير مجلة (الثورة العربية), وهي المجلة الداخلية للحزب التي كانت توزع على الأعضاء وتقرأ على الانصار الذين هم بمستوى أدنى من الأعضاء حيث يتم اختيار بعضهم بعد ذلك كأعضاء متدربين قبل أن يتم لهم إكتساب العضوية العاملة التي تعطيهم حق الترشيح للقيادات العليا وبدايةً من عضوية قيادة الفرقة.
هيئة التحرير تلك كانت مؤلفة من طارق عزيز المفرغ أصلاً لرئاسة تحرير صحيفة الثورة اليومية الناطقة بلسان الحزب والثاني السوري زهير البيرقدار الذي سيصبح سفيرنا في ألمانيا الشرقية ومديراً عاماً في وزارة الخارجية إضافة إلى شهيد الحديثي, شقيق كمال الحديثي الشاعر الضرير الذي سيكون مديراً للمكتب الثقافي حتى نهاية النظام, ومعنا كان هناك أحد رفاقنا من سوريا, وهو شاب لاجئ قرر بنفسه العودة بعدها إلى سوريا رغم علمه بالمصير الذي ينتظره لأن نظام حافظ الأسد لم يكن يتسامح مع معارضيه أبداً.
لكن وقبل أن أنتقل إلى المقر الجديد استدعاني الأستاذ شبلي العيسمي الذي كان ينوب وقتها عن الأمين العام للحزب ميشيل عفلق لكي يخبرني بأمر انتقال طارق عزيز للعمل متفرغاً لشؤون المكتب الثقافي بعد أن تم إبعاده عن رئاسة تحرير صحيفة الثورة الناطقة بإسم الحزب وجاء خلفاً له في رئاسة التحرير المرحوم صلاح عمر العلي عضو القيادة القطرية, وقد طلب مني المرحوم العيسمي أن (استضيف) الرجل في غرفتي نظراُ لعدم وجود غرفة فارغة آنذاك. كان العيسمي شديد التقيد بالأدب والدبلوماسية, لذلك وجدتني أرد عليه مباشرة وبدون تردد : يا ضيفنا لو زرتنا, لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل).
بعد ساعة فتح عزيز باب غرفتي وبعد أن ألقى التحية وجدني أترك مكاني خلف منضدة الكتابة لأصافحه مرحباً به بحرارة ثم اسحبه من يده ليحتل مكاني, وقد فاجئه تصرفي فتردد ممتناً بعد أن أشار إلى أنه سيجلس على المقعد لبعض الوقت, فرفضت إلا أن يجلس في مكاني وأجلس انا في مقعد الضيوف.
طارق عزيز ظل ممتناً لموقفي ذاك فقد شعر بحرارة الإستقبال بعد خيبة الأمل التي ظل يعاني منها على إثر إبعاده عن رئاسة تحرير صحيفة الثورة الناطقة بإسم الحزب, وها هو الموقف الثاني الذي يجمعني به بعد لقاءنا الأول في ندوة (أنت تسأل والحزب يجيب) التي عقدتها شعبة الكرادة الي أدارها كل من ثامر رزوقي وخالد طبرة. الأول سيصبح سفير العراق في الكويت ونجح في وظيفته هناك بإمتياز, وخلفه بعد ذلك الصديق عبدالجبار الدوري الذي كنا نسميه نائب الأمير بعد أن نجح في نسج علاقة حميمة مع الأمير ومع أكثر الشيوخ من حوله. وأزعم أن هذين الرجلين كانا قد جعلا العراق والكويت يبدوان وكأنهما بلداً واحداً دونما حاجة إلى دبابات صدام حسين.
استمر طارق عزيز يعمل معي في غرفتي كأحد أعضاء المكتب الثقافي القليلين وقتها وتحدث لي بإيجاز عن سبب إقالته من رئاسة الصحيفة وتعيين صلاح عمر العلي بديلاً له وما فهمته من ذلك الإيجاز الذي لم أشأ أن أحرجه بطلب المزيد من تفاصيله, أن البكر رئيس الجمهورية هو الذي كان وراء قرار إبعاده, ربما لتراكمات كانت قد تركتها تجربة الحكم الشباطية التي تأسست في أعقاب الإطاحة بنظام الزعيم عبدالكريم قاسم. وقد أشار لي أحد البعثيين أن أمر الإبعاد لم يأتِ بمنأى عن تأثير البيان الذي كتبه طارق عزيز ضد البكر بعد تكليفه من قبل ميشيل عفلق بأمانة سر القيادة القطرية في العراق بعد إلقاء القبض على كامل أعضائها بعد حركة 4/9 عام 1964 والذي هاجم فيه دور البكر أثناء ترؤسه للوزارة بعد الانقلاب على عبدالكريم قاسم.
الواقع أن المسيحيين لعبوا دوراً بارزاً على صعيد تأسيس الحزب وقيادته, ولم يكن ذلك غريباً لأن مسيحي الشام كانوا وطنيين وعروبين وفي الصدارة من كل الحركات التقدمية التي سادت في تلك المرحلة, فنعرف منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور جورج حبش رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهناك أيضاً المفكران الشاميان الأشهر وهما جورج طرابيشي وجورج جرداق مضافاً لهم الأقرب لي الدكتور إلياس فرح عضو القومية وكمال فاخوري مدير مكتب الطلبة والشباب القومي, ويكفيني هنا أن أشير إلى أن مؤسس الحزب الشيوعي العراقي وقائده (فهد) كان مسيحياً أيضاً .
هؤلاء وغيرهم لم يكونوا استثناء مسيحياً بل كانوا جزءاً من القاعدة المسيحية ذات الجذور والثقافة الخاصة بمسيحي المشرق العربي المناهضة للإستعمار والصهيونية. وأعترف أن واحدة من الصفات التي جذبتنا إلى حزب البعث هي مسيحية ميشيل عفلق التي عرف كيف يجيرها لصالح تفعيل الثقافة الإسلامية علمانياً.
أما طارق عزيز فقد بقيت أعمل معه في غرفة واحدة لمدة تقارب السنة قبل أن يصدر قرار إعادته إلى رئاسة تحرير صحيفة الثورة من جديد.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد تموز 1958 .. هذا ما حدث (2)
- بعد تموز عام 1958 .. هذا ما حدث
- المقاطعة المشاركة
- في ضيافة المدافع .. صمت الفرسان
- لن نمسح مساوئ إيران بمساوئ إسرائيل
- بين السيء والأسوأ منه
- صدام حسين لم يكن عميلاً
- الشاعر كأديب والشاعر كإنسان
- (الحرام الحرام) و(الحرام الحلال)
- بين الدولة المدنية والدولة العلمانية
- حوار مع الأستاذ سالم مشكور فساد في النظام مقابل نظام للفساد ...
- مقالة من سبعة سطور .. (العراقي السوري .. الصورة والمرآة)
- طوفان الأقصى وما أدراك ما طوفان الأقصى
- العقائدي السايكوباث
- الطائفية التقدمية
- أصحاب الحناجر المريضة
- الدولة المدنية والدولة العًلمانية
- ماسك والإسلام
- زيلينسكي .. ليس بالديمقراطية وحدها تحيا البلدان
- العقاري في خدمة السياسي وليس العكس


المزيد.....




- العثور على رجل ميتًا داخل بطانية أمام مستشفى بأمريكا.. والشر ...
- ما صحة الفيديو المتداول بشأن -مهلة محمد بن سلمان لإسرائيل- ل ...
- توماس براك يُغضب صحفيين بلبنان ويصف سلوكهم بـ-حيواني-، ما ا ...
- -أنا أدفع المال وأنت تبنيه-.. سموتريتش يثير الجدل بتصريح عن ...
- غراهام من بيروت: لا انسحاب إسرائيليا من لبنان قبل نزع سلاح - ...
- بتهمة التقبيل.. جلد شابين 80 مرة أمام المواطنين في أتشيه بأن ...
- برلين تتراجع خطوة.. ألمانيا ترفض الانضمام لمبادرة الاعتراف ب ...
- الاتحاد الأوروبي يتحدى ترامب: سيادتنا الرقمية ليست للتفاوض أ ...
- سياسة اللجوء الأوروبية بعد 10 سنوات على عبارة ميركل -نستطيع ...
- 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى الولايات المتحدة بسبب ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - في غرفتي طارق عزيز .. (في ضيافة المدافع)