أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - مظاهر فساد مجلس الأمن الدولي















المزيد.....

مظاهر فساد مجلس الأمن الدولي


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 11:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعد مجلس الأمن الدولي الهيئة الأساسية المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين، ومن المفترض أن يكون منصة لاتخاذ قرارات حاسمة تحول دون اندلاع النزاعات المسلحة وتساهم في تسوية الأزمات الدولية. إلا أنه، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي المصري محمود السقا، في مقالٍ نُشر على موقع «مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية» تحت عنوان «هل يؤدي فساد مجلس الأمن الدولي لحرب عالمية ثالثة»، قد شهد أداء المجلس في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا، تجلى في عجزه عن التعامل بفعالية مع العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، وهو ما يُعزى إلى مجموعة من العوامل، أبرزها تعارض مصالح الدول دائمة العضوية، وتوظيف حق النقض «الفيتو» بشكل يعوق اتخاذ قرارات حاسمة.

ما يقصده بذلك، لقد انعكس هذا القصور في أداء المجلس بشكل واضح خلال عدد من الأزمات الحرجة، من بينها العدوان الإسرائيلي على غزّة، حيث فشل المجلس في فرض وقف إطلاق النار أو اتخاذ تدابير لحماية المدنيين من الانتهاكات المتكررة، نتيجة الانقسامات السياسية داخل المجلس والدعم غير المشروط من بعض الدول الكبرى لإسرائيل، كذلك يُعد التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران مثالاً آخر على عجز المجلس عن احتواء الأزمات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي، رغم خطورة تداعياتها واحتمال انزلاقها إلى مواجهة أوسع نطاقًا.

وعلى صعيد آخر، تُظهر أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا حدود فعالية مجلس الأمن في التعامل مع نزاعات الموارد العابرة للحدود، رغم ما تحمله من تهديدات مباشرة للأمن المائي في المنطقة، إذ عجز المجلس عن التوسط بفعالية أو فرض آليات لحل النزاع، ما يعكس خللًا مؤسساتيًا في إدارة الأزمات ذات الأبعاد الإقليمية.

إن استمرار هذه الحالة من الشلل المؤسسي داخل مجلس الأمن، نتيجة تسييس قراراته وفساد آليات عمله، يُقوض دوره الأساسي في منع نشوب النزاعات، ويُمهد الطريق نحو تفاقم الأزمات الإقليمية، بما قد ينذر باندلاع صراعات واسعة النطاق تهدد الأمن والسلم الدوليين. وعليه، فإن الضرورة باتت مُلحة لإجراء إصلاحات جذرية في بنية المجلس وآلياته، بما يكفل تعزيز قدرته على الاستجابة الفعّالة للتحديات المعاصرة وتحقيق أهدافه المتمثلة في صون السلم والاستقرار العالميين.

وفي تناوله لتعدد مظاهر الفساد داخل مجلس الأمن الدولي، والتي تعيق أداءه في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، أشار إلى أن أبرز هذه المظاهر تتمثل في إساءة استخدام حق النقض (الفيتو)، إذ تحتكر خمس دول دائمة العضوية - هي الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، المملكة المتحدة - سلطة اتخاذ القرار داخل المجلس، ما أدى إلى تعطيل العديد من القرارات الحاسمة بشأن حل الصراعات الدولية، وتفاقم الأزمات الإنسانية نتيجة لذلك.

ويورد هنا بعض الأمثلة، منها استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو خمس مرات لعرقلة صدور قرار يُطالب بوقف إطلاق النار في حرب غزّة، رغم تأييد 14 دولة من أصل 15 لوقف العدوان الإسرائيلي، وأسفر عن كارثة كبرى في قطاع غزّة.

ومن مظاهر الفساد الأخرى، التحيز في تطبيق القواعد الدولية، حيث يتعامل مجلس الأمن مع الأزمات الدولية بانتقائية واضحة تُراعي مصالح الدول الكبرى أكثر من الالتزام بالمعايير القانونية الدولية، فقد شهدنا تدخلًا سريعًا من المجلس في حالات معينة، مثل التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، في حين تقاعس عن اتخاذ خطوات مماثلة في حالات أخرى، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بحلفاء الدول الخمس الدائمة العضوية، كما في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يُغيب التدخل الفعَّال رغم تكرار الانتهاكات.

ويُضاف إلى ذلك، الخلل في البنية الهيكلية للمجلس، إذ يتكون من خمس دول دائمة العضوية تتمتع بحق النقض، مقابل عشر دول غير دائمة يتم انتخابها كل عامين، هذه التركيبة غير المتوازنة تؤدي إلى ضعف تمثيل الدول النامية، وتهميش أصوات قارات بأكملها، مثل أفريقيا، التي تسعى العديد من دولها إلى الحصول على تمثيل دائم داخل المجلس بهدف ضمان معالجة عادلة للنزاعات الإقليمية، بعيدًا عن الانتقائية والمعايير المزدوجة.

تشكل هذه المظاهر - إساءة استخدام الفيتو، الانتقائية في تطبيق القوانين الدولية، والخلل في تمثيل الدول داخل المجلس - عوائق رئيسة أمام قيام مجلس الأمن بدوره وفقًا لما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة. كما أنها تُكرّس تحكم الدول الكبرى في قرارات المجلس، بل وتمتد هذه الهيمنة إلى اختيار الأعضاء غير الدائمين، ما يضعف من مصداقية المجلس ويحد من فاعليته في إدارة النزاعات الدولية بشكل عادل وموضوعي.

أُنشئ مجلس الأمن بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع اندلاع حروب مماثلة، لكن مع مرور الوقت، تحوّل إلى أداة تخدم مصالح القوى الكبرى، ما أفقده مصداقيته، ويبدو أن غياب إرادة دولية جماعية، وتفكك النظام متعدد الأطراف، دفع العديد من الدول إلى الاعتماد على الحلول العسكرية والردع الذاتي بدلًا من المؤسسات الدولية. ومن أبرز المظاهر التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب اخفاق مجلس الأمن:

1ـ انفلات الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط: يمثل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أحد أخطر بؤر التوتر التي قد تؤدي إلى تفجير صراع إقليمي واسع النطاق. فاستمرار العدوان الإسرائيلي، وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وشن غارات متكررة على الأراضي السورية، يعكس فشل مجلس الأمن في فرض قراراته واحتواء الأزمة، ويزداد المشهد تعقيدًا مع احتمالية توجيه إسرائيل ضربات عسكرية إلى أهداف إيرانية في لبنان، تحت ذريعة تقويض القدرات النووية الإيرانية أو الردع الاستباقي، وفي ظل الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، فإن أي تصعيد عسكري كبير قد يدفع قوى كبرى أخرى إلى التدخل، ما ينذر بتحوّل الأزمة إلى حرب شاملة تنطلق من الشرق الأوسط، بفعل تضارب المصالح الإقليمية والدولية.

2ـ تفجر الصراع حول مياه النيل وأزمة سد النهضة: تُعد أزمة سد النهضة نموذجًا آخر لفشل مجلس الأمن في معالجة الأزمات التي تمس الأمن القومي لدول بأكملها، حيث تهدد المشاريع المائية الإثيوبية أمن مصر والسودان المائي والغذائي، وعلى الرغم من طرح القضية أمام مجلس الأمن، فإن عجزه عن اتخاذ موقف حاسم ترك المجال مفتوحًا أمام التصعيد، وقد أعلنت إثيوبيا نيتها تنفيذ مشروعات إضافية على منابع النيل، ما يفاقم المخاطر. وفي ظل استنفاد دول المصب لجميع السبل السلمية، فإن اللجوء العسكري قد يصبح مطروحًا لحماية الحقوق التاريخية في مياه النهر، كما أن التدخل المحتمل من قوى دولية لحماية استثماراتها أو مصالحها الاستراتيجية في المنطقة قد يحوّل هذا الصراع المائي إلى نزاع إقليمي واسع، قابل للتدويل، بما يحمله من مؤشرات مقلقة على إمكانية انزلاق الوضع نحو صراع أوسع.

3ـ اتساع رقعة الحرب الروسية - الأوكرانية من أكثر الأزمات الجيوسياسية تعقيدًا في العصر الحديث، وهي تمثل أحد أبرز مظاهر إخفاق مجلس الأمن في احتواء النزاعات بين القوى الكبرى، فمنذ اندلاع الحرب في عام 2022، عجز المجلس عن اتخاذ قرارات حاسمة، بفعل استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) لإفشال مشاريع قرارات لوقف إطلاق النار - لأنها تدعم أوكرانيا - أو فرض عقوبات. وقد أدى استمرار الدعم العسكري الغربي، خصوصًا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا إلى تصاعد التوترات الدولية، في وقت تلوح فيه روسيا باستخدام سلاح الردع النووي في حال تعرّض أمنها القومي لخطر مباشر، كما أدى فشل المجلس في حل أزمة انسحاب روسيا من «اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود» إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية، ما زاد من هشاشة سلاسل الإمداد ووسع دائرة التأثر بالصراع. إن استمرار هذا الجمود قد يجرّ أطرافًا إضافية إلى الانخراط المباشر في النزاع، بما يهدد بتحوّل الأزمة إلى حرب شاملة ذات طابع عالمي.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامة موسى وأزمة الضمير العربي
- من دون الحقيقة والعدالة، لن تنتهي الحرب
- أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
- حديث عن صراع ترامب مع أوروبا وتفكيك المنظومة الدولية الليبرا ...
- المفكر التونسي عبدالمجيد الشرفي.. أحد أبرز مؤسسي التيار النق ...
- عن تدهور العلاقات بين الهند والولايات المتحدة
- التنوير.. نقلة نوعية ثقافية واجتماعية وسياسية
- فؤاد محمود دوّارة.. علامة بارزة من علامات النقد المسرحي
- نواجه أزمة حقيقية.. والإمبراطورية الأمريكية في حالة تراجع
- عن قمة منظمة «شنغهاي» للتعاون 2025
- تراجع المساعدات الإنسانية
- صنع الله إبراهيم.. أحد أبرز رموز النقد السياسي والاجتماعي
- تقرير صيني حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في ...
- عبدالمعين الملوحي.. أديبًا ومترجمًا
- تهجير الفلسطينيين يعني تصفية القضية الفلسطينية
- غزّة بين التجويع والإبادة
- المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات
- الاتحاد الأوروبي وحلم الجيش الموحّد
- ترامب وسياسة «الغموض الاستراتيجي»
- مكونات العقل العربي


المزيد.....




- تركيا.. زواج محارم سبب بناء مدينة بودروم.. هذه قصة أحد عجائب ...
- بلجيكا تقع في المحظور.. برطمانات الكاربونارا في متجر البرلما ...
- بعد مهلة ترامب.. زيلينسكي يعلق على خطة الـ28 نقطة لوقف حرب ر ...
- شاهد مزحة ترامب بلقاء ممداني بعد وصف الأخير له بـ-الفاشي-
- تحت وقع خلافات بالجملة ـ قمة مجموعة العشرين تنطلق في البرازي ...
- قمة العشرين: ألمانيا تسعى لتعزيز التقارب مع البرازيل والمكسي ...
- العالم يعيد رسم خرائطه: ماذا يعني غياب الثلاثة الكبار عن مجم ...
- كييف تبحث مع الأوروبيين مقترح السلام الأمريكي فيما أعلنت موس ...
- الاحتلال يداهم مناطق بالضفة والمستوطنون يحرقون منشأة زراعية ...
- أوكرانيا تبحث الخطة الأميركية مع الأوروبيين وترامب يمهلها حت ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - مظاهر فساد مجلس الأمن الدولي