|
تهجير الفلسطينيين يعني تصفية القضية الفلسطينية
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 16:42
المحور:
القضية الفلسطينية
لطالما كانت القضية الفلسطينية في صميم اهتمامات السياسة المصرية، إذ تعتبر مصر من أبرز الدول التي تسعى إلى إيجاد حلول سلمية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
ومن هذا المنطلق، ترفض القيادة السياسية المصرية مخططات التهجير القسري للفلسطينيين.
ولإيضاح ذلك، نستعرض بعض ما تداولته الصحافة المصرية، وهو، إن أي خطة تهدف إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم قد يؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة.
وفي هذا الشأن، نَشرت جريدة «اليوم السابع» الألكترونية مقالًا لوكيل لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ المصري، سماء سليمان تذكر فيه تعد مصر من أكبر الداعمين للحقوق الفلسطينية، سواء في مجال المساعدات الإنسانية أو عبر التأثير السياسي على الساحة الدولية لدعم القضية الفلسطينية. في هذا السياق، يبرز موقف الدولة المصرية من فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى مصر والأردن، وهو موقف لا يعد جديدًا بل يعكس التزام مصر الثابت والمبدئي بدعم القضية الفلسطينية.
إضافة إلى ذلك، تتمسك مصر بمبادئها الثابتة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية - وهنا نذكر مؤتمر «حل الدولتين» الذي انعقد في نيويورك في يوليو الماضي، بمبادرة سعودية، وهو مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية - وفي هذا الإطار، فإن التهجير لا يُعتبر حلًا واقعيًا أو مقبولًا في أي إطار دولي.
مصر كانت ومازالت ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى أراضٍ أخرى سواء في مصر أو في الأردن. الموقف المصري جاء على لسان القيادة السياسية ووزارة الخارجية التي أكدت مرارًا وتكرارًا على أن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة لن يكون أبدًا جزءًا من الحلول المطروحة.
تعتبر مصر أن مسألة التهجير القسري هي انتهاك لحقوق الإنسان، فضلًا عن أنها تشكل انتهاكًا لحق الشعب الفلسطيني في البقاء أو العودة إلى أراضيه. من جهة أخرى، تحرص القيادة المصرية على أن تكون الحلول المقترحة مرتبطة بتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وأن تبقى غزّة والضفة الغربية لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية التي يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم المستقلة عليهما.
في وقت سابق، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل حول مكانية «امتلاك» قطاع غزّة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والحل المقترح هو تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى دول أخرى مثل مصر والأردن. هذه التصريحات لاقت رفضًا واسعًا من جميع الأطراف المعنية، وأثارت ردود فعل حادة على مستوى الرسمي والشعبي في العالم العربي.
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشكل قاطع هذا المقترح الأمريكي، مؤكدًا أن مصر لن تقبل بأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة أو أي جزء من الأرضي الفلسطينية. وقد صرح السيسي بأن «القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية نزوح أو تهجير، بل هي قضية حق في الأرض والوطن».
وتنقل لنا الكاتبة رد وزارة الخارجية المصرية الذي يؤكد على «رفض أي مقترح يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، مشددة على أن مصر تساند حقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم». ويشير بيان الوزارة إلى «أن الحلول المتعلقة بالقضية الفلسطينية يجب أن تكون عادلة وشاملة وتستند إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية».
لماذا سيناء خط أحمر؟ هذا السؤال طرحه رئيس تحرير مجلة «صباح الخير»، وليد طوغان. ولنتناول ما ينطوي عليه رأيه، ترسم مصر الخطوط الحمراء وقت المقتضى. هذه مرحلة من أدق المراحل حساسية التي تعيد فيها مصر الخطوط من ذلك النوع.
والذي ينظر مليًا في الموقف المصري الرافض للتهجير، يدرك تمامًا مدى أهمية هذا الدور الثابت، ليس دفاعًا عن أمن مصر القومي فحسب، وإنما أيضًا عن القضية الفلسطينية.
لا تفرط مصر في أرض.. أنفق عليها شبابها دماء زكية فوقها.. ولها.. وعليها. لا تفرط مصر في أرض.. لأن الأرض عرض من ناحية.. ولأن حلًا شاملًا وعادلًا للقضية الفلسطينية أولوية وثابت من الثوابت.. وفق سلام حقيقي. قضية فلسطين «سارى علم».. حملته مصر عبر التاريخ، ودارت به على بلدان هذا الكوكب.. تخاطب في الحق والمستحق.
في السنوات القليلة الماضية، تعرضت مصر لاختبار جديد استهدف سيناء. كان الاختبار هو الإرهاب. وخاض أبناء هذا الشعب حربًا شرسة ضده. انكسرت موجة الإرهاب، وتشتت.. وامتصتها رمال سيناء، بصلابة أبناء هذا البلد.
سحق المصريون قوى الشر، وهي التي توهمت يومًا ما أن في مقدورها إضعاف عزيمة المصريين أو النيل منهم، أو المساس بهم. دحر الشعب المصري الإرهاب.. حماية للأرض في ملحمة جديدة من ملاحم الفداء.
يظل الموقف المصري شديد الوضوح، من رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر.
الحفاظ على الأمن القومي المصري هدف. والحفاظ على القضية الفلسطينية من التصفية هدف آخر. حسب التعداد الرسمي، فإن على الأراضي المصرية أكثر من 9 ملايين لاجئ من دول عربية. لم يحدث أن عاملت مصر لاجئًا عربيًا بنفس ما تجري عليه التعاملات في دول أخرى. لم يحدث أن فرقت مصر بين لاجئ.. ومواطن.
لم يحدث أن منعت مصر لاجئًا وقت أزمة من الدخول. ولا منعت عربيًا في وقت أزمة من التواجد على الأرض.
لكن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية الأمر مختلف. يبقى النزوح الفلسطيني إلى سيناء، تصفية واضحة لقضية أرض محتلة.
هناك من يعمل على إعادة ترسيم الخرائط، وإعادة تسمية المناطق وتغيير اسمائها بعد تغيير الجغرافيا، وربما ملامح التاريخ. لا تقبل مصر لا هذا ولا ذاك.
لا تغيير الأسماء ممكن.. ولا تغيير الجغرافيا سوف يحدث. يبقى لدى مصر كل الوسائل التي تتيح لها على معادلة أمنها القومي، ومحدداتها في الحفاظ على القضية الفلسطينية حية. رسمت مصر الخطوط الحمراء من قبل على الخرائط في الغرب. استجاب العالم.. وتوقفت عجلة النار. هذه المرة ترسم مصر الخطوط الحمراء في الشرق.
تعمل مصر في مبادرات ماراثونية وبجهود مكثفة على وقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، فيما تواصل دفع الجهود لإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة وفق حلول عادلة يحصل بها الفلسطينيون على ما يجب أن يحصلوا عليه.
لا تفريط هنا.. ولا تفرط هناك. القضية الفلسطينية على المسار الصحيح وفق الأولوية المصرية.. ووفق الرؤى العادلة كما تراها مصر. في حين يرى الكاتب والصحفي المصري، مصطفى عمار، في مقال نَشرته جريدة «الوطن»، أن المشكلة ليست في وضوح الموقف المصري من التهجير، بل في إصرار البعض على تجاهله أو الترويج لروايات مشوهة تخدم اجندات معينة. مصر تدرك جيدًا أن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم هو هدف استراتيجي لإسرائيل، ولن تكون بأي حال من جزءًا من هذا المخطط. بل إنها تتحرك على كافة المستويات لمنع وقوعه، رغم الضغوط الدولية والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها.
منذ اللحظة الأولى للحرب على غزّة كانت الأهداف الإسرائيلية واضحة، تدمير البنية التحتية وتهجير السكان وفرض واقع جديد يتجاوز أي أفق لحل الدولتين، وهو ما صرح به الرئيس السيسى خلال كلمته الأخيرة التي وجهها للعالم. لكن مع دخول الإدارة الأمريكية الجديدة على الخط، تبدو المعادلة أشد خطورة. الرجل الذي لم يخفِ يومًا انحيازه المطلق لإسرائيل، يطرح اليوم لنقل سكان قطاع غزّة إلى مصر والأردن، دون عودة أو أمل في إقامة دولة فلسطينية.
الرئيس الأمريكي يتحدث بصراحة عن «تنظيف عزّة» مصطلح لا يمكن قراءته إلا في سياق التهجير القسري الكامل.وحين يقول «أخرجوا الفلسطينيين من هناك حتى أتمكن من تنظيفها»، فهو يعني عمليًا تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا، بلا أي أمل للشعب الفلسطيني في إقامة سلام أو حتى العيش تحت القصف، أو حتى في الوصول لحل إقامة الدولتين.
السيناريو الذي يريدون تطبيقه الآن يقوم على معادلة خطيرة غزّة تُفرغ من سكانها، والمهجرون يُوزعون على دول الجوار. إسرائيل تسيطر بالكامل على الضفة الغربية، لتُجهز على أي أمل في إقامة دولة فلسطينية. غزّة تتحول إلى منطقة استثمارية أمريكية - إسرائيلية، بما يشمل الموانئ، الغاز، والممرات التجارية.
«ترامب» ليس منفصلًا عن الرؤية الإسرائيلية، بل يُكملها. مخطط الاحتلال القائم على تدمير القطاع لم يكن مجرد رد فعل على 7 أكتوبر، بل جزء من رؤية قديمة تسعى لتغيير الخريطة السكانية والسياسية في المنطقة.
لماذا ترفض مصر تهجير الشعب الفلسطيني؟ وردًا على هذا السؤال، يقول الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة:«لدينا 3 أسباب رئيسية للرفض أولها الحفاظ على القضية الفلسطينية من التصفية، ففكرة التهجير تحمل في طياتها أنهاء فكرة الدولتين وهو مخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي والذي يتجاوز فكرة تدمير البنية التحتية لقطاع غزّة، إلى إبادة الشعب، ثاني أسباب الرفض، الحفاظ على الأمن القومي المصري، وبوضوح أن تهجير الشعب الفلسطيني يعني نقل مشاكل قطاع غزّة إلى سيناء وبالتالي تتحول سيناء إلى نقطة انطلاق لهجمات عسكرية ومصر في غنى عن كل هذه الأمور، أما ثالث الأسباب فهي تتمثل في أن مصر تريد البناء والسلام والتنمية».
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزّة بين التجويع والإبادة
-
المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات
-
الاتحاد الأوروبي وحلم الجيش الموحّد
-
ترامب وسياسة «الغموض الاستراتيجي»
-
مكونات العقل العربي
-
القوى المعرقلة لنظام السوق العالمي
-
د. أميرة حلمي مطر.. رائدة في الفلسفة في مصر والعالم العربي
-
عن التديُّن والسياسة
-
الأرجنتين تحت حكم ميلي
-
الترجمة في الحضارة العربية الإسلامية
-
المرأة والخطاب الطائفي
-
عالم اقتصاد أمريكي: سياسة ترامب أدخلت أمريكا في حروب تجارية
...
-
محمد أركون وأهمية نقد الموروث
-
لم أشعر يومًا بخوف على مستقبل الولايات المتحدة كما أشعر الآن
-
عن معرض «إعادة تدوير الأشياء»
-
آباي كونانباييف.. علامة مشرقة في تاريخ كازاخستان
-
عصر الأنوار
-
تهجير العرب من فلسطين فكرة صهيونية قديمة
-
الهوية وحرّية الفكر والعمل
-
اقتصاد أوكرانيا: بين خسائر الحرب والنهب
المزيد.....
-
عارضات لا وجود لهنّ.. الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الموضة
-
أمريكا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية لمدة 90 يومًا
...
-
الوضع الأمني وإعادة الإعمار في سوريا على طاولة البحث بين دمش
...
-
بي بي سي تقصي الحقائق: هل أصبحت الجريمة في واشنطن العاصمة -خ
...
-
قصف إسرائيلي يقتل العشرات في غزة بينهم 6 من منتظري المساعدا
...
-
قبل قمة ألاسكا.. قادة أوروبا يؤكدون حق أوكرانيا في تقرير مصي
...
-
المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لعام 2026: تأكيد على
...
-
وثائق للبنتاغون: إدارة ترامب تدرس تشكيل قوة رد سريع لمواجهة
...
-
اتحاد الشغل بين التصعيد والتردد في مواجهة السلطة بتونس
-
نتنياهو يُلزم بالمثول أمام المحكمة 3 مرات أسبوعيا ابتداء من
...
المزيد.....
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
-
تمزيق الأقنعة التنكرية -3
/ سعيد مضيه
-
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
/ سعيد مضيه
-
ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ
...
/ غازي الصوراني
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
المزيد.....
|