|
صنع الله إبراهيم.. أحد أبرز رموز النقد السياسي والاجتماعي
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 8451 - 2025 / 8 / 31 - 00:19
المحور:
سيرة ذاتية
إن رحيل الأديب الكبير صنع الله إبراهيم (1937-2025) خسارة كبيرة للأدب العربي، وقد نعاه وزير الثقافة المصري د. أحمد فؤاد هنو بقوله: «هو ضمير حي للكاتب العربي، لم يساوم يومًا على موقفه».
وأضاف: «أكثر ما يثير إعجابي في صنع الله إبراهيم هو انحيازه الكامل للمهمشين والمقموعين، وجرأته على أن يجعل من الرواية مساحة للحقيقة حتى لو أزعجت هذه الحقيقة الجميع. كما أنه جعل من كل رواية له أشبه بملف سياسي وثقافي عن زمنها».
يُعد صنع الله أبرز رواد الأدب في مصر، وله مجموعة من الأعمال المميزة، ادخلت بعضها في قائمة افضل رواية عربية.
وُلد «صنع الله» في القاهرة، وكان لوالده أثر كبير على شخصيته، فقد زوَّده بالكتب والقصص وحثَّه على الاطلاع، فبدت شخصيته الأدبية في التكوين منذ الصغر.
نشأ في أحياء القاهرة الشعبية، وهو ما جعله على تماس مباشر مع الطبقات المهمّشة التي ستصبح لاحقًا محورًا في كتاباته، هذا ما دوَّنه الصحفي التونسى البشير عبيد في مقال نشرته صحيفه «نداء الوطن» الإلكترونية.
تلقى تعليمه في المدارس الحكومية، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، لكنه لم يكمل دراسته الأكاديمية بالشكل التقليدي، إذ انجذب إلى النشاط السياسي والفكري مبكرًا.
في خمسينيات القرن الماضي، كانت مصر تشهد صعود الحركات اليسارية والقومية، التي رأت في الأدب وسيلة للتحريض والتعبئة. انضم صنع الله إلى الحزب الشيوعي المصري، وشارك فى العمل السياسي السري، ما أدى إلى اعتقاله عام 1956 ضمن حملة واسعة ضد المعارضين السياسيين. قضى في السجن خمس سنوات، وهي تجربة تركت بصماتها عميقة على رؤيته للحياة والمجتمع وأمدّته بمادة خام للأعمال الأدبية.
بعد الإفراج عنه عام 1964، بدأ رحلته الأدبية بإصدار روايته القصيرة «تلك الرائحة» (1966)، التي شكلت صدمة في المشهد الأدبي. بأسلوب جاف ومقتضب، عبّر عن إحساس بالاغتراب والخواء، عاكسًا صراع جيل ما بعد السجن مع واقع سياسي خان وعوده. واجهت الرواية تضييقًا من الرقابة، لكنها فتحت أمامه باب الاعتراف بوصفه كاتبًا يمتلك لغة خاصة ورؤية مخالفة للسائد.
يمتد إرث صنع الله إبراهيم إلى أكثر من نصف قرن من الكتابة، تخللته أعمال شكلت علامات في مسار الرواية العربية. لم يكن هدفه، بحسب رأي الصحفي عبيد، إنتاج نصوص ترفيهية، بل صياغة أرشيف أدبي يواكب التحولات الاجتماعية والسياسية في مصر والعالم العربي. من خلال أسلوبه القائم على الدمج بين الأدب والوثيقة، ألهم أجيالاً من الكتَّاب الذين سعوا إلى تجاوز الشكل التقليدي للرواية. كما أسهم في فتح باب النقاش حول دور الأدب في مساءلة السلطة، وفي فضح آليات القمع والتهميش.
على المستوى الفكري، جسَّد صنع الله نموذج «المثقف الملتزم» كما تصوَّره جان بول سارتر: الكاتب الذي يربط قلمه بالواقع المعيش، ويرفض الانفصال عن قضايا الناس.
رحيله يمثِّل خسارة كبرى للرواية العربية، لكنه يترك إرثًا سيظل حاضرًا في ذاكرة القارئ العربي، وأعمالاً ستظل مرجعًا لمن يريد أن يفهم كيف يمكن للأدب أن يكون أداة نقد ومقاومة، لا مجرد وسيلة للتسلية. كتب الصحفي والباحث في النقد الأدبي المصري محمد عبدالرحمن: تميَّز إنتاج صنع الله إبراهيم الأدبي بالتوثيق التاريخي، والتركيز على الأوضاع السياسية في مصر والعالم العربي، فضلاً عن سرده الكثير من حياته الشخصية.
ومن أشهر رواياته: «شرف» تناولت عالم السجون وقضايا الفساد وتقاطع السلطة والمال بأسلوب يجمع بين التوثيق والسرد الأدبي، و«اللجنة» هجا فيها سياسة الانفتاح في عهد السادات، و«بيروت بيروت» تناول فيها الحرب الأهلية في لبنان، و«وردة» التي احتفى بها منتدى الكتاب العربي في ملف خاص لكتاب شهر سبتمبر 2001، والرواية تحكي عن الثورة في عُمان في حقبة الستينات، و«الجليد» التي تم الاحتفاء بها ضمن سلسلة الأدب العالمي في يونيو 2025، و«ذات» يصوِّر فيها المجتمع المصري الذي يموج بقيم ومعتقدات تتحكم بفكرة وبحياته... مجتمع ينوء مواطنه بأحمال الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وغيرها من الأعمال الأدبية التي تحظى بمكانة متميزة في عالم الأدب.
للناقد والمفكر محمود أمين العالم كتاب عنوانه «ثلاثية الرفض والهزيمة»، صدر عن دار المستقبل العربي عام 1985، قدم فيه دراسة نقدية - لا مجال لذكرها في هذه المساحة - لروايات صنع الله الثلاث: «تلك الرائحة»، «نجمة أغسطس»، «اللجنة». ومن أبرز مواقف فتح الله حين فاجأ الوسط الثقافي في عام 2003 رفضه تسلُّم جائزة الرواية العربية من المجلس الأعلى للثقافة، لماذا رفض الجائزة؟
نَشرت جريدة «الشروق» المصرية مقالاً للشاعر المصري محمود عماد يذكر فيه: تظل من أكثر مواقف الكاتب صنع الله إبراهيم إثارة للجدل، وهو عندما رفض تسلم الجائزة، مبررًا ذلك بسبب سياسات القمع والتطبيع وغياب العدالة الاجتماعية.
وكان موقفه بمنزلة بيان سياسي أكثر من كونه موقفًا أدبيًا، حيث وقف صنع الله على المنصة ليقول إن السلطة لا تمنح الشرعية للمثقفين، بل إن المثقف هو من يحاكم السلطة، وكان ذلك في أعقاب غزو العراق، وكان يريد الربط بين الداخل والخارج، وبين المثقف والضمير القومي.
وقال حينها في كلمة وزعها على المجتمعين: «في هذه اللحظة التي نجتمع فيها هنا، تجتاح القوات الإسرائيلية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتقتل النساء الحوامل والأطفال وتشرد الآلاف وتنفذ بدقة منهجية واضحة إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، ولكن العواصم العربية تستقبل زعماء إسرائيل بالأحضان، وعلى بُعد خطوات يقيم السفير الإسرائيلي في طمأنينة، وعلى بُعد خطوات أخرى يحتل السفير الأمريكي حيًا بأكمله بينما ينتشر جنوده في كل ركن من أركان الوطن الذي كان عربيًا».
وذكر عدد من التقارير الصحفية، في ذلك الوقت، أنه فور انسحاب صنع الله إبراهيم، توجه الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة آنذاك، إلى المنصة ليلقي كلمة قصيرة، واعتذر لأعضاء لجنة التحكيم، مشيدًا بجهودهم كي ينتهوا إلى هذا «الاختيار الجيد».
نال العديد من الجوائز العربية المهمة، مثل «جائزة ابن رشد للفكر الحر» عام 2004، و«جائزة كفافيس للأدب» عام 2017. تُرجمت بعض أعماله إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية. وقام بترجمة مختارات قصصية لدوريس ليسنغ، وإدنا أوبريان، ومارلين فرنش، وفرانسو ماليه، في كتاب بعنوان «التجربة الأنثوية».
في حديثه عن تجربته الروائية في الملتقى االذي أقيم في مدينة فاس المغربية عام 1979، نَشرته مجلة «الآداب» اللبنانية، عدد فبراير عام 1980، يقول صنع الله إبراهيم: لقد حاولت كل جهدي أن أتجنب الحديث في هذا الموضوع لسبب بسيط، هو إيماني بأن روايتين أو ثلاث لا تصنع كاتبًا، ولا يمكن الحديث عن التجربة الروائية إلا من خلال كَمٍّ من الأعمال. لكن كان من الضروري أن أشارك في هذا الملتقى المهم، ولما كنت قد ابتعدت قاصدًا عن النشاط النظري والنقدي، فلم يعد أمامي، إلا الخوض مرغمًا في هذا الحديث.
وليس هنا - على ما أعتقد - مجال لتناول الظروف والعوامل التي دفعتني إلى كتابة الرواية، وهو على أي حال موضوع طرق كثيرة في أطره العامة المتماثلة من جانب عدد كبير من الكتاب الكبار في مختلف أنحاء العالم، بحيث يصعب عليَّ أن أضيف جديدًا ذا قيمة إلى ما ذكروه، رغم الخصوصية الواردة. يكفي أن أقول إني قد اتخذت قراري بكتابة الرواية تأكيدًا لذاتي ودفاعًا عنها في ظروف صعبة للغاية هي ظروف السجن. فكان الحصول على الورقة والقلم الممنوعين ثم توفير المخبأ الملائم لهما، يمثل انتصارًا على القضبان. وعلى الورقة كان بوسعي أن أمارس كل الحرية المفتقدة. ومنذ البداية كانت لعبة الشكل تستهويني. فالحرية التي يتعامل بها الكتاب المعاصرون مع مادة الرواية كانت تثيرني للغاية. كل رواية تصبح مفاجأة تامة ومغامرة مثيرة جديدة، لا تكرار فيها أو ابتذال. وكان من الطبيعي أن تتحول الطفولة التي استيقظت أدق لحظاتها في أيام السجن ولياليه الطويلة إلى منجم غني بالنسبة للعمل الأول. لكني لم أكتب غير بضع فصول توقفت بعدها عندما واجهت المشاكل التي يواجهها كل كاتب في بداية عملي، وأحيانًا كثيرة بعد الرواية الأولى. أي طريق بين عشرات الطرق؟ الأساليب والأشكال والمدارس؟ تشيكوف وجوركي وجويس وبروست فضلاً عن زولا وبلزاك ونجيب محفوظ، ثم روب آلان جرييه وأصحاب الرواية الجديدة في فرنسا الذين كانوا (بداية الستينيات) يحدثون ضجة كبرى في ذلك الوقت. لم يكن الأمر متعلقًا بالحرفة، بالتكتيك وحسب، وإنما كان يشمل أساسًا وجهة النظر، الرؤية، ما تريد أن تقوله. عاهدت نفسي منذ البداية أن أذكر الحقيقة. ولأن الحقيقة ليست مطلقة، فلا بد من أن ابذل كل جهد، مسلحًا بالعلم والتجربة، بماركس وفرويد ومن أضاف إليهما، لأقترب منها قدر الإمكان. وكان لديّ قدر كافٍ من الغرور وقتذاك (كنت ما أزال في الثانية والعشرين من عمري) لأعاهد نفسي ألا أكرر أو أقلد، وأن أصمت إذا لم يكن عندي ما أضيفه. تجمعت في تلك الأثناء مكتبة سرية ضخمة في السجن الصحراوي الذي كنا به. وكانت المكتبة متنوعة للغاية ومعاصرة، حتى أنها ضمت أحدث الدراسات والمجلات الأدبية والنظرية الفرنسية. وأتيحت لي فرصة نادرة للقراءة في مجلات متنوعة، وأعدت قراءة ما قرأته من قبل بعين مختلفة تبحث عن أجوبة لأسئلة محددة. وكنت أستعين بالمرحوم إبراهيم عامر ليترجم لي عن الفرنسية التي لا أجيدها كل ما يستهويني من دراسات فلسفية أو أدبية، ومنها دراسة مثيرة نشرتها مجلة نوفيل كريتيك عن البناء المعماري لرواية يوليسيز. ووقع في يدي كتابان عن هيمنجواي لهما الأثر في مسيرتي: الأول للناقد الأمريكي كارلوس بيكر والثاني للناقد السوفييتي كاشين. وفي رأيي أن هذين الكتابين يمثلان إحدى الحالات النادرة التي يكون فيها الناقد عونًا للكاتب. فقد تغلغلا إلى أعماق الرؤية الفنية للكاتب الأمريكي العظيم، واهتما أساسًا بأدواته والقواعد التي وضعها لنفسه. وتقبل مزاجي الخاص كثيرًا من هذه القواعد، إذ وجدت فيها دعامات يمكن الاستناد إليها في المرحلة الأولى: ألا أكتب إلا ما أعرفه جيدًا - أن يكون النثر واقعيًا محددًا للغاية ذا أبعاد متعددة (جبل الثلج) في مواجهة السيوله العربية التقليدية - التركيز والاعتماد على الإيحاءات والارتباطات الداخلية للنثر وحذف كل ما هو زائد، أي كل ما يمكن الاستغناء عنه. عدت إلى محاولة الكتابة. كان من الصعب أن أكتب عن تجربة السجن؛ لأني كنت أعيشها وكانت لها جوانب كثيرة تفتقر إلى الوضوح. وكان من الطبيعي أن أتحوَّل مرة أخرى إلى منجم الطفولة، فقررت أن أقتطع منها لحظات يمكنني، في حدود وعي الأني، أن أسيطر عليها.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقرير صيني حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في
...
-
عبدالمعين الملوحي.. أديبًا ومترجمًا
-
تهجير الفلسطينيين يعني تصفية القضية الفلسطينية
-
غزّة بين التجويع والإبادة
-
المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات
-
الاتحاد الأوروبي وحلم الجيش الموحّد
-
ترامب وسياسة «الغموض الاستراتيجي»
-
مكونات العقل العربي
-
القوى المعرقلة لنظام السوق العالمي
-
د. أميرة حلمي مطر.. رائدة في الفلسفة في مصر والعالم العربي
-
عن التديُّن والسياسة
-
الأرجنتين تحت حكم ميلي
-
الترجمة في الحضارة العربية الإسلامية
-
المرأة والخطاب الطائفي
-
عالم اقتصاد أمريكي: سياسة ترامب أدخلت أمريكا في حروب تجارية
...
-
محمد أركون وأهمية نقد الموروث
-
لم أشعر يومًا بخوف على مستقبل الولايات المتحدة كما أشعر الآن
-
عن معرض «إعادة تدوير الأشياء»
-
آباي كونانباييف.. علامة مشرقة في تاريخ كازاخستان
-
عصر الأنوار
المزيد.....
-
مصر: بدء تحصيل الإيجار القديم بالأسعار الجديدة.. ومحامي: -ال
...
-
-انبهرت من التقدم-.. نجيب ساويرس يشعل تفاعلا بحديثه عن تركيا
...
-
أمطار غزيرة تسبب فيضانات مفاجئة في شمال تايلاند وتحذيرات من
...
-
أسطول الصمود يغادر برشلونة في محاولة لكسر الحصار على غزة
-
خطة ترامب: غزة تحت وصاية أمريكية ل10 سنوات والمال مقابل الرح
...
-
لبوة العدالة: الدكتورة ناليدي باندور ضد إسرائيل
-
قمة منظمة شنغهاي.. نحو بديل عن الريادة الغربية للعالم؟
-
وزارة الصحة: مقتل 98 فلسطينيا على الأقل بنيران إسرائيلية في
...
-
صفقات تاريخية في الدوري الإنكليزي: إيزاك إلى ليفربول ودونارو
...
-
11 شهيدا من صحفيي الجزيرة في حرب إسرائيل على رواة الحقيقة
المزيد.....
-
أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة
/ تاج السر عثمان
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
المزيد.....
|