مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 14:13
المحور:
حقوق الانسان
الحياة رحلات، ومحطة الانطلاق فيها هي رحم الأم، وآخر محطة تكون قبر في (كري كور) وهذا يكون للمحظوظين.
وما بين المحطتين هناك رحلات عجيبة ليست أقل روعة من رحلات السندباد السبعة.
في احدى تلك الرحلات وجدت نفسي أقف واتأمل مقبرة كبيرة في الصحراء تدعى سيباى.
أسميها بالمقبرة الكبيرة لأن فيها بشر كثيرون، أكبر ثاني قرية في حوض جبل شنكال.
شواهد قبورها مكتوب على بيوتها الطينية. وهي مقبرة لأنها خالية من المياه. وليس فيها شوارع أو طرقات مبلطة، وليس فيها حدائق أو مساحات خضراء، ولا يتوفر فيها كهرباء. أو مدارس أو رياض أطفال، ليس فيها عيادات طبية، أو مستوصف أو مستشفى، لا صيدليات ولا مختبرات. الخلاصة ليس فيها ما يدل على التمدن ولا على الحداثة، ولا شيء يؤكد لنا بأننا نعيش في هذا الزمان فيها، بل كل ما فيها يوحي ويؤكد بإنها مقبرة كبيرة.
ولكن، حين تتساقط دموع الأمهات في سيباى، تبت الغيرة في أرضها؛ فيكونون أهلا للنزال التالي. فرحا كان أم ترحا، بل يحولون الترح والحزن إلى فرح، في مدينة خيري الشيخ خدر، وخدر خاتونا ورفاقهما، ولهذا كنت أرى الدبكة وهي تدور خارج أسوار سيباى؛ لأن جميع القيران مدعوين ودخيل أوصمان بنفسه يغني ويدير الدبكة.
ولهذا في جمعهم يرغب شاعر مثل حجي قيراني أن ينشد قصيدة بينهم. كنا أكبر من قبيلة بني هلال في أوج مجدها. ولكن البعض ضحى بروحه على سواترها كي تستمر الدبكة، والبعض الآخر هاجر كي تستمر الحياة، والباقين هم باقون على العهد، وتفور الغيرة ويصعد العنفوان. والدليل كان يوم أمس في الحادي عشر من ت 2/نوفمبر/ 2025 هلهل بنو أمّي لآخر مرة ولن تكون الأخيرة.
إلى من سيفوز بهلاهل سيباى تذكر وقفتهم، وفرحهم وهم يدفعونك إلى الذرى.
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟