أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الكتابة بحليب التين














المزيد.....

الكتابة بحليب التين


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


(1)
في أعياد رأس السنة، وكما في كل مرة حين يضجّ العالم بالتهاني والتبريكات، ينسلّ هو من بين الضجيج، لا يرسل لأحدٍ شيئًا.
يقف أمام المرآة، يتأمل وجهه كما لو أنه يقرأ فصلاً من كتابٍ نسي أن يكتبه.
يمضي في شوارع المدينة الغريبة، ليلها طويل، وأضواؤها لا تسأله عن شيء.
وإن صادف قلبًا وفيًا، وروحا صالحة؛ يكتفي بابتسامة خفيفة، ثم يعود إلى صومعته، حيث لا أحد ينتظر، ولا أحد يغيب.

(2)
فعلتُ أشياء كثيرة،
أشياء قبيحة كثيرة، وأشياء جميلة كثيرة!
ولكنني أبدًا لم أقرأ كثيرًا!
كل الذين يجيدون التكلم مع الحيوانات في تلك القصص المسلية، من أيام طفولتنا المسروقة؛ إنما يفعلون ذلك ليعذروا أنفسهم، لأنهم يجيدون التكلم!

(3)
سأمُ اللحظة لا يطرده فيلمٌ جميل، ولا قطعةٌ موسيقيةٌ عذبة، ولا ذكرى آيروتيكية.
لا يطرده إلا النهوضُ من الكرسي!
وتدرك فجأة أن المشكلة ليست في الذاكرة...
وأن ذلك الحَجَل، ربما كان يحذّر إخوته من الاقتراب من الفخ، لكنهم أصرّوا على إنقاذه منه؛ فوقعوا فيه مثله!


(4)
كانت مساءاتنا أغاني ماجدة الرومي...
والآن أيامنا بلا شمس.
وسؤالنا الوحيد: ما هي الجرعة المناسبة من فيتامين (D) التي علينا أخذها في اليوم؟
ولأنك بالون هذا العمر، تصبحين كل فيتامينات حياتي، زائدا شمس العراق.

(5)
إنها الحياة، فيها أوجه جميلة...
نومة السطح على دارنا القديم في قرية (السكينية العليا.)
أول درهم فضي، هدية من أمّي، اشتريت به (كوكاكولا) من دكان (حسن مراد جروت)، وتقيأت على درج الدكان قبل أن أكمل شرب القنينة.
المهم، غرامنا الشبيه بدندنة عزف جاري خلف قاسكي على طنبوره الشنكالي، وقلائد التين التي كان يهديها عمي إلى موزارت.

(6)
هي فلسفة وجودية أن تضع في جيب قميصك باكيت (الروثمان)..
لكنني لم أفهم حينها مزاحمة قلم الحبر (الباركر21) مع باكيت (الروثمان) ذات اللون الحليبي والبحري في جيب قميص أبيض شَكَري اللون من ماركة (ألفا).
طوال فصل الصيف كنت محتارا...
أين، إذن، أضع صورة نادية لطفي؟

(7)
المعضلة أن تتعرف على ذاتك. وتودع طفولتك...
قبل أن ترمي أول عقب سيجارة، ترى طفولتك مرسومة عليه..
تتأمل صور الفنانين الذين كنت تلعب بهم مع أقرانك، فتدرك أنهم كانوا مجرد صور... لا أكثر.
ونادية لطفي لا تعرفك، ولا الملك فيصل الثاني صديقك. صديقك هو باكيت سجائرك، وثمن تذكرة الدخول إلى فلم (أبي فوق الشجرة).

(8)
جائزة الحياة لنا...
ليس في السباق فائزٌ ثانٍ، ولا ثالثٌ يتبع الخطى.
هناك فائز أول، يحمل في جيوبه الكثير من الحصى من وادي الذكريات، وهناك خاسر أول لا يحمل في جيبه من رمل سيباى حفنة.
نحن جميعا فائزون وخاسرون نقف على حافة عيد الحب، لا نملك سوى شباكٍ قديم، تتدلّى منه باقة ورد، وكتاب أشعار لنزار قباني، ومسجلة (ناشيونال) من زمن السبعينات فيها شريط خدر فقير.

(9)
كما صوت (قبال) يلعلع في كازينو صيفي في سنجار، سنجار المحرومة من زيارة البابا.
سنجار تشبه بابل، وتشبه دهوك، وتشبه الموصل. وقصتها تشبه أفلاما هندية كانت تعرض في سينما السندباد في أيام الحرب مع إيران. الاختلاف هو في ترتيب الحروف ووضع (خمسها) في كأس شيخادي الأول.
الظل... هو المخلص الأول والأخير. كان صديق بوذا في وحدته تحت الشجرة، ولم يخن الحسين في ثورته. وهو أنيس السبية في محنتها تشكو له همومها دون خوف. يا جماعة الظل هو الوجه الآخر للشمس.
أما اللسان... فلا ظل له. يحتمي بكهف الفم، ويظل يثرثر بلا طائل.

(10)
توسلت بمديرة مكتبة سنجار الفرعية أن تسمح لي باستعارة كتاب (الأنف العجيب) للمصري محمد الأبراشي، ولكنها رفضت بحجة كرهها للفرعون.
عند زيارتي الأخيرة لـ (ديزني لاند) حكيت الحكاية لـ (بونوكيو) ابتسم، وبدأ يبرر فعل أمينة المكتبة ويحدثني كيف تعاون على أرض الفراعنة مع الجنيات الثلاث في بناء أهرامات الجيزة دون أن يطول انفه ولو سنتمرا واحدا.
أنا أحمل صوت الجبل، وصدى مقاهي سنجار، ومقهى أم كلثوم في شارع الدواسة، وفي جيبي بقايا بوستر فلم (أفواه وأرانب).
وفي آخر الليل أرتب مقاطع قصيدة (حياة من طين)، وكأنني أرتب فوضى حياتي من ضجر أمينة مكتبةٍ رفضت أن تُعيرني كتابًا، إلى مدينةٍ تُعيرني شخوصها خيالًا.


(11)
عشتُ معكم في قلب المكان، وفي أول حلم أدركتُ أن الأيزيدي لا مكان له. قلبه تينة جبلية، تتجمع عليها الفراشات البرتقالية، والسنونو الأنيق، والضفدع الأخضر المغرور. وتخرج من بابه صحون اللبن والخبز الحار للجيران.
جميعهم تركوني... المندائيون بملابسهم البيض، التي تشبه قلوب الفراشات. اليهود بجيوبهم المليئة بالجوز واللوز. المسيحيون بخشب الصندل، الذي يصنعون منه صليبًا جديدًا للمسيح. الأرمن الذين تجمعوا حول نار ديوان (حمو شرو). والزرادشتيون الذين يكفّرون نيتشه لأنه سرق المطرقة. وجميع أصحاب تسجيلات سوق الهرج...
وحدها المرايا تفضح النحيب...
وحدهم العصافير ينقلون دموع المهاجرين.

(12)
كتبتُ بعطر أميرات باعذرا،
وبحليب تين سنجار،
وبقلم رصاص، هدية من الأستاذ عيسى حليمة، حين كنتُ في الصف الرابع الابتدائي.
نقلتُ لكم من ذاكرة قرى الطين في حوض جبل شنكال، إلى أن طلع الصباح.



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد للتأمل
- آلام النازح
- الصياد
- الهروب
- أحلام نازح
- حدث ذات مرة في شنكال
- سرب الأوز
- الشموع
- عمارة الزيتونة وهاجس رفقة جامعة الموصل
- سؤال وجواب/3
- الجوكر الذي أعرفه
- ما بين الخبز الأيزيدي والخبز السومري تنور وحكايات من نور
- أهمية أن تكون حمارا
- الديوان المشترك (شيء مفقود من هذا العالم) SOME THING MISSING ...
- الميتاشعرية في ديوان (يقول النهر أنت أبني) للشاعر فارس مطر
- سؤال وجواب/2
- سؤال وجواب/1
- الفرح المتأخر يغمرني أيضا
- ماذا لو
- عميقا في سيكولوجية الجماهير


المزيد.....




- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...
- صناع فيلم -صوت هند رجب- يتحدثون لبي بي سي بعد الإشادة العالم ...
- فيلم عن مقتل الطفلة هند رجب في غزة يلقى تصفيقاً حاراً استمر ...
- الممثلة الفرنسية أديل هاينل تنضم إلى أسطول الصمود المتجه لقط ...
- الرواية الأولى وغواية الحكي.. وودي آلن يروى سيرته ولا يعترف ...
- لوحة رامبرانت الشهيرة.. حين باتت -دورية الليل- ليلة في العرا ...
- سجى كيلاني بطلة فيلم -صوت هند رجب- بإطلالتين ذات دلالات عميق ...
- جِدَارُ الزَّمَن ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الكتابة بحليب التين