أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سبأ الرومي - قضية دون حكم














المزيد.....

قضية دون حكم


سبأ الرومي

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 16:54
المحور: الادب والفن
    


سيدي القاضي…
سادتي الحضور الكرام
أقف أمامكم اليوم، ولا أعلم إن كنت أنا الجاني أم المجني عليه في هذه القضية
أقف دون محامي دفاع، ولاحتى شهود
أقف وحيدة أمامكم، وليس لي سوى اعترافاتي لكم
فإن سمحتم لي أن أروي لكم قصتي بكل تفاصيلها الدقيقة
راجية منكم الصبر لسماعها، ولا تتسرعوا بالحكم عليّ حتى أسرد لكم كل ما فيها
بدأت أحداث القصة في أجمل فصول السنة وأقربها إلى قلبي.. الصيف
بكل ما فيه من أزهار وأوراق وتغاريد طيور راقصة تحت نور الشمس الدافئة
ظهر فيها غريب أمامي لم أرَه من قبل، من النظرة الأولى إليه، انتابني خوفٌ غامض لم أفهم السبب
وحين نظرت في عينيه، أدركت فورًا أنه شيطانٌ يختبئ خلف قناعٍ ملائكيّ
على شفتيه ابتسامةٌ ساحرة تأسر القلوب لها، كان لي آذانٌ صاغية
اقتحم أنفاسي، وأثار كل الفضول في داخلي، فأصبح كـ لغزٍ عنيدٍ لا بد من كشفه
حاول كلانا جذب الانتباه، وهنا بدأت اللعبة بيننا
لعب هو دور البطل؛ وكأنه فارس أحلامٍ يمتطي حصانًا ذهبيًا أصيلاً
يأتي لينقذني من ضياعي وشرودي ووحدتي، وكأنني الطفلة اليتيمة في تلك اللعبة
التي كان قد زعم فيها بأنه من وضع قوانينها
فكان له ما أراد…
استدرجني إليه، وخضعت له ولكل أحكامه، بكل خشوعٍ وإتقان
حتى أتقنت دور المنهزمة المنكسرة فيها
فأعلن انتصاره متألقًا، وهو في قمة الفخر والسعادة
ولم يشكّ ولو للحظة بأنه هو من خسر هذه اللعبة، نعم هو!
فأنا … من خططت وبدأ هذه اللعبة من اللحظة الأولى التي رأيته فيها
ولم افهم حينها ما سر السبب الغامض وراء كل تلك الإثارة
هل كان حقًا الخوف والرعب الذي أصابني منه؟ أم هناك شيء آخر، شيء مريب في داخلي
كان هو السبب في إيقاظه، من دون أي وعيٍي و إدراك مني
لم أفهم حينها لماذا احببت اللعب بالنار بكل ما فيها من لهيبٍ وجمر
والسبب كان هو…
لقد كان كـ مرآة لي، التي عكست بالضبط ما في داخلي من شر، وكشفت حقيقتي
وهي أنا الشيطان بذاته! نعم أنا، وليس هو
أعلم أن هذا اعترافٌ خطير مني قد يغيّر مجرى القضية الآن، لكن لا تتسرع يا سيدي القاضي بالحكم عليّ، أرجوك
الآن قد يبدو لكم أنه الضحية، وأنا هي الجانية التي تقف أمامكم المنتصرة بكل بشموخٍ كبرياء، لكن على ماذا؟
أهو خداعي له؟ أم هو خداعي لنفسي، وأنا أصارع بينه وبين الملاك في أعماقي
ذاك الملاك الذي يحتضر اليوم، الذي لا أجد له دواءً يشفيه من صراعه الأزلي بين الخير والشرّ،
صراعٍ وُجد منذ ما قبل الوجود.
أحاول جاهدةً إنقاذه، فـ ارجوكم… ساعدوني، وانقذوني منه هو
كان هو السبب في أحياء وإظهار كل مافي داخلي من ظلام،
و أدخلني في دوامة هذا النزاع الأليم الذي يحيطني ويسكن بأعماقي، ويوسوس لي دوماً بالخضوع لملذّات انحرافه
ليس للهروب منه منفذ أو طريق، يستنزفني بشدة، ويسلب كل قوتي وإرادتي، ويوهن عزيمتي
لم أعد أقوى حتى على الصراخ لطلب نداء الاستغاثة لـ معين ينقذني وينتشلني منه
أو من نفسي؟
انقلبت الطاولة، واختلطت كل الأوراق فيها، فاختلفت كل الموازين في تلك القصة
ولم أعد أفهم قوانين اللعبة ومن هم أبطالها، ومن المنكسر المهزوم، ومن المنتصر فيها
فإن هذيانٌ وجنونٌ وصل إلى حدّ الإدمان، قد أصاب الوجدان في الصميم
ولم أعد أرى أمامي سوى طرقٍ متشابكةٍ تداخلت ببعضها، لا تؤدي إلا للضياع والهلاك
فأرجوك يا سيدي القاضي،
أعِد إليّ صوابي الذي تاه عني، وأعطني القوة لأتحدى نفسي،
واهْدِني بصبرٍ لا يُقهر، حتى أنتصر واهزم ذاك الصراع النفسي الذي يسلب النوم من عيوني
واحكم على ذلك الشيطان الذي يوسوس في داخلي، إلى منفى بعيدًا جداً ، إلى أبعد نارٍ في جهنم
فلا تؤجل حكمك يا سيدي القاضي لغياب الشهود والدفاع، فأنا وحيدة
لكنني أحمل السنونو الذي وشمته على كتفي كـ شاهدًا، فهو رمزًا للوفاء والإخلاص لي
ولي اسم لمملكة حكمتها بلقيس عدلًا
ولقب رومياً خلده التاريخ حكمة وفكراً
فكل جذوري تتجه نحو العدل والنور يا سيدي
من روح سبأ، تسير في دروب الرومي
فعجّل بحكمك، وأصدر قرارك، وكن منصفًا بحكمك ياسيدي
لكن إن أخفقت…
فلي ربٌّ له حكمٌ وعدلٌ سماويٌّ لا يغيب.

مع خالص الاحترام/ سبأ الرومي
2025-11-11



#سبأ_الرومي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء نجمان هاربان
- للسعادة عنوان!
- خاطرة.. معجزة القدر
- ملك أبدي.. لايفنى!
- الحنين الى وطني .. العراق!
- إعترافات خطيرة!
- يوميات أنثى
- أنثى ككل النساء
- لو إننا لم نلتقي!
- طرق باب
- أين الخطى!!
- بقايا
- صمت الرحيل
- لحظات مسروقة
- موسم صيف حارق..
- وللمستحيل ..وجود
- الطير السجين
- وللحكاية عنوان
- مركب الرحيل
- غرباء


المزيد.....




- حضور فلسطيني قوي في النسخة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي ...
- للمرة الثانية خلال شهور.. تعرض الفنان محمد صبحي لأزمة صحية
- -كان فظيعًا-.. سيسي سبيسك تتذكر كواليس مشهد -أسطوري- في فيلم ...
- اشتهر بدوره في -محارب الظل-.. وفاة الممثل الياباني تاتسويا ن ...
- عرف النجومية متأخرا وشارك في أعمال عالمية.. وفاة الممثل الإي ...
- السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي
- الفنان المصري إسماعيل الليثي يرحل بعد عام على وفاة ابنه
- الشاهنامة.. ملحمة الفردوسي التي ما زالت تلهم الأفغان
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -حرب المعلومات-.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سبأ الرومي - قضية دون حكم