أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خزامي مبارك - دارفور والحلم الفرانكفوني القديم المتجدد أو دارفور في أروقة السياسة الفرنسية















المزيد.....

دارفور والحلم الفرانكفوني القديم المتجدد أو دارفور في أروقة السياسة الفرنسية


خزامي مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 16:47
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


منذ وقت ليس بالقصير، تحوّل استخدام عبارة فرانكفونية من معناها اللغوي البحت (الناطق باللغة الفرنسية)، الذي يشير إلى رابطة الدول الناطقة بالفرنسية، إلى معنى أوسع شملت دور اللغة والسلطة وتعقيدات أخرى،حتى اصبحت الفرانكوفونية هو ذلك الفضاء الخطابي والسياسي والثقافي والاقتصادي للاستعمار الفرنسي في إفريقيا، وعدد من الدول التي تركز عليها نفوذ فرنسا بشكل مباشر.
ويُراد بهذا التوسيع تمييز النمط الفرانكفوني عن نظيره الأنجلوسكسوني، في محاولة لتوصيف أشكال الاستعمار الكلاسيكي والحديث، وما تبقّى من آثار تلك التجربة المريرة التي عصفت بالقارة الإفريقية في القرنين التاسع عشر والعشرين، من عسف كولونيالي دمّر الأرض والإنسان، وخلق شبكات تبعية تمتد عبر اللغة والثقافة والاقتصاد والسياسة.
ورغم أن الحديث عن الاستعمار الجديد صار مألوفاً إلي حد ما في الأكاديميات ووسائل الإعلام، فإن ما يهمنا هنا هو تتبّع الطموح الفرنسي المتجدد في السودان الغربي ودارفور تحديداً؛ وهي طموحٌ لم يتبدّد رغم تحوّلات الزمن،وظلت تكشف عن نفسها بين كل حين وآخر ويمكن رصد تجلياته في محطات متعددة من التاريخ.
فدارفور –عبر امتداد التجربة الاستعمارية في إفريقيا– كانت تمثّل الحد الفاصل بين الفضاء الفرانكفوني والفضاء الأنجلوسكسوني. ومع نشوء الدولة الحديثة في السودان، وما تبع ذلك من تحولات عقب مؤتمر برلين 1885، انقسم “السودان الكبير” الممتد من البحر الأحمر إلى المتوسط إلى سودان إنجليزي–مصري وسودان فرنسي، لتبدأ مرحلة جديدة من التنافس المحموم على الخرائط والثروات بين القوى الاستعمارية المختلفة وهي في مجمله صراع داخل نسق واحد بين عنصاره الداخلية وهي النسق الإمبريالية بكل تأكيد.
وقد تجلّى هذا التنافس بوضوح في أزمة فشودة عام 1898م، التي كادت تشعل حرباً بين بريطانيا وفرنسا، كما ظلّ الصراع بين الطرفين على دارفور حاضراً بصورة دائمة، حتى مفاوضات ترسيم الحدود، عندما طالبت بريطانيا بانسحاب فرنسا من شرقي تشاد، خاصة من مناطق وداي ودار تاما ودار مساليت الذي لعب فيه سلاطين باشا –مفتش عام حكومة السودان بمنطقة دارفور آنذاك– دور مهم في تثبيت الحدود، بعد إفادته الشهيرة التي استندت إليها لندن في حججها.
وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى الاتفاق النهائي عام 1924، الذي كسبت بموجبه فرنسا وداي ودار تاما ونصف دار مساليت تقريباً.
على كل حال لم ينتهي الطموح الفرنسي في دارفور بهذه الحادثة،بل تطورت وتغيرت انماطها إلي صور أخرى مع الزمن. فقد ظلّ الإقليم في عين الاهتمام الفرنسي، سياسياًوجغرافياً وبيئياً.
فمنذ الحقبة الاستعمارية الأولى، تدخّلت فرنسا في صراعات دارفور، وساهمت في ترجيح كفة بعض الزعامات على حساب أخرى؛ أبرزها ما حدث عندما التجأ الأمير عربي دفع الله التعايشي إلى السلطان علي دينار بعد أن طرده البلجيك من الاستوائية عام 1897 إثر تقدّم الفرنسيين من الغرب.
وفي العصر الحديث، ومع صعود قضية دارفور إلى المنابر الدولية، ما أسماه ممداني في كتابه دارفور منقذون وناجون بحملة (أنقذو دارفور)؛لعبت فرنسا أدوار مؤثرة؛ إذ استضافت معظم حركات المعارضة الدارفورية، من لدن عبد الواحد محمد نور إلى آخر الحركات التي وُلدت مؤخراً أثناء هذه الحرب الجارية الآن،وإضافة إلي ذلك قدّمت لهم الدعم اللوجستي والإعلامي والسياسي معتمد بشكل رئيسي على التقاطعات الكبيرة بين تشاد ودارفور اجتماع وثقافة.
وقد بلغ الأمر بالنظام البائد –نظام عمر البشير– حدّ التهديد بقطع العلاقات مع باريس بسبب استمرار هذا الدعم .
ولم يكن غريباً أن تكون فرنسا، إلى جانب بريطانيا، صاحبة مشروع القرار رقم 1769 الصادر في يوليو 2007، والذي قضى بإرسال قوات أممية لحفظ السلام في دارفور، بتكلفة بلغت 1.3 مليار دولار سنوياً، تكفّلت فرنسا بتمويل 7٪ منها.وهي تجربة مهمة تستحق الوقوف والتأمل والتقيم ذلك لأنها تمثل إحدى أهم صور التدخل العسكري المباشر في تاريخ السودان الحديث وقد ساهمت بشكل وبآخر في الدفع بمسار دارفور لمرحلته الحالية.
على الرغم من هذه القوات، كما أثبت الواقع، لم تحمِ مدنياً واحداً، بل تعرّضت هي نفسها للاعتداءات من قبل مليشيات الجنجويد، وسط صمت دولي مريب، بل حتى مقراتها وممتلكاتها نهبت ودمرت ولكن ولا فرنسا ولا صديقتها أدانت هذا الفعل”.
أيضاً قدّمت فرنسا بين 2004 و2007 دعم مالي لقوات حفظ السلام الإفريقية في دارفور بلغ مئة مليون يورو، وساهمت في تدريب جنود من السنغال وبوركينا فاسو ضمن هذه القوات، بهدف الاستفادة منهم لاحقاً في عمليات عسكرية أخرى داخل فضاء نفوذها الفرانكفوني في السهل الإفريقيه قبل الفقدان الكبير لنفوذها في السنوات الأخيرة بفعل صعود حركة مقاومة مهمة في الغرب الأفريقي والعديد من دول السهل [بوركينافاسو ومالي..الخ.

ولا يقلّ الاهتمام الفرنسي بجغرافية دارفور ومواردها الطبيعية عن اهتمامها السياسي؛ إذ نفّذت هيئة البحوث الجيولوجية الفرنسية مشاريع ومسوحات ميدانية عديدة، وأعدّت دراسات عن المعادن في الإقليم، بل يمكن القول أن فرنسا تعرف عن دارفور أكثر مما تعرفه سكانه أنفسهم حتى لمرحلة قدّمت للحكومة السودانية في عام 2017 وثائق عُرفت باسم “المشروع الفرنسي”، تتضمّن خرائط تخريط جيولوجي شامل وهي وثقائق اعدتها هئية البحوث الجيولوجية الفرنسية.
اليوم، ومع تصاعد الهجمة الاستعمارية الجديدة على السودان أرضاً وشعباً، بوكالة امارتية ، تبرز مجدداً الأسئلة الكبرى حول السيادة والوحدة والاستقلال.وخاصة مسألة دارفور وما تقال وتجرى حولها من حديث تتعلق بفصلها وتكرار التجربة الجنوبية مرة أخرى.
الأمر الذي تتطلب فهم دقيق وموسع لطبيعة هذه الأدوار وكيفية عملها، وعموماً ليس من المستغرب أن تكون تشاد –وهي أحد أكبر مراكز النفوذ الفرنسي في القارة– طرفاً فاعلاً ومتناغماً مع هذه الأجندات، عبر تعاونها المكشوف مع شبكات الدعم الإماراتي لمليشيات الجنجويد في السودان،فالمعروف أن تشاد منذ وصول إدريس دبي إلي السلطة وحتى وفاته وإلي اليوم لم تنفك من التبعية الفرنسية على الرغم من اليقظقة الثورية الكبيرة التي صعدت في منطقة السهل.
وهذا ما أهلته لتصبح المركز الأول للعماليات الفرنسية وتحركاتها في المنطقة،والبديهي أن فرنسا بعض أن فقدت نفوذها في دول مثل بوركينافاسو لابد لها من التفكير في تأمين موطئ قدم لها ولا أظن أن هناك مرشحاً أقوى لهذا الموطئ أكثر من دارفور أولاً لأنها مشروع اهتمام قديم متجدد وثانياً لأنها هي الهدف الرئيسي لها على امتداد التاريخ.
اصبحت من الحقائق التي لا ينكرها إلا مكابر أن هذه الحرب الحالية في السودان هي حرب شنت بواسطة القوى الأمبريالية العالمية تهدف بشكل أساسي في السيطرة على السودان والاستفادة من موارده ولكن لماذا فرنسا وليس غيره هذا السؤال مع عدم تجاهلنا للوكالة الاماراتية المفضوحة من الأساس.
تمثل فرنسا هي احدى الركائز الأولى للامبريالية في وضعها الحالي لقدمها في التجربة الاستعمارية في إفريقيا التي تعود إلي 1624 بانشاءها للمراكز التجارية في السنغال عوضاً عن دورها الحالي في النظام العالمي المسيطر،والمتابع سيرى بوضوح كيف لعبت فرنسا عمليات التحول الاجتماعي من ابدال واحلال لمجموعات اثنية في عدد من الدول الافريقية بما فيهم مسألة تهجير ما يعرف بالمجموعات العربية من غرب أفريقيا إلي دارفور ولولا تدخلتها المباشرة في هذه الدول وزعزعة استقرار مناطق مثل شمال نيجريا وغيرها لما اصبحت مشروع البحث عن مكان لما يعرف بعرب الشتات اليوم وراد أساساً.
الحديث شائك وطويل وتطلب مزيد من البحث والتفكير ولكن يبقى الواضح جداً اليوم هو أن مشروع فصل دارفور عن القوى الاستعمارية قد آن أوانها،ستحدث عبر رعاية فرنسية بوكالة امارتية ومن ثم اذا مضت الامور كما ينبغي لها تتولد الحياة الفرانكوفونية الجديدة والتي لا تتوقف في دارفور فقط بل ستذهب شرقاً لتصل كردفان والمناطق الأخرى.
الآن بدأت الاعلام الاستعماري في التناول المكثف لما يجري في دارفور في مقدمتها الإعلام الفرنسي وهي اعلام مسيس بطبيعة الحال وإلا لماذا صمتت طوال فترات الحرب الأولى رغم أن الانتهاكات هي نفسها ورغم حصار الفاشر الطويل وتجويعها المتعمد لما يقارب السنتين ظلوا صامتين ولكنهم تحدثو الآن بعد سقوطها واصبحت دارفور باسره في يد الجنجويد؟ وماذا بعد التناول الإعلامي،بكل تأكيد ستكون المناداة بالتدخل الدولي العسكري هي الخطة القادمة بزريعة حفظ السلام وغيره.
ما نحتاجه نحن معشر السودانين الآن يقظتنا الدائم بهذه الخطط والتنظيم والاستعداد للمقاومة لاغيره وفي نهاية المطاف ستنتصر الشعوب اذا ما ادركت مصيرها وقاومت هذه حقائق الواقع والتاريخ.



#خزامي_مبارك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مقال الرفيق خالد كودي بخصوص بيان كوش: هل هو سوء رأي وخطل ...
- ثماني وثلاثون سنة وتسعة أيام على مذبحة الضعين! هل نحن حقاً ي ...
- ويسألونك عن الإسلاميين!
- مشروع السودان الجديد بين النظرية والتطبيق: عشرون عاماً على غ ...
- العلاقة بين إسلاموية المركوب وظاهرة عمسيب العنصري:
- انظروا كيف دشن حمدوك نفسه كمبرادورًا بدرجة رئيس وزراء!
- السودان الدولة والثورة والصراع الإجتماعي وفرص البقاء:
- عبد العزيز الحلو وحفلة نيروبي التراجوكوميدية من متى نصر اليا ...
- مرآة معكوسة الجوانب
- في فاشر السلطان الحكاية القادمة. ____
- الخطابات الانفصالية: طفل برأسين في جسد واحد أو -التحالف غير ...
- في تسمية الضحايا لجلادهم__ كلمة الجنجويد والذاكرة الشعبية
- حرب الخامس عشر من أبريل: صراع الجيش والدعم السريع أم غزو إمب ...
- خواطر وآمال
- في اليوم العالمي للمهاجرين
- لا يمكن بناء سودان خالٍ من الحروب إلا بالعلمانية:
- سؤال العلمانية في السودان
- النخبة المهزومة تلملم أطرافها من جديد لتصفية الثورة
- لا ثورة وطنية بلا قوى ريفية
- هل ابتلعت قوى المركز حزب المؤتمر السوداني؟


المزيد.....




- حصريا لـCNN: بريطانيا تعلق التعاون الاستخباراتي مع أمريكا بش ...
- مستوطنون إسرائيليون يشعلون حريقا في بلدة بالضفة الغربية مع ت ...
- الحزب الشعبي الإسباني يعقد أول اجتماع له في مليلية ويقول إنه ...
- إسبانيا: مطالب بمساءلة الحكومة حول -مركزي احتجاز مهاجرين- في ...
- دراسة مموّلة من ألمانيا: الجيش الموريتاني -شديد التسييس- ودو ...
- الشرع في واشنطن.. الغولف بعد السلة؟
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مستوطنين بعد هجمات واسعة على قرى فلسط ...
- رئيس كولومبيا: أمرت أجهزة استخبارات إنفاذ القانون بتعليق جمي ...
- حقوقيو تونس يطلقون -صرخة فزع- بعد تعليق نشاط 17 منظمة
- إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خزامي مبارك - دارفور والحلم الفرانكفوني القديم المتجدد أو دارفور في أروقة السياسة الفرنسية