|
|
الدين / الماركسية، من أجل منظور جديد للعلاقة، نحو أفق بلا إرهاب: الجزء الثاني عشر
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 13:48
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
احترام المنهج الماركسي إقرار بوجود المعتقدات الدينية:
إن احترام الماركسية، بصفة عامة، والفلسفة الماركسية، والعلم الماركسي، والمنهج الماركسي: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، بصفة خاصة، واجب على كل إنسان، مادامت الماركسية، بتفرعاتها المعرفية، والفلسفية، والعلمية، والمنهجية، تحترم جميع المعتقدات، كيفما كانت هذه المعتقدات، إلا أنه، عندما يسجل التاريخ: أن الماركسية، كانت تصارع الدين، فإننا في الواقع، نجد أنها كانت تصارع أدلجة الدين المسيحي، في القرن التاسع عشر، عندما كان مؤدلجو المسيحية، يهاجمون الماركسية، ويتصدون لها، ولا تصارع الدين المسيحي، خاصة، وأن أدلجة الدين المسيحي، حتى وإن كانت تحريفا للدين. إلا أن مؤدلجي المسيحية، لم يستحضروا الشروط ظهرت فيها الماركسية، فكأن الدين المسيحي لم يظهر إلا بظهور الماركسية. مع أن الماركسية، لم تظهر عل يد ماركس، وأنجلز، إلا في القرن التاسع عشر الميلادي. والمسيحية، ظهرت في بداية القرن الأول الميلادي. وهو ما يعني: أن الماركسية، لا تواجه الدين المسيحي، إلا أن الماركسية، كانت لا تميز بين الدين المسيحي، وبين أدلجة الدين المسيحي. وعدم التمييز، هو الذي جعله يقول:
(الدين أفيون الشعوب).
بدل أن يقول:
(أدلجة الدين المسيحي، أفيون الشعوب).
وقولة ماركس التي صارت مشهورة:
(الدين أفيون الشعوب).
التقطها مؤدلجو الدين الإسلامي، فأخذوا يعبئون بها الشباب، الذي صار يروجها كثيرا، لمحاربة الماركسية، مع أن ماركس: لم يتعرف على الدين الإسلامي، إلا بعد أن قربت وفاته، ولم يسبق له أن عرفه قبل ذلك، ولو تعرف عليه، لقال عنه، ما لم يقله في أدلجة الدين المسيحي، وليس في الدين الإسلامي، ولم يقل ما قاله في اليهودية، لأنه كان يهوى المعتقدات. ولو كان يميز بين الدين المسيحي، وأدلجة الدين المسيحي، لأعفانا مما قاله. وهو ما ما يقتضي من جميع المفكرين، والكتاب، أن يميزوا بين الدين، أيا كان هذا الدين، وبين الدين اليهودي، وأدلجة الدين اليهودي، وبين الدين المسيحي، وبين أدلجة الدين المسيحي، وبين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، حتى يميز بين مع من يتعامل:
هل يتعامل مع المتدينين؟
هل يتعامل مع مؤدلجي الدين؟
هل يتعامل مع المومنين بالدين اليهودي؟
هل يتعامل مع مؤدلجي الدين اليهودي؟
هل يتعامل مع المومنين بالدين المسيحي؟
هل يتعامل مع مؤدلجي الدين المسيحي؟
هل يتعامل مع المومنين بالدين الإسلامي؟
هل يتعامل مع مؤدلجي الدين الإسلامي؟
ولو أدرك ماركس مؤدلجي الدين اليهودي، الذين يقودهم نيتانياهو، لأعلن تغيير دينه، ولاعتبر نفسه مسلما، خاصة، وأن ماركس ينبذ المسيحيين المؤدلجين للدين المسيحي، ونيتانياهو يبيد المسلمين في قطاع غزة، لأنه كان يثور ضد الظلم، وضد القهر.
وبعد هذه التوطئة، نرجع إلى موضوعنا:
احترام المنهج الماركسي، إقرار بوجود المعتقدات الدينية...
فالماركسية، لا تنفي الدين، ولكن الدين عندما يتحول إلى أيديولوجية، يدخل في صراع مع الماركسية، لا لشيء، إلا لأن منطلق الأيديولوجية الدينية، مثالي، ومنطلق الماركسية، مادي. وهذا المنطلق المختلف، هو الذي يجعل الماركسية تعتبر عدوة للدين، أما الأيديولوجية الدينية، التي تعادي كل ما هو مادي، من أجل أن تكون المثالية سيدة الوجود، حتى لا يفكر الناس في الواقع، بقدر ما يفكرون في الغيب، ويعملون ظاهريا، كل ما يؤدي إلى جهنم، ويسعون إلى أي عمل، يؤدي إلى دخول الجنة. مع أن الجنة، وجهنم، غيبيان، والغيبي، لا يمكن إدراكه، ولا يمكن العلم به، ولا يمكن تصوره، والغيب لا يعلمه إلا الله. كما يقول المتدينون، بأي دين، سواء كان يهوديا، أو كان مسيحيا، أو كان إسلاميا. وما دام الأمر كذلك، فإن منطلق الأيديولوجية الدينية، لا يكون إلا ماديا كذلك، غير أن محرفي الدين، ومؤدلجيه، يعتبرونه منطلقا فرديا. والواقع، أن منطلق الأيديولوجية الدينية، لا يخدم إلا مصالح الزعماء الدينيين، ومصالح البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أما رجال الدين، الذين يدعون، أن الوقوف إلى جانب البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، فهم يضعون أنفسهم في خانة الأعداء، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن يضع نفسه بين أعداء الطبقة العاملة، يشرعن استغلالها. ومن يشرعن الاستغلال العام، يشرعن استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويصير عدوا للطبقة العاملة، ولباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويعتبرون محرفين للدين، مهما كان هذا الدين، حتى وإن كان هذا الدين منحرفا أصلا، كما هو الشأن بالنسبة للدين اليهودي، أو للدين المسيحي. أما الدين الإسلامي، فلا يمكن تحريفه، إلا بالأيديولوجية، وبالسياسة، عندما يتخذه حزب معين، أيديولوجية له، أو عندما يتخذه تعبيرا سياسيا، ويعتبرون القرءان دستورا سياسيا، وأحكامه لا تخالف. مع أن الشروط التي ظهرت فيها تلك الأحكام، مخالفة للشروط التي نعيشها. والشروط التي كانت تناسبها تلك الأحكام، لم تعد قائمة الآن.
وفي الدين الإسلامي، نجد أن أدلجة الدين الإسلامي، تحريف للدين الإسلامي، وتحريف الدين الإسلامي، خروج عن الدين الإسلامي، وتعطيل للدين الإسلامي، في الكثير من القيم الواردة فيه؛ لأن الدين الإسلامي، لم يبلغ من أجل أن يتحول إلى أيديولوجية، تعبر عن مصالح الحزبيين، أو عن مصالح الحكم، أو عن مصالح البورجوازية، أو عن مصالح الإقطاع، وهناك القيمون على المساجد، الذين لا يفهمون الدين، إلا عندما يخدم مصالحهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يخدمون إلا مصالح البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أما مصلحة العمال: وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، ومصلحة الشعب المغربي الكادح، ولا يعرفونها، ولا يهمهم ما يجري في الحياة أبدا. فهم لا يتحدثون إلا عن عالم الغيب، ويشيدون بالحكم، في أي دولة، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، مهما كان النظام ظالما للشعب. وإلا، فإنه سيجد نفسه خارج الخدمة. وهؤلاء القيمون على المساجد، يتحملون مسؤولية معينة في المساجد، التي يديرونها، على مستوى أدلجة الدين الإسلامي. وهو ما يجب رفضه، والتمسك بما جاء في القرءان:
(وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).
وفي غالب الأديان السماوية، نجد أن الشرك بالله، هو السائد في ديانة اليهود، وفي ديانة المسيحيين، حتى لا نقول ديانة موسى، التي تم تحريفها، وديانة عيسى، التي لحقها التحريف أيضا؛ لأن الديانة اليهودية، والديانة المسيحية، يقولان معا:
(إن الله ثالث ثلاثة).
(وقالت اليهود عزير ابن الله).
(وقالت النصارى المسيح ابن الله).
فالثلاثة المعبودون في الديانتين معا:
الله، وزوجة الله، وابن الله.
وفي الدين الإسلامي، نجد أن الأوصياء على الدين الإسلامي، يجعلون الدين الإسلامي، دينا للشرك بالله، سواء كان المعبودون أحياء، أو كانوا أمواتا، والذين نسميهم بالأولياء الصالحين. والولي الصالح، كان يعبد قبل وفاته، وبقي يعبد إلى جانب عبادة الله. وهذا النوع من العبادة، لا يمكن تسميته إلا بالشرك بالله. أما إخلاص العبادة لله، فلا تعني إلا التحرر، مهما كان، وكيفما كان، حتى يصير ذلك التحرر: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. لا وجود للتبعية فيه، ولا أحد يستطيع أن يوجه الفرد، أي فرد، في الدين الإسلامي، الذي لا واسطة فيه بين الله، وبين المومن بالدين الإسلامي، الذي لم يوجد فيه المسجد، من أجل أداء الشعائر الدينية فقط. وإنما من أجل الدرس الديني، وغير الديني، وأن يصير مكانا لقيام القضاء بدوره بين الناس، ولتدبير شؤون الحرب، ولاتخاذ القرارات الجماعية، في شؤون الجماعة، وغير ذلك، حتى يقوم أي مسجد، بدوره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ليصير المسجد منطلقا للتنوير، وللحوار في الشؤون الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بالإضافة إلى تسييد الحكم العادل بين الناس، وبالإضافة إلى الدروس المختلفة، بين الراغبين في متابعة مختلف الدروس، والمحاضرات، وغير ذلك، مما يساهم في رفع مستوى رواد المسجد. أما الآن، فإن المساجد، لا تفتح إلا في أوقات الصلاة، لتصير كالبيع، ، لا فرق بينها.
والمفروض، أن يلعب المسجد دوره في عصرنا هذا، على مستوى محو الأمية، وعلى مستوى فتح حوار بين الرواد، حول مختلف القضايا: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتوافد على المسجد الكثير من المومنين بالدين الإسلامي، من أجل محاربة الأمية الأبجدية، والفكرية، وغير ذلك، مما يمكن المومنين بالدين الإسلامي، أن يهتموا بأمور، لم يعرفوا الاهتمام بها من قبل: محاربة الأمية الأبجدية، والفكرية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
وإذا كان الأمر يقتضي الاهتمام بالمسجد، حتى يكون صالحا لأداء الصلاة، على مستوى نظافة المكان. فإن الأمر يقتضي، كذلك، الاهتمام بالبشرن على مستوى إعدادهم: على مستوى السلوك، الذي يجب أن يكون خاليا من كل الممارسات، التي تسيء إلى الإنسان، مهما كان هذا الإنسان، حتى يتجنب الناس كل الأفعال، التي تسء إلى بعضهم البعض: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليصير دور المسجد تربويا، بالدرجة الأولى، وليصير رواد المسجد، يتصفون بالأخلاق الراقية، التي تقوم بدور رائد في تغيير الكثير في المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، نظر للدور الذي يقوم به المسجد، في صفوف الرواد، الذين يتوافدون عليه، بين حين، وآخر.
وإذا كان الأمر كذلك:
فلماذا لا تعود المساجد إلى القيام بدورها، في أيامنا هذه، بدل أن تفتح، فقط، في أوقات الصلاة؟
ولماذا لا يستدعى أساتذة الجامعات، أو أساتذة التعليم الثانوي، على الأقل، في المحاضرات، أو الدروس المختلفة، بما فيها دروس التقوية بالمجان، حتى يؤدي المسجد جزءا من وظيفته بين الرواد، الذين يرتادون المسجد، في مختلف الأوقات؟
أليس المسجد مكانا صالحا لإعادة تقويم السلوك، وإلى تنبيه الناس إلى الكثير من الممارسات السيئة، المسيئة إلى الجنس البشري، وإلى المومنين بصفة خاصة؟
وإذا كان المسجد، يقوم بدوره، كما ينبغي، فإنه يساهم بشكل، أو بآخر، في التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفي تطور المجتمع، وفي تطور سلوك الناس، على جميع المستويات، مهما كانت، وكيفما كانت. وتطور أخلاق الناس، ومعاملاتهم، على جميع المستويات، وفي كل المجالات، وفي جميع القطاعات، حتى تصير المساجد، تقوم بوظيفتها، لصالح المجتمع.
والماركسية، عندما تقف عند حدود التمييز بين الدين، وأدلجة الدين، التي تعادي الماركسية، سواء كانت هذه الأدلجة للدين المسيحي، أو للدين اليهودي، أو للدين الإسلامي، فإن الماركسية، تكون قد احترمت الدين، وواجهت أدلجة الدين، حتى تصير ممارستها رائدة، ووضعت حدا للعداء بين الماركسية، والدين. ومعلوم أن الماركسية، لا تعادي الدين، وإنما تعادي أدلجة الدين، التي تعمل على تشويه الماركسية. وتشويه الماركسية، ليس بإمكان الدين، بينما هذا التشويه، يصير بإمكان أدلجة الدين، التي تعتبر تحريفا للدين، لخدمة مصلحة معينة: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، وهو أمر يقتضي دفع كل ما يتعارض مع تلك الخدمة. والماركسية لا يمكن أن توظف الدين، ولا يمكن أن تكون قابلة بتوظيف الدين، كشأن فردي، لا علاقة له بالجماعة، في الإيمان الفردي بدين معين، يلتزم به، ويعمل على حمايته من التحريف، إلا إذا كان مؤدلجا للدين. وأدلجة الدين، إنما هي تحريف له، لخدمة مصلحة المؤدلجين، والمؤدلجات، ولخدمة مصلحة الحكم، ولخدمة مصلحة البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، نظرا لأهمية التخلف، بالنسبة للمؤدلجين، وبالنسبة للحكم، وبالنسبة للبورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.
وإذا أرادت الماركسية، أن تجمع بين الحسن، والأحسن، وإن قبل على ارتفاع شأنها، عليها أن تعمل على إشاعة احترام الدولة الماركسية، سواء في الاتحاد السوفياتي السابق، وحيثما كان يقوم الحكم الماركسي، وحيثما لا زال يقوم الحكم الماركسي، الذي جعل الدولة الماركسية، تحترم جميع المعتقدات، وتترك المومنين بأي معتقد، وشأنهم، لا تحشر الدولة الماركسية أنفها فيما يخص معتقداتهم، أو عندما يمارسون طقوسهم، بكامل الحرية، دون تدخل من أي جهة، ودون ممارسة الأدلجة للدين، حتى لا يصير الدين شيئا آخر، غير الدين، وحتى لا يدخل في صراع مع الدولة الماركسية، التي هي شأن الإنسان، مهما كان، وكيفما كان، وإذا كان الأمر يقتضي: أن تعمل الماركسية، على حماية تعدد المعتقدات، فإن الدين الإسلامي نفسه، مقتنع بتعدد المعتقدات، ما لم تكن وثنية، أو شبه وثنية، كما ورد في القرءان:
(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله).
أما عبادة الأوثان، فلا يعترف بها الدين الإسلامي، وقد وردت في ذلك عدة آيات، نذكر منها:
(ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
والماركسية، عندما تحترم مختلف المعتقدات، ولا تحشر نفسها في شأن أي معتقد، فلأنها، بذلك، تصير راقية إلى أقصى الحدود، في هذه الحياة، التي تعيش فيها المعتقدات المختلفة، في ظل الدولة الماركسية، وتمارس طقوسها الدينية، بكامل الحرية، فإنها ترقى بنفسها، إلى أرقى ما يمكن أن تكون عليه تلك المعتقدات؛ لأنها تحترم نفسها، وتحترم الماركسية، ولا ترغب أبدا في قيام الصراع بين الدين، والماركسية، لأنه لم يقم أصلا، ولأن الذين وقفوا وراء ذلك الصراع، بين الدين، والماركسية، هم مؤدلجو الدين، خاصة، وأن الماركسية، خاصة، وأن ماركس، كان لا يفرق بين الدين، وأدلجة الدين؛ لأن الصراع الوحيد الذي يقع بين الماركسية، والدين، هو في الأصل، صراع طبقي، باعتباره هو الصراع الوحيد المشروع. أما الصراع بين الماركسية، والدين، فليس مشروعا أبدا.
وهكذا يبدو، أن احترام المنهج الماركسي للدين، إقرار بوجود الدين، الذي يومن به أناس معينون، ويمارسون طقوسه، وشعائره، بعد أن حصل تطور في المجتمع، جعل كل مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبعد أن تحددت فكرة الله، وبعد أن ظهر دين موسى، ودين عيسى، والدين الإسلامي، وبعد أن تطورت مختلف العلوم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبعد أن تم استبعاد الكنيسة، من تحديد من يحكم، وبقي العمل على استبعاد الدين اليهودي، من الحزب الديني، وإنضاج الشروط، التي تجرم الوصاية على الدين الإسلامي، وتكوين الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، والتي تعتبر نفسها وصية عليه، وتعمل على تكريس القرءان دستورا لله في الأرض، وعلى المسلمين الالتزام بما زرد فيه من أحكام، مع أننا، إذا عملنا على الالتزام بأحكام القرءان، نجد أن الشروط القائمة، لا تتناسب مع تلك الأحكام؛ لأن الشروط التي جاءت فيها تلك الأحكام، مختلفة جملة، وتفصيلا، عن الشروط التي عرفها كل عصر، والعصر الذي نعيشه، يصعب القبول بها. والسفهاء في مختلف العصور، كانوا يغيرون الأحكام الواردة في القرءان، وعملوا على تحديد المرجعيات، التي يجب أن يخضع لها استنباط الأحكام المناسبة للعصر، الذي يعيشون فيه، حتى تسمى تلك الأحكام، أحكاما إسلامية. وهذه المرجعيات، هي:
الكتاب ـ السنة ـ القياس ـ الاجتهاد.
أما كلمة إجماع الأمة، فليس لها معنى في المرجعيات، لأن إجماع الأمة، لا يعني إلا إجماع الفقهاء، والفقهاء لا يخدمون إلا قلة قليلة، ممن يقررون ما يريده الحكم، حتى يزداد عطاؤه، وتصير النخبة مالكة لوسائل الإنتاج، ومالكة للعقارات ومالكة لمكانها، إلى جانب الحكام.
وفي هذا العصر الذي نعيش فيه، والذي أصبحت فيه الماركسية، جزءا لا يتجزأ من كيانه، فإن المناضلين الماركسيين، الذين يحترمون كل المعتقدات الدينية، كيفما كانت هذه المعتقدات، وخاصة منها: المعتقدات التي جاءت بعد توحيد إبراهيم للعبادة/ بعد تجريد فكرة الله، كما جاء في القرءان:
(فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي، فلما أفل، قال لا أحب الآفلين، فلما رأى الشمس بازغة، قال هذا ربي، هذا أكبر، فلما أفلت، قال يا قوم إني بريء مما تشركون، إني وجت وجهي للذي فطر السماوات، والارض حنيفا، وما أنا من المشركين).
وبعد ذلك، فإن الرسالات توحد عبادة الله، إلا أنها تتعرض للتحريف، كما حصل مع ديانة موسى، ومع ديانة عيسى، كما ورد في القرءان، حيث نجد:
(وقالت اليهود عزير ابن الله).
(وقالت النصارى المسيح ابن الله).
وكما ورد في القرءان على لسان اليهود، والنصارى:
(إن الله ثالث ثلاثة).
أما الدين الإسلامي، فلا يتم تحريفه إلا عن طريق الأدلجة: أدلجة الدين الإسلامي، التي تعتبر أكثر من التحريف، لأنها تكرس في نفس الوقت، تعدد الآلهة:
الله ـ الحزب ـ الزعيم الحزبي.
ليصير المتحزبون، بأدلجة الدين الإسلامي، يقتنعون بما جاء في القرءان، على لسان اليهود، وعلى لسان النصارى، وعلى لسان مؤدلجي الدين الإسلامي:
(إن الله ثالث ثلاثة).
التي تفيد معنى معينا عند اليهود، وعند النصارى:
الله، وزوجة الله، وابن الله.
كما تفيد معنى آخر عند مؤدلجي الدين الإسلامي:
الله ـ الحزب ـ الزعيم الحزبي.
وهذه الإحالات القرءانية، تبين إلى أي حد، عمد المؤدلجون للدين، على عبادة غير الله، كشريك له، اعتقادا منهم:
أن الله ثالث ثلاثة.
وهو ما يقتضي التمييز بين المعتقد، وبين المعبود، الذي لا يثق في عبادة الله دون سواه، كما كان يفعل المشركون، تماما، في عبادتهم للأوثان، من أجل التقرب من الله، فقد جاء في القرءان:
(ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
ولذلك، نجد أن الله الذي لا يتخذ واسطة بينه وبين عباده، وجدنا أن اليهودية، تشرك بالله، وأن المسيحية تشرك بالله، وأن مؤدلجي الدين الإسلامي، يشركون بالله. ونحن لا نستغرب، قيام صراع بين المشركين بالله، وبين الماركسية؛ لأن المشركين بالله، يعتبرون أن الدين الإسلامي، أو الدين المسيحي، أو الدين اليهودي، تتم أدلجتها، ليتم تحريفها. لأنه، لا يمكن استغلال أي منها، إلا بالتحريف، كما رأينا ذلك سابقا. وتحريف الأديان الثلاثة، إما بالادعاء، وإما بالأدلجة، يجر الماركسية إلى الصراع؛ لأن الصراع بين الأديان المحرفة، وبين الماركسية، تضليل للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتضليل للجماهير الشعبية الكادحة، وتضليل للشعب المغربي الكادح، خاصة وأن الأديان المحرفة، أو المؤدلجة، تقف إلى جانب المستغلين. أما الأديان، كأديان، لم تؤدلج ولم يلحقها أي تحريف، فإن الماركسية، لا تصارعها، من منطلق: أن الدين شأن فردي، والشأن الفردي، لا تهتم به الماركسية.
وبناء على ما رأينا، فإن الدين، أي دين، عندما يحترم الماركسية، يحترم، في نفس الوقت، المنهج الماركسي. والماركسية، والمنهج الماركسي، عندما يحترمان من قبل الدين، أي دين، كشأن فردي، فإن الماركسية، والمنهج الماركسي، يحترمان الدين، أي دين، ليصير الاحترام متبادلا، بين الدين الصحيح، وأي دين صحيح، يعتبر متآلفا بين الماركسية، والدين؛ لأن الصراع بينهما، مجلبه التحريف، الذي يجر إلى الشرك بالله، أو بالأدلجة، التي تجر إلى الشرك بالله، والشرك بالله، غير مقبول في الأديان الثلاث الصحيحة؛ لأن صحتها، بمرجعية إبراهيم، ومرجعية إبراهيم، ورد فيها ما جاء في القرءان:
(ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين، من قبل، وفي هذا، ليكون الرسول شهيدا عليكم، وتكونوا شهداء على الناس).
وقد ورد فيه أيضا، ما ورد في القرءان:
(إن الدين عند الله الإسلام).
وبذلك يتعين، أن العلاقة بين الدين، والماركسية، هي علاقة احترام متبادل، ما لم يدخله التحريف. أما إّذا تم تحريف الدين، أي دين، فإن الاحترام، ينتفي بين الدين المحرف، وبين الماركسية. وإذا استطاعت الماركسية، أن تميز بين الدين، وبين الدين المحرف، بأي وسيلة من وسائل التحريف. إلا أن الماركسية الصحيحة، بقيت قائمة، ومحرفو الماركسية، يذهبون إلى مزبلة التاريخ، لأن الماركسية تتطور، ولا تحرف.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين / الماركسية، من أجل منظور جديد للعلاقة، نحو أفق بلا إر
...
-
الدين / الماركسية، من أجل منظور جديد للعلاقة، نحو أفق بلا إر
...
-
الدين / الماركسية، من أجل منظور جديد للعلاقة، نحو أفق بلا إر
...
-
الدين / الماركسية، من أجل منظور جديد للعلاقة، نحو أفق بلا إر
...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....38
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....37
-
هل من رادع لاستعمال مكبرات الصوت في مختلف المساجد؟
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....36
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....35
-
العاهل الأمل...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....34
-
فلسطين أرض العرب أرض فلسطين...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....33
-
عاشت لي فاتنات الهوى...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف..... م
...
-
عد إلينا لترى ما نحن عليه يا عريس الشهداء...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....31
-
وأحمد ذاك العظيم...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....30
-
بوكرين الإنسان...
المزيد.....
-
مؤتمر صحفي لـ “اللجنة الشعبية للدفاع عن سجناء الرأي” اليوم ب
...
-
” العمل” تواصل الكذب .. و”مفكو حلوان” تنكل بالعمال المطالبين
...
-
الرئيس الألماني يحذر من صعود اليمين المتطرف و-التهديدات المت
...
-
How The UAE Is Re-Exporting Arms To Sudan
-
زعيم حزب الشعب الأوروبي يدعو إلى مقاربة إنسانية لمعالجة ملف
...
-
سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي: ندعو للإصلاح وتغيير
...
-
رؤيتنا: انعدام التوازن المحلي في عالم بلا خطوط حمراء
-
الكيميتية وجلابية المتحف الكبير (2-2)
-
نه به پارلمانِ افکارِ تودهها، بردگي زنان و سلب آزاديها
-
الوضع السياسي الراهن ومهام الماركسيين الثوريين
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|