|
هل من رادع لاستعمال مكبرات الصوت في مختلف المساجد؟
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 20:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذا كانت الغاية من الأذان، هي إعلام الناس جميعا، وخاصة الذين يسكنون في الحي، الذي يوجد به المسجد، حتى يعلم السكان المسلمون، بحلول وقت الصلاة، ويستعدون لحضور صلاة الجماعة، في مسجد الحي، إن اختاروا ذلك، حتى وإن صارت فوائد الصلاة، في مسجد الحي ممتعة؛ لأن المساجد، لا تفتح إلا في أوقات الصلاة، كما هو الشأن بالنسبة للكنيسة، أو البيعة، التي لا تفتح أبوابها إلا في يوم السبت، بالنسبة للبيعة، أو في يوم الأحد، بالنسبة للكنيسة، خاصة وأن المساجد، تكون مفتوحة في وجه المسلمين، طوال الوقت، الذي يستغل في إعطاء الدروس المختلفة، وفي الحكم بين الناس المتقاضين، وفي التداول في شؤون الجماعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وسكنيا، وأمنيا، وغير ذلك، مما يهم سكان الجماعة، أو سكان الحي في المدينة.
وإذا كانت الصلاة لا تؤدى إلا في وقتها، فإن مهمة المؤذن، هي القيام بالأذان، في كل الأوقات، قبل صلاة الصبح، وقبل صلاة الظهر، وفي صلاة العصر، وفي صلاة المغرب، وفي صلاة العشاء، وأما صلاة النوافل، فلا وقت لها، خاصة، وأن الأذان، لا يهم إلا سكان الدوار، أو سكان الحي، أو جزءا منه، ولا يهم القبيلة، أو المدينة ككل، إن كان الحي، لا يوجد به إلا مسجد واحد.
أما إذا كانت في الحي عدة مساجد، فإن الأذان في كل مسجد، لا يهم إلا جزءا من سكان الحي، وما دام الأمر كذلك، فإن الضرورة، التي تقتضي استعمال مكبرات الصوت، تكون غير قائمة، ولا تكون إلا في المسجذ الكبير، الذي يوزع في فضائه، مكبرات الصوت، حتى يسمع المصلون، إلى ما يقوله الإمام، من أجل الانضباط إلى الصلاة، في أدائها، الدي يختلف من صلاة الصبح، إلى صلاة الظهر، إلى صلاة العصر، إلى صلاة المغرب، إلى صلاة العشاء، كما تختلف الصلوات، كلها، عن صلاة الجمعة.
وأنا، شخصيا، لست ضد استعمال مكبرات الصوت، وإنما ضد رفع صوت المكبر، إلى أقصى الحدود، حتى يصير المومن المسلم، يستمع إلى أكثر من مؤذن، فلا يدري إلى أي مسجد يذهب، لأداء الصلاة مع الجماعة.
فدور المسجد، الذي كان في عهد الرسول الكريم، لم يعد واردا في هذا العصر، حتى يتخذ كل مسجد مكبرات الصوت، مما يجعلنا نسمع آذان كل المساجد القائمة في الحي، أو في المدينة، غير أن المسافة الفاصلة بين مسجد، وآخر، قد لا تتعدى خمسمائة متر، مما يجعل مكبرات الصوت، المستعملة في مختلف المساجد، مجرد إزعاج للمرضى، والأطفال الصغار، في مختلف البيوت الموجودة في المدينة.
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا، في هذه المقالة، هو:
هل يعتبر استعمال مكبرات الصوت، في مختلف المساجد، فريضة دينية؟
إن ما نعرفه على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص، نجد أن آذان الصلاة، عندما تم اعتماده، لم تكن هناك لا مكبرات الصوت، ولا هم يحزنون، والذين كانوا يلتزمون بالمسجد، من أجل الاستفادة مما يجري فيه، في مختلف العصور؛ لأن المساجد كانت مفتوحة، في وجه السكان، لحضور إعطاء الدروس المختلفة المشارب، أو لحضور الاجتماعات التي يعقدها السكان، في أي مكان، يتواجد فيه رواد المساجد. وهو ما يجعل المساجد، تلعب دورا رائدا، في تطور المسلمين، وتقدمهم: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليبقى تاريخ المساجد، مرتبطا بقوله تعالى:
(وأن المساجد لله، فلا تدعو مع الله أحدا).
بخلاف ما عليه الأمر، في هذا العصر، الذي نعيشه، حين نجد أن المحكوم، يعبد الحاكم، وأن المشتغل، يعبد المشغل، وأن العاطل، يعبد من يعيله.
لذلك، نجد أن سلطة مكبرات الصوت، تبقى حاضرة، في الزمان، والمكان، بقطع النظر عن دور المساجد، أو أن ذلك الدور، أصبح متجاوزا، وأن الدروس العلمية، والمعرفية، والفكرية، وغير ذلك، لم تعد قائمة في المساجد، مما جعل المسجد، يحتفظ بدور واحد فقط، هو الدور الديني، الذي لا علاقة له، إلا بأداء الصلوات الخمس، في أوقاتها المختلفة، أو أداء صلوات الأعياد الدينية، الذي لا علاقة له إلا بأداء الصلوات الخمس، أو أداء صلوات الأعياد الدينية، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، إلى درجة: أن المساجد فقدت مبرر الذهاب إليها، لأنها أصبحت كالكنيسة، أو البيعة، لا تفتح إلا في وقت أداء الطقوس الدينية، يوم الأحد، أو يوم السبت.
ومعلوم، أن المسلمين: يعتبرون يوم الجمعة، يعادل يوم الأحد عند المسيحيين، ويوم السبت عند اليهود، ويطالبون بإدخال يوم الجمعة، عطلة أسبوعية، حتى يتفرغوا لقضاء مآربهم الخاصة.
والمشكل، ليس في العطلة الأسبوعية، بقدر ما هو قائم في طبيعة العقلية السائدة، التي تقف عند حدود التميز الديني، الذي لا يتجاوز فيه الفكر، موطئ القدم، إلى ما سواه، دون اعتبار لا للاقتصاد، ولا للاجتماع، ولا للثقافة، ولا للسياسة. وعدم تجاوز الفكر، موطئ القدم، لا يقدم، بقدر ما يؤخر، ولا يطور، بقدر ما يجعل المجتمع يتراجع إلى الوراء، وإنه كان علينا: أن نعتبر، أن واقعنا يرتبط بمجالات الحياة الإنسانية، والعالمية، والإقليمية، والقارية؛ لأن البلدان المختلفة، تختلف على مستوى المعارف، وعلى مستوى عمق المعارف المختلفة، حتى وإن اتفقت على مستوى العلوم، وعلى مستوى المعارف التاريخية، والأدبية، والفلسفية، والرياضية، وغيرها: الأمر الذي يقتضي: أن نعمل على استحضار الاختلاف، بين مختلف البلدان. وهو الأمر الذي يجعلنا ندرك أهمية الاختلاف، ودورها في قيام التفاعل بين مختلف الدول، والبلدان، ومن خلالها: التفاعل بين العلوم والمعارف العامة، والتاريخية، والفلسفية، وغيرها. الأمر الذي يقتضي منا: أن نعمل على توطيد ذلك التعامل بين البلدان، وبين الدول، وبين المعارف العلمية، وغير العلمية، لإحداث تقدم، وتطور نوعيين. مما يجعل مختلف البلدان المتفاعلة، تتقدم، وتتطور، تبعا لدرجة التفاعل الحاصل بين البلد الواحد، وباقي البلدان.
إلا أن ما يجري في المساجد، لا يبقى ثابتا، فقط، بل يعتبر أن الثبات: هو الفرض، وهو السنة، وما سوى الثبات، لا يمكن أن يكون إلا بدعة. والبدعة، تعتبر في نظر رواد المساجد، خروجا عن الدين. والخروج عن الدين، يقتضي التكفير، وتطبيق عقوبة التكفير، التي تقتضي القتل، خاصة، وأن ما يقوم به الأئمة، ومساعدوهم، في أي مسجد، يعتبر أمرا من الله تعالى. والأمر، لا يكون إلا واجب القبول، والامتثال، وتنفيذ الأمر على أرض الواقع. ومن ذلك، الزيادة في مستوى صوت مكبرات الصوت، حتى تصبح تلك المكبرات، لا تطاق، من قبل سكان أي حي، في أية مدينة من مدن المغرب، أو أي دوار، من دواويره، الذي يوجد به المسجد. وعلى هذا الأساس، فإن أئمة المساجد، يرتبطون بالسلطات المسؤولة. وإذا كان الدين يمارس طبقا لرؤية، وتفسير السلطات المسؤولة.
فلماذا لا تتدخل هذه السلطات، لجعل مكبرات الصوت، في مستوى إعلام سكان الحي، أو جزء منه، أو الدوار، بحلول وقت الصلاة، خاصة، وأن غالبية سكان الحي، صاروا يمتلكون الهواتف، التي يمكن أن تبرمج، لإعلام حاملها، أو مالكها، بحلول وقت الصلاة. وحتى نتجنب إزعاج مكبرات الصوت، التي لا علاقة لها بالدين؛ لآنها لم تكن موجودة، عندما تمت شرعنة أوقات الصلاة الخمسة.
وإذا كان استعمال مكبرات الصوت، فريضة، حسب رأي الأئمة، فإن رفع صوتها، إلى درجة الإزعاج، ليس فريضة؛ لأنه يلحق الضرر بالأطفال الصغار، وبالمرضى، الذين لا يستطيعون القيام بأداء الصلاة. وهو ما يعني بالضرورة: إلزام السلطات المسؤولة، بالتدخل، من أجل خفض مستوى مكبرات الصوت، حتى يبقى في حدود سكان الحي، الذي يوجد به المسجد، المستعمل لمكبرات الصوت. فقيام السلطات المسؤولة، بدورها في الحفاظ على عدم إزعاج السكان، والأحياء، والدواوير، التي توجد بها المساجد، يعتبر واحبا، حتى لا يمارس فقهاء المساجد، أو أئمتها، التشبث بإقناع الناس: بأن رفع أصوات مكبرات الصوت، فريضة، بينما الأمر، ليس كذلك، أن نعتبر أن رفع صوت مكبرات الصوت، حتى يسمع في جميع أنحاء المدينة، ليصير المومن بالدين الإسلامي، يسمع أصوات عشرات مكبرات الصوت، في المدينة، التي توضع في أعلى الصومعة، في كل مسجد.
ولماذا لا تقوم السلطات المسؤولة، بدورها في إلزام مستعملي مكبرات الصوت، في مختلف المساجد، بضرورة خفض الأصوات، حتى لا يهم الأذان إلا سكان الحي، أو جزءا منه؟
ولماذا لا يعتبر أئمة المساجد، أن مكبرات الصوت، ليست من الدين في شيء؟
ولماذا هذه الصوامع، إذا كان المسؤولون، لا يصعدونها، لأداء الآذان؟
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....36
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....35
-
العاهل الأمل...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....34
-
فلسطين أرض العرب أرض فلسطين...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....33
-
عاشت لي فاتنات الهوى...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف..... م
...
-
عد إلينا لترى ما نحن عليه يا عريس الشهداء...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....31
-
وأحمد ذاك العظيم...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....30
-
بوكرين الإنسان...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....29
-
الأمل المأمول...
-
لماذا لم تعد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ديمقراطية؟
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....28
-
استقلالية قيادة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في مهب الريح
...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: تاريخ مشرف ونضال هادف.....27
-
انسياق قيادة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وراء الإملاءات،
...
المزيد.....
-
بلدة بلاط بلدة التعايش الإسلامي المسيحي في الجنوب اللبناني
...
-
TOYOUR EL-JANAH TV .. خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على ن
...
-
إنكلترا: حريق بمسجد يشتبه بأنه جريمة كراهية بعد أيام من هجوم
...
-
مقال بجيروزاليم بوست: هل تفقد إسرائيل اليهود في الشتات؟
-
يهود أمريكا ينتقدون إسرائيل: 61% يتحدثون عن جرائم حرب و39% ع
...
-
TOYOUR EL-JANAH TV .. خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على ن
...
-
الجماعة الإسلامية في باكستان تدعو للتمسك بحقوق الفلسطينيين
-
بينها السعودية ومصر والأردن.. بيان مشترك لـ8 دول عربية وإسلا
...
-
“حدثها بسهولة” تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وا
...
-
سوريا تنتخب أول برلمان بعد الأسد.. وترشح أول يهودي منذ 1967
...
المزيد.....
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
المزيد.....
|