عدنان سلمان النصيري
الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 23:16
المحور:
قضايا ثقافية
هل أحبّ الإنسان أولًا أم احتاج؟ سؤال يفتح نافذة على جذور العلاقة بين الرجل والمرأة منذ فجر التاريخ، حين كانت غريزة البقاء هي اللغة الوحيدة قبل التفكير بالارتباط العاطفي، الذي ربما تطوّر لاحقًا كنتاج فراغ نسبي من ضغط البقاء، عندما صار الإنسان قادرًا على التفكير بما هو أبعد من الطعام والحماية.أو بمعنىً آخر أن الارتباط بـ الارتزاق النفعي هو الأسبق تاريخيًا ووظيفيًا، والارتباط العاطفي جاء لاحقًا بمثابة تحول ثقافي ونفسي، بعد أن استقرت حياة الإنسان المادية نسبيًا.
في طبيعة المجتمعات البدائية الأولى، لم تكن المشاعر الرومانسية متأصلة مثلما موجودة اليوم . حيث كان الارتباط بين الذكر والأنثى اتفاقًا فطريًا على تبادل المنفعة: هو يصيد ويحمي، وهي تجمع وتُنجب وتعتني بالنشء. العلاقة لم تكن خيارًا قلبيًا بقدر ما كانت مقايضة نفعية حتمية لضمان استمرار الجماعة في وجه الجوع والخطر.
لكن في المنظور الفلسفي لتبوء أهمية عنوان ترجمة العاطفة بالحب، لم يصل إلى مرحلة التأمل وعيش الحلم، إلا بعد وصول الإنسان إلى إنجاز محسوب في الاستقرار النفسي والاجتماعي والتأمل بعد تأمين الحاجات الضرورية في استمرار البقاء. والتوصل إلى إتاحة الفرصة للقلب ان يفيض بالإحساس ويتقدّم على اليد. فتنشأ القصص والحكايات، والأغاني والاستئناس في الغزل والرومانسية ، ومن ثم لِتنشأ الثقافات والطقوس التي جعلت من الحبّ معنى يتجاوز الغريزة والمنفعة. وبفعل مثل هذه الثقافات الواعية، وُلد مفهوم “الاختيار” و”العاطفة المُبَوّبة”، وصار الحب فعل وعي لا فقط بقاء.
وبناءً على هذه المعطيات المتفاعلة لابد من انتقال طبيعة العلاقة من مرحلة الارتزاق إلى مرحلة الإحساس، من الضرورة إلى الوجدان، ومن الواقع النفعي إلى ممارسة تبادل التعبير عن الأحاسيس والارهاصات الذاتية الصادقة المشاعر، التي تختلج طرفيّ العلاقة،، كالحب، والحزن، والفرح، والألم، والغضب.
وربما لا يزال السؤال مفتوحًا حتى اليوم: هل نحب لأننا نحتاج؟! ، أم نحتاج لأننا نحب؟!
وكل الأجوبة ستجدوها واضحة من غير لبس، ومن خلال طبيعة العلاقات المتصدعة والسريعة الزوال، أو الأنين والصرخات المنبعثة من وراء الأبواب المتعففة بالصبر والتصبر.
#عدنان_سلمان_النصيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟