أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - الصوت قصة للكاتبة سنية عبد عون














المزيد.....

الصوت قصة للكاتبة سنية عبد عون


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 15:02
المحور: الادب والفن
    


الصوت قصة قصيرة للكاتبة سنية عبد عون رشو

تُعدّ القصة القصيرة فناً نثرياً يقوم على التكثيف والترميز والاقتصاد في اللغة، ويُعنى بتصوير لحظة إنسانية مكثفة أو أزمة وجودية تتجلى في حدثٍ صغير لكنه يفيض بالمعنى.
في هذا الإطار تأتي قصة «الصوت» للكاتبة سنية عبد عون رشو لتقدّم نصاً رمزيّاً عميق الدلالة، يجسّد أزمة الإنسان المعاصر في فقدان ذاته وصوته، في عالمٍ صاخبٍ تضيع فيه الأصوات الحقيقية وتتعالى فيه الضوضاء الزائفة. القصة تتجاوز الحكاية البسيطة لتتحول إلى رحلة وجودية داخل الذات، تنطوي على بعدٍ فلسفي وإنساني وجمالي.
الموضوع المركزي في القصة هو فقدان الصوت بوصفه رمزاً لفقدان الهوية والذات والقدرة على التعبير.
حين تصرخ البطلة لإنقاذ طفلٍ من خطر الموت، تفقد صوتها فجأة، وكأنها فقدت قدرتها على التواصل مع العالم الخارجي. هذا الحدث الرمزي يتحول إلى محورٍ تأملي يكشف عن انقطاع الصلة بين الذات والواقع، وعن اغتراب الإنسان في مجتمعٍ خانقٍ، يفرض عليه الصمت والإذعان.
الصوت في القصة ليس مجرد أداة فيزيائية للكلام، بل هو رمزٌ للحرية، والكرامة، والوجود الإنساني الفاعل. وعندما تفقد الشخصية صوتها، فإنها تفقد قدرتها على التعبير والمقاومة، لتتحول إلى كائنٍ خاضع، تائهٍ في عالمٍ مسلوب الإرادة.
القصة بهذا المعنى تطرح إشكالية الاغتراب والانسلاخ عن الذات في واقعٍ اجتماعيٍ مضطربٍ، تُهدر فيه الأصوات الحقيقية، وتُكمم الأفواه باسم الأعراف أو الخوف أو التبعية.
اعتمدت الكاتبة بنيةً سردية ذات طابع داخلي تأملي، حيث تتكثف الأحداث في ضمير المتكلمة، وتُروى القصة بلسان الشخصية الرئيسة، ما يمنح السرد طابعاً اعترافياً يقترب من المونولوج الداخلي.
فالراوية لا تسرد حكاية تقليدية، بل تحاور ذاتها وتستعرض عالمها الداخلي في صورٍ متلاحقة من القلق والدهشة والتساؤل
من الناحية الشكلية، جاءت القصة خالية من الحبكة التقليدية (بداية – وسط – نهاية)، لتتبنى بنية دائرية مفتوحة، تبدأ بالاغتراب وتنتهي بنوعٍ من المصالحة الرمزية بين البطلة وصوتها.
الزمن السردي في القصة زمنٌ نفسي لا يخضع للتتابع الخطي، بل يتداعى وفق مشاعر الراوية واستحضاراتها الداخلية، ما يعزز الطابع الشعوري الوجداني للنص.
القصة غنية بالرموز التي تنفتح على أكثر من تأويل:
الصوت: رمز الهوية، الذات، الحرية، والقدرة على المقاومة.
الطفل: براءة العالم المهددة، والنقاء الإنساني الذي يكاد يُدهس تحت عجلات الواقع المادي.
الرافعة والجدار المنهار: رمزان للخراب الخارجي والداخلي، حيث يسقط الجدار في الخارج كما ينهار شيء في داخل البطلة.
المرآة الفارغة: فقدان الهوية، تلاشي الوجه الإنساني في عال
مٍ فقد الصدق.
النخلة: رمز للحياة العراقية، للثبات والجذور والحضارة. عودة الصوت إليها في النهاية تعني عودة الوعي إلى منبعه الأصلي، النقيّ، المتجذر في الأرض والكرامة.
لغة القصة شعرية عالية الكثافة، تتسم بالإيحاء والرمز أكثر من السرد الوصفي المباشر. توظف الكاتبة صوراً حسية ومجازية تعبّر عن الاضطراب النفسي والشعور بالعزلة.
مثلاً في قولها:
«كأن البرق سكن جمجمتي للحظة»
يتجلى توتر داخلي مكثف في صورة فنية موحية تجمع بين الدهشة والألم.
كما تمتاز اللغة بـــإيقاعٍ داخلي قائم على التكرار والترادف والتوازي، مما يضفي على النص نغمة موسيقية تتناسب مع ثيمة “الصوت” المفقود.
الكاتبة توظف أسلوب التداعي الحر، فينساب السرد بين الماضي والحاضر، الحلم والواقع، في لغةٍ تجمع بين البساطة والعمق.
تهدف الكاتبة من خلال هذا النص إلى إثارة وعي القارئ حول معنى أن يمتلك الإنسان صوته في عالمٍ يعج بالضجيج لكنه خالٍ من الحقيقة.
القصة دعوة إلى التحرر من الصمت المفروض، وإلى استعادة الذات المسلوبة.
إنها ليست مجرد مأساة فقدان الصوت الجسدي، بل مأساة فقدان القدرة على قول "لا" في وجه القهر والخذلان.
تتجلى أدبية النص في انزياحه عن التقرير والمباشرة نحو الرمز والتكثيف الشعري، وفي قدرته على تحويل تجربة شخصية إلى رؤية إنسانية شاملة.
تخلق الكاتبة عالماً متخيلاً لكنه صادق في عمقه النفسي والوجداني، مما يحقق شرط الخلق الفني والإبداعي.
كما أن التناص مع الواقع العراقي (من خلال النخلة، المقهى، الفقر، الاضطراب الاجتماعي) يمنح القصة بعداً محلياً أصيلاً، في حين أن موضوعها (فقدان الصوت/الذات) يمنحها بعداً إنسانياً كونياً.
قصة «الصوت» نصّ رمزيّ متقن يجمع بين الصدق الشعوري والعمق الفلسفي والابتكار الفني.
من خلال تجربة فقدان الصوت، ترسم الكاتبة خريطةً داخلية لوعيٍ مأزومٍ يبحث عن خلاصه عبر استعادة إنسانيته.
إنها قصة عن الاغتراب، الصمت، الخذلان، والبحث عن الذات، مكتوبة بلغةٍ أدبيةٍ راقية تنطوي على حسٍّ شعري ووعيٍ نقدي بالواقع.
تُبرز القصة قدرة الكاتبة على تحويل الألم الشخصي إلى تجربة فنية عامة، وعلى تجسيد مأساة الإنسان العربي المعاصر الذي يعيش بين الضجيج والصمت، بين الخوف والرغبة في الحرية.
إنها قصة عن الإنسان الذي يريد أن يسمع صوته من يسمع



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راقية مهدي وجه الحب السابع
- الفنان التشكيلي عبد الأمير الخطيب الهوية الأصيىة
- الفنان علي النجار بين الوطن والمغترب
- أدونيس أسرف في الشكل حتى أضاع حرارة المودة بينه وبين المتلقي
- اللوحة
- جنان الحسن الجمال والفن
- نجاة عبد الله شاعرة نادرة، بنصوص لا تُشبه إلا ذاتها
- موزارت عبقري الموسيقى الكلاسيكيةحياة مفعمة بالإبداع والمعانا ...
- المسؤول وغضب المواطن
- دولة ضعيفة تهيمن عليها الأعراف لا القوانين
- محافظة كربلاء قبلة لملاين الزوار تفتقر لحطات تدوير الفايات
- محافظة كربلاء هي قبلة لملايين الزوار تفتقر لمحطات تدوير النف ...
- الغجر أمة عريقة لها ثقافتها وهويتها
- بغداد مدينة السلام
- الحسين بن علي ابن أبي طالب
- تروتسكي كرمز للثورة الأممية والنقد الجذري للبيروقراطية والاس ...
- ملحمة كلكامش ترويض أنكيدو وتحويله من عالم الوحوش إلى عالم ال ...
- منصور السعيد لوحات تستدعي المفقود لتجعله حضورا متجددا
- الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة
- تشايكوفسكي الموسيقى والتجربة الإنسانية العميقة


المزيد.....




- الاستماع أو العزف المنتظم للموسيقى يحافظ على ذاكرة كبار السن ...
- عدي رشيد يدخل هوليوود بفيلم يروي حكاية طبيب عراقي
- مهرجان مراكش الدولي للفيلم يكرم أربع شخصيات بارزة في عالم ال ...
- -العملاق- يفتتح الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينم ...
- منصور أبو شقرا... مسيرة شعرية وثقافية تتجسد في إصدار مجموعته ...
- نردين أبو نبعة: الكتابة المقاومة جبهة للوعي في مواجهة السردي ...
- مصر: نقيب الممثلين ينفي فتح تحقيق مع عباس أبو الحسن بعد تصري ...
- جدل بعد بث أغنية أم كلثوم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم المصر ...
- أشبه بالأفلام.. سيدة تُقل شرطيًا بسيارتها لملاحقة سارقة متجر ...
- -البيت الفارغ- والملاحم العائلية يمنحان الفرنسي لوران موفيني ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - الصوت قصة للكاتبة سنية عبد عون