ليث الجادر
                                        
                                            
                                                
                                        
                    
                   
                 
                
                 
                
                
                 
                 
              
                                        
                                        
                                      
                                        
                                        
                                            الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 02:52
                                        
                                        
                                        المحور:
                                            ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
                                        
                                        
                                            
                                        
                                        
                                     
                                      
                                        
                                        
                                        
                                        
                                            
    
    
 
                                       
                                        
                                        
                                
                                
                                   
                                        
                                            
                                              ((أنا من دعاة الكونفدرالية، والعراق عندي هو وادي الرافدين، لكن دجلة والفرات هما مشاعة إنسانية.)) 
أيُعقَل أن تُقام أعراس الديمقراطية فيما شريان البلاد يجفّ؟
أيُعقَل أن تتزاحم الوجوه على صناديق الاقتراع، ولا مرشّح واحد وعد بإنقاذ النهر (باستثناء م شرحه من البديل) الذي علّم البشرية معنى الزراعة والكتابة؟
إن دجلة اليوم ليس مجرد نهرٍ يموت، بل هو الوطن وهوية الذاكرة، وهو المعيار الأخلاقي الذي يُفضَح عنده زيفُ الخطابات. فحين يجفُّ دجلة، يجفُّ معه كل ما تبقّى من معنى للوطن.
ومع ذلك، يستعد البعض للمشاركة في انتخاباتٍ بلا قضية، بلا رؤية، بلا وعدٍ واحد بإنقاذ هذا الجسد المائي الذي كان يومًا نَفَس العراق. فهل يحقّ لنا بعد ذلك أن نسميها انتخابات وطنية؟ أم هي مجرّد طقسٍ لإدامة الغيبوبة الجماعية؟
الاقتصاد بين الجفافين
ما الذي ننتخبه حقًا حين نصوّت في بلدٍ نهره يحتضر؟
ننتخب وهمًا اقتصاديًا بُني على عوائد النفط لا على إنتاج الأرض، على الريع لا على العمل، وعلى الاستيراد لا على الصناعة. والنتيجة أن الاقتصاد العراقي صار مثل دجلة نفسه: يُغذَّى من الخارج وينحسر من الداخل.
لقد تآكلت طبقة المنتجين، وغابت العدالة في توزيع الموارد، وتحول الريع النفطي إلى شبكة ولاءات سياسية تمتص ما تبقى من ماء الحياة العامة.
وحين يجفُّ دجلة، لا يجفّ الماء فقط، بل يجفّ النظام المعيشي الذي كان يربط الإنسان بالأرض، والمزارع بالوطن، والجهد بالكرامة. إن الجفاف هنا ليس بيئيًا فقط، بل هو جفاف مادي وأخلاقي معًا، حيث صار المال بديلاً عن المعنى، والموازنة بديلاً عن المشروع.
الانتخابات كطقس لتجديد العجز
لهذا تبدو الانتخابات في مثل هذا السياق نوعًا من إعادة إنتاج الانفصال نفسه بين الخطاب والواقع.
فكل دورة انتخابية تَعِد بإنقاذ “الاقتصاد”، لكنها لا تتحدث عن النظام الاقتصادي، بل عن توزيع المغانم.
ولا مرشح يتحدث عن مشروع مائي أو زراعي يعيد الحياة إلى دجلة والفرات، لأن العقل السياسي نفسه لا يرى في النهر موردًا للإنتاج، بل مساحة للزينة الخطابية في موسم الوعود.
إنها انتخابات تُقام في اقتصاد مصطنع وبيئة ميتة، لذلك لا يمكن أن تُنتج سوى سلطة مصطنعة هي الأخرى، سلطة تُمثّل نفسها لا مجتمعها.
المقاطعة كوعي بالانفصال
لهذا، فإن مقاطعة هذه الانتخابات ليست انسحابًا من الفعل العام، بل هي رفضٌ للتمثيل الزائف الذي يساوي بين الديمقراطية والتصويت، وبين الدولة وصندوق الاقتراع.
المقاطعة هنا فعل وعي، لأنها تقول إن الوطن لا يُستعاد بورقةٍ في صندوق، بل باستعادة العلاقة بين الماء والخبز، بين الإنتاج والسيادة، بين الإنسان والنهر.
وما دامت دجلة تذبل، فإن كل ورقة اقتراع تُلقى اليوم في الصندوق لا تزيد البلاد إلا عطشًا.
                                                  
                                            
                                            
                                          
                                   
                                    
      
    
  
                                        
                         #ليث_الجادر (هاشتاغ) 
                           
                          
                            
                          
                        
                           
                          
                         
                
                                        
  
                                            
                                            
                                             
                                            
                                            ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
                                        
                                            
                                            
                                            
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
  
                                                               
      
    
			
         
                                         
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                         
    
    
    
                                              
                                    
                                    
    
   
   
                                
    
    
                                    
   
   
                                        
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟