أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء :من المنيا إلى جنيف صرخة ضد التهجير المقدس.














المزيد.....

ومضة ضوء :من المنيا إلى جنيف صرخة ضد التهجير المقدس.


محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 19:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البداية، لابد لي من أن أُثَمِّن حرية الصحافة في دولة إسرائيل، والتي أتاحت لي فرصة نشر هذا المقال، الذي يستحيل نشره في أي منبرٍ آخر في الشرق الأوسط.
يتناول المقال فصلاً من فصول القهر والظلم والتنكيل التي يتعرض لها الأقباط في مصر، الذين يبلغ عددهم نحو خمسة عشر مليونًا داخل البلاد، بالإضافة إلى نحو ثلاثة ملايين في المهجر.

الزمان والمكان
للتوثيق، ولكل شركائنا في الإنسانية في كل مكان، أرجوكم احفظوا ووثقوا هذه الواقعة في دفاتركم وعلى أجهزتكم اللوحية وفي ذاكرة هواتفكم.
ليكن العنوان الملائم لها: "سامح إسحق يُحاكم عرفيًا وقضائيًا لحبه فتاة مسلمة"

المكان: قرية نزلة جلف التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا، صعيد مصر.
الواقعة تعددت سردياتها، لكن السردية الحقيقية التي تأكدتُ منها من أربعة مصادر مختلفة، تتحدث عن علاقة حب جمعت بين الشاب القبطي سامح إسحق وفتاة مسلمة من فتيات القرية، تشاجرت مع أحد أفراد أسرتها فذهبت طوعًا إلى منزله.
لم يكن أمامه إلا استقبالها، ولم يمسّها بسوء (وقد أثبت الكشف الطبي لاحقًا أنها ما زالت عذراء).

لكن ما إن علم أهل الفتاة بوجودها في منزله، حتى اشتعلت الأجواء.
فكيف لقبطي أن يحب فتاة مسلمة؟
وكما جرت العادة، قاد السلفيون المتطرفون أهالي القرية المسلمين في إحدى «جولاتهم المقدسة» لتأديب أقباط القرية الآمنين؛ فتم رشق منازلهم بالحجارة، وترويعهم، وإحراق بعض زراعاتهم.
وبدلًا من محاسبة المعتدين، جرى القبض على الشاب سامح إسحق.



انعقدت جلسة «الحكم العرفي» يوم الجمعة الموافق 24 أكتوبر 2025، برئاسة عمدة القرية محمود يحيى، وبحضور الضابط عادل مكرم من مديرية الأمن، ورجال الدين وممثلين عن أسرة الفتاة المسلمة والأقباط، وسط حشدٍ من أبناء القرية.

أسفرت الجلسة عن حكمٍ جائر يقضي بتهجير الشاب سامح إسحق بعد انتهاء محاكمته أمام القضاء، وتهجير أسرته من القرية، وإلزام جده نابليون بدفع مليون جنيه غرامة، مع شرط جزائي قدره مليونين إضافيين في حال عدم الالتزام بالحكم.

أي أن الأسرة حُكمت مرتين: محاكمة عرفية صدر حكمها، وأخرى قضائية لم يصدر حكمها بعد.
فهل يمكن تصور أن يحدث ذلك في دولة تزعم أنها تؤسس «الجمهورية الجديدة» وتبشّر بالسلام والاستقرار في الإقليم؟
أين نصيب أقباط مصر من هذا السلام؟
ما حدث في نزلة جلف ليس حادثة فردية، بل صورة متكررة لسياسات التمييز الممنهج.




يعاني أقباط مصر من تحيّزٍ منهجيّ في ممارستهم لحرية العبادة في الكنائس؛ فمجرد شروعهم في ترميم كنيسة يؤدي، في كثير من الأحيان، إلى حرقها على يد عناصر سلفية ترتبط بعلاقاتٍ مشبوهة بأجهزة الأمن المصرية، التي لا تُخفي هوًى داعشيًّا واضحًا.

ويمتد هذا التحيّز ليشمل مجالات التعليم والتوظيف والسكن والحياة العامة؛ إذ نادرًا ما يُعثر على أقباط في مؤسسات النخبة أو في المناصب المؤثرة.

حتى الرياضة لم تسلم من هذا التمييز: فالفريق القومي لكرة القدم يُلقَّب بلقبٍ طائفي هو «فريق الساجدين»، ولا يضم أي لاعب قبطي، وقد أشرتُ إلى ذلك من قبل.
هذه ليست مصادفة؛ إنها سياسةٌ متعمَّدة وممنهجة.
يُضاف إلى ذلك ظاهرة الجرائم المتعلقة بخطف وأسلمة الفتيات القبطيات.




إن ما حدث في نزلة جلف ليس «صلحًا عرفيًا» ولا ممارسة اجتماعية متوارثة، بل تهجيرٌ قسريٌّ مكتمل الأركان وجريمة دستورية وقانونية ودولية.
فالدستور المصري صريح في مادته (63): "يُحظر التهجير القسري التعسفي بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم."

أما في القانون الدولي، فالمادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أنه "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفًا."

والمادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تؤكد أنه "لا يجوز حرمان أحد تعسفًا من حق الدخول إلى بلده."

بينما تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة النقل القسري أو الإبعاد الجماعي للأشخاص.
كل هذه النصوص تجعل مما حدث في نزلة جلف جريمةً مكتملة الأركان لا تسقط بالتقادم.




وعليه، فإن ما جرى هناك يُعد انتهاكًا مزدوجًا: لحقوق الأفراد والعائلات، ولجوهر فكرة المواطنة ذاتها.
ولأن القاعدة الدستورية والدولية واضحة، فالمطالبة بمحاكمة كل من شارك في تنفيذ هذا التهجير، من «قضاة» الجلسة العرفية إلى من دعمها أو سكت عنها من مسؤولين محليين أو رجال دين، ليست نبرة احتجاجية بل واجبٌ قانونيٌّ لا يقبل المساومة.
وهذه الفقرات القانونية مقتبسة من تعليق لأحد الحقوقيين المصريين على المهزلة.




الأخطر أن استمرار هذه الممارسات يُشيّع حالةً من الظلم المؤسَّس والمقدَّس والمستدام: ظلمٌ يستمد شرعيته من أعرافٍ اجتماعية تغوّلت حتى صارت أقوى من القانون، فتوارى القضاء، وصار الصلح العرفي دينًا جديدًا للحكم.
وحين تتحول الأعراف إلى قانونٍ عملي، تُعلن وفاة دولة القانون.

وبكل أسف، يمكن القول إن الدولة القانونية في أجزاءٍ من الواقع المصري باتت مُعطلة، وإن الوصول إلى «دولة المواطنة» في ظل النظام الحالي يكاد يكون مستحيلًا، والقادم سيكون أكثر قسوة.



🔹 نداء إلى المجتمع الدولي
إلى الدورة الثامنة عشرة لـ UN Forum on Minority Issues، المزمع عقدها في ‎27–28 نوفمبر 2025 بمقر Palais des Nations في جنيف، نتوجه بنداءٍ عاجل:

إن ما جرى في قرية نزلة جلف ليس قضيةً محلية، بل جريمة دولية تستوجب تدخلاً فوريًا.
لقد تم تهجير أسرةٍ كاملة من قريتها، وفرضت عليها غرامةٌ ماليةٌ فلكية، وأُجبرت على بيع ممتلكاتها تحت ستار "الصلح العرفي"

هذه الجريمة ليست فقط انتهاكًا للدستور المصري وللقانون الدولي، بل إعلانًا رسميًا لموت دولة القانون وخرقًا سافرًا لمبدأ المواطنة.
أعيدوا للضحايا كرامتهم، ومثّلوا الجناة أمام عدالة الأمم المتحدة، فالصمت اليوم هو تواطؤ الغد.



#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)       Mohaemd_Saad_Khiralla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة ضوء : غزة بين الوهم والواقع .
- ومضة ضوء: رسالة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: ما أحوج ...
- ومضة ضوء:خطاب محمد سعد خيرالله في ميدان غوستاف أدولفس بالسوي ...
- ومضة ضوء:في مصر ومكان آخر موقفان يُعيدان سؤال دور العسكر
- ومضة ضوء:خيرالله يحاور مجدي خليل حول معاناة أقباط مصر / الجز ...
- ومضة ضوء: سياسيون وإعلاميون يعرقلون السلام لدعم نظام سلطوي.
- هل أنا يهودي مؤقت في السويد؟
- ومضة ضوء: إلى أسطول الصمود الوجهة الحقيقية هي الدوحة لا غزة
- ومضة ضوء:-قطر والانتهاكات عار الصمت الدولي وروحاني نموذجًا.-
- ومضة ضوء: -الإبادة الأرمنية التي اعترفت بها إسرائيل: العدالة ...
- ومضة ضوء: خيرالله يجري حوارًا مع مجدي خليل حول معاناة الأقبا ...
- ومضة ضوء: إحياء حركة أنصار السلام المصرية حلم قديم لضرورة ال ...
- ومضة ضوء: محمد سعد خيرالله يحاور مجدي خليل حول محنة الأقباط ...
- ومضة ضوء:المهزلة المزدوجة لمصر مع إسرائيل- العداء الشعبي وال ...
- ومضة ضوء : نتنياهو مرشدا جديدا لجماعة الإخوان المسلمين
- ومضة ضوء: الذكرى الثالثة والسبعون لليوم الأسوأ والأكثر سوادً ...
- ومضة ضوء : الفتاوى التكفيرية تهدد السلام: صَنِّفوا الأزهر تن ...
- ومضة ضوء انهيار - دولة الحزم العليا - يستدعي تشكيل حكومة إنق ...
- ومضة ضوء :-انتبهوا جيدًا: النظام المصري يصنع داعش من أجل است ...
- ومضة ضوء :عنوان المقال :-لاءات- مصر الأربع لواشنطن: هل تتحال ...


المزيد.....




- ألغاز من حملة نابليون على روسيا.. دراسة تكشف أمراضًا قاتلة ض ...
- الأرجنيتن: انتخابات نصفية حاسمة بالنسبة للرئيس خافيير ميلي
- أبرز الصور في أسبوع.. معاناة غزة مستمرة رغم وقف الحرب
- المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تراجع أولوياتها بسبب نقص الت ...
- نادي الأسير: 49 فلسطينية يواجهن جرائم منظّمة في سجون الاحتلا ...
- مقاتلة -التنين القوي- الصينية ستغزو أسواق آسيا قريبا
- إسرائيل تواصل منع دخول الصحفيين إلى قطاع غزة
- هل سيطرة الدعم السريع على مقر القيادة بالفاشر تعني سقوطها عس ...
- خبير عسكري: إسرائيل تحول -الخط الأصفر- إلى خط قتال لإطالة اح ...
- جوني ديب يستعد لعودة هوليودية قوية عبر -ترنيمة عيد الميلاد- ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء :من المنيا إلى جنيف صرخة ضد التهجير المقدس.