أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء:في مصر ومكان آخر موقفان يُعيدان سؤال دور العسكر














المزيد.....

ومضة ضوء:في مصر ومكان آخر موقفان يُعيدان سؤال دور العسكر


محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)


الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 04:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأ الموسم الدراسي في مصر منذ نحو أسبوعين، وخلالهما اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لضباط عسكريين يديرون طوابير الصباح في كثير من مدارس الأطفال والصبية في محافظات مصر المختلفة. يقوم هؤلاء العسكريون أثناء إدارة تلك الطوابير بترديد "الشعارات والعبارات الخشبية عن الوطن والانتماء والانضباط والوطنية"، وكأنهم يملكون الحقوق الحصرية في المنح والمنع وتحديد من هو الوطني ومن غير الوطني.

ولأن الأمر شديد العبثية، كان من المنطقي أن يدخل حيز المنافسة والمزايدة بعض مديري المدارس للفت الانتباه وتملق النظام العسكري السلطوي الحاكم، وكأنهم "من أهل الدار العسكري". بعضهم ذهب بعيدًا جدًا واعتلى قمة الترند في مصر و"ترند" تُطلق على من يتصدر مؤشرات البحث وعناوين الأخبار. فقد طلب هذا المسؤول، مدير إحدى المدارس في القليوبية، في طابور الصباح من الطلاب أن يرددوا تحية العلم بحماسة "حتى يصل صوتهم إلى تل أبيب". وفي الحقيقة، لا أعلم ما المشترك بين تحية العلم المصري وتل أبيب، فهذا الواقع المرعب في مصر يختلط فيه "العسكرة" بكراهية دولة تجمعنا بها معاهدة سلام منذ 46 عامًا، وُقعت في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة في 26 مارس 1979، في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد لعام 1978، ووقّع عليها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن، وشهدها رئيس الولايات المتحدة جيمي كارتر.

إن ما يحدث في بلدي "مصر المبعد عنها" يستدعي أن أحكي عن واقعتين فارقتين حدثتا معي في السويد خلال تلك السنوات.

الواقعة الأولى:
حدثت في إحدى مدن شمال السويد. تلقى صديق خبرًا مفرحًا من إدارة الهجرة يتعلق بملف اللجوء الخاص بي، فقرر أن يعزمني وصديق آخر على الغداء في أحد مطاعم البيتزا على أطراف المدينة. عندما وصلنا، فوجئنا بأن أغلبية الرواد في ذلك الوقت كانوا من ضباط وضابطات الجيش السويدي، حتى امتلأ المطعم عن آخره. لاحظ بعضهم دهشتنا نحن الثلاثة، وأثناء طلب الطعام سألنا أحد العاملين عن المشهد، فأوضح أن المطعم بجوار أحد معسكرات الجيش ويبعد خطوات فقط، مشيرًا إلى الموقع.

تبددت دهشتنا سريعًا، واندمجنا في الحديث وتناول الطعام والشراب واحتساء زجاجات البيرة المشبَّرة. شيئًا فشيئًا تعالت أصوات الموسيقى وبدأ بعض الحاضرين بالرقص، وباختصار تحوّل المطعم إلى "لوحة من البهجة الرائعة التفاصيل".

وخلال ذلك، كان النادل يأتي إلينا بزجاجات بيرة ويقول إنها "تحية من أحد رواد المكان"، مشيرًا إلينا بابتسامة وترحيب. بعد أن قضينا وقتًا ممتعًا، طلب صديقنا الحساب، فأخبره المسؤول أن "الحساب مدفوع". حاول صديقي معرفة من الذي دفع، لكن الرجل رفض مطلقًا أن يشير إلى الضابط، وكان ذلك غريبًا جدًا بالنسبة للواقع الأوروبي، وبقي السؤال معلقًا… حتى جاءت الواقعة الثانية.

الواقعة الثانية:
قبل عدة أشهر، خرجت في الصباح الباكر جدًا لأستقل أول حافلة متجهة إلى محطة القطارات للسفر إلى إحدى المدن البعيدة. تفاجأت بوجود ضابط بالزي العسكري ينتظر الحافلة. اقترب مني وسلمني التحية السويدية المعتادة "Hej"، فأجبته كما جرت العادة. بعد ذلك بدأ حوارًا قصيرًا، واعتذر بلطف شديد عن "رؤيتي للزي العسكري في بداية يومي"، موضحًا أن ذلك حصل على غير إرادته بسبب ظروف طارئة، ومؤكدًا تفهمه لانزعاج المدنيين عند رؤية العسكريين في زيهم الرسمي.

كان اعتذاره كافيًا ليجيب عن السؤال الذي ظل معلقًا لأكثر من سبع سنوات منذ واقعة مطعم البيتزا: لماذا دفع أحد الضباط حسابنا يومها بصمت، مُصرًا على أن يبقى مجهولًا.

الخلاصة:
على مدار كل تلك السنوات، لم أرَ "العساكر" في طول السويد وعرضها إلا في هاتين الواقعتين، واللتين تحملان دلالات عميقة: في الدول الديمقراطية، يُدرك العسكري أنه ضيف عابر في الفضاء المدني، وأن احترام الناس يبدأ من إخفاء حضوره لا من فرضه.

إن ما يحدث في مصر يجعل من خروج من يؤمن بقيمة السلام من هذا المجتمع في حكم المستحيل ذاته، وتلك كارثة الكوارث.



#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)       Mohaemd_Saad_Khiralla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة ضوء:خيرالله يحاور مجدي خليل حول معاناة أقباط مصر / الجز ...
- ومضة ضوء: سياسيون وإعلاميون يعرقلون السلام لدعم نظام سلطوي.
- هل أنا يهودي مؤقت في السويد؟
- ومضة ضوء: إلى أسطول الصمود الوجهة الحقيقية هي الدوحة لا غزة
- ومضة ضوء:-قطر والانتهاكات عار الصمت الدولي وروحاني نموذجًا.-
- ومضة ضوء: -الإبادة الأرمنية التي اعترفت بها إسرائيل: العدالة ...
- ومضة ضوء: خيرالله يجري حوارًا مع مجدي خليل حول معاناة الأقبا ...
- ومضة ضوء: إحياء حركة أنصار السلام المصرية حلم قديم لضرورة ال ...
- ومضة ضوء: محمد سعد خيرالله يحاور مجدي خليل حول محنة الأقباط ...
- ومضة ضوء:المهزلة المزدوجة لمصر مع إسرائيل- العداء الشعبي وال ...
- ومضة ضوء : نتنياهو مرشدا جديدا لجماعة الإخوان المسلمين
- ومضة ضوء: الذكرى الثالثة والسبعون لليوم الأسوأ والأكثر سوادً ...
- ومضة ضوء : الفتاوى التكفيرية تهدد السلام: صَنِّفوا الأزهر تن ...
- ومضة ضوء انهيار - دولة الحزم العليا - يستدعي تشكيل حكومة إنق ...
- ومضة ضوء :-انتبهوا جيدًا: النظام المصري يصنع داعش من أجل است ...
- ومضة ضوء :عنوان المقال :-لاءات- مصر الأربع لواشنطن: هل تتحال ...
- ومضة ضوء: زلزال سياسي في العالم العربي: تسجيل صوتي يكشف تفكي ...
- ومضة ضوء -أنا أتهم-: أسلمة قسرية للفتيات القبطيات المختطفات ...
- ومضة ضوء -يهود مصر: لا عدالة دون اعتراف-
- ومضة ضوء: عنوان المقال:اليهود في مصر، قبل تطهيرهم العرقي


المزيد.....




- بعد عرض -فيها إيه يعني-.. ماجد الكدواني يستعد لمسلسل في رمضا ...
- الكويت.. الداخلية تعلن إحباط تهريب 2 مليون حبة كبتاغون إلى ا ...
- سناب شات يفرض رسوماً على المستخدمين مقابل تخزين الصور والمقا ...
- مظاهرات المغرب: ما القصة وراء اندلاعها؟ وهل تطيح بحكومة أخنو ...
- كولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية بعد اعتراض أسطو ...
- تحليل لـCNN: لماذا يعد تعهد ترامب بالدفاع عن قطر -استثنائيا- ...
- ما رد البيت الأبيض على سؤال عن استثمارات جاريد كوشنر مع دول ...
- كيف دافع نتنياهو عن خطة ترامب بشأن غزة أمام المتشككين في حكو ...
- ميتا ستستخدم قريبا محادثاتك مع روبوت الدردشة لبيع المنتجات
- دراسة: الإشعاع أكثر أمانا من القسطرة في علاج اضطراب ضربات ال ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء:في مصر ومكان آخر موقفان يُعيدان سؤال دور العسكر