أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء: زلزال سياسي في العالم العربي: تسجيل صوتي يكشف تفكيك ناصر لأيديولوجيته في لقاء لافت مع القذافي















المزيد.....

ومضة ضوء: زلزال سياسي في العالم العربي: تسجيل صوتي يكشف تفكيك ناصر لأيديولوجيته في لقاء لافت مع القذافي


محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)


الحوار المتمدن-العدد: 8342 - 2025 / 5 / 14 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل عدة أسابيع، شهد العالم العربي حدثًا سياسيًا وفكريًا مزلزلًا لا يزال صداه يتردد، ومن المؤكد أن توابعه ستُشكّل الخطاب السياسي لسنوات قادمة. المحفّز؟ تسجيل صوتي نادر يجمع بين اثنين من أبرز شخصيات المنطقة: الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والزعيم الليبي معمر القذافي.
يعود تاريخ التسجيل إلى الأسابيع الأخيرة قبل وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر/أيلول 1970، عن عمر يناهز 52 عامًا، إثر نوبة قلبية مفاجئة، عقب اختتام قمة جامعة الدول العربية في القاهرة.


فور نشره، سارع الناصريون والقوميون العرب واليساريون وأنصار ما يُسمى "محور المقاومة" إلى نفي التسجيل باعتباره مُزوَّرًا، زاعمين أنه مُنتَج باستخدام الذكاء الاصطناعي. بدا المحتوى مفاجئًا لدرجة يصعب تصديقها: فالرجل الذي كان يُبجَّل لعقود من قِبل أتباعه كشبه إله، يُنكر علنًا مثالية القومية العربية، ويُقرّ بعدم جدوى الحرب، ويدعو إلى حل سلمي مع إسرائيل.

جاءت الضربة القاضية للمشككين من داخل المعسكر الناصري نفسه. فقد أكد عبد الحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل، علنًا صحة التسجيل، وكشف أنه رفعه بنفسه على قناة يوتيوب باسم "Nasser TV"، ووعد بنشر مواد أرشيفية إضافية قريبًا.

يثير هذا الكشف سؤالًا مقلقًا: كيف يمكن لمثل هذه الوثائق التاريخية شديدة الاهمية والتي تتعلق بمنطقة وأمة بأكملها أن تترك في أيدي عائلة زعيم سابق، وتُعامل كما لو كانت ألبومات صور شخصية و
كأنها ملاحظات عن ألوان البيجامات؟
كان يجب أن تكون هذه التسجيلات بحق داخل الأرشيف الوطني الرسمي لمصر، لأنها ليست إرثًا
خاصًا؟

منذ تأكيد صحة التسجيل، استمر الجدل بلا هوادة. اعتبره البعض لحظة يأس أو ضعف شخصي، بينما اعتبره آخرون صحوة متأخرة ربما كانت ستغير مجرى التاريخ العربي لو لم تُقطع.

ومن بين اللحظات الأكثر لفتًا للانتباه في صوت ناصر تلك التصريحات التي تكشف عن تحول دراماتيكي في خطاب الحرب، واعتراف صريح بعدم جدوى الشعارات القومية العربية والتفاخر الثوري: ومن أبرز مما قاله.

فيما يخص استعداده للسعي إلى السلام بكرامة:

"أنا منفتح على السلام... ولكن ليس على الاستسلام. السلام يجب أن يشمل الانسحاب والضمانات... علينا أن نظهر أمام شعبنا كمنتصرين، لا كمهزومين."

حول استحالة هزيمة إسرائيل عسكريًا:

"لا يمكننا محاربة إسرائيل والفوز، هذا مجرد كلام فارغ. لم تعد هذه حربًا؛ إنها شيء مختلف تمامًا. إسرائيل ليست وحدها التي تقف وراءها، أمريكا تقف، وجميع القوى التي تحرك خيوطها موجودة."

وإن تطرقنا لواقعيته السياسية بعد الهزيمة:

"الخيال شيء، والسياسة شيء آخر... الخطابات الرنانة لا تُغذي الناس. المهم الآن هو حماية الوطن، لا إهداره بالشعارات."

حول ضرورة المفاوضات غير المباشرة:

"لا يمكننا إخبار الناس بأننا نتفاوض. لكن بإمكاننا أن نطلب من أحدهم أن يتحدث نيابةً عنا... وهكذا نبدو وكأننا حافظنا على مكانتنا في نظر الجمهور."

وعن وجهة نظره الشخصية بشأن المواجهة القادمة:

"أعتقد أن الحرب القادمة، إن حدثت، ستنتهي لصالح إسرائيل، وليس لصالحنا. لا أريد أن أخدع نفسي أو الشعب."

بخصوص ما قاله عن القادة العرب ومواقفهم:

معظم القادة العرب يعملون لصالح أنفسهم، لا لصالح وطنهم... كل واحد منهم يريد أن يكون القائد الأوحد، حتى لو كان الشعب يتضور جوعًا.. فلسطين؟ آخرون؟ لا يهم. المهم هو الكرسي "

لحظة انكشاف... ونهاية أسطورة

في هذه المرحلة، من المهم التوقف والاعتراف بحقيقة يجهلها كثيرون: رغم شعبيته الجارفة بين الجماهير العربية، كانت علاقات جمال عبد الناصر بمعظم القادة العرب متوترة، وغالبًا عدائية بشكل علني. وأمثلة ذلك كثيرة:

فقد دخل في خلافات حادة مع الملك حسين ملك الأردن، بلغت ذروتها باتهامات متبادلة بالخيانة بعد الهزيمة الكارثية في عام 1967.

وتعمقت عداوته مع الملك فيصل بن عبد العزيز، ملك السعودية، خلال الحرب الأهلية اليمنية، حيث دعم ناصر الجمهوريين بينما دعم السعوديون الملكيين.

أما علاقته بالرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، فكانت فاترة ومتوترة، لا سيما بعد خطابه الشهير في أريحا عام 1965، الذي دعا فيه إلى "الاعتراف بإسرائيل والتفاوض معها"، معتبرًا أن الواقعية السياسية تقتضي هذه الخطوة. غضب ناصر وندد به، ونعته بالخيانة.

كما اصطدم مع أحمد حسن البكر وصدام حسين في العراق، رغم الشعارات القومية المشتركة، بسبب طموحات متضاربة وصراع على الزعامة.

ويأتي تقييمه الساخر لموقفه وموقف العرب بعد الهزيمة معبرًا بمرارة: "لقد أصبحنا من دعاة الحل السلمي... أي المهزومين. حلو عنا بقى ."

ورغم أن ناصر تولى السلطة رسميًا عام 1956 عقب استفتاء شعبي، فإنه كان الحاكم الفعلي منذ عام 1954، بعد الإطاحة بمحمد نجيب. وقد اتسم إرثه السياسي بخطب نارية، وشعارات معادية للغرب وإسرائيل، ومقولات رنانة مهدت الطريق لعقود من الخطاب التعبوي الأجوف في العالم العربي.

فقد رسّخ عبارات مثل:

"ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"

"لن نتفاوض مع إسرائيل أبدًا"

"سنعود إلى القدس"

وحوّلها إلى نصوص شبه مقدسة، محفورة في الوعي الجمعي، محصّنة ضد أي تفكير نقدي أو مراجعة. كما كان أحد أبرز مهندسي "اللاءات الثلاث" الشهيرة في قمة الخرطوم عام 1967: لا سلام مع إسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل.

لكن التسجيل الصوتي المكتشف حديثًا يهدم هذا الإرث من أساسه. فبصوته، يعترف ناصر بفشل شعاراته، ويقرّ بأن عناده لم يخلّف سوى دولة مُفككة فقدت زعامتها الإقليمية. يكفي أن نتذكر أن اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، الذي أُطلق في عهده، ظل التسمية الرسمية لمصر حتى عام 1971، أي بعد عشر سنوات من انهيار الوحدة مع سوريا عام 1961.

خطة روجرز: الاعتراف السري

يؤكد التسجيل، دون لبس، أن ناصر وافق سرًا على مبادرة وزير الخارجية الأمريكي ويليام روجرز عام 1970، والتي دعت إلى وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل تمهيدًا لتسوية سياسية. كانت الخطة تنص على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 مقابل اعتراف عربي بها. ورغم رفضها علنًا من قبل معسكر الرفض، فإن ناصر أيدها سرًا،
كما يُثبت التسجيل.

لقد أحدث هذا الكشف زلزالًا سياسيًا وفكريًا، لا لأنه كشف عن إدراك متأخر لرجلٍ ارتبط اسمه بالعناد والشعارات الجوفاء، بل لأنه يبرهن أنه، في لحظاته الأخيرة، أدرك أن السياسة لا تُدار بالشعارات، وأن الهتاف وحده لا يبني وطنًا.

ومن أكثر ما شدّ انتباهي في التسجيل، إصرار ناصر المَرَضي على تضليل الرأي العام، وتزييف الوعي، وتبييض الإخفاقات، وتقديمها في صورة إنجازات، فقط للحفاظ على صورته ومكانته.

وكأن هذا الرجل لم يسمع يومًا عن الحق المقدّس للمجتمع في المعرفة والمساءلة!

رسالة ختامية إلى أنصار "معسكر المقاومة"

إلى أولئك المتحصنين في قلاع الكراهية العمياء تجاه إسرائيل، والذين يقدّسون الشعارات ويرفضون المراجعة.

ألم بحن الوقت لوقفة تأمل صادقة؟ لمراجعة الذات؟
للتخلي عن عبادة الصفر باعتباره رقمًا مقدسًا؟

تنويه: نُشر هذا المقال الأحد الموافق 4 مايو 2025، في صحيفة يسرائيل هيوم بنسختها الإنجليزية، ويُنشر هنا وفقط في الحوار المتمدن حصريا باللغة العربية.



#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)       Mohaemd_Saad_Khiralla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة ضوء -أنا أتهم-: أسلمة قسرية للفتيات القبطيات المختطفات ...
- ومضة ضوء -يهود مصر: لا عدالة دون اعتراف-
- ومضة ضوء: عنوان المقال:اليهود في مصر، قبل تطهيرهم العرقي
- ومضة ضوء -أحمد الشرع: ظل إلهي على الأرض أم رئيس؟-
- ومضة ضوء: لماذا لا يمكن الثقة بالجيش المصري كشريك للسلام؟
- ومضة ضوء - خطواتي العشر لإنقاذ مصر من مصير كارثي -
- ومضة ضوء : عار على المسارح الأوروبية فتح أبوابها لأحد أكبر ا ...
- ومضة ضوء : تجنب الأخطاء الماضية: سبع قضايا رئيسية بشأن النهج ...
- ومضة ضوء - غزة تسرق الاهتمام من السودان -
- ومضة ضوء - عن رائعة سامي البدري الكولونيل في شأنه الجانبي/ م ...
- ومضة ضوء يا مصري إعرف عدوك الأساسي الجيش أم السيسي؟؟
- ومضة ضوء -داعش يطل برأسه من مصر -
- -ومضة ضوء - الخطأ المستمر للعالم العربي
- -ومضة ضوء -دعوة السيسي للسلام تتعارض مع سياسات مصر في غزة.
- ومضة ضوء -مسألة حماس ومصر -
- -ومضة ضوء - لماذا تريد جمهورية العساكر كسر هشام قاسم، الحر ف ...
- -ومضة ضوء - عندما يتحول شعب باكمله إلى رهائن لا مواطنون إنه ...
- -ومضة ضوء - عن تأكيد على موقف سابق خاص بدعوة سيسي لحوار إلا ...
- ما الذي حدث ما بين الواقعتين واقعة رفح الأولى في رمضان 2012 ...
- -ومضة ضوء - وكلمتين لسيسي مندوب جمهورية العساكر عن كيفية تدم ...


المزيد.....




- الكرملين يوضح موقف بوتين من المشاركة في مفاوضات إسطنبول بشأن ...
- ترامب لأمير قطر: أمور مثيرة للاهتمام في العرض الجوي غدا.. أن ...
- وفق وقائع الميدان الجديدة.. مفاوضات روسية أوكرانية
- RT ترصد الأضرار الناجمة عن معارك طرابلس
- خبير عسكري: إجراءات الاحتلال في الضفة الغربية فشلت في وقف عم ...
- ناسا تحدد تاريخ نهاية الأرض بسبب الشمس والاحتباس الحراري
- ترامب: أمير قطر قائد عظيم وعلاقاتنا وصلت لأعلى مستوياتها في ...
- رئيس الوزراء القطري: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلا ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران تستهدف برنامجها الصاروخي
- منظمات دولية تحذر من مجاعة في غزة بسبب الحصار المستمر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء: زلزال سياسي في العالم العربي: تسجيل صوتي يكشف تفكيك ناصر لأيديولوجيته في لقاء لافت مع القذافي