عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 17:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" حول قصة قوائم اسماء الشيوعيين او المتعاطفين مع الحزب الشيوعي ..."
نتحدث جميعا ، حينما يطيب لنا الحديث ونتمتع بالاريحية المطلوبة ، عن ضرورة النقد العلمي البنّاء ... او تقبل الرأي الاخر او النقد والنقد الذاتي .. وغالبا ما نكرر القول " الخلاف لا يفسد للود قضية " .. ولكنني لم اشهد اناساً ابعد عن تبني او الالتزام ب او ممارسة هذه الادعاءات خُلقا وسلوكا مثلنا !
فنحن لا نراجع خطئا ولا نتراجع عن ارتكاب او مثلبة ، واذا لم نلتمس لانفسنا العذر في هذا الامر او ذاك فغالبا ما نلقي بمسؤوليته على الآخر القريب او البعيد . الواقعي او المفترض . الانساني او الشيطاني !
اما النقد فهو اعدى اعدائنا بلا ادنى شك ، ومن يمارسه ولو على صعيد نقد نص ادبي محدود الجرم والتأثير او حتى تصحيح جملة او مفردة فانه يشتمنا وينال منا او ان له مآرب سرية تحركه وعقد خفية تحفزه ... اما تمسكنا بترديد القول المأثوربأن الخلاف لا يفسد الود " فسلملي .." كما يُعبّرشباب هذه الايام .... لانه ابعد ما يكون عن طبائعنا واخلاقنا بذواتنا المتورمة وعواطفنا الجياشة التي ترى في كل خلاف او اختلاف حربا ضروسا دونها حرب داحس والغبراء !
لكل ما تقدم وجدت نفسي مترددا في كتابة هذه السطور التي اعرف ، حق المعرفة ، انها لن تقدم او تؤخر بقدر ما قد توغر عليّ الصدور وتجلب لي البغض ، لكن الصبر والتغاضي قد لا يكونان فضيلة في كل الاحوال ...خصوصا مع من " يبط كبدك " !
قبل ايام نشر السيد " حسان عاكف " ماقال انه تحليل إستخباري للسفارة الأمريكية في بغداد/عام ١٩٦٢ عن المتعاطفين مع الحزب الشيوعي العراقي وحركة السلم العراقية ، ضم ١٦٦ إسما من مثقفي العراق ومبدعيه واساتذة جامعاته ومناضليه ونقابييه البارزين ومن رجال الدين آنذاك...
وقال ان تلك الوثيقة الاستخباراتية الامريكية مأخوذة من مايكروفلم وكان قد كتبها مسؤولان إثنان في السفارة الأمريكية في بغداد، هما السكرتير الأول"وليام ليكلاند" والسكرتير الثاني "جيمس آكنز "، وهي، أي الوثيقة تمثل " جهود جمع المعلومات " عن الحزب الشيوعي العراقي وأعضائه والمتعاطفين معه ومع حركة السلم العراقية في السنوات الاولى بعد ثورة ١٤ تموز المجيدة أيام الحرب الباردة ، اي انها من الوثائق السرية المفرج عنها " declassification" . لكنه بيّن ان هذه الاسماء كانت قد نُشرت على هيئة قوائم لموقّعين على عرائض نشرتها جريدة البلاد البغدادية اليومية خلال شهري نيسان وايار 1962 وان الموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين قد استفادوا من هذە العرائض العامة والإعلانات الصحفية "كأدوات استخباراتية " لتجميع ملفات شاملة للمثقفين والمهنيين والشخصيات السياسية العراقية الذين وقفوا إلى جانب المؤتمرات السلمية التي يرعاها الاتحاد السوفيتيي...الخ
مما أدى فعليا إلى إنشاء قاعدة بيانات للتأثيرات الشيوعية المحتملة داخل المجتمع العراقي خلال هذە الفترة الحرجة من توترات الحرب الباردة في الشرق الاوسط....
ثم كتب الاستاذ " فخري كريم " مقالا عن الفارق المفجع بين تلك الايام التي كان فيها العمل الشريف قيمة اجتماعية عامة والكسب الحلال خلقا شائعا في المجتمع العراقي وبين هذه الايام السوداء التي نعيش في متاهتها و تطرق فيما كتبه الى موضوع القوائم اياها وقال انه تولى جمع التواقيع على بعض منها ونشرها حينذاك ... ثم اضاف أن تلك القوائم لم تكن سوى مقدمةٍ للكارثة. فقد سُلّمت عشية انقلاب الثامن من شباط عام 1963 إلى قيادة حزب البعث، لتستخدم في المجازر التي عرفت لاحقاً: قصر النهاية، أقبيته، سجونه ومسالخه البشرية !!
والان اين المشكلة التي دعتني الى الخوض في الموضوع ؟!
اولا - ان من نشر تلك القوائم هو الحزب الشيوعي نفسه وياتي ذلك ضمن ممارسة " كفاحية " معروفة من ممارسات الحزب واساليبه في الضغط على السلطات باستعراض حجم ونوع المطالبة الجماهيرية من جهة ولغرض زج اولئك الاشخاص وتلك الجهات في " الممارسة والنشاط السياسي الديمقراطي " ولم تأت نتيجة جمع معلومات وجهد استخباري مهم موجه ضد الحزب الشيوعي وهي ليست سرية لكي " تُسلم " الى قيادة انقلاب شباط وتكون " مقدمة " لتلك الكارثة !
ومن الطبيعي جدا ان يصور اي معني بشؤون الاستخبارات او الامن في السفارة الامريكية هذه القوائم وان يرسلها الى جهازه الاستخباري المعني خصوصا وان العراق كان في بؤرة صراع مصالح اقليمي وعالمي وكانت الشيوعية ونشاطها فيه يومذاك مما يعد تهديدا جديا ...ناهيك عن ان المنطق يقول ان هذا الامر لم يحظ باهتمام " المخابرات الامريكية " فحسب بل من المؤكد ان سفارات كثيرة مثل سفارة مصر الناصرية او المملكة الاردنية او السعودية او حتى الكويت كانت ترصد الواقع السياسي وصراعاته المتأججة في العراق يومذاك وكتبت بشان تلك القوائم وغيرها تقارير لاجهزتها...
ثانيا- ان القول بان تلك القوائم كانت مقدمة لكارثة انقلاب شباط قول مبالغ فيه جدا ويجانب الصواب كثيرا فقيادة انقلاب شباط لم تكن ، كما يقتضي المنطق ، بحاجة الى مثل تلك المعلومات " المهمة " التي تبرع بها الحزب الشيوعي نفسه ! فالشخصيات التي وردت اسماءها في تلك الفترة معروفة ومشهورة " بنشاطها الديمقراطي " على حد تعبير الشيوعيين وجلها من الاساتذة والمحامين والتجار ورجال الدين الموالين لليسار وكانت، قيادة انقلاب شباط ، تمتلك معلومات وتفاصيل اهم بكثير واكثر حيوية بما لا يقاس مثل اين سيكون قائد القوة الجوية المرحوم " جلال الدين الاوقاتي " في الصباح والذي وجهوا لاغتياله مفرزة بقيادة " سعدون ورور " نجحت في اغتياله وهويبتاع قيمر الافطار مع ابنه الصغير ... ومن سيكون خافرا في حراسة مرسلات ابو غريب ومن سيكون في مقرات كتيبة الدبابات الرابعة او معسكر الرشيد وقاعدته الجوية من الضباط الشيوعيين الذين عليهم معالجتهم وتحييدهم وغير ذلك الكثير !
ثالثا - نعود الان الى واقعة مشابهة اكثر تدميرا في الاثر واكثر دلالة في الاداء الارتجالي غير المحسوب للشيوعيين او قياداتهم في تلك الحقبة والذي عاد بالاثر الوبيل عليهم وعلى الحركة الوطنية وجنى على الكثيرين من الضحايا بالمجان ودون ادنى مقابل او مردود ... ففي الايام الاولى لحرب 6 تشرين 1973 تمكن الصهاينة من اسقاط طائرة عراقية من السرب المرابط في مصر وفقا لاتفاق بين الحكومتين المصرية والعراقية وقد استشهد قائدها النقيب الطيار " سلام " جراء ذلك ، وكان ابناً لاحد الشيوعيين السابقين ومُستبعدا الى هذا السرب بسبب ذلك فنعته جريدة " طريق الشعب " او " الفكر الجديد " عند ذاك ملمحّة ثم مصرّحة انه من عائلة ديمقراطية .. اي شيوعية ثم " اخذ العزم " البعض فوصفوه بالرفيق في كتابات لاحقة مما استرعى انتباه ومتابعة قيادة البعث واستنفار اجهزته الامنية لجمع المعلومات عن هذا الامر المفاجيء لكنهم فوجئوا بكرم شيوعي غير مسبوق بامدادهم بسيل لا يتوقعونه من المعلومات التفصيلية عن طريق " هذه الممارسة الكفاحية العظيمة "، اقصد اسلوب العرائض والمذكرات فبدأت جريدة الحزب بنشر سلسلة من المذكرات المطالبة بالاعادة الى الخدمة العسكرية للمشاركة في حرب تشرين واداء الواجب الوطني والقومي بدأها السيدان " الرئيس سعيد مطر " وغضبان السعد وبعض الضباط الشسيوعيين السابقين ثم توالت خلال ايام لتتضمن اسماء وعناوين والرتب السابقة لكل ضابط او ضابط صف او حتى جندي مطوع سابق من الشيوعيين وانصارهم وكانوا بالمئات ! ، ولا اعتقد ان هذا الصيد السهل والوفير كان مهماً للسفارة الامريكية بقدر اهميته للاجهزة الامنية العراقية التي عنت به اشّد العناية وتتبعتْ من وردت اسماءهم وعناوينهم فيه فصفّت البعض واعتقلت آخرين وعذبت من عذبت وسقطّت من تمكنت من اسقاطه وربطه بعجلة خدمتها السرية !
...
فأين المشكلة واين التقصير ؟ ولمن نتوجه باللوم والادانة ؟
أفي موظف السفارة الذي يقوم بواجب روتيني في نقل المعلومات وخصوصا المشاعة والمنشورة ام في من نشرها واشاعها وهو يعلم او لا يعلم وهذه طامة كبرى ان ذلك قد ينطوي على ضرر ؟!
افي البعث واجهزته الامنية ام في من قّدم لهم معلومات دقيقة وكاملة عن المئات ممن كان يتعيّن حفظ معلوماتهم وصيانتهم ؟!
اقول قولي هذا وفي الجعبة والذاكرة اشياء امرّ وادهى ، شهدتها وعايشتها ... سلوكيات وتصرفات ارتجالية كان ضرر بعضها وبيلا ...
واتمنى على من يتناول وقائع تلك المراحل ان يتناولها بعين الفحص والنقد و والمراجعة والتدقيق لعل في ذلك عبرة ومنفعة بدلا من اجترار الافعال التي تفتقر الى الحصافة وتعظيم الحماقات !
#عارف_معروف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟