أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - المستثمرون في العذاب والموت !














المزيد.....

المستثمرون في العذاب والموت !


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 23:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرفت انه مهندس ، ثم قادنا حديث متردد ومليء بالشكوك الى ان تلك " العائلة " كانوا بيت عمه . ادعّيتُ ان معرفتي بهم بسيطة ولا تتجاوز اللقاء في مناسبة ما من خلال ابنهم الذي كان زميلا لي في الجامعة وانني لم اكن اعرف شيئا عن كل ذلك " النشاط السياسي المعارض " عنهم !
جمعتني واياه صدفة في مكتبي التجاري في التسعينات حينما كان يريد شراء بعض الحاجيات لدائرته بصفته موظف مشتريات .. تبرأ من اقربائه بشدّة وظل يلومهم على تهورهم وطيشهم الذي ربما كان قد اودى بهم بعد ان سألته عن مصيرهم ...
نسب اليهم الكثير مما اعرف جيدا انهم كانوا براء منه ...
وفقا له ، ولما نسب ، كان حكم الاعدام يمكن ان يكون " قليلا " بحقهم وفقا لقوانين صدام ...
قلت في نفسي انه ربما كان احد اهم " المصادر " ، بلغة الامن ، عنهم ، وربما كان الاكثر في كتابة " التقارير " عنهم باعتبار درجة قرباه وامكانية اطلاعه على شؤونهم !
عام 2009 عرفت انه مدير عام الدائرة الفلانية .. قيل انه من ذوي الشهداء والمعدومين وان سنوات غبنه بسبب ذلك عوضن له قفزا في الترقيات والمناصب !
اما اولئك... فقد كانوا يأتون بهم في جوف الليالي الشتائية القارسة .. تكاد ملامحهم الذابله وعيونهم المطفأة في محاجرهم الغائرة ان تكون واحدة !
جميعهم ، تقريبا ، كان يؤتى بهم من المحافظات ، بالدشاديش والجاكيتات العطنة نفسها .. مذعورين ، مرعوبين ، لا تستقر نظراتهم الزائغة على شيء وتكاد تسمع وجيب قلوبهم عن بعد ... كل التُهم كانت دون تلك التهمة " الشنيعة " التي لا تعني سوى حكما فوريا بالعذاب والموت ...
كانت الشعبة الرابعة ، مثل شعبة تسفيرات بالنسبة للاستخبارات العسكرية ، فكانت مركز استقبال وتوزيع ، قد يستمر بقاء البعض فيها فترات اطول من غيرهم لاسباب تحقيقية ، وكانت اول مراكز التحقيق .. اقصد اول مراكز التعذيب !
في احدى الليالي القاسية ، وفي هزيعها الاخير ، جيء ببعضهم وهم اقرب الى الموت .. روائح كبريتيه عطنه وانفاس موت لاهثة ودماء .. ومن الباب الحديدي رموهم واحدا اثر واحد كجثامين " لشاش " من ايد ورجل على من راح يغط في نوم او اغماء جراء جولة تعذيب سبقتهم .. وكنت احدهم .. اكاد لا احتفظ من الوعي الاّ بعينين زائغتين وادراك مشوش وخوف يملأ الحنايا وجسد يستعذب ويتمنى الاستسلام لموت لذيذ .. موت يشبه الاستسلام للجة المياه الباردة وانا اسبح في نهر دجلة في تلك الايام الصيفية البعيدة ، لكنها كانت امنية مترفة ، فتوقيتات الموت والحياة كانت ملك الجلادين ايضا وما من وسيلة هنا للتعجيل بالموت !
بقي احدهم متكوماً على مفصل قدمي وهو فاقد للوعي ولم يكن بامكاني تحريكه او زحزحته وافلات قدمي اذ لم تكن لديّ القوة على ذلك كما لم يكن ممكنا الاستعانة باحد ولا الشكوى خوف ان اصبح بؤرة لحفلة كيبلات آنية يحفزها الاستفزاز : " شتريد لك ؟!
في اليوم التالي ولعدة ايام لاحقة كان مفصل قدمي متورماً وكنت اسحب قدمي سحبا وانا اقاد هنا او هناك ...
لم التق بذاك الذي تكوم على ساقي والذي قرأت ملامحه جيدا ، كما لم التق باي من اولئك الذي صادفتهم والذين دارت بيني وبينهم وشوشات خافتة اشبه بوصايا الميتين الاخيرة .. ولم اعرف ان احدا منهم عاش لينال شيئا بعد 2003 بعكس اقربائهم وادعيائهم الذين استثمروا في عذاباتهم وموتهم والذين اصبحوا بالمئات بل وبالالاف المؤلفة !
لا اعتقد ان ايا من المدراء العامين او الوزراء او " كبار " موظفي هذه الايام المتقاتلين على اسلاب الدولة يمكن ان يكون من الناجين ممن عرفتهم في تلك الايام السود ، على الاطلاق !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة - الدبلوماسية - الأمريكية !
- اربيل وطبيعة الأشياء !
- سفاحٌ ام مناضل ؟!
- حربٌ ام تسوية ؟!
- الاعلان الدستوري السوري : دولة رئيس الجمهورية الملك !
- هل أتاكَ حديثُ النقابات والاتحادات ؟!
- 8 شباط 1963.. بعض الأسئلة !
- هل هو النصر حقاً ، ام أنها الهزيمة ؟!
- انها ليست بطولة فقط .. بل تحد للمستحيل !
- 7 اكتوبر : عظمة الدرس !
- نعم ، كان - يداً - للطاغية ، لكنه كان - طيباً - معي !
- لماذا علينا ان نكره ايران ؟!
- هل يمكن - شطب - ثورة 14 تموز من ذاكرة العراق ؟!
- هل كان خطاب السيد محبطاً حقا ؟
- مرة اخرى ..في رثاء الراحل كريم العراقي : من قتل الشاعر الفتى ...
- هل انت مع السوداني ام ضده ؟!
- - خدمة علم - في زمن تبجيل الماكييرة !
- عراق اليوم : هل بقي أمل ؟!
- عيد وطني لا يهم احدا ولا يعني احد !
- بين شمعون بيريز وابراهيم النابلسي !


المزيد.....




- ترامب يقول إن على بوتين الموافقة على وقف إطلاق النار في أوكر ...
- فرنسا: النيابة العامة تطلب مذكرة توقيف دولية جديدة ضد بشار ا ...
- بروكسل تقترح تعليق تمويل شركات إسرائيلية ناشئة بسبب أزمة غزة ...
- محادثات أمريكية صينية مطولة في ستوكهولم لاحتواء الحرب التجار ...
- نيويورك: خمسة قتلى بينهم ضابط شرطة في إطلاق نار بوسط مانهاتن ...
- ميدفيديف مخاطبا ترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطو ...
- مقتل مسلح نفذ هجوما في حي مانهاتن بنيويورك
- ألمانيا وإسبانيا تعتزمان نقل مساعدات إنسانية جوًا إلى غزة
- ماذا حدث في المفاوضات؟ ولماذا انقلبت إسرائيل؟
- بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع -حنظلة ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - المستثمرون في العذاب والموت !