عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 00:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1- والان ..هل انتهت القصة بعد ان اصدر القضاء قراره والذي اعقبه بايضاح او توضيح مفصل ؟!
ابداً وعلى الاطلاق !
فالحبكة شغالة واطار الدراما السامة موجود وهو جائع ابدا ويتطلع الى المزيد من القصص والغرائب ، طالما كانت عناصره ودوافعه ومحفزاته باقية وفاعلة !
فالامر لا يتعلق بالدكتورة الشابة المرحومة " بان زياد " وازمتها وظروفها التي اودت بحياتها وهي في ريعان الشباب وقمة القدرة على العطاء ولا يحفزه تفحّص تلك المصيبة وتبّين فيما اذا كانت انتحارا لسبب من الاسباب الذي دفع الضحية الى انهاء حياتها على تلك الصورة ام انه كان جريمة قتل لدوافع جنائية انتقامية او ربما سياسية اشمل واعمق ، او دراسة تلك الظروف بما يجنب المجتمع وشبابه مثل هذه الازمات والخسارات ، وانما بماكنة سياسية واعلامية تجد حياتها بل ومبرروجودها في هذا الطحن والشحن على مدار ال24 ساعة ، طحن وشحن يتناول المشاعر والافكار ، الوقائع الملموسة الى جانب اكثر الخيالات خبالا ، الحقائق والاكاذيب ، ليخرجها في النهاية مادة انفجارية مدمرة وبارود اشعال حرائق يعوض ويحل محل السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وما كانت تشهده مدن العراق على مدار الساعة من مجازر وتفجيرات تستهدف البشر والحجر وتحول كل شيء الى رميم وخراب لاينفع معه علاج لسبب ودوافع قوية ما تزال قائمة وهي تحفز الجهات الفاعلة الى المزيد حتى تحقيق حالة معينة مرغوبة ومطلوبة !
2- بالتزامن مع بدء تنامي مشكلة " انتحار ام مقتل بان " تم تسليط الضوء على خبر " مقتل ضابط برتبة لواء وزوجته اثر هجوم مسلح استهدفهم شمالي بغداد والذي عُدّل بعد ساعات
الى : " مقتل لواء متقاعد وزوجته واصابة طفلهما في هجوم مسلح شمال شرق بغداد " ثم تناقلته وكالات الانباء وقنوات عراقية وعربية معيّنة و" معنية بالشأن العراقي " على انه
:" مقتل لواء متقاعد وزوجته وطفل في هجوم مسلح على منزلهما شمالي شرق بغداد "
وليتسع مداه ويكسب ملامح اكثر هولا على يد جهة عراقية فيكون ": " بغداد – في جريمة تهزّ الضمير وتكشف المستور، شهدت العاصمة بغداد فجر الخميس جريمة مروّعة راحت ضحيتها عائلة عراقية، بعد اقتحام مسلحين( هل لاحظت : اقتحام مسلحين !) منزل لواء متقاعد في حي القاهرة وقتله مع زوجته وإصابة طفل بجروح خطيرة. جريمة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما أن الفساد والإهمال والتواطؤ ينخرون أجهزة الدولة الأمنية من الداخل. ما جرى ليس مجرد حادث فردي، بل انعكاس خطير لحالة الانهيار الأمني التي تشهدها العاصمة...." هذا ناهيك عن الكلام الكثير عن الميليشيات والانفلات الامني وتفشي السلاح وطبعا لا بد من وجود ايران في القضية يعني ( على حدّ تعبير الفنان عادل امام ).الخ الخ !
ما هو واقع الحال ؟
جريمة من الجرائم العادية التي يمكن ان تحدث في العراق وفي اي مجتمع في اي وقت من الاوقات تهدف الى السرقة : رجل مسن ، هو ضابط متقاعد ( منذ سنين طويلة ولكن لغرض الاثارة لابد من التنبيه انه ضابط برتبة لواء ) مع زوجته الثانية وابنهما الطفل يهاجمه ، في شقته ، شاب في الثلاثينات على صلة معرفة به لسكنه سابقا في العمارة السكنية التي يملكها الاول بسبب تلكؤه في دفع اجور عمل هي 300 الف دينار وطمعا في سرقته ايضا فيقتله بسكين كان يحملها ويقتل معه زوجته ويترك الطفل دون ايذاء جسدي ويغادر الى مدينته التي جاء منها ( الفلوجة ).. والقاتل يبدو بعد القاء القبض عليه بعد يوم واحد فقط من ارتكابه للجريمة وخلال لقاء بعد كشف الدلالة " مبتدءا " ومتورطا في فعل لم يقّدر ابعاده ونتائجه وكأنه او هو حتما ضحية اخرى لهذا الفعل وللظروف التي قادت اليه !
لكن القاء القبض سريعا على الجاني بفعل توفر التصوير وكامرات المتابعة وكذلك هوية القاتل والمقتول الاثنية والطائفية ، وكون القاتل فردا كان يحمل سكينا ولا يمكن نسبته الى ميليشيا او توفر السلاح خارج نطاق الدولة ، او اي من " الكلايش المرغوبة والمحببة "، كانت كلها عوامل لا تنفع في الاستثمار والتصعيد ولذلك فسرعان ما اختفت القضية عن دائرة الاهتمام والتركيز الاعلامي وانتهت وماتت بعد يوم واحد فقط !
3- انا لا ادافع هنا عن النظام السياسي القائم ، نظام المحاصصة والفساد ، ولا يمكن ان ادافع عنه او انفي توفيره كل ظروف ومقومات شيوع الجريمة مع امكانية الافلات من العقاب ، انما اجد نفسي ملزما بالدفاع عن الحقيقة اولاً وعن مجتمع وشعب انتمي اليه ويراد بلبلته وتدمير وعيه واغراقه في حالة مستدامة من انعدام اليقين وغياب الثقة ، بكل شيء !
نشر بعض زملاء الطبيبة المتوفاة العاملين معها عن قرب من الاطباء النفسيين ومنهم من هم من اصدقاءها الحميمين ، مؤخرا ، مقالات تؤبن الفقيدة وتناولوا فيه موضوعة الانتحار ودوافعها المختلفة واستشهدوا بحالات انتحار معروفة لمشاهير وشخصيات ناجحة وايجابية لم يكن ينقصها شيء في ظاهر الحال لكن ازمات نفسية عميقة كانت تعصف بها وتسببت بانتحارها خلافا لتوقعات اقرب الناس اليها ! فتلقوا ردود كثيرة تتضمن تحليلات وافتراضات تشكيك بل وانطوى بعضها على القول بانهم متواطئون ايضا، مثلما اتهم البعض خبيرا جنائيا فلسطينيا يسكن في غزة ( الاستاذ يوسف الرنتيسي ) وتابع القضية وقال انه من خلال خبرته يرجح ان يكون الامر انتحارا لانه شهد خلال حياته المهنية ما يماثله في حالات عديدة، اقول اتهمه البعض من خلال تعليقاتهم بانه متواطيء ولابد انه قبض ثمن تواطئه فيما سبقوه الى اتهام جراح عراقي شهير يقيم ويمارس عمله في بريطانيا بانه متواطيء ايضا بل وجرده آخرون من اختصاصه وشكك في شهادته العلمية !
يذكرني هذا الحال بفيلم دراما الخيال العلمي والكوميديا الرائع سيمون او " سيم ون " الذي انتج في امريكا عام 2002 وقام ببطولته " آل باتشينو " و" كاثرين كينر " وهو من تأليف واخراج " اندرو نيكول " حيث يعتمد البطل وهو مخرج سينمائي على ابتكار وهم او شخصية وهمية من خلال برنامج كومبيوتر وخدع بصرية وصوتيه لفتاة جميلة سماها " سيمون " او سيم ون اختصاراً ل " simulation one " لكي تكون بديلا عن الممثلة التي اخلّت بتعاقدها معه لتمثيل الفلم وكادت تعرضه لخسائر كبيرة جراء التزاماته التعاقدية مع منتجين فينجح الفلم ثم تنجح عدة افلام اخرى اعتمد فيها ذات الشخصية بعد ان احبها وتعلق بها الجمهور ولكنه في لحظة ما بدأ يكره هذا الزيف وربما شعر بالغيرة من الشخصية التي خلقها ومحبة الناس لها وهي محض وهم فاراد مصارحة الجمهور بذلك لكن الجمهور رفض تصديق اقواله ثم تمسك بالوهم حدّ اتهامه بالقتل حينما تختفي سيمون بعد ان يحطم المخرج البرنامج الرقمي ويرميه في قاع البحر بل وتتحول سيمون الى ايقونه يتعلق بها الجمهور ويحب كل شيء يصدر منها حتى عندما وضعها ذلك المخرج ، تنفيرا لهم منها ، في حضيرة خنزير وصورها وهي تأكل فضلاته ولكن دون جدوى ، فالجموع سيطر على عواطفها الحماس وتمكنّ من اذهانها الوهم !
4- اخيرا ، لابد ان اوضح هنا انني علمت بحادثة الطبيبة الشابة المتوفاة منذ يومها الاول وقبل ان يتناولها الاعلام ويسلط ذوي الاغراض نشاطاتهم واجنداتهم عليها حينما اخبرني ابني الطبيب الشاب من البصرة انهم هو وزملاءه حزانى وقلقون من " مقتل " طبيبة شابة كانت زميلته ايام الدراسة الطبية الاولية وقد جيء بجثمانها الى الطواريء على اساس انها منتحرة لكن الشك اخذ بكل زملاءها نظرا لجسامة الجروح ولبعدها عن حالات الانتحار المعهودة والممكنه التي عرفوها او يتوقعونها بل والتي يمكن ان تحصل ، خصوصا مع طبيبة ، يمكنها ان تنتحر بقدر يسير من العقاقير او الحبوب التي تعرفها فما الداعي الى كل هذا العنف والالم وقد عبروا عن شكوكهم ومطالبتهم للجهات المعنية بالتعمق بالتحقيق في وقفة تعبير ومطالبة علنية وامام الاعلام في البصرة .
وقد تابع بعضهم وتابع الكثير من المعنيين الامر وبُذل جهدٌ كبيرمن قبل الاجهزة التحقيقية والعدلية وعملوا على الافتراضات المختلفة دون جدوى ودون ان يحصلوا على ما ينفي فرضية الانتحار التي تأيدت لاحقا من خلال شهادات افادت ان الطبيبة الشابة كانت قد حاولت الانتحار بالعقاقير قبل فترة ايام وتم انقاذها بل وقيل ان هناك محاولة اخرى سبقتها ايضا ، واُرجع سببها الى ازمة عاطفية بعد تفريغ هاتف المرحومة والاطلاع على مضمون مكالماتها و كذلك الى فعل حالة الاكتئاب التي كانت تعاني منها او حتى تأثير علاجات الاكتئاب وبعضها له أثر جانبي محذور بالتشجيع على الانتحار كما يعرف المختصون ...
ان الشيء المؤسف والمؤلم ليس فقط الاساءات الى ذوي الضحية والتشكيك بهم واتهامهم ، في البداية ، بقتل ابنتهم التي تعبوا وضحوا وسهروا الليالي من اجل ان تكون ، ثم بالتواطؤ والتستر على " القتلة " ! ولا باضافة وقائع ما انزل الله بها من سلطان الى الحادثة مما تضمنَ اساءة بالغة الى الضحية نفسها وعائلتها مما ورد على لسان كثيرين وبينهم " اكاديميين " ومحامين ومحاميات وأطباء وكتاب وصحفيين وغيرهم من طالبي الشهرة او" الطشة " حسب التعبير العراقي الشائع بين الشباب هذه الايام و طالبي وطالبات المنفعة باي ثمن او اصحاب الغرض السياسي او مجندي " الخدمة " لدى القوى الخارجية او الداخلية التي يعنيها اشاعة الارتباك والهوس وانعدام اليقين والتخلي والخوف لدى العراقيين اكثر مما هي شائعة وفاعلة حتى الان ، وانما في تحول الامر الى هوس جماعي وحمى تشي بحالة هشاشة وضعف شديد في الوعي وغياب الحس النقدي حتى لدى المتعلمين واصحاب الشهادات مما ينذر بآثار خطيرة ووخيمة وياللأسف الشديد !
#عارف_معروف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟