أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كرم خليل - رمز الدولة السورية بين القداسة والاستهلاك














المزيد.....

رمز الدولة السورية بين القداسة والاستهلاك


كرم خليل
سياسي و كاتب وباحث

(Karam Khalil)


الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 09:45
المحور: المجتمع المدني
    


في السنوات الأخيرة، أخذ شعار الجمهورية العربية السورية يظهر في كل مكان: على الأكواب الورقية، القمصان، الإعلانات، وحتى على بضائع تُباع وتُرمى في الأسواق. قد يبدو هذا المشهد لأول وهلة تعبيرًا عن فخر وطني أو ولاء رمزي، لكنه في العمق يكشف عن أزمة وعي بالرموز، وعن انزلاق الهوية الوطنية من فضاء القداسة إلى فضاء الاستهلاك.

فالرمز الوطني ليس مجرد تصميم زخرفي يزين المطبوعات، بل هو تجسيد فلسفي لوجود الدولة ذاته. إنه تمثيل بصري لفكرة السيادة، ومكثّف تاريخي لمسار طويل من التضحيات التي أنجبت الكيان السياسي للأمة. وحين يُستخدم هذا الرمز خارج سياقه الرسمي أو في فضاءات تجارية استهلاكية، يصبح عرضة للابتذال، ويفقد شيئًا من هيبته التي لا تقوم على الشكل بقدر ما تقوم على المعنى.

إن المجتمعات التي بلغت وعي الدولة الحديثة تدرك أن الرمز ليس ملكًا لأحد بل مسؤولية الجميع، وأن احترام الشعار الوطني لا يتعلق بالسلطة بقدر ما يرتبط بمفهوم المواطنة ذاته. فحين يتحول الرمز إلى سلعة تُباع أو تُرمى، تصبح الوطنية نفسها فعل استهلاك، لا فعل وعي. وهذا ما يجعل من حماية الرموز الوطنية ليس إجراءً إداريًا أو قانونيًا فحسب، بل عملاً ثقافيًا وأخلاقيًا يحدد مدى نضج المجتمع في علاقته مع ذاته ومع دولته.

من هنا، لا تكمن المسألة في طباعة الشعار على قميص أو كوب، بل في إدراكنا لما يعنيه أن يكون للدولة رمز مقدّس لا يُستهلك بل يُصان. فالاحترام الحقيقي للرمز لا يُقاس بتكرار صورته، بل بقدرتنا على حمايته من الابتذال ومن تحويله إلى إعلان تجاري أو دلالة عابرة في سوق الهوية. فالدولة التي تفرّط برموزها، تفرّط تدريجيًا بمعنى وجودها.

وإذا كان بناء الوطن يبدأ من الوعي، فإن أول تجلي لهذا الوعي هو أن نُعيد إلى رمزنا الوطني مكانته التي تليق بفكرة الكرامة والسيادة.
فالشعار ليس صورة نُحبها، بل ضميرٌ جمعي نرتقي به.



#كرم_خليل (هاشتاغ)       Karam_Khalil#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الكراهية إلى العقد الاجتماعي: الطريق إلى سوريا المتحضّرة
- الأسطورة التي هزمت الواقع: قراءة فلسفية في صورة صلاح الدين
- كيف نجح الزعماء العرب في تغيير موقف ترامب من حرب غزة؟
- أنبياء القرآن… أنوار الهداية في مسيرة الإنسان
- بين البلشفية والبرغماتية: أين يقف المبدأ وأين تبدأ النتيجة.؟
- النمسا بين فخّ التقشّف وسوء التخطيط: اقتصاد يعاقب الفقراء وي ...
- الفكر الجمعي بين الجمود والتحول: أزمة الوعي العربي في مرآة ا ...
- سوريا الجديدة… في البحث عن الأخلاق المفقودة والعقد الاجتماعي ...
- المستبدّ وصانعه: في علم النفس الجمعي للمطبل السوري
- ثقافة الكراهية في سوريا… حين يصبح الاختلاف عداء
- الموالاة الجديدة.. وجه آخر للانحطاط السياسي السوري
- أحياء في ضمير الثورة: الشهداء الذين حموا سوريا أحياءً وأموات ...
- حين يصبح الإجماع قيدًا: في نقد الوعي الجمعي العربي
- الليبرالية: مشروع وجودي أم مجرد جهاز قانوني؟
- تركيا بين اهتزاز الداخل وتشابك الإقليم: قراءة في الواقع والم ...
- سوريا بين خطاب المركزية وأزمة التشكل: قراءة في مسارات إعادة ...
- سوريا في معترك المواجهة: الخطة الوطنية للتصدي لهيمنة الإحتلا ...
- من بوق الحدث إلى عقل الأمة: الإعلام ودوره في بناء الثقة والو ...
- بسّام العدل: من بريق الطائرة إلى ظلام القمامة قصة خيانة تكشف ...
- بين الموعظة والقانون: رحلة الإنسان بين خلود الفكرة وفناء الج ...


المزيد.....




- -الأونروا- تجدد دعوتها لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة مع اقتر ...
- تقرير: ضغوط أمريكية لمنع إسرائيل من الرد على تأخر تسليم جثث ...
- يونيسف تحذر: عام دراسي ثالث بلا تعليم في غزة و85% من المدارس ...
- الأونروا تطلق استغاثة: لا بد من دخول المعدات الثقيلة لفتح ال ...
- الصليب الأحمر: مُنعنا من دخول أماكن الاعتقال الإسرائيلية منذ ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات بعدة مناطق في الضفة الغربية ...
- السعودية تعلن إعدام أردني -تعزيرا- في مكة وتكشف ما أدين به
- الإغاثة الطبية بغزة: الخدمات الصحية الأولية تعمل بقدرات محدو ...
- الأمم المتحدة تحذر: 7 آلاف طن من الذخائر غير المنفجرة تهدد ح ...
- -اليونيسف- تحذر من ضياع جيل كامل مع انهيار قطاع التعليم في ق ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كرم خليل - رمز الدولة السورية بين القداسة والاستهلاك