كرم خليل
سياسي و كاتب وباحث
(Karam Khalil)
الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 09:44
المحور:
قضايا ثقافية
يشهد المجتمع السوري في السنوات الأخيرة تصاعدًا مؤلمًا في خطاب الكراهية، وهو تصاعد لا يهدد فقط العلاقات الإنسانية بين الأفراد، بل يضرب في عمق الفكرة التي تجمعهم تحت سقف وطن واحد. فالكراهية ليست مجرّد انفعالٍ عابر أو اختلافٍ في الرأي، بل هي منظومة فكرية إذا استوطنت في العقول، دمّرت كل محاولة لبناء مجتمعٍ متماسك أو دولةٍ عادلة.
إن المجتمعات المتحضّرة لا تُبنى على الغرائز المنفعلة ولا على الانتقام، بل على العقد الاجتماعي الذي يقوم على احترام الحقوق، وتبادل الواجبات، والاعتراف بالآخر شريكًا في الوجود والمصير. العقد الاجتماعي ليس وثيقة سياسية فحسب، بل هو منظومة أخلاقية تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، وتُرسّخ الثقة المتبادلة بدل الريبة والاتهام.
حين تُبنى الدولة على هذا الأساس، يصبح الحوار هو اللغة الرسمية للمجتمع، والاختلاف هو علامة الوعي، لا سببًا للعداء. فالتنوّع لا يعني التنافر، بل هو شرط للحياة المدنية نفسها، إذ لا يمكن لأي أمة أن تنهض إلا حين تتصالح مع تعدّدها، وتحوّل اختلافاتها إلى طاقة بناء لا إلى وقود صراع.
اليوم، يحتاج السوريون إلى مدّ الجسور بدل حفر الخنادق، إلى التعاون لا التناحر، وإلى التكافل لا التشكيك. فالمستقبل لا يُبنى بالشعارات، بل بالفعل الجماعي الذي يُعيد المعنى للمواطنة، ويُرمم ما هدمته سنوات الحرب والفرقة. إن الاعتراف بالأخطاء لا يُضعفنا، بل يُحرّرنا من سطوة الماضي ويدفعنا نحو الإصلاح المشترك.
لقد آن الأوان لأن ندرك أن الوطن لا يقوم بالحقد، بل بالمحبة، ولا يُبنى بالتخوين، بل بالثقة. لا بد أن يكون لكل سوري دور في كتابة الصفحة القادمة من تاريخ بلده، صفحةٍ تُغلق عهد الكراهية وتفتح عهدًا جديدًا من التفاهم والعدالة والاحترام المتبادل.
إن سوريا المستقبل لن تكون إلا حين يتجاوز أبناؤها منطق الانقسام، ويؤمنون أن البناء لا يتم إلا بالعقد الاجتماعي القائم على التعاون، والتسامح، والإرادة المشتركة لصنع وطنٍ يليق بتضحيات الجميع
#كرم_خليل (هاشتاغ)
Karam_Khalil#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟