أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - كرم خليل - أنبياء القرآن… أنوار الهداية في مسيرة الإنسان














المزيد.....

أنبياء القرآن… أنوار الهداية في مسيرة الإنسان


كرم خليل
سياسي و كاتب وباحث

(Karam Khalil)


الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 22:48
المحور: قضايا ثقافية
    


من بين صفحات التاريخ المقدّس، تتلألأ أسماء الأنبياء كنجومٍ أبديةٍ في سماء الوعي الإنساني. لقد اختار الله سبحانه وتعالى خمسةً وعشرين نبيّاً ليكونوا خالِدين في القرآن الكريم، لا بوصفهم شخصياتٍ أسطورية أو رموزاً روحية فحسب، بل كحقيقةٍ وجوديةٍ تشكّل جوهر العلاقة بين الإنسان وربّه، بين الأرض والسماء، بين الفناء والخُلود.

لم يكن الأنبياء مجرّد ناقلين للوحي، بل كانوا مدارس كبرى في الصبر واليقين والإصلاح. فها هو يونس عليه السلام، يخرج من ظلمات البحر وبطن الحوت بعد أن نادى في الظلمات: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، ليُعلِّم البشرية أن النجاة لا تكون بالقوة، بل بالتسليم والتوبة والإيمان العميق.
وإبراهيم عليه السلام، الذي واجه النار فكانت عليه برداً وسلاماً، لم يكن رمزاً للشجاعة الجسدية فحسب، بل لتجريد النفس من كل خوفٍ إلا من الله، ولتحرير الإنسان من عبودية الأصنام والهوى.

أما يوسف عليه السلام، فقد عاش فصول الغربة والخيانة والسجن، لكنه لم يُبدّل يقينه. صبر على البلاء حتى جعله الله من المُمكّنين في الأرض. إن قصّته ليست حكاية حُبٍّ أو مأساةٍ اجتماعية، بل فلسفة كاملة في الإخلاص والعفة وحُسن الظن بالله.
وموسى عليه السلام، الذي شقّ البحر بعصاه، لم يكن مجرّد نبيٍ صاحب معجزة، بل قائد تحرّرٍ وضمير أمةٍ تُقاوم الطغيان. إن سيرته تختصر جدلية الحرية والإيمان، إذ يقف الإنسان الأعزل في وجه فرعونٍ متجبر، لكنه يملك اليقين الذي يفلق البحر ويفتح التاريخ.

وفي مشهدٍ آخر من الرحمة الإلهية، يُولد عيسى بن مريم عليه السلام من غير أبٍ بأمر الله، ليكون آية للعالمين، ونوراً يذكّرنا بأن القدرة الإلهية لا تحدّها القوانين البشرية.
ثم يأتي خاتم الأنبياء، محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جمع الله له خصال الأنبياء قبله، فكان رحمةً للعالمين، ونقطةَ التقاءٍ بين الرسالات السماوية والوعي الإنساني. في معراجه إلى السماء، ارتقى بروحه ومعناه ليعيد تعريف الإنسان لمقام القرب من الخالق، وليؤكّد أن الرسالة ليست نصوصاً جامدة بل سلوكٌ وموقفٌ وعدلٌ ورحمة.

تتجلّى في كل نبيٍّ سِمةٌ إنسانية كبرى: في نوح الصبر، وفي أيوب البلاء، وفي داوود الحكمة، وفي سليمان العدل، وفي إدريس التأمل، وفي هارون اللين، وفي شعيب الصدق. إنهم جميعاً حلقات في سلسلةٍ واحدةٍ من النور الإلهي، تمضي لتقول للإنسان في كل زمان: إن الرسالة لا تموت، وإن الخير مهما حورب سيبقى قادراً على النهوض.

عندما خلق الله آدم من ترابٍ ونفخ فيه من روحه، جعله بداية الحكاية، وأول درسٍ في الحرية والاختيار والمسؤولية. وحين قال: «وعلّم آدم الأسماء كلها»، فقد منحه شرف الوعي والمعرفة، وهما أساس الاستخلاف في الأرض. ومن هنا تبدأ الفلسفة الإيمانية الكبرى: أن الإنسان مكرّم بالعلم، مكلَّف بالحرية، مسؤول عن الخير الذي يزرعه في وجوده.

ليست قصص الأنبياء في القرآن مجرد حكاياتٍ تُروى، بل هي تجارب وجودية كبرى تُعلّم الإنسان معنى النهوض بعد السقوط، ومعنى الصبر في قلب المحنة، ومعنى أن تكون مؤمناً رغم العاصفة. إنهم ليسوا فقط شخصياتٍ من الماضي، بل مرايا تعكس حاضرنا وتدعونا لنرتقي بالروح والفكر والإرادة.

لقد كانت رسالاتهم صرخاتٍ في وجه الجهل والظلم، ودروساً في المحبة والعدل والكرامة. ومن تأمل سِيَرهم أدرك أن النبوّة ليست فاصلاً بين الإنسان والسماء، بل جسرٌ ممتدّ بين الروح والأبد، بين الطين والنور. فالأنبياء، في نهاية المطاف، ليسوا ذكرى نقرأها، بل طريقٌ نُسلكه لنكتشف في أعماقنا معنى الإيمان الحق، ومعنى أن يكون الإنسان مشروع خيرٍ متجددٍ على الأرض



#كرم_خليل (هاشتاغ)       Karam_Khalil#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين البلشفية والبرغماتية: أين يقف المبدأ وأين تبدأ النتيجة.؟
- النمسا بين فخّ التقشّف وسوء التخطيط: اقتصاد يعاقب الفقراء وي ...
- الفكر الجمعي بين الجمود والتحول: أزمة الوعي العربي في مرآة ا ...
- سوريا الجديدة… في البحث عن الأخلاق المفقودة والعقد الاجتماعي ...
- المستبدّ وصانعه: في علم النفس الجمعي للمطبل السوري
- ثقافة الكراهية في سوريا… حين يصبح الاختلاف عداء
- الموالاة الجديدة.. وجه آخر للانحطاط السياسي السوري
- أحياء في ضمير الثورة: الشهداء الذين حموا سوريا أحياءً وأموات ...
- حين يصبح الإجماع قيدًا: في نقد الوعي الجمعي العربي
- الليبرالية: مشروع وجودي أم مجرد جهاز قانوني؟
- تركيا بين اهتزاز الداخل وتشابك الإقليم: قراءة في الواقع والم ...
- سوريا بين خطاب المركزية وأزمة التشكل: قراءة في مسارات إعادة ...
- سوريا في معترك المواجهة: الخطة الوطنية للتصدي لهيمنة الإحتلا ...
- من بوق الحدث إلى عقل الأمة: الإعلام ودوره في بناء الثقة والو ...
- بسّام العدل: من بريق الطائرة إلى ظلام القمامة قصة خيانة تكشف ...
- بين الموعظة والقانون: رحلة الإنسان بين خلود الفكرة وفناء الج ...
- قانون قتل الإخوة في الدولة العثمانية: بين السلطة والفوضى
- التحول السوري: قراءة في المرحلة الراهنة وتوصيات لبناء الدولة ...
- أهمية العلاقات السورية الأمريكية في هذه المرحلة الحساسة
- تجاذبات وإعادة رسم للخارطة الجيوسياسية في سوريا


المزيد.....




- -أمازون- تعلن عودة أنظمتها للعمل بعد عطل كبير
- -فتاة توجه انتقادات إلى ملك المغرب-.. ما صحة الفيديو المتداو ...
- ترامب يتوعد الصين بمهلة نهائية ورسوم جمركية قاسية... وشراكة ...
- لافروف وروبيو يبحثان ترتيبات قمة بوتين – ترامب وآليات تنفيذ ...
- ألمانيا وأيسلندا تتفقان على تعزيز التعاون العسكري لمواجهة -ا ...
- قمة MED9 تدعو إلى تنفيذ اتفاق غزة: حل الدولتين هو السبيل للا ...
- لا للملوك: هل يواجه ترامب معارضة حقيقية؟
- تراجع أسهم بنك -بي إن بي باريبا- بعد حكم قضائي أمريكي دانه ب ...
- المغرب: هل فقدت حركة -جيل زد 212- زخمها؟
- إيران تعلن إلغاء اتفاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذ ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - كرم خليل - أنبياء القرآن… أنوار الهداية في مسيرة الإنسان