أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام العمري - الشهداء يصرخون ....... إننا قادمون














المزيد.....

الشهداء يصرخون ....... إننا قادمون


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8504 - 2025 / 10 / 23 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ٍ في ليلٍ حالكٍ، حيث السماء تنوح كأمٍّ ثكلى، تندفع الصرخات، ليس كأصوات عابرة، بل كطوفانٍ من الألم والأمل يَشقُّ طريقه عبر الفضاء، يرتفع في العلياء ليمزق غشاوة الصمت. هذه ليست صرخاتٌ لأرواحٍ ذابلة أو مستسلمة، بل هي صرخاتٌ لأمةٍ عريقة تُباع في مزاد العار، وأوطانٌ تُقاد كقطعانٍ إلى مذابح الزمن، وأبناء الوطن ما زالوا نائمين، غافلين عن الذئاب التي تتربص بهم.
في كل زاويةٍ من المدن الجريحة، في شوارع دمشق وإدلب، في أزقة بيروت المهدمة وغزة المحاصرة، يصعد الشهداء. شهداؤنا ليسوا مجرد ذكرى، إنهم أحياء في ضمائرنا، أرواحهم ترفرف فوق المنابر، تخطب فينا بصوتٍ عالٍ، يصرخون "الله أكبر منكم يا زمن الجنون". هم في كل معركة، وفي كل سجنٍ من سجون الاحتلال، وفي كل مجزرة تُرتكب بحق الأبرياء، تهدر أرواحهم في الهواء معلنةً أن الحرية لا تُشترى، وأن المجد لا يموت.
من قلب المجازر في دير ياسين، من بغداد التي مزقتها الحروب، من أرض المليون ونصف شهيد في الجزائر، يصعد الشهداء حاملين مشاعل الكرامة. إنهم ليسوا فقط أسماءً تُنقش على شواهد القبور، بل هم الحقيقة التي تفضح خيانة الزمن، يزرعون الأمل في قلب الأمة التي طالت غفوتها. يصعدون من قلب المدن المدمرة، يطرقون أبواب اليرموك والقادسية، يُذكروننا بأن المجد لا يُباع في المزادات، وأن الأوطان ليست سلعة تُساوم عليها جرذان الليل في غرف مغلقة.
صرخات الشهداء تندفع في الفضاء، تمزق الجدران وتكسر القيود، أصواتهم تعلو فوق هدير الطائرات والمدافع. ليس لهم سوى الحرية طريقًا، ولا يرون سوى النصر غايةً. في شوارع بيروت، في زوايا غزة، وفي شوارع السودان المدمّر، تُسمع أصواتهم، يُشاهدون في كل زاوية، يصعدون مع كل قطرة دمٍ تُسال، في كل روحٍ تُزهق على مذابح الكرامة.
لكن أين أنتم أيها الأحياء؟ كيف رضيتم أن تبيعوا أوطانكم في المزاد؟ كيف ارتضيتم أن ينام الذئب وسط القطيع وأنتم تتاجرون بالوطن الجريح؟ شهداؤنا يقفون في العلياء، يصرخون في وجوهكم: "كيف سقطت رؤوسكم تحت النعال؟ كيف تجرّأتم أن تصافحوا من قتل أحلامكم ودمّر مدنكم؟" الوطن يُباع، والأمة تُقاد كقطعانٍ، وأنتم غافلون.
أحياؤنا الموتى، أولئك الذين يظهرون على الشاشات، يضحكون وسط الخراب، يتاجرون بمصائر الشعوب، يشربون من كأس الذل حتى الثمالة. صورهم تُعرض أمام العالم وهم يُسبّحون حول الدولار، وأعينهم تدمع أمام أضواء القصور الفارهة. هؤلاء هم الذين باعوا الوطن، وأسلموا مفاتيح المجد للغرباء. لكن الشهداء يقفون في السماء، يرفضون الخنوع، يصرخون في كل ركن من أركان الأمة: "سنعود، والله إنّا عائدون."
الأكفان التي تضيء في سماء القدس ستقتحم حصون العدو، ستعود لتكتب التاريخ من جديد. من غزة إلى بيروت، من دمشق إلى الجزائر، سينبت المجد من دماء الشهداء، وستُكتب الحكاية بدماء جديدة، حكاية أمةٍ استيقظت من غفوتها. لا مكان للذلّ، ولا مكان للخونة، فالأرض التي شربت دماء أبنائها ستلفظ الغرباء، والأمة التي خاضت معارك الكرامة لن تنسى شهداءها.
الصرخات التي تصعد اليوم ليست مجرد أصواتٍ، إنها دماءٌ جديدة تسيل في عروق الأمة. إنها نبضٌ ينبعث من كل ركنٍ من أركان الوطن، من كل جرحٍ مفتوح، من كل دمعةٍ سالت على فقدان الأحبة. هذه الصرخات تعلن نهاية عهد الذلّ وبداية عهد الكرامة. لقد كتب الشهداء لنا وصيتهم بدمائهم: لا تخافوا من الموت، بل اخشوا الذلّ، لأن الحرية تستحق كل تضحية.
في كل زاويةٍ من زوايا الوطن، ستظل الصرخات تصعد، تحمل معها وجع الماضي وأمل المستقبل. الصرخات التي تمزق الفضاء وتدوي في العلياء ليست إلا إعلانًا بأن المجد لا يموت، وأن الأوطان لا تُباع. الله أكبر منكم، أيها الطغاة، والله إنّا قادمون، رغم أنف الزمن، ورغم كل جبابرة الأرض.
كل صرخة هي وعدٌ بأن الشهداء لا يموتون، وأنهم سيعودون يومًا ما ليكتبوا التاريخ بدمائهم، ويعيدوا للأمة كرامتها المسلوبة. نحن لا نخاف الموت، بل نخشاه لكم، لأنكم أيها الخونة سقطتم في وحل الخيانة. أما نحن، فسنظل نصرخ في وجه الظلم، نعلن أن الأوطان لا تُباع، وأن الحرية تُولد من رحم الألم، ونحن العائدون. م



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تأملات فلسفية في تجربة العشق والإنسانية-
- المرأة: الكينونة التي تلد المعنى — قراءة فلسفية وجمالية عبر ...
- -حين تبدأ العقارب من جديد: ولادة تحت الأنقاض-.
- -أجزاء من الدجاج تهدد صحتك-
- إسهامات رواد القصة القصيرة
- مقامة الكتابة بين السراج والسراب
- حين تزهر الروح في ضوء الفجر
- نشأة القصة القصيرة وتطورها التاريخي
- كيف ينظر الحمير إلى انحدار الأخلاق البشرية؟-
- الثوم بين الفائدة والضرر: مراجعة علمية لأبرز أضراره وتأثيرات ...
- تفكك القيم الأخلاقية في العصر الحديث: مقاربة تحليلية بين الد ...
- الحلم العربي
- -وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ-
- أغاني الفراق- و -خيوط الأحلام المنثورة-
- حين يفكر القلب ويتكلم الجمال
- الوعي الإيكولوجي الإفريقي الجديد — حين تتحدث الأرض بذكاء الإ ...
- قهوة فيروزية وحكاية لم تنتهِ
- النهضة الخضراء في إفريقيا — بين صرخة الأرض وذكاء المناخ
- قائمة الموتى
- نهضة الجسد والعقل والذاكرة


المزيد.....




- شاهد ما جعل رئيس كوريا الجنوبية يضحك بهذه الطريقة في مقابلة ...
- مادورو يلوّح بآلاف الصواريخ الروسية في وجه واشنطن.. ما حجم ت ...
- الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يشددان العقوبات على روسيا ...
- حقيقة ظهور زرافة في نهر النيل بالقاهرة وإنقاذها بمروحية
- قانون التربية الجنسية يضع قيم فرنسا على المحك
- الهلال الأحمر القطري يطلق مشروعا لتوفير خدمات غسيل الكلى الط ...
- الاتحاد الأوروبي يقر الحزمة الـ19 من العقوبات ضد روسيا
- اختطاف مبشّر أميركي في النيجر واقتياده إلى جهة مجهولة
- تيك توك يتحول إلى واحدة من أسرع وكالات الأنباء في العالم
- شاهد: طائرة مقاتلة يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام العمري - الشهداء يصرخون ....... إننا قادمون