أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - قهوة فيروزية وحكاية لم تنتهِ














المزيد.....

قهوة فيروزية وحكاية لم تنتهِ


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 23:25
المحور: الادب والفن
    


في المقهى العتيق، حيث تجتمع الأرواح الهائمة في صمتٍ يشبه الأبدية، كانت فيروز تغني عن الحنين... عن الانتظار... عن الأمل الذي لا يموت.
في تلك اللحظة، كان كل شيء يبدو مهيّئًا للحكاية، المقاعد الخشبية التي تئن تحت وطأة الذكريات، النوافذ القديمة التي تعبُر من خلالها أشعة الشمس بخجل، كأنها لا تريد إيقاظ الحنين النائم في الزوايا.
طلعلي البكي ونحن قاعدين
كان صمتك يثقل المكان، كأنه غيمة سوداء تسبح في سماء روحي، تمطر أسئلة لا إجابة لها. كنتُ أنظر إلى عينيك، أبحث عن بقايا حلمٍ قديم، عن بقايا أملٍ تركناه على ناصية الوقت، لكنني لم أجد سوى سراب يلوح في الأفق.
لآخر مرة سوى و ساكتين
كيف يمكن للصمت أن يكون بهذه القوة؟ أن يهزم كل الكلمات التي تلعثمت في حنجرتي؟ كنتُ أريد أن أقول لك كل شيء، أن أُخبرك عن كل تلك الليالي التي كنت أُحادث فيها قمري عنك، عن كل الأغاني التي رقصتُ معها في غيابك، عن كل الشوارع التي مررتُ بها وأنا أتخيلك تسير بجانبي.
لكنني صمتُّ، كما صمتَ قلبك، كأننا اتفقنا على ألا نفتح أبواب الذاكرة، ألا نكسر أقفال الحنين، خشية أن تجرفنا العواصف من جديد.
بعيونك حنين و بسكوتك حنين
هل تعرف أن عينيك تُشبهان أبوابًا موصدة على حكايات لم تُروَ بعد؟ كأنني أقترب منها، أطرق بلطف، أنتظر أن تفتح لي، لكنك تظل خلفها، تُخفي ما لا أستطيع الوصول إليه.
سألت نفسي:
"هل تخاف أن تبوح؟ أم أن البوح لديّ هو مجازفة لا تريد خوضها؟"
أحيانًا، كان يخطر لي أن أقولها بصوتٍ عالٍ، أن أكسر ذلك الصمت، أن أسألك:
"لماذا تسكن في عينيك كل هذه الأبواب المغلقة؟ من يقف خلفها؟ وهل لي مكان بينها؟"
لكني كنت أتراجع، أخشى أن أفقد تلك اللحظة، أن ينكسر شيء ما بيننا لا يمكن إصلاحه، فأظل أصمت، وأنت تُصمت، وتظل القهوة بيننا شاهدة على ما لم يُقل.
لو بعرف حبيبي بتفكر بمين
كنت أراك تغيب، تغوص في أفكارك كأنك تسافر بعيدًا عن هذا المقهى، بعيدًا عني، كنت أبحث عني في عينيك ولا أجدني، كأنني ضعت في زحام الذاكرة.
"هل أنا مجرد عابرة في دروبك؟ مجرد محطة استراحة بين مسافاتك الشاسعة؟"
كنتُ أريد أن أسألك، أن أخرجك من صمتك، أن أفتح نوافذ روحك، لكنني كنت أخاف، أخاف من تلك الحقيقة العارية، من إجابة لا تشبهني.
بالقهوة البحرية و طلع بايديك
كنتُ أراقبك وأنت ترفع فنجانك إلى شفتيك، كأنك تُشعل في داخلي نارًا لا تنطفئ، كأنك تروي عطشك من حكايات لم تُحكَ، من لقاءات لم تكتمل.
"كيف يمكن لفنجان قهوة أن يحمل كل هذا الحنين؟"
في كل رشفة، كنتُ أراك تُبحر، تبتعد، وأنا أُراقبك كالغريقة، أمدُّ يدي ولا أجد سوى الفراغ، كأنك سراب في صحراء روحي.
و تشرب من فنجانك و اشرب من عينيك
كنت أرتشفك بنظراتي، أحتسي عينيك كأنهما نهرٌ لا ينتهي، أتذوق الحزن فيهما، أرتوي من ملوحة الاشتياق، وأظل أبحث فيك عني، أبحث عن ظلي في ظلالك، عن صوتي في سكونك، عن اسمي في نبضك.
"هل كنتُ عابرة في حياتك أم كنتُ الحياة ذاتها؟"
و تهرب مني تضيع و ما ارجع لاقيك
كنتُ أراك تتلاشى كالدخان، تذوب في المسافات كأنك فكرة لم تكتمل، أُحاول الإمساك بك، أمدُّ يدي في الفراغ، لكنني أعود بخيبة تنتشلني إلى القاع، كلما اقتربتُ خطوة، ابتعدتَ مسافة.
"كيف يُمكن لشخص أن يكون هنا وغير موجود في الوقت ذاته؟"
في تلك اللحظة، نظرتَ إليّ وكأنك تبحث عن إجابة في عينيّ، واقتربتَ بصمت، وضعتَ يدك على الطاولة، وتلاقت أناملنا دون وعي، كأنها تعلن هدنة بين القلبين، هدنة لا تحتاج لكلمات...
"هل الحكاية انتهت؟" سألتك بارتجاف، نظرتَ إليّ وابتسامة دافئة رسمت على وجهك: "لا... الحكايات التي تُولد على أنغام فيروز لا تنتهي."
وعاد صوت فيروز يتسلل برفق، يغني: رجعت الشتوية... ليبدأ فصلٌ جديد من الحكاية.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهضة الخضراء في إفريقيا — بين صرخة الأرض وذكاء المناخ
- قائمة الموتى
- نهضة الجسد والعقل والذاكرة
- ما بعد الصرخة
- : العقل الإفريقي بين الطباشير والسحابة
- «الصحة والتعليم الرقميان في إفريقيا: الجسد والعقل بين بيانات ...
- البيان الإلهي وأسراره في التأثير على النفس الإنسانية
- التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى وأثرها المركّب على دول ا ...
- القارة التي تكتب نفسها — وعي إفريقيا في زمن التحول الرقمي
- الاستعمار الجديد: من الذهب الأسود إلى استعمار البيانات
- الفساد الإداري والمالي،
- أفريقيا: القارة التي تنهض من رمادها
- سحر العيون: نافذة إلى الروح
- إعجاز القرآن الكريم وأثره في النفوس البشرية
- -ابتسامة في أفق الوجود: مرآة الروح وسجاحة الخلق-
- بوحٌ على حافّة الكلمة
- النية الصادقة بين الأديان والفلسفات: جوهر العلاقة مع الله
- من خيوط الوهم إلى نسيج الفهم
- العزلة والحرية والوعي بالآخر في الفلسفة الوجودية
- حدود اللغة في فضاء العدم


المزيد.....




- قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
- المخرج الايراني ناصر تقوائي يودَّع -خاله العزيز نابليون-
- إنجاز جديد للسينما الفلسطينية.. -فلسطين 36- بين الأفلام المر ...
- وليد سيف يسدل الستار على آخر فصول المشهد الأندلسي في رواية - ...
- موسم أصيلة الـ 46 يكرم أهالي المدينة في ختام فعاليات دورته ا ...
- الوجع والأمل في قصص -الزِّرُّ والعُرْوَة- لراشد عيسى
- المخرج المصري هادي الباجوري يحتفل بعقد قرانه على هايدي خالد ...
- سينمائيو بلغاريا ينصرون غزة ويغضبون إدارة مهرجان -سيني ليبري ...
- سينمائيو بلغاريا ينصرون غزة ويغضبون إدارة مهرجان -سيني ليبري ...
- تايلور سويفت تواصل تحطيم الأرقام القياسية.. بيع 4 ملايين نسخ ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - قهوة فيروزية وحكاية لم تنتهِ