أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - شهناز أحمد علي - مشاهد من - روژآڤا--1-














المزيد.....

مشاهد من - روژآڤا--1-


شهناز أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 18:14
المحور: قضايا ثقافية
    


مشاهد من (روژ آڤا) -1-
عيادة الدكتورة ف. س.

“أبوهم بألمانيا جنة… جنة، شوفي شوفي!”
يتردد صدى دهشتها قبل الكلمات في صالون العيادة الجلدية المكتظ بالمراجعين.
بعضهم جاء من بلاد الأحلام، وقد اعتاد فكره، وربما جسده أيضًا، على الجو البارد والنظافة الفائقة في العيادات الحكومية والخاصة في أوروبا، حيث يُستقبل مريض واحد فقط كل نصف ساعة.
غرف الانتظار هناك تشبه قاعات الفنادق، ولربما ينسى كثير من المرضى آلامهم الجسدية في تلك الغرف الفاخرة… ولكن…

أخريات قدِمن من ديرك، قامشلو، أو قرى الجنوب.
علامات المرض واضحة على وجوه بعضهن، ومنهن من جئن بقصد التجميل، الذي بات بعد سنوات الحرب والتحولات الاجتماعية والاقتصادية موضة، بل مرضًا منتشرًا في بلاد الحرب والحب.

تواصل تلك الفتاة الجميلة حديثها عن الرفاهية في ألمانيا، مستعرضة الصور وكأنها تُلقي محاضرة في أرقى الجامعات.
بكل شغف تصف جمال العيش هناك، وكيف أن قريبهم يرسل صور يومياته وحياته المترفة لهم بشكلٍ شبه يومي.

حرارة الصيف الحارقة تمتزج مع أمنيات تلك الفتاة، التي تنتمي إلى إحدى العشائر العربية العريقة في الجزيرة، بالسفر إلى أرض الأحلام والحياة الرغيدة؛ حياةٍ لا صوتَ فيها لمولدات الكهرباء المزعجة، ولا رائحةَ لمازوت، ولا أكرادَ يحكمونها، وإن كانت لهم كل هذه الأرض وكل ذاك الحزن.

قامشلو – تموز 2023

قامشلو
سحب ودخان يغطيان سماء المدينة ويحتضنان كل ذاك الغبار وحرارة الصيف الحارقة.
أشرطة الكهرباء تمتد على مدى النظر في كل أزقة وشوارع تلك المدينة المخبأة في قلوب الشهداء الحالمين، في مقبرتهم التي تقع في شمال المدينة قريبًا من جبال “سرخت” التي بات الجيل الجديد يسميها تركيا، إذ لا يعلم أو لا يهمه كثيرًا قصة سرخت وبنخت.
مدينة ما زالت حتى الآن تحافظ بشكل ما على تعايش بين كل مكوناتها، رغم الحرب التي سقت الضغائن بين سوريين من أقصى الشمال إلى درعا البلد في الجنوب.
الحرب غيرت وقتلت وشردت وهجرت وبدلت المجتمع والقيم، لكن ما زال في تلك المدينة من يحاولون عدم تركها، وآخرون ندموا لأنهم لم يتركوها منذ السنة الأولى التي اندلعت فيها الحرب.

أمهات فُتحت أبواب السماء لهن ونلن وضعًا اقتصاديًا أفضل ورفاهية وأشياء أخرى جديدة على حياتهن، لكن لم يملأ كل ذلك الفراغ الذي تركته هجرة أولادهن إلى الغرب، بعد المقتلة السورية التي بدأت عام 2011 ولم تنتهِ بسقوط نظام بشار الأسد.

أخريات كُللن بشرف أنهن أمهات الشهداء، كل الحزن الكردي والسوري يجتمع معًا في أعينهن، وكل خميس يزرن مقبرة الشهداء، يسقين الأشجار والورود على القبور، وربما يجرحهن كل ذاك الاستياء المنتشر في المجتمع من كل شيء:
ما مصير المدارس الكردية؟ ما مصير الإدارة الذاتية بعد سقوط النظام؟ هل سيحتل الجيش التركي ومن تحت إمرته من الميليشيات السورية المزيد من أراضي روجآڤا؟ هل… وهل…؟
فرح الأمل في عينيها بعد زيارتها لطبيب مختص بالعلاج ومشاهدتها لتعامله الإنساني مع المرضى، ولنظافة وبرودة العيادة التي تخفف عن المرضى آلامهم.
عندما شكرته على بقائه بعد الحرب وعدم هجرته، التي أصبحت موضة أو ربما ضرورة عند كثيرين، أجابها بكل رقي:أرجو من أولادنا ألا يلومونا لأننا فضلنا البقاء في وطننا.
كانت تعشق منذ شبابها شوارع هذه المدينة، ووجود بنت أختها معها أضفى على المدينة فرحًا، بالرغم من السحب السوداء التي تغطي السماء بسبب انتشار مولدات المازوت التي تؤمن الكهرباء للمدينة خلال سنوات الحرب وحتى الآن.
أخذت سيارة أجرة، وعندما أخبرت السائق بالمكان الذي ستزوره في شارع جامع “قاسمو”، أكد لها أنه يعرف المكان. كان السائق من المكون العربي، فسألته:
– هل أنت من هذه المدينة؟
أجابها: نعم.
وعندما وصلوا، قال مازحًا:
– على الرغم من شهرة هذا الجامع، لا أرى أي جامع.
فأجابته:
– انظر، جامع متواضع بناءً، لكنه كبير جدًا بمكانته عند أهالي المدينة وعند كل أهل الجزيرة تقريبًا.
عندما نزلت من السيارة، وقفت تنتظر وصول صديقتها. رفض أن يغادر، رغم إلحاحها بأنها تعرف المدينة جيدًا. ودقائق وتصل، والمدينة آمنة.
أجابها بلهجة عرب العشائر:
لا والله، ما أتركك لوحدك بهالليل.
لا والله يا أختي ما أتركك.
ظل واقفًا حتى اطمأن عليها، ثم ذهب.
تصرفه ذاك حول سحاب الدخان الأسود الذي يغطي سماء قامشلو إلى قصيدة أمل تحرث مقبرة الشهداء ليلًا.
قامشلو تموز -2025



#شهناز_أحمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئاسة السورية ووحدة الصف الكردي
- -ابو عمشة- يمثل السوريين
- يوميات سقوط الأسد-4-
- يوميات سقوط الأسد -3-
- يوميات سقوط الأسد -2-
- يوميات سقوط الأسد -1-
- دجلة
- نساء في استوكهولم ـ 9ـ
- نساء في استوكهولم 8
- -المخلب السيف-
- ما بعد غويران
- 12 قاعدة للحياة: ترياق للفوضى
- المرأة .... الحرب .... الحوار
- نساء في استوكهولم 7
- نساء في استوكهولم 6
- نساء في استوكهولم 5
- جيجك .... انهم يهابون لبواتنا
- نساء في استوكهولم - 3 -
- آذار ... وأمهات السوريات
- الرابعة عصرا-


المزيد.....




- فيديو لسيارة دفع رباعي تابعة لإدارة الهجرة تصدم شاحنة ناشط ح ...
- مصر: فيديو -صادم- لما فعله شخصان بسيدة مسنة لحظة سرقتها والد ...
- قوات من الحرس الوطني في حالة تأهب مع انطلاق أولى احتجاجات -ل ...
- نشوب حريق في سفينة قبالة ساحل عدن اليمنية إثر إصابتها بمقذوف ...
- السفارة الفلسطينية في مصر: إعادة فتح معبر رفح الحدودي بين غز ...
- السفارة الفلسطينية تعلن إعادة فتح معبر رفح بين غزة ومصر الإث ...
- عائلة فرجينيا جوفري إحدى الضحايا المفترضات في ملف إبستين ترح ...
- الولايات المتحدة: مسيرات حاشدة ضد سياسات ترامب بشأن الهجرة و ...
- برج آزادي رمز طهران الأبيض بين التاريخ والحداثة
- إصابة فلسطيني ومواجهات مع قوات الاحتلال خلال اقتحاماتها بالض ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - شهناز أحمد علي - مشاهد من - روژآڤا--1-