أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - الديكتاتور... حين يتجمّل الظلم باسم الوطن














المزيد.....

الديكتاتور... حين يتجمّل الظلم باسم الوطن


مدحت قلادة

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‎لم يولد الديكتاتور ديكتاتوراً. بل تصنعه بيئة من الصمت والخوف، وأصوات تملأ الدنيا بالتصفيق وتخفي الحقيقة تحت شعارات الوطنية. يبدأ الحاكم رحلته مقتنعاً بأنه المخلّص، ثم يجد من حوله من يُعظّمه في الخطأ قبل الصواب، حتى يفقد القدرة على رؤية الوطن كما هو، لا كما يرويه له المقرّبون. ومن هنا تبدأ الديكتاتورية، لا من بندقية، بل من كلمة مديح.
سلطة تستقوي بالدين وتخاف من العدالة
‎حين يتحالف الحاكم مع رجال الدين، يصبح الاستبداد أكثر خطورة. فبدلاً من أن يكون الدين ضميراً يصحّح مسار السلطة، يتحوّل إلى درعٍ يحميها من النقد. يُرفع اسم الله لتبرير الفقر، ويُستَخدم المنبر لتقديس الحاكم. وهكذا يتسلّل الظلم إلى كل زاوية في المجتمع، باسم الإيمان، لا باسم العدل.

في مصر اليوم، تُستَخدم المؤسسات الدينية لتثبيت سلطةٍ سياسية فقدت شرعيتها الأخلاقية. فبدلاً من أن تكون صوت الرحمة والمساواة، صارت أداة صمتٍ تُغطي التمييز الطائفي وتُبرّر الإقصاء. إنها شراكة غير معلنة بين من يخافون فقدان المنصب، ومن يخافون كلمة الحق.
الأقباط... ضحايا الصمت الممنهج
‎في قلب هذا الواقع، يعيش الأقباط وجعاً طويلاً من التهميش والتمييز. تُحرق كنائس، وتُمنع تراخيص، وتُهمَّش الكفاءات، بينما تُرفع شعارات “الوحدة الوطنية” كشعار احتفالي لا واقع له. لكن الجرح الأعمق هو ما يتعرض له الفتيات القبطيات القاصرات من خطفٍ وإخفاءٍ قسري أو أسلمةٍ قسرية تحت صمتٍ رسميٍّ مريب.

قصص تتكرر، وشكاوى لا تُحقق، وأُسر تُكسر قلوبها دون أن تجد العدالة. تتواطأ بعض الأجهزة بالصمت، وتغضّ المؤسسات الدينية الطرف عن المأساة، وكأن الكرامة تُقاس بالعقيدة لا بالإنسانية. في دولة تدّعي حماية المرأة، يُغضّ النظر عن أبشع أشكال انتهاكها حين تكون “مختلفة في الدين”.
اقتصادٌ منهار... ووطنٌ يُباع بالصمت
‎الديكتاتورية لا تكتفي بإسكات الأفواه، بل تسرق الأمل أيضاً. فبينما يُرفع شعار الإنجاز ، تغرق البلاد في ديون تتجاوز 165 مليار دولار، ويزداد الفقراء فقراً، وتتهاوى الطبقة الوسطى. لكن الإعلام يواصل دوره المرسوم: تمجيد الزعيم، وتجميل الفشل، وإقناع الناس أن الخراب هو نوع من البطولة. إنها مأساة وطنٍ يُخدّر بالخطابات، بينما الواقع ينهار تحت قدميه.
مسرحية أمام العالم
‎وفي الخارج، يقف الديكتاتور مزهوًّا أمام الكاميرات، يتحدث عن السلام وحقوق الإنسان، ويتباهى بالاستقرار. لكن خلف هذا المشهد المصقول، وطنٌ يتألم، وضميرٌ غائب، ومجتمعٌ منقسم بفعل الظلم والتمييز. الاستقرار الحقيقي لا يُبنى على الخوف، ولا تُصان الكرامة بالصمت. فالظلم، مهما تجمّل، يبقى شاهداً على نفسه، وعلى عهدٍ فاسدٍ يختبئ خلف الشعارات.
الخاتمة: حين يُقتل الوطن بالتواطؤ
‎إن أخطر ما يهدد مصر اليوم ليس فقط الاستبداد السياسي، بل تحالف الصمت. فكل من يُصفّق للطاغية، أو يُبرّر الظلم، أو يتجاهل مأساة الآخرين لأنه آمنٌ من الألم ، إنما يُشارك في قتل العدالة. الوطن لا يُبنى بالتطبيل، بل بالمواجهة الصادقة. وكل من ينفخ في صورة الرئيس، وهو يرى القهر والتمييز والاختطاف، إنما يعمل ضد مصر نفسها، حتى لو رفع علمها كل يوم.

ففي النهاية، لن يخلّد التاريخ المصفقين، بل أولئك الذين قالوا الحقيقة حين كان قولها خطراً.

اختم مقالي بكلمات "مارتن لوثر كنغ":
(إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يقفون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة، وأن المصيبة ليست في ظلم الأشرار وإنما في صمت وحياد الأخيار)



#مدحت_قلادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشرف قائد عسكري معاصر
- رسالة اخيرة للسيسي
- السيسي والضربة القاضية لمصر
- حرب اسرائيل ايران - اثر الدين على الإدراك -
- العدل في الإسلام
- متي يرحل السيسي ؟
- الاقباط والفهم الخاطىء للمسيحية
- تجارة الآعضاء في مصر
- غياب الصرخة وبقي الأمل
- كلاكيت الاسلام فقط !!!
- و الحافي إذا تقبقب
- التبني في المسيحية
- الاسلام فقط !!!
- مبروك عودة الاسلاموية لسوريا
- مبروك عودة الإسلام لسوريا
- الجولاني المسكين و مذابح السوريين
- الدولة الساقطة وخطف القبطيات
- الدبلوماسي الصيني و الاديان !؟
- المجد للملحدين
- الشهداء بين المسيحية والإسلام


المزيد.....




- وزير خارجية مصر لـCNN: معبر رفح مفتوح والأمر يعود للإسرائيلي ...
- وصول جثامين 45 فلسطينيًا إضافيًا إلى قطاع غزة
- لحظة اغتيال المرشح العراقي صفاء المشهداني عن -تحالف السيادة- ...
- احتراق سائق سيارة كهربائية بداخلها بعد الفشل في إخراجه، فكيف ...
- الثانوية العامة في غزة.. الشابة رغد تروي كيف تفوقت رغم الحرب ...
- بعد تصعيدٍ دامٍ.. باكستان وأفغانستان تتفقان على وقفٍ مؤقتٍ ل ...
- تأجيل القمة الروسية العربية في موسكو.. تقرير يسلّط الضوء على ...
- هل سئم الفضائيون منا؟.. نظرية جديدة تفسر احتمال توقفهم عن ال ...
- مدغشقر: قائد التمرد العسكري يعلن توليه الرئاسة ويمهد لمرحلة ...
- الشرع يتعهد باحترام الاتفاقات مع روسيا.. ما مصير بشار الأسد؟ ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - الديكتاتور... حين يتجمّل الظلم باسم الوطن