أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غازي الصوراني - وجهة نظر حول التثقيف الذاتي والمسلكية الأخلاقية في أحزاب وفصائل اليسار في الوطن العربي















المزيد.....


وجهة نظر حول التثقيف الذاتي والمسلكية الأخلاقية في أحزاب وفصائل اليسار في الوطن العربي


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 02:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الثقافة في المجتمعات الرأسمالية والتابعة تجري في صراع بين اثنتين: واحدة هي ثقافة "الطبقة" الحاكمة ، بتياراتها المختلفة المتباينة، وأخرى هي ثقافة المقهورين، بأنواعها المتعددة.
وعلى المثقف الماركسي كي يكون ثوريا، أن يكون بأدوات إنتاجه الفكري كادحاً ، فالمثقفون هم المنتجون، بأيديهم وأدمغتهم، ضد أنظمة التخلف والتبعية والقمع والاستغلال ، فالمثقف الثوري الديمقراطي هو البديل للحامل الاجتماعي أو الطبقي غير المتبلور في بلادنا ، وتلك مهمة لا يستطيع حملها إلا العضو الحريص على امتلاك كل مقومات الوعي النظري الماركسي، والوعي بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلاده عبر مبادرات ذاتية دؤوبة ومتواصلة .
فالحراك الثوري يتفاعل وينطلق اليوم في معظم بلدان الوطن العربي ، حيث أن إمكانية آلية الصراع فيها تنبئ بإمكان اندلاع النشاط السياسي التغييري في تلك الأنظمة ، فالتغيير الديمقراطي الثوري بات ضرورة ملحة في كل منها، وحاجة يومية في نضال الجماهير الكادحة.
والثورة اليوم تطرح سؤالهاعلى الثقافة: أمع الثورة أم ضدها؟ وعلى المثقفين تطرح السؤال: أمع التغيير الديمقراطي أم ضده؟ والسؤال سياسي بامتياز.
وفي كل بلد من بلدان الوطن العربي اليوم نقول : من لا ينتصر للثورة الديمقراطية في كل آن، مثقف مزيف، وثقافته مخادعة مرائية. إذ الثقافة في تعريفها مقاومة، فإذا ساوت بين القاتل والقتيل انهزمت في عدميتها، فانتصر القاتل، وكانت في صمتها شريكته، لكن ذلك مشروط بالمزيد من التعلم وامتلاك الوعي ، والتفاعل النقدي الخلاق مع مناهج وأفكار الحزب أو الفصيل، بما يضمن مواكبة المتغيرات المحلية والعالمية، وبهدف استيعاب الظروف والمتغيرات الجديدة ، والارتباط اكثر بالواقع ودراسته بهدف معرفته وتغييره، فبالاضافة للمعارف النظرية العامة تشكل وثائق الحزب /الفصيل الماركسي ، ودراساتها في مختلف الجوانب ، الشيء الجوهري في مناهج التعليم الحزبي، ذلك إن الذي نسعي الى تحقيقه، هو التخلص من منهج التلقين، وترسيخ منهج الحوار المستند إلى الوعي الذاتي، والدراسة بذهن مفتوح، وان يقدم المنهج الطريقة التي تساعد الاعضاء على مواصلة الدراسة والبحث والتعلم مدى الحياة، وهنا لا بد من ايلاء اهمية كبيرة لمواصلة التثقيف الذاتي وتشجيع الرفاق – في جميع الفروع – على ممارستها بروحية عالية من التحفز الذاتي لتوسيع ومراكمة المزيد من المعارف الثقافية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية بما يعزز ارتباطهم وتلاحمهم في أوساط الجماهير.
ان أوضاع التبعية والانحطاط السائدة في معظم بلداننا ، وضعت مجتمعاتنا على عتبة مرحلة غامرة بالمهام والمتطلبات والاحتمالات والمتغيرات والمخاطر والآمال- رغم غياب العوامل الطبقية والمعرفية .
الأمر الذي يتطلب من كافة الاعضاء مزيداً من التفاعل الفكري والسياسي مع الحالة الراهنة ، واستلهام أهدافها وشعاراتها في الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة، بما يضيف زخماً فكرياً وسياسياً لأهداف شعوبنا للخروج من علاقاتهم العفوية الشكلية وتعاطفهم مع قوى اليمين العلماني أو الإسلام السياسي، ومن ثم تكريس مفاهيم وآليات الديمقراطية والتعددية في اوساطهم كطريق وحيد يضمن تحقيق أهداف شعوبنا في الخلاص من كافة مظاهر التبعية والاستبداد والاستغلال.
إن التفاعل الخلاق لأحزاب اليسار مع هذه الحالة الثورية الديمقراطية في بلداننا ، يشترط مزيداً من التزام قوى اليسار بالاخلاقيات الثورية الديمقراطية في سلوكها اليومي داخل الحزب وفي المجتمع على حد سواء ، ومن ثم إعادة الاعتبار لمفاهيم الحزبي والرفيق والمناضل والثوري الديمقراطي وما في سياقهما التي أصابها مقدار غير قليل من التشويه الذي أدى الى شحوب الفضائل الحزبية بوجه عام، الأمر الذي يفرض أن تتخذ الأخلاق في كافة أحزاب وفصائل اليسارا طابعاً ثورياً وديمقراطياً راهناً ومستقبلياً باسم قيم النضال الوطني التحرري والتقدمي الديمقراطي، إذ أن الممارسة الذاتية لهذه الرؤية الأخلاقية التي تتكرس في خدمة الفريق الجمعي أو التنظيم هي أحد أهم المحددات التي تضمن تطورالقوى اليسارية في اللحظة الراهنة والمستقبل .
فالأخلاق الثورية لا تعكس وضعاً معيناً في النضال الاجتماعي والظروف الموضوعية لتقدم مسار النضال الوطني والديمقراطي وحسب، بل تبرز كذلك كقوة تتجسد في سلوك الجماهير ، ولكن إذا ما تعرض الحزب اليساري الماركسي إلى عوامل وتراكمات الازمة الداخلية في صفوفه ، فإن الأزمة الأخلاقية الفعلية ، تبلغ ذروتها بسبب استمرار مفاعيل و تراكمات هذه الأزمة (عبر رموزها) طالما بقي الحزب عاجزا عن الخروج منها ، حيث تتراجع المبادئ وتختل قواعد التنظيم ، ويسود منطق الشللية و التكتل وانزلاق بعض الرفاق إلى مستنقع الانتهازية التي تتجلى في كسب الأنصار بأية طريقة كانت ، فتتراجع النظرة الموضوعية الديمقراطية، كما تتراجع الثقافة النظرية، والهوية الفكرية للحزب ، ويصبح الانجرار وراء الأشخاص، لا التمسك بالمبادئ، هو السائد، ويغيب النقد والنقد الذاتي ، بما يمهد لتهميش الحزب وتفكيكه ومن ثم اسدال الستار عليه.
لذلك فان المهمة الأكبر التي تواجه الحزب المأزوم هي الكيفية التي يواجه بها هذه النزعة الخُلُقية الشائنة المتفشيه في صفوفه وإزاحتها وطردها بما يكفل استعادة روح وعقل العمل الجماعي ، وبناء مؤسساته وأطره التنظيمية والفكرية والسياسية والكفاحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، بصورة ديمقراطية ، بما سيوفر له القدرة على استعادة التواصل والتفاعل والانتشار في صفوف الجماهير تمهيداً لاستعادة دوره الطليعي المنشود في النضال الكفاحي والسياسي والمجتمعي .
وهنا يمكننا أن نوضح الأسس التي يقوم عليها الحزب الماركسي وهي :
الأساس التنظيمي : بدون هذا الأساس الذي يعتمد على التطبيق الخلاق للنظام الداخلي، لا يمكن أن يوجد أصل للحزب اليساري الماركسي. و الأداة التنظيمية هي الحزب الثوري.
2. الأساس الأيديولوجي أو الفكري المعبر عن منطلقات الحزب الفكرية المرتبطة بالنظرية الماركسية في صيرورتها وتطورها وتجددها بعيداً عن كل أشكال الجمود والتقديس .
3. الأساس السياسي : وهو مدخل كل الرفاق في الحزب للارتباط بالجماهير عبر فهمهم واستيعابهم – على سبيل المثال - لمضمون شعار : التحرر الوطني والديمقراطي بالارتباط العضوي مع حركة التحرر القومي العربية
على أنه في سبيل تحقيق هذه الأسس، لا بد من التطبيق الخلاق للمفاهيم الاخلاقية، التربوية، السياسية والتنظيمية والفكرية والكفاحية التي يتوجب على قوى اليسار الاستناد اليها عبر الوعي والتثقيف الذاتي وهي :
الأخلاقيات الحزبية :
هي مجموعة المبادئ والقواعد التي يسترشد بها العضو في سلوكه الخلقي وتصرفاته, و يطلق عليها الآداب الحزبية (وتشمل وجهه نظر وموقف الحزب/الفصيل) التي يتوجب أن يتمتع بها جميع الأعضاء، إذ إن الإقتداء بالأخلاق الرفاقية يعني بالنسبة لكل عضو أن يتصرف على الدوام بما يتلاءم مع المتطلبات الحزبية نصاً وروحاً، والالتزام الواعي والمخلص بمبادئ وأفكار التنظيم عبر ممارسة لا تلقي أي ظل من الشك على شرف الحزب أو لقب الرفيق, بل بالعكس تجسد مشاعر كل رفيق بكونه جاء باختياره الحر, لكي يكون مناضلاً في حزب تقدمي ديمقراطي من أجل أفكار ومبادئ عظيمة، خاصة وأن القناعة الفكرية للرفيق لا تقوم على الإيمان الأعمى وغير المسئول ، إنما تستند إلى النظرة العلمية إلى العالم وفهم قوانين التاريخ والتطور الاجتماعي الموضوعية في الوطن العربي والعالم من خلال التثقيف الذاتي ، إذ لا يكفي أن يسمون أنفسهم بـ"طليعيين" وفصيلا متقدما ، بل عليهم أن يتصرفوا بشكل تكون فيه سائر الأحزاب والفصائل الأخرى مضطرة إلى الاعتراف بكونهم يسيرون في المقدمة .
السمات الأخلاقية لعضو الحزب اليساري :
انها الأركان والصفات الأخلاقية التي تتجلى في سلوك الأعضاء، لإن السمات الأخلاقية للرفاق، تتحدد، قبل كل شيء ، بمبادئ الأخلاق الثورية الديمقراطية وقواعدها التوحيدية لكافة الرفاق لا فرق بين عربي او امازيغي او كردي او ارمني او نوبي او شركسي وفق روح المواطنة والمساواة بعيدا عن أي موقف شوفيني قومي أو عنصري أو مذهبي أو طائفي.
وفي هذا الجانب نشير الى عدد من السمات التي تجسد السلوك الثوري وهي سمات لا يمكن تحققها بدون مراكمة الوعي المعرفي عبر التثقيف الذاتي ، نلخصها فيما يلي :
1. الاستقامة. 2. المثابرة والإصرار . 3. الإبداع. 4. الإيثار. 5. الهدوء والثبات. 6. تربية الذات. 7. تقييم الذات . 8. التفاني. 9. الغيرية.
في ضوء ما تقدم .. فإن عملية النضج المعرفي والسياسي والتنظيمي ، بدوافع ذاتية في إطار رؤية الحزب وبرامجه، تشكل عاملاً رئيسياً بالنسبة لتأثير وتوسع الحزب في أوساط الجماهير، عبر الممارسات الايجابية الملموسة على كافة الأصعدة بدءا من السلوك الشخصي، إلى الممارسة التطبيقية في كل ما يتعلق بالقضايا الحياتية والسياسية للجماهير، بما يراكم ويرفع من درجات وعيها بمبادئ الحزب وأهدافه وقيمه الثورية والديمقراطية، التي تكفل إزاحة وطرد القيم السلبية الاجتماعية السائدة ، التي لا يمكن تغييرها الا حينما يصبح وعي الناس الاخلاقي، وعيا لمصالحها يمكنها من استيعاب وقبول تنفيذ المهمات الواقعية على الصعيد الوطني او الاجتماعي .
وهنا بالضبط ، يتجلى دور العضو والكادر الحزبي في تقديم القدوة والمثال الفذ للنقاء والصدق والشفافية والبعد عن الذاتية والاستهتار بقواعد السلوك والأخلاق .
إن كل ما تقدم يشكل أساساً أولياً جامعاً ومبرراً للالتحاق والانتماء للحزب/الفصيل ، لكن التفعيل الحقيقي أو الثورة الحقيقية للحزب ، لا تحددها قناعته الفكرية أو أيديولوجيته فقط، فلكي تتمتع الأفكار بقوة تحويلية ، من الضروري أن تكون الممارسة اليومية للرفاق متطابقة إلى حد بعيد مع أفكار ومبادئ الحزب عبر التثقيف الذاتي، فالرفاق الأعضاء والكوادر لا يستطيعون الاستمرار بالعمل الثوري والديمقراطي ، ان لم يعلموا نفسيهم ويرشدوا جماهيرهم ويسترشدوا بها ويتعلموا منها ، وان ينظروا للوعي النظري والوعي بالواقع من اجل تغييره على أنه جزء لا يتجزأ من النشاط التنظيمي.
إن أهمية اصطفاء الكادر الحزبي تكتسب اهتمام كل الذين يسعون من اجل انتشار مبادئ الحزب ، ومن أجل تقويته سياسياً وفكرياً وتنظيمياً، ولهذه المسألة معايير لا تقبل التأويل.
أولا: المقياس النظري والسياسي : "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" هذا هو المحدد الرئيسي لهذا المقياس الذي يسعى إلى تحديد درجة استيعاب الكادر الحزبي للنظرية الماركسية ومنهجها المادي الجدلي، وقدرته على تطبيقها التطبيق الخلاق في الواقع ، إلى جانب وعيه بالقضايا السياسية التي تجسد موقف الحزب في الصراع ضد التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي .
ثانياً: المقياس التنظيمي : وهو مقياس يحدد درجة التزام الكادر الحزبي بالانضباط التنظيمي والمحافظة على وحدة الحزب في الفكر والعمل، وخبرته التنظيمية، والتطبيق الصائب والمبدع لقرارات الحزب وتوسيع التشكيلات المحيطة به ، والاهم البدء بالتخطيط للتوسع التنظيمي للأعضاء الجدد عبر هيئات ومراتب حزبية قاعدية، بدءا من الخلايا بالطبع ، وعلى الهيئات القيادية دراسة هذا التوجه بكل جدية .
ثالثاً: المقياس العملي : وهي الصفات التي تحدد قدرات الكادر على التطبيق السليم لخط الحزب في المجالات السياسية أو التنظيمية أو الفكرية أو الجماهيرية أو النضالية أو الإعلامية... والخبرات التي يمتلكها في جوانب العمل المختلفة .
رابعاً: المقياس الطبقي : ان علاقات الإنتاج تضع الأفراد في مواقع يواجهون بعضهم البعض عبر صراع طبقي بين الطبقة المستغِلّة (الأقلية) التي تملك وسائل الإنتاج والثروة من جهة وبين الطبقات المحرومة (الأغلبية) التي يجري استغلالها .
على أن هذا الصراع الطبقي أو التناقضات التحتية تكشف عن نفسها في مجموعة من الصراعات الفوقية التي تتخذ أبعاداً سياسية وأيديولوجية وقانونية وأدبية وفنية ...الخ ، وهذه الصراعات في البناء الفوقي، تحدد مصير التناقضات التحتية أو الصراع الطبقي المباشر وتسهم – عبر التغيير اديمقراطي – في تجسيد الدور الطليعي للحزب .
خامساً: المقياس النضالي : استعداد الكادر للقيام بالمهمات النضالية التي يكلف بها والمرتبطة ببرنامج الحزب، وامتلاك المواصفات النضالية وفي مقدمتها الوعي والعقلانية الموضوعية والروح الثورية الرفاقية الدافئة والتواضع والشجاعة والجرأة والإرادة الصلبة.
سادساً: القدرة القيادية : إن القدرة القيادية تعني المستوى الفكري والسياسي الرفيع للكوادر، وأهليتهم ومبادرتهم ، القدرة على تحمل المسؤولية ومواجهة الأمور الملموسة، القدرة على تنظيم وإدارة العمل وضبطه انطلاقا من توجهات الحزب ودستوره أو نظامه الداخلي.
سابعاً: المقياس المسلكي : إن المقياس المسلكي عامل مهم في تقييم الكادر، وعلى كافة القوى اليسارية أن تأخذ دوماً بعين الاعتبار سجايا الطبع "والسمات الذاتية الخاصة" ومراعاة أصول الأخلاق الاشتراكية، التي تتمثل في الروح المبدئية العالية والوعي العميق للواجب الاجتماعي، والروح الجماعية والعلاقات الرفاقية القائمة على التعاون، والاحترام والبساطة والصراحة والصدق والتواضع، والنزاهة والإيثار والمصداقية العالية والأمانة الثورية والموضوعية التي تقتضي رفض ممارسة أي شكل من أشكال الانتهازية أو الشللية أو التكتلات بل كشفها ومجابهتها.
ثامناً: المقياس العلمي والمهني والإداري التخصصي : نتفق أن الحزب مؤسسة لها أهداف محددة واختيارات وأولويات وبرامج، ما يعني تكريس المنهج العلمي في الإدارة الحزبية ، حسب العناوين الكبرى في برنامج الحزب أو في الإطار الوطني أو القومي أو الأممي من جهة أو حسب العناوين المطلبية الداخلية وفق توجهات الحزب في عملية تأسيس لجان التخصص( لجان ثقافية /عمالية فلاحين /صناعية/زراعية/مجتمعية/تكنولوجية/ سياسية/قومية /دوليةأو أممية ...الخ)التي يتوجب تشكيلها عبر التخطيط، بحيث تتحدد العناوين السياسية وكافة القضايا الوطنية إلى جانب القضايا الديمقراطية في الصناعة والزراعة والصيد والاقتصاد والمياه والتعليم والصحة والعمل والعمال والمرأة والنقابات والطلاب والإعلام والثقافة والتنوير العقلاني في مواجهة الاسلام السياسي ومخاطره .
وكل ذلك مرهون بمدى تحصيل الحزب واستيعابه للبيانات والمعلومات التي تساعده على تقييم الاختيارات المتاحة .
وبالتالي فإن تقدم و نجاح المسار النضالي لأحزاب اليسار في الوطن العربي، مرهون بتوفر شرطين أساسين مترابطين، الأول: وعي العضو الحزبي بالمنطلقات الفكرية و التنظيمية و السياسية للحزب بما يعمق الدافعية والمبادرة الذاتية و من ثم الالتزام الحقيقي بتلك المنطلقات و الدفاع عنها و النضال من اجل تحقيقها .
والثاني : قدرة الحزب على بلورة و تطبيق السبل الكفيلة ببناء و تكوين المناضل الماركسي في صفوفه ، المستوعب بصورة عميقة كافة جوانب النظرية ومنهجها المادي الجدلي الى جانب استيعاب تفاصيل الواقع السياسي الاقتصادي الاجتماعي/ الطبقي ومكوناته في بلده .
وفي هذا الجانب علينا – في قوى اليسار - أن نعترف أن معرفتنا الحقيقية بالماركسية هي معرفة محدودة، سطحية، واليوم ونحن نسعى إلى إعادة قراءة الماركسية ومنهجها، فإننا نهدف من وراء ذلك إلى تعميق الوعي بها في هيئات ومراتب وكوادر احزابنا، بما يمكننا من التحليل الموضوعي وسبل التغيير المطلوبة لواقع بلداننا بكل مكوناته وجوانبه السياسية والمجتمعية .
وفي كل الأحوال فإن تساؤلاتنا وإجاباتنا – حول الواقع والنظرية - ستكون بالضرورة محدودة بحدود معرفتنا أو طبيعة التزامنا (الشكلي أو النوعي) بهذه النظرية ومنهجها، في هذه المرحلة بالذات، تتجلى الضرورة الملحة لعملية تفعيل النضال الديمقراطي من اجل ولادة عصر نهضوي عربي ديمقراطي جديد عبر دور طليعي لأحزاب وفصائل اليسار في بلدان الوطن العربي.
ذلك ان المفترض في رسالة وبرنامج واهداف قوى اليسار، اقتناعهم جميعا أن الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين الفقراء والبورجوازية الصغيرة وكافة المضطهدين يتنسمون من خلالهم، نسمات المستقبل القادم الذي تتحقق فيه أحلامهم ، عبر برامجكم واهدافكم ودوركم النضالي الديمقراطي، القادر على إخراج مجتمعاتنا من الواقع المهزوم والمأزوم الراهن صوب المستقبل القادم الذي ستعلو فيه رايات التحرر الوطني والقومي والديمقراطية والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية.
رفاقنا الأعزاء.. إننا أمام مرحلة تتطلب استعادة لأصل الصراع، لكن لا ينبغي علينا استسهال الأمر ، فهي ليست عملية ارتجالية، انها تحدي المستقبل الذي يفرض عليكم ثورة في الوعي، وثورة في تفعيل وتطوير الحياة الداخلية الديمقراطية لتنظيماتكم، عبر المراجعة النقدية الموضوعية لتاريخكم منذ التأسيس حتى اللحظة ، للخروج من أزماتكم صوب النهوض السياسي والفكري والتنظيمي الديمقراطي ، بما سيضمن بالضرورة استقطاب قطاعات واسعة من الجماهير الشعبية، وبما يضمن تحقيق البعد الثوري لعملية وأساليب النضال السياسية والديمقراطية والكفاحية، والالتحام بالجماهير في علاقة تبادلية محكومة للوحدة والترابط الجدلي بين النضال الوطني التحرري والديمقراطي/الطبقي .
على أية حال، إن المسألة لا تكمن في مجرد طرح الغاية والرؤية فحسب ، بل في كيفية تحقيق هذه الرؤية ، الأمر الذي يستدعي تغيير الكثير من الشعارات ، والتأسيس لأنماط عمل واستراتجيات جديدة، وهي على صعوبتها تحتاج إلى وضوح الرؤى المعرفية والسياسية بمنطلقاتها التقدمية ، بمثل ما تحتاج إلى أدوات نضالية جديدة أشبه "بكتلة تاريخية" ذات مضمون وطني وقومي ماركسي كنقطة انطلاق صوب التغيير المنشود ، كتلة تاريخية تبدأ أنويتها في كل بلد عربي على حدة برؤية تحررية وتقدمية ، وطنية وديمقراطية ، تقوم على الالتزام السياسي والتنظيمي والمعرفي والأخلاقي بمصالح وأهداف العمال والفلاحين وكل الفقراء والمضطهدين ، لكي تمتد وتتواصل في الإطار القومي العربي كخطوة لاحقة، بحيث تضم هذه الكتلة ، كافة القوى اليسارية الماركسية والمثقفين والمناضلين من أجل تحقيق مهام الثورة الوطنية الديمقراطية واستعادة بناء المشروع القومي النهضوي الديمقراطي العربي، بما في ذلك هدف تفكيك وإزالة الدولة الصهيونية، وإقامة فلسطين الديمقراطية العلمانية التي ستشكل إطاراً موضوعياً لحل المسألة اليهودية بعيداً عن كل أشكال التعصب أو العنصرية.



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهومي المواطنة والديمقراطية في المجتمع الفلسطيني
- بصراحة ، كلمات عن العلمانية والديمقراطية والاشتراكية
- اين تكمن الطريق الى مستقبل عربي تقدمي وديمقراطي افضل؟
- الحزب الماركسي والنضال التحرري والديمقراطي الطبقي واهمية عنص ...
- للتاريخ ... شروط قبول هيئة الأمم المتحدة بعضوية دولة -إسرائي ...
- خاطرة عن الوالد الصديق والرفيق القائد المؤسس الحكيم جورج حبش
- رؤية راهنة ومستقبلية حول الماركسية كمنهج حي وليست عقيدة جامد ...
- يهودية الدولة ومستقبل الصراع العربي الصهيوني
- البعد القومي للصراع العربي الصهيوني
- حديث فلسفي عن الضرورة التاريخية لصياغة منظومة حضارية معرفية ...
- امتلاك مقومات التطور العلمي المعرفي والتكنولوجي عنصر رئيسي ل ...
- عن رواد الإصلاح الديني رفاعة الطهطاوي والافغاني ومحمد عبده و ...
- تقديم الصديق والرفيق المؤرخ عبد القادر ياسين للمجلد الثاني ع ...
- رؤية موضوعية تحليلية ، تاريخية وراهنة لتطور حركة التحرر العر ...
- بوضوح ....
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ...
- حاجة المثقف العربي إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة
- كيف يمكن للعرب أن يبحروا في خضم المجتمع العالمي الزاخر بالتغ ...
- في حضرة ليلى خالد
- لماذا أخفقنا كيساريين ماركسيين في الوطن العربي ونجح غيرنا ؟ ...


المزيد.....




- قائمة -World-s 50 Best- تكشف عن أفضل حانة في العالم لعام 202 ...
- طائرة صغيرة تتحطم بعد اصطدام مميت بعدة شاحنات ومقطورات متوقف ...
- نجمات عربيات وعالميّات يعتمدن اللون -البني- في إطلالاتهنّ
- نتنياهو قبيل إطلاق سراح الرهائن: -عهد جديد-.. وحدث تاريخي يم ...
- تحديث مباشر.. الصليب الأحمر يعلن بدء عملية الإفراج عن الرهائ ...
- ماذا نعرف عن الرهائن في غزة مع بدء الإفراج عنهم صباح الاثنين ...
- ترامب يشكّك بإمكانية قبول توني بلير بمجلس السلام بشأن غزة
- ترامب: الجامعات الأميركية أفسدتها أيديولوجيات معادية لبلادنا ...
- اللعب بالنار.. تمسك حماس بسلاحها يثير -عاصفة قادمة-
- إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن الإسرائيليين


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غازي الصوراني - وجهة نظر حول التثقيف الذاتي والمسلكية الأخلاقية في أحزاب وفصائل اليسار في الوطن العربي