أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غازي الصوراني - عن رواد الإصلاح الديني رفاعة الطهطاوي والافغاني ومحمد عبده والكواكبي و علي عبد الرازق و طه حسين وصولًا الى تبلور أفكار الإسلام السياسي وتأسيس حركة الإخوان المسلمين من خلال رشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب وانتشار التطرف الأصولي في معظم بلداننا العربية........















المزيد.....



عن رواد الإصلاح الديني رفاعة الطهطاوي والافغاني ومحمد عبده والكواكبي و علي عبد الرازق و طه حسين وصولًا الى تبلور أفكار الإسلام السياسي وتأسيس حركة الإخوان المسلمين من خلال رشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب وانتشار التطرف الأصولي في معظم بلداننا العربية........


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 01:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول د. عبدالله شلبي في كتابه "الدين والصراع الاجتماعي في مصر " : كان الهاجس الأهم الذي سيطر على تفكير المصلحين المسلمين الأوائل أمثال رفاعة الطهطاوي ( 1801 – 1873 ) ، ثم أعلام ورموز ما عرف بتيار الجامعة الاسلامية أمثال جمال الدين الافغاني ، (1839 – 1897 ) ، و خير الدين التونسي ( 1810 – 1899 ) ، و محمد عبده ( 1849 –1905 ) ، و عبد الرحمن الكواكبي ( 1854 –1902 ) و عبد الحميد بن باديس ( 1899 – 1940 ) ، و رشيد رضا ( 1865- 1935 ).
كان الهاجس المسيطر على اولئك المفكرين ، هو تكييف الاسلام مع الواقع الجديد ووفقا لحاجات العصر فضلا عن دعوتهم للعودة الى منابع الاسلام الاصلية ودعوتهم لاقامة مجتمع متصل بالعالم الحديث استنادا الى استلهام ما هو جوهري واصيل في الدين الاسلامي ، والذي مثل لديهم نقطة البدء والطاقة المحركة لدفع عملية التطور الاجتماعي في مشروعهم الاصلاحي ، ثم نتقدم خطوة اخرى لنبين ما انتهى اليه التيار الاصلاحي وبيان نواحي قصوره والدور الذي قام به في بعث الاصولية الاسلامية المعاصرة.
تكشف مراجعة اعمال الطهطاوي الفكرية وجهوده العملية عن دعوه صريحة الى استخدام المنهج العقلي في قراءة التراث الاسلامي ، وتأمل الحضارة الاوروبية فقد طالب رفاعة باعادة تفسير الشريعة الاسلامية في اتجاه التطابق مع احتياجات العصر ودعا الى فتح باب الاجتهاد وتجديد النظرة الى علماء الدين بحيث لا يقتصر دورهم على مجرد حراسة تراث ثابت وانما عليهم دور اهم واخطر وهو اعادة تفسير الشريعة في ضوء الاحتياجات الحديثة ودراسة العلوم التي جاء بها العقل الانساني وتعد الاسهامات الفكرية التي قدمها رفاعة اول محاولة للرد على التحدي الحضاري الاتي من الغرب كما انها كانت تنطوي على دعوة العرب والمسلمين للنهوض والاخذ باسباب الحضارة الحديثة وعلومها.
ويأتي الافغاني ليعبر بدوره عن مرحلة تحول الدولة العثمانية وتفسخها على يد الدول الاوروبية ، فيصبح التحدي الغربي الراسمالي تحديا حضاريا واستعماريا في آن واحد فلم تعد اوروبا هي الشعاع الفكري لعصر النهضة كما كانت لدى الطهطاوي وحسب ، وانما اصبحت هي ايضا المحتل العسكري والسياسي الذي يقهر المسلمين وينهب ثرواتهم . وامام هذا الحدث التاريخي وقف الافغاني بين وجهي اوروبا الجميل والقبيح فجمع بين الاصلاح الديني والسياسي.
و حاول الافغاني إحياء العقائد في قلوب المسلمين و تثوير دينهم ، و دفعهم إلى نبذ القضاء و القدر وراء ظهورهم و دعا الى التوفيق بين العلم و الدين و التدقيق في النصوص الدينية ، و استخلاص الصحيح منها، والهدف النهائي كان تطهير الاسلام و اعادة القوة و الفاعلية للعرب و المسلمين في مواجهة الغرب.
أما محمد عبده ، فقد كانت الفكرة المحورية في منهجه التجديدي هي ربط الثقافة التقليدية بالعلم الحديث عن طريق ايجاد مركب تقافي يجمع بين العلم و الدين.
و ارتأى الشيخ محمد عبده أن ثمة شبهاً قوياً بين الاسلام الحق كما يتضح في قيم السلف .و بين القيم الغربية الحديثة، ومن ثم دعا الى استخدام العقل لتخليص الدين من الادران التي علقت به و شوهته في صورة التقاليد الزائفة و الخرافات البالية.
و بالرغم من دعوة الشيخ محمد عبده لاستخدام العقل و الانفتاح على العلم الحديث فإن الايمان الديني لديه يظل مصدراً لكل حقيقة ، و ليس العلم أو العقل باعتبارهما نشاطين تأمليين مستقلين عن كلام الله.
ذلك أن سعي محمد عبد الحقيقي كان اقامة و بعث جماعة وطنية عن طريق الدين المتكيف مع الحياة الجديدة و ليس عن طريق النقد التاريخي العلمي للدين ، على غرار ما حدث في الغرب و انما بالرجوع الى اصول الاسلام و مصادره الاولى ، فهو وحده القادر على توحيد الامة ، و تجسيد الوعي بالوطن ، و تأسيساً على هذه الإصلاحات العقائدية يصبح الدين الايديولوجية الوطنية الجامعة للأمة .
أما تلميذه رشيد رضا ، صاحب المنار ، الذي تأثر بالوهابيين وكان صديقا لهم وللملك عبد العزيز بن سعود، وبالتالي اختلف مع آراء استاذه محمد عبده ، بذريعة الرجوع الى عصر النبي و خلفاءه الأربعة من بعده ، و إسقاط ما دون ذلك ، فهو يرجع ضعف المسلمين و تأخرهم الى ابتعادهم عن دينهم و عليهم إن هم أرادوا النهوض للعودة إلى الاسلام الحقيقي في بساطته الأولى التي كان عليها زمن النبي و خلفائه.
هنا أشير إلى انه في أعقاب الحرب العالمية الأولى ألغيت الخلافة و طويت صفحتها تماماً في 17 مارس 1924 بإعلان علمنة تركيا على يد كمال أتاتورك وترتب على ذلك ضياع و فقدان الرمز والشكل الذي كان قد بقي لتيار الجامعة الإسلامية.
في تلك المرحلة تشكل تيار ليبرالي يعارض تعاليم محمد عبده ، و كان أكثر راديكالية في تأويل القيم الاسلامية و تزعم هذا التيار أحمد لطفي السيد ، و علي عبد الرازق و طه حسين ، في بداية حياته .
- وفي ابريل 1925 نشر الشيخ المستنير علي عبد الرازق كتاباً بعنوان "الإسلام وأصول الحكم" طالب فيه بإلغاء نظام الخلافة، حيث رأى "أن مؤسسة الخلافة ليس لها أي سند أو أساس فقهي من الأصول والمصادر المعتمدة للدين عند المسلمين، ومن ثم يجب نزع وإسقاط أية صفة قداسة كانت تنسب للخلافة، وبالتالي يصبح لكل أمة إسلامية الحق والحرية في اختيار نوع الحكم الملائم لها، وفي اختيار من تريده حاكماً عليها وفي خلعه أيضاً ، ما يعني أن مضمون دعوة الشيخ علي عبد الرازق هو أن الإسلام دين لا دولة، ومن ثم يجب الفصل بينهما، واعتماد العقد الاجتماعي والديمقراطية أساس للحكم.
- أما طه حسين، فقد نشر عام 1926 كتابه "في الشعر الجاهلي" والذي طبق فيه المنهج الديكارتي على النقد الأدبي، وقاده هذا المنهج إلى التساؤل عما إذا كان الشعر الجاهلي قد كتب فعلاً في العصر الجاهلي. وكان طه حسين بتساؤله هذا قد أسال دماء كثيرة، لأن منهجه في الشك الديكارتي لو طبق على النصوص القرآنية لأمكن أن يسبب شكوكاً خطيرة فيما يتصل بصدقها، إذ أن العقلانية كما طرحها طه حسين وقتئذ كانت تقتضي إباحة حق الشك بدلاً من النصية والحرفية والتسليم بما هو منقول.
- وأمام تصاعد المد الأصولي (رشيد رضا بالذات)، تم تجريد علي عبد الرازق من مناصبه وانزوى في بيته، وطه حسين أعلن "توبته" وسحب كتابه، وكتب خطاباً يدافع فيه عن نفسه كمسلم ومؤمن، ثم كتب ثلاثة أجزاء عن حياة النبي بعنوان "على هامش السيرة".
- ومع مطلع الثلاثينات، تبلورت الحمية الدينية (في إطار التخلف والمصالح الاجتماعية والسياسة السائدة) فمن جبة الشيخ رشيد رضا برزت أقوى الجماعات الإسلامية في التاريخ العربي المعاصر، (جماعة الإخوان المسلمين) ومن يمينها ويسارها خرجت تيارات وجماعات أصولية عديدة، فقد أخذت الجماعة على عاتقها مهمة قطع كل محاولة للتصالح أو التوفيق مع الحضارة الحديثة، ومن ثم انهارت المعادلة التوفيقية التي حاول كل من الأفغاني ومحمد عبده صياغتها.
هذه المهمة أصبحت مع حسن البنا (1906-1949) (مؤسس الجماعة) محددة في: بعث الإسلام الأصولي لا الاجتهاد فيه، وقطع كل محاولة للتصالح أو التوفيق مع الحضارة ، على أساس أنها "حضارة مادية مريضة ملوثة بالإلحاد"، وأن إسلامنا وحده بشموليته وتفرده _كما يقول حسن البنا_ قادر على التصدي لكل تفاصل حياة الفرد والمجتمع دون حاجة إلى أي اقتباس أو استعارة من حضارات أجنبية".الغربية. ( وكان كل ذلك مخططاً من الغرب الاستعماري منعاً لتطور العالم العربي والإسلامي، دليلي على ذلك تقديم مبلغ خمسمائة جنيه من مجلس إدارة قناة السويس الى حسن البنا بقرار من اللورد كرومر).
- ويأتي سيد قطب (1906-1966) المنظر الرئيسي المعتمد للأصولية الإسلامية المعاصرة، وبتأثيرات قوية من فكر المودودي (1903-1979) مؤسس الجماعة في باكستان، لينكر أن هناك ضرورة للاجتهاد، "فنحن جميعاً _كما يقول سيد قطب_ جاهليون، "ولم نصبح مسلمين بعد، وعلينا أولاً الإقرار بأن الحاكمية لله وحده، وهي تتمثل في شريعة الله في كل ما يتعلق بالاعتقاد والحكم والأخلاق والسلوك والمعرفة، وعلى ذلك ليس من حق بشر أن يشرع لبشر "، وفي رأي قطب أن التنوير والنهضة في أوروبا خلق انفصاماً بين حياة المخاليق (الناس) من جهة، ومنهج الخالق من جهة أخرى، وكان لهذا الانفصام آثاره المدمرة! في أوروبا، ثم في الأرض كلها، فكانت الجاهلية، ويعني بها عبودية الناس للناس، بتشريع بعض الناس للناس، وبالتالي فإن المهمة الأساسية في رأي سيد قطب، هي إعادة تعبيد الناس لربهم، عبر تلقيهم من الله وحده كل تصوراتهم وشرائعهم وقوانينهم ونظم حياتهم برمتها، فيتم بذلك التحرر من عبودية العبيد، والإسلام وحده كفيل بذلك، فالإسلام _كما يقول قطب_ لا يقبل أنصاف الحلول: إما حكم الله، وإما حكم الجاهلية، ولذلك لابد من الحركة والجهاد للانقلاب على المجتمعات الجاهلية وتحطيمها، ومن ثم فالحرب ضرورية للقضاء على المجتمعات الجاهلية المعاصرة أو للقضاء على حضارة العصر.
- في الربع الأخير من القرن العشرين، ظهرت جماعة "التكفير والهجرة"، التي أخذت على عاتقها مهمة تجسيد أفكار سيد قطب وجعلها حقيقة واقعة، فدعت إلى الحاكمية وأقرت بجاهلية المجتمعات والبشر ووسمتهم بالكفر، وذهب بعضها إلى حد الانسلاخ عن المجتمع الكافر وهجره، وتكوين جيتو Getto من الأتباع والمهاجرين من الزمان، المخاصمين للعصر كله، منتظرين يوم الانقلاب والعودة لتعبيد الناس لربهم.
- من ناحية ثانية، وفي حين اتجهت جماعات أصولية إلى انتقاء قضايا محددة للغاية لإثبات تميز الإسلام وتفرده واختلافه عن الحضارة الغربية وقيمها ومفاهيمها، مثل ضرورة عودة النساء إلى الحجاب (وإطلاق اللحي والجلباب القصير والمسواك لدى الرجال ..الخ)، وتأسيس بنوك إسلامية، وضرورة إقامة حدود الشريعة، والتفرقة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى داخل المجتمعات الإسلامية، فإننا نجد جماعات أخرى ارتأت أن الإسلام انتصر بالمجاهدين لا بالفقهاء والدعاة، وبالسيوف لا بعلوم الكلام، ومن ثم تحول الدعاة والمصلحون إلى مجاهدين حملة أسلحة بيضاء وسوداء، وألوان أخرى عديدة، يهاجمون الحداثة ويكفرون أهل الرأي بدءاً من الطهطاوي إلى نجيب محفوظ، يبطشون بمن خالفهم الرأي ويحلون دمه.
- إن جوهر هذه الدعوات أو الحركات والجماعات، ينطوي على "إعلان إقالة العقل، واستقالة الإنسان العربي وعجزه عن القيام بدور بناء في بناء مجتمع تسوده العقلانية والحداثة والحرية والعدل، ومن ثم دفع الإنسان إلى تبني الخرافة والجهل وإغراقه في معارك وهمية خارج الزمان والمكان مع أشباح لمشكلات فيما وراء الحياة والتاريخ.
- وفي ظل سياسة الانفتاح وتراجع المشروع القومي، وتزايد تخلف وتبعية النظام العربي مع استمرار صعود أجواء الهزيمة ورموزها الطبقية تنامت الحركات والدعوات الإسلامية بصورة غير طبيعية وغير مسبوقة، واتخذت الممارسات العبادية طابعاً مظهرياً لم يكن معروفاً من قبل، فالآذان للصلوات يتم بمكبرات الصوت، والصلاة تقام داخل الكليات وأماكن العمل، واضطلعت قطاعات من الجماهير ببعض الأعمال ذات الصبغة الدينية، حيث كثر بناء المساجد الأهلية، ونظمت جمعيات تحفيظ القرآن، وتضاعف الإنفاق على المظاهر والكتب الدينية، وظهر (أو تجدد) الاهتمام بمقامات الأولياء والأضرحة، وتزايد الإقبال على الطرق الصوفية (والمهمات الدينية) وأصبحت تملك المؤسسات المالية والاقتصادية والعقارية والمستشفيات والمدارس والشركات، وتعددت وتشعبت نشاطاتها بحيث جاوزت المهام الدينية لتقدم من خلال المساجد العديد من أشكال الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية، كما لوحظ انتشار هذه الظاهرة على المستوى الفكري عبر نمو الكتابات الدينية، وإعادة وطبع كتابات إسلامية معينة ورواج هذه الكتابات واتساع سوقها وجمهورها (تطبع بالملايين وتوزع بسعر زهيد أو مجاناً!) إلى جانب المجلات والدراسات التي تؤكد على الخطاب الأيدلوجي الديني الذي يقوم على تمجيد الماضي وإضفاء حالة القداسة عليه، ولا مانع من هجاء الغرب والدعوة إلى نبذ حضارته في مقابل إشراق شمس الإسلام مرة ثانية.
كما ظهرت أيضاً، بعض الاتجاهات القوية في الأوساط العلمية، الداعية إلى أسلمة العلوم الإنسانية، فكثر الحديث عن علم الاجتماع الإسلامي، والنظرية الاجتماعية في الفكر الإسلامي، وعلم النفس الإسلامي، والإحصاء الإسلامي، والاقتصاد الإسلامي، والأدب الإسلامي والمسرح الإسلامي، مدعين أن العلم الوافد هو غزو ثقافي غربي، كما امتدت ظاهرة الأسلحة لتتناول العلوم الطبيعية، فعقدت مؤتمرات عن الإعجاز العلمي في القرآن، والإعجاز الطبي، والطب الإسلامي، وكثر الحديث عن العلاقة القائمة بين الدين والعلم ومحاولة تأكيد صحة الدين بالأدلة العلمية، وظهر فريق نفعي من الأكاديميين (خاصة من العاملين في بلاد النفط) تخصصوا في إيجاد الأسانيد الشرعية من قرآن وسنة لتسويق شرعية الأفكار والمخترعات الحديثة وإيجاد غطاء إسلامي يبرر تداولها، إرضاء لبيئة الثقافة الاتباعية (في بلدان الخليج والسعودية وغيرها) بدعوى الحفاظ على الإسلام وفي الوقت نفسه الحفاظ على مكاسبهم من الدولار.
وعلى المستوى القانوني والتشريعي، ارتفعت الأصوات المطالبة بإلغاء كل تشريع يتعارض مع الشريعة الإسلامية، داعية إلى تطبيق الشريعة وإلغاء القوانين الوضعية، ومطالبة الحكومات بإصدار تشريعات لمعاقبة الكتاب والمفكرين الذي يتعرضون للإسلام بسوء.
وكل هذه المتغيرات تطورت واتسعت في "إطار الإسلام الرسمي أو دين الدولة الذي كان ولا يزال عنصراً بارزاً وفعالاً في البنية الأيديولوجية للتكوينات الاجتماعية العربية، فالطبقات الحاكمة تستخدم الإسلام كأداة أيديولوجية لإقرار السلطة وإضفاء الشرعية على وضعيتها وممارساتها من جهة، وفي تشويه الخصوم والمعارضين للنظام القائم من جهة ثانية.
وفيما يلي عدد من الشواهد التي تؤكد في مجموعها أن نظم الحكم العربية المعاصرة، على تباينها، قد أخذت بشكل متزايد تعتمد الإسلام كأساس لبناء شرعيتها.
فثمة نظم حكم عربية قد أقامت شرعيتها على الانتساب إلى النبي، أو على حماية الإسلام ورعاية مقدساته، كما في العربية السعودية، حيث تستخدم سلطة الدولة لأغراض أوامر وتعاليم الإسلام بالقوة. وتكاد تقترب كل من المغرب، والأردن وعُمان، ودويلات الخليج العربي من هذه الوضعية التي تستمد شرعيتها من رموز دينية وقبلية.
وفي عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تصاعدت دعاوي نظم الحكم العربية بضرورة إعادة النظر في الأنساق القانونية الحاكمة، بغرض إعادة الالتزام بالقوانين الإسلامية أو الشريعة.
والسؤال _كما يطرحه د عبدالله شلبي_ : على أي نحو يمكننا تأويل ما شاب أيديولوجيا الإصلاح الديني من نزعات برجماتية وتوفيقية وانتقائية وماخويه او انكفائية، انتهت بتيار الإصلاح الديني لأن يخطو في حركته إلى الخلف ولا يتقدم إلى الأمام، وجعلت من منحنى التجديد الديني منحنى هابطاً آخذاً في التراجع؟
وفي معرض إجابته يقول: بداية لابد من الإقرار بأن التيارات والاهتمامات الفكرية في عصر ما، إنما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع الاجتماعي-الاقتصادي الذي تظهر فيه، فالقضية هي قضية اجتماعية بالأساس، وعلى هذا يجب التوجه مباشرة إلى التفكير في الشروط المادية التي في ظلها كانت الدعوة للإصلاح والتجديد، ولماذا جاءت على النحو الذي رأيناه؟.
ويفسر ذلك بقوله: في البدء كان التغلغل الامبريالي في حركة التطورات للتكوينات الاجتماعية غير الأوروبية، العربية منها وغير العربية. قد أحدث ذلك التغلغل انعطافاً جذرياً في تطور هذه التكوينات، وتولدت بفعله فيها علاقات إنتاج جديدة، وقد أتت تلك العلاقات الجديدة كنتيجة تاريخية لما أحدثه التغلغل من تفكيك لعلاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية، ولذا _كما يضيف د. شلبي_ يعد التطور الامبريالي هو القوة المحركة لتاريخ العرب الحديث والمعاصر، وهو التاريخ الذي لم ينتقل إليه العرب بفعل حركة التناقضات الداخلية في التكوينات الاجتماعية العربية، وإنما بفعل سيطرة الإمبريالية عليها وربطها التبعي لها. ومنذ بدء هذه السيطرة، وبدء الخضوع والتبعية البنيوية للبنية الرأسمالية الأم يبدأ التاريخ المعاصر للعالم العربي.
_ عن انتشار الاسلام السياسي و دور جماعة الاخوان المسلمين......
ان الخطاب الإسلامي، الذي يقدم كبديل لخطاب النهضة والديمقراطية، والمواطنة، وحرية الرأي والعقيدة، هو خطاب ذو طابع سياسي، تحت غطاء ديني شكلاني وطائفي رجعي. فالإسلام السياسي يدعو إلى التغيير الذي يعيد إنتاج وتجديد التخلف عبر النموذج السلفي الرجعي، لخدمة مصالح طبقية كومبرادورية وطفيلية راهنة. ولم تحاول أية حركة إسلامية، "لاراديكالية ولا معتدلة"، أن تتبنى أفكار لاهوت التحرير أو أفكار الديمقراطية والمواطنة والنهضة، إذ أن كل اهتمامات حركات الإسلام السياسي بالدين الإسلامي ينحصر في العمل على تحقيق مشروعها السياسي الديني الذي يتلخص في إعادة نظام دولة الخلافة الإسلامية بما تعنيه من رفض لكافة صيغ أو مشاريع الدولة الوطنية القومية والديمقراطية الحديثة، ما يعني أن هذه الحركات تستخدم الشعارات الدينية لنقل الصراع – كما يقول د.سمير أمين- من مجال التناقضات الاجتماعية (الطبقية) إلى مجال العالم الخيالي أو السماوي الديني، وقد نجحت في ذلك ارتباطاً بالأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المتردية، ومساندة القوى الطبقية الحاكمة من جهة ، ودعم ومساندة بلدان النظام الرأسمالي العالمي من جهة ثانية خاصة وأن خطاب الحركات الإسلامية لا يتعارض أبداً مع خطاب رأس المال العالمي ومصالحه.
وفي هذا الجانب، نشير إلى عدم وجود أي اختلاف جوهري بين التيارات المسماة "بالراديكالية" للإسلام السياسي، وبين تلك التي تفضل تسمية نفسها "بالمعتدلة" فمشروع كل من النوعين متطابق.
وفي هذا السياق، من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار عدداً من العوامل، التي شجعت انتشار الحركات الإسلامية عموماً والمتطرفة خصوصاً، وهذه العوامل الخصها فيما يلي :
أولاً: استغلال النظام الإمبريالي للأوضاع العربية المترديه في ظل العولمة الراهنة، وحرصه على إدامة حالة الخضوع والتبعية والتخلف انسجاماً مع مصالحه الاستراتيجية في بلادنا .
ثانيا :التحولات الاقتصادية التي وقعت في ظل انفتاح النظام الساداتي في مصر، ثم في تونس والجزائر واليمن وسوريا أواخر عهد الرئيس حافظ الأسد، وصولاً إلى العدوان الأمريكي على العراق وسقوط النظام، ومن ثم انهيار ما تبقى من المشروع القومي، وكافة مشاريع التنمية على الصعيد الوطني، مما أفسح المجال واسعاً أمام ظهور "دولة الكومبرادور" ، وتكريس التبعية والتخلف والإفقار ، وبالتالي توفير وخلق المناخ الملائم لانبعاث الحركات الإسلامية السياسية.
ثالثا : تزايد مظاهر الإفقار والاستبداد، تنامت الحركات والدعوات الإسلامية بصورة غير طبيعية وغير مسبوقة، حيث كثر بناء المساجد الأهلية، وظهر (أو تجدد) الاهتمام بمقامات الأولياء والأضرحة، وتزايد الإقبال على الطرق الصوفية، وأصبحت الجماعات الدينية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، تملك المؤسسات المالية والاقتصادية والعقارية، والمستشفيات، والمدارس، والشركات، وتعددت وتشعبت نشاطاتها، بحيث جاوزت المهام الدينية لتقدم من خلال المساجد العديد من أشكال الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية، كما لوحظ انتشار هذه الظاهرة على المستوى الفكري عبر انتشار الكتابات الدينية، وإعادة وطبع كتابات "إسلامية" جسدت الرؤية الوهابية المتخلفة ، المعبرة عن المصالح الطبقية للأسرة الحاكمة في السعودية، وبقية الأسر، والمشايخ في الخليج العربي ، كما عبرت عن مصالح الكومبرادور المتنامي في بقية الدول العربية ، وذلك من خلال التركيز على الشكليات والبدع والخرافات، ورفض مفاهيم الحداثة والتقدم العلمي ، إلى جانب التركيز على رفض الديمقراطية، والعلمانية، والشيوعية، دون أي إشارة تدعو إلى النضال ضد الإمبريالية، والدولة الصهيونية ، وقد راجت هذه الكتابات واتسع سوقها وجمهورها (تطبع بالملايين وتوزع بسعر زهيد أو مجاناً!) إلى جانب المجلات والدراسات التي تؤكد على الخطاب الأيديولوجي الديني، الذي يقوم على تمجيد الماضي وإضفاء حالة القداسة عليه.
وعلى المستوى القانوني والتشريعي، ارتفعت الأصوات المطالبة بإلغاء كل تشريع ديمقراطي يتعارض مع الشريعة الإسلامية، داعية إلى تطبيق الشريعة وإلغاء القوانين الوضعية، ومطالبة الحكومات بإصدار تشريعات لمعاقبة الكتاب والمفكرين الذي يتعرضون للإسلام بسوء.
رابعاً: منذ عقد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 وما تلاها من دعاوي التطبيع السياسي والثقافي والاقتصادي مع العدو الإسرائيلي، وصولاً إلى أوسلو 1993، ثم وادي عربه 1994، بدأت مرحلة جديدة عنوانها "الأزمة المجتمعية الشاملة" كان أحد أهم تعبيراتها ذلك النمط المشوه من النمو الاقتصادي التابع الذي عمّق بدوره جوانب الخلل والتشوه في بنية المجتمعات العربية، حيث أدى هذا النمط إلى عدد من النتائج: زيادة الاعتماد على الخارج باستيراد الغذاء، وحدوث تراكم هائل في حجم الديون الخارجية المستحقة على الدول العربية غير النفطية ، ومن ثم تزايد مظاهر الاستبداد، والإفقار والتخلف، إلى جانب تزايد سيطرة النظام الإمبريالي على مقدرات شعوبنا العربية، في موازاة تزايد هيمنة الدولة الصهيونية، وعنصريتها العدوانية، الأمر الذي بات فيه الوضع العربي مهيئاً لانتشار وهيمنة القوى والجماعات والحركات الدينية الأكثر غلواً في تطرفها وتخلفها وبشاعة ممارساتها الدموية غير المسبوقة في التاريخ العربي الحديث.
خامساً: عفوية وعدم وعي الاغلبية الساحقة من الجماهير العربية :
في ظل التطور الاجتماعي الاقتصادي العربي المشوه والمتخلف ، كان من الطبيعي ان يعاد انتاج التخلف ليس على الصعيد الاقتصادي والصناعي والعلمي والحداثي فحسب، بل أيضاً على صعيد إعادة إنتاج وتجديد التخلف الذهني بالمعنى الثقافي في اوساط الجماهير العربية عموماً، والفقراء الذين يمثلون اكثر من 70% من مجمل عدد سكان الوطن العربي، ما زال معظمهم أُمِّيين أو شبه أمِّيين ، وبالتالي فإن وعيهم العفوي البسيط، يعزز لديهم الإيمان والتسليم الكامل بالقضاء والقدر والغيب، ويلجاؤن إليه لعلهم يجدون فيه مخرجاً من فقرهم ومعاناتهم وظروف معيشتهم القاسية، الأمر الذي جعل من هذه الجماهير الفقيرة مخزوناً بشرياً هائلاً، نجحت الجماعات والحركات الإسلاموية في مخاطبة عفويته واستغلاله وتحريضه، ومن ثم توسعها التنظيمي الذي ضم مئات الآلاف منهم في تلك الجماعات والحركات.
سادساً: خلط الدين مع السياسة سواء من قبل الحكومات والأنظمة أو الحركات والأحزاب الإسلامية. في كلا الحالتين وبحثا عن شرعيات مفقودة في الحالة الاولى، وتأسيساً لخطاب يوظف التدين الشعبي في الحالة الثانية، ازيح الجزء الاعرض من السياسة وعلى مدار عقود طويلة إلى مربع الدين. وهناك تم تديين السياسة واعتبارها مكونا من مكوناته المعاصرة، فصار الحكم والمعارضة والانتخابات وما تعلق بالممارسة السياسية شأنا دينياً.
إذ بإستخدام ذات الآلية (توظيف الدين في السياسة) التي احتمت بها أنظمة أو استغلتها حركات الإسلام السياسي نمت في الظلام وفي جنبات وزوايا الفشل السياسي والاقتصادي وتواصل القهر وانعدام المستقبل تنظيمات وافكار بالغة التطرف. ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي على اقل تقدير لم يتوقف نمو وزيادة عدد وتنوع هذه التنظيمات التي انخرطت في سباق مع نظيراتها في اظهار التشدد والتطرف، والإدعاء بأنها تمثل الإسلام.
سابعاً: إلى جانب الظروف الموضوعية التي تهيئ عوامل ومناخ التطرف، المتمثلة في الظلم والفقر والتخلف والجهل و الهزائم ، هناك عوامل ذاتية تقف وراء التطرف تعود حسب تحليل علماء النفس والاجتماع إلى : عامل التنشئة الاولى، اي التربية البيتية (العائلية) التي ينشأ الفرد خلالها ويتلقى معلوماته الاولية منها، كذلك يكون التطرف كرد فعل لتطرف مقابل وما ينتج عنه من جمود فكري وعقائدي في البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الانسان، حيث تتولد تراكمات دينية ومذهبية تتحكم بعقلية وسلوكية من يؤمن بها وتترسخ بمرور الزمن، وقد تتجاوز هذه العقائد الحدود ويصدر صاحبها أحكاماً على الآخرين بالكفر والردة ويعد عمله هذا جهادا في سبيل الدين، كما يلجأ المتطرف إلى انتقاء آيات واحاديث معينة للبرهنة على صحة آرائه. وقد لوح هؤلاء بفكرة ما يسمى (الحل الإسلامي) باعتباره الحل الأفضل لجميع المشاكل التي يعاني منها المسلمون في جميع ارجاء العالم العربي، حتى تحول هذا التطرف الإسلامي إلى منظمات ارهابية تبيح العنف وسفك الدماء وتعتبره نوعا من الجهاد الذي يوصل صاحبه إلى الجنة.
ثامناً : توقف الفكر الإسلامي عن الاجتهاد ، وعن متابعة التطور المعرفي والحضاري ، فالفكر الإسلامي يعاني من تأخر كبير يتجاوز القرون الثلاثة (مسافة التفاوت التاريخى بين الفكر الإسلامى والفكر الأوروبي تصل إلى الثلاثمائة سنة، فقد ابتدأ هذا الفكر بالكاد يحس –كما يقال هاشم صالح- بآثار الهزات والحضارات والاختلاجات الهائجة التى كانت قد ابتدأت فى الغرب بدءا من القرن السادس عشر واخذت تولد ما يمكن ان ندعوه بالفكر الحديث, اما الفكر الإسلامى، فلا يزال واقعا تحت هيمنة نظام الفكر القروسطى، وذلك من خلال الخلط بين ما هو اسطوري – وما هو تاريخى وعدم القدرة على التمييز بينهما، ثم –كما يضيف هاشم صالح- التصنيف الدرغمانى للقيم الاخلاقية والدينية، ثم التأكيد اللاهوتى على القول بأفضلية المؤمن – على غير المؤمن,والمسلم – على غير المسلم, ثم تقديس اللغة والقول بأنها وقف من الله وليست اصطلاحا بشريا، ثم ثبوت المعنى المؤصل من الله إلى البشر عن طريق الرسول واحاديثه, ثم الأعتقاد المطلق بأن هذا المعنى مفسر وموضح ومحفوظ ومنقول بشكل كامل من قبل الفقهاء إلى الاجيال التالية من المؤمنين دون اى نقص أو حذف أو ضياع على الطريق، ثم الايمان بوجود عقل خالد، أو ابدى وازلى لايتغير ولايتبدل والاعتقاد بأنه عقل فوق تاريخى أو يتجاوز التاريخ لانه يستمد معينه من كلام الله.
بعد استعراضنا للعوامل الثمانية الرئيسية التي أدت –من وجهة نظرنا- إلى انتشار الحركات الإسلاموية، فإننا نعتقد في قراءتنا للمشهد العربي المنحط الراهن، انه من المفيد التوقف عند بعض محطات التاريخ العربي الحديث ، اواخر القرن 19، وبداية القرن العشرين حتى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، كخلفية تاريخية وراهنة، نستند إليها في تفسير الصراع المحتدم اليوم بين قوى التخلف الرجعي وبين القوى النهضوية الوطنية الديمقراطية العربية، وذلك انطلاقاً من وعينا أن كافة الحركات والجماعات الإسلامية المنتشرة في بلدان الوطن العربي بمختلف المسميات هي فروع –بصورة مباشرة أو غير مباشرة- لجماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من التعارضات الظاهرية أو الشكلية بين هذه الحركات ، إذ انها لا تختلف في جوهر منطلقاتها الفكرية.
تأسيس جماعة الإخوان المسلمين :
أوائل القرن العشرين، ادرك بعض المثقفين العقلانيين العرب، أهمية استيعاب مفاهيم الحداثة والنهضة على طريق التحرر والديمقراطية، ولذلك قاموا بمراجعة الأفكار الرجعية السائدة آنذاك ، ومن ثم صياغة الأفكار والرؤى التنويرية الديمقراطية والعلمانية، الليبرالية والمادية، إلى جانب قيامهم بترجمة وتأليف العديد من الكتب التي قدمت أفكاراً فلسفية وتنويرية متميزة في تلك المرحلة من النهوض العربي التي امتدت منذ اواخر القرن التاسع عشر، حتى ثلاثينات القرن العشرين وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر 1928 وانتشارها بدعم صريح من الانتداب البريطاني، والملك، والقوى الاقطاعية الرجعية، إلى جانب دور عدد من شيوخ الأزهر الموالين للملك والطبقة الحاكمة والانجليز، وفي مقدمتهم الشيخ محمد رشيد رضا الذي يعتبر الأب الروحي المؤسس للجماعة حسن البنا، وهو الذي قام بصياغة أهداف الجماعة التي تبناها حسن البنا آنذاك، وتتلخص في: العودة إلى أصول الإسلام الأولى (المدرسة الوهابية) ومجابهة المد الوطني لحزب الوفد ومناهضة أفكاره الليبرالية، ومقاومة الفكر الشيوعي، ودعم شرعية الملك ومقاومة الفكر التنويري والديمقراطية وقطع كل محاولة للوصول إلى منابع الحضارة الحديثة .
وفي هذا الجانب، اشير إلى المنابع الفكرية والوهابية للشيخ، محمد رشيد رضا في ضوء ارتباطه المصلحي مع الملك عبد العزيز بن سعود (بعد أن تخلى عن أفكار أستاذه الشيخ محمد عبده)، وأصبح من اهم رموز الرجعية في مصر لمواجهة المتغيرات والتحولات السياسية، والاجتماعية، في تلك المرحلة ، ومجابهة ورفض رموز التنوير والعقلانية من المثقفين والمفكرين الديمقراطيين اليساريين المصريين والعرب آنذاك، الذين أدركوا أن المجتمعات العربية صارت أكثر تخلفاً وهامشية، وحاولوا اكتشاف أسباب نهوض وتقدم الأوروبيين المحدثين، الذين حققوا خطوات رائعة وريادية في ميادين العلم والثقافة والحضارة، الأمر الذي كان من بين أهم العوامل التي دفعت بالمثقفين العرب والمصريين آنذاك، مراجعة حساباتهم وتاريخهم وأوضاعهم للوصول إلى أسباب تخلف مجتمعاتهم وتهميشها، وبناءً على ذلك، تشكل تيار ليبرالي أكثر راديكالية في تأويل القيم الإسلامية، و تزعم هذا التيار أحمد لطفي السيد ، وسلامة موسى، وشبلي شميل، وانطون مارون ، وأحمد آمين ، وقاسم أمين، و علي عبد الرازق، و طه حسين، وغيرهم الذين اسهموا في نشر الفكر النهضوي التنويري الوطني الديمقراطي.
وفي مجابهة هذه الحالة النهضوية ، قام المندوب السامي البريطاني آنذاك (عام 1928) بدعم بعض رموز الاقطاع والمشايخ الرجعيين في مصر خاصة الشيخ محمد رشيد رضا، لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين لكي تمارس دورها الرجعي في مهاجمة قوى التنوير والتحرر والديمقراطية واغلاق الباب في وجه الحضارة الحديثة .
هذه المهمة أصبحت مع حسن البنا (1906-1949) (مؤسس الجماعة) محددة في: بعث الإسلام الأصولي لا الاجتهاد فيه. وقطع كل محاولة للتصالح أو التوفيق مع الحضارة الغربية، على أساس أنها "حضارة مادية مريضة، ملوثة بالإلحاد"، وأن إسلامنا وحده بشموليته وتفرده _كما يقول حسن البنا_ قادر على التصدي لكل تفاصيل حياة الفرد والمجتمع دون حاجة إلى أي اقتباس أو استعارة من حضارات أجنبية"، وهنا نلاحظ التطابق الفكري بين منطلقات جماعة الإخوان المسلمين (الأم) وبين "داعش" وغيرها من حركات التطرف الإسلاموي.
وعلى أساس هذه المنطلقات الفكرية الرجعية ، إمتد الصراع بين الإخوان المسلمين وكل قوى التقدم والتحرر والديمقراطية في مصر، منذ 1928 حتى عام 1954 حين قرر الإخوان اغتيال جمال عبد الناصر، وصدور قرار حل الجماعة بعد ذلك، إلا أنها كمنت، وقامت بإعداد أكبر مخطط اجرامي لتفجير مؤسسات الدولة والمجتمع في مصر عام 1965 ، وكان ذلك المخطط بمثابة ذروة الصدام، حيث جرى اعتقال العديد من قيادات وكوادر واعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومحاكمتهم، واعدام بعض أهم قادتهم، بما في ذلك سيد قطب (1906-1966) الذي كان المُنَظِّر الرئيسي المعتمد للأصولية السلفية الإسلامية الرجعية، والذي تأثر بفكر ابن تيمية، وابن القيم الجوزيه، وأبو الأعلى المودودي (1903-1979)، مؤسس الجماعة في باكستان، ونتيجة لذلك التأثير أنكر سيد قطب أن هناك ضرورة للاجتهاد، فنحن جميعاً –كما قال- جاهليون، "ولم نصبح مسلمين بعد، وعلينا أولاً الإقرار بأن الحاكمية لله وحده، وهي تتمثل في شريعة الله في كل ما يتعلق بالاعتقاد، والحكم، والأخلاق، والسلوك والمعرفة، وعلى ذلك ليس من حق بشر أن يشرع لبشر".
ووفق هذه الرؤية، التي تطرحها "داعش" في المرحلة الراهنة، فإن المهمة الأساسية في رأي سيد قطب، هي إعادة النظر في تعبيد الناس لربهم، عبر تلقيهم من الله وحده كل تصوراتهم وشرائعهم، وقوانينهم، ونظم حياتهم، برمتها، فيتم بذلك التحرر من عبودية العبيد، والإسلام وحده كفيل بذلك، فالإسلام _كما يقول قطب_ لا يقبل أنصاف الحلول: "إما حكم الله، وإما حكم الجاهلية، ولذلك لابد من الحركة والجهاد للانقلاب على المجتمعات الجاهلية وتحطيمها، ومن ثم، فالحرب ضرورية للقضاء على المجتمعات الجاهلية المعاصرة أو للقضاء على حضارة العصر.
وعلى أثر قرار السادات بالإفراج عن الإخوان المسلمين والتصالح معهم عام 1972، قامت الجماعة باستعادة نشاطها السياسي والمجتمعي في أوساط الشعب المصري عموماً ، والشرائح الفقيرة خصوصاً واستمر نشاطها حتى عام 1981، حيث تجدد صراعها مع السلطة في عهد حسني مبارك .
ومع تفاقم الصراعات والمعارك العسكرية بين الاتحاد السوفياتي، والنظام الموالي له في افغانستان وبين التيارات الدينية، والأصولية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وتوابعها في النظام العربي خاصة السعودية، ودويلات الخليج، والأردن، وغيرها، استمرت تلك الصراعات والمعارك منذ نهاية عام 1979 حتى عام 1989 ونشوء تنظيم "القاعدة" نهاية عام 1989 وأوائل عام 1990 الذي يعتبر تنظيماً متعدد الجنسيات ، ولكن معظم أعضائه كانوا من الأفغان ثم العرب من أعضاء الإخوان المسلمين في مصروالسعودية والأردن وفلسطين واليمن والعراق.. إلخ.
وعلى أثر دعوة أسامة بن لادن لما يسمى بـ"الجهاد العالمي" قام تنظيم القاعدة بانشاء فروع متعددة في البلدان العربية.
ومع تفجر ما يسمى بـ"الربيع العربي" في تونس ومصر ثم في العراق وسوريا واليمن وليبيا، تأسست حركة النصره، كفرع من فروع "القاعدة" ، إلى جانب عدد من الحركات الإسلاموية المتطرفة الأخرى، بدعم من السعودية وقطر وتركيا .
وفي عام 2012 قام عدد من قيادات "حركة النصره" بالمطالبة بتطبيق شعار الخلافة الإسلامية، واعلان الدولة الإسلامية، إلا ان الظواهري ، وأغلبية قيادة "النصرة" ارتأوا تأجيل هذه الخطوة، ورفضوا الاقتراح المقدم من أبو عمر البغدادي، الذي قرر بدوره الانشقاق عن "النصرة"، وتأسيس ما عرف بالدولة الإسلامية في الشام والعراق عام 2013 ، بدعم صريح من بعض قيادات وكوادر الجيش العراقي المنحل، وبعض كوادر البعثيين العراقيين، من جماعة عزت ابراهيم ، المعروف بميوله الدينية التصوفية ، حيث تولى الخبراء العسكريون في أجهزة المخابرات العسكرية والجيش ، الاشراف التنظيمي والامني والتدريب العسكري لقواعد وكوادر "داعش" ، وكان لذلك الدعم دور هام في انتشارها وقوة تنظيمها، ليس في العراق وسوريا فحسب ، بل أيضاً في معظم الدول العربية والأراضي المحتلة عموماً، وفي مصر سيناء خصوصاً، حيث تمارس اليوم (عبر أطر وهياكل سياسية، وتنظيمية، وإعلامية، ومالية، عالية التنظيم) أبشع وسائل القتل والتعذيب ومن منطلقات دينية سلفية شديدة التخلف بهدف تفكيك الدولة القطرية والنظام العربي، وتكريس تبعيته وفق مخطط مرسوم ومدعوم بالمال والسلاح من السعودية وقطر وتركيا بموافقة أمريكية وفق الأهداف والمخططات الأمريكية.
في الربع الأخير من القرن العشرين، ظهرت جماعة "التكفير والهجرة"، التي أخذت على عاتقها مهمة تجسيد أفكار سيد قطب، وجعلها حقيقة واقعة، فدعت إلى الحاكمية وأقرت بجاهلية المجتمعات والبشر ووسمتهم بالكفر.
وفي حين اتجهت جماعات أصولية إلى انتقاء قضايا محددة للغاية لإثبات تميز الإسلام وتفرده واختلافه عن الحضارة الغربية وقيمها ومفاهيمها، مثل ضرورة عودة النساء إلى الحجاب (وإطلاق اللحي والجلباب القصير والمسواك لدى الرجال ..الخ)، وتأسيس بنوك إسلامية، وضرورة إقامة حدود الشريعة، والتفرقة بين المسلمين وغيرهم، من أتباع الديانات الأخرى ، فإننا نجد جماعات سنية أخرى ارتأت أن الإسلام انتصر بالمجاهدين لا بالفقهاء والدعاة، وبالسيوف لا بعلوم الكلام، ومن ثم تحول الدعاة والمصلحون إلى مجاهدين حملة أسلحة بيضاء وسوداء، وألوان أخرى عديدة، يهاجمون ويكفرون ليس أهل الرأي والتنوير فحسب، بل يكفرون ويبطشون بكل طوائف المسلمين من الشيعة والعلويين والزيديين وغيرهم.
"إن جوهر هذه الدعوات أو الحركات والجماعات، ينطوي على "إعلان إقالة العقل، واستقالة الإنسان العربي، وعجزه عن القيام بدور بناء في بناء مجتمع تسوده العقلانية والحداثة والحرية والعدل، ومن ثم دفع الإنسان إلى تبني الخرافة والجهل، وإغراقه في معارك وهمية خارج الزمان والمكان مع ترسيخ الخيارات الغيبية لمشكلات فيما وراء الحياة والتاريخ" كما هو حال مجتعاتنا العربية اليوم مع حركة داعش وامثالها من حركات التطرف الرجعية.
وفي مجابهة هذه الأفكار، قام المفكر الراحل نصر أبو زيد بالبحث عن مفهوم علمي للنص القرآني، فأكد كون ألوهية مصدر النص "القرآن" لا تنفي عنه البشرية، وبالنظر للدلالة في النص القرآني ومدى قبولها للتأويل وجد أن هناك نصوص قرآنية ذات دلالات تاريخية كملك اليمين وعتق الرقبة وتعدد الزوجات، والآيات التي تنظم أحكام الرق فهذه النصوص لا تقبل التأويل المجازي فهي تاريخية محكومة بوقتها، في حين أن هناك العديد من النصوص القرآنية الممتدة زمنيًّا، وقد وضع نصر أبو زيد مجموعة من القواعد الأساسية لفهم ما إذا كان النص ممتدًا في الزمان أو محكومًا بسياقه التاريخي، وقد استمد نصر هذه القواعد من المبادئ الأساسية للإسلام، التي وضعها القدماء وهي حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال، وصاغها في ثلاثة مبادئ توجز القراءة الكلية للنص الإسلامي في تعامله مع الواقع وهي: العقل والحرية والعدل، فالعقل في مواجهة الجاهلية، والحرية نقيض للعبودية، والعدل الإلهي، ومن خلال هذه المبادئ الكلية يمكن لنا فهم الآيات القرآنية ودلالاتها والقدرة على تكوين خطاب ديني قائم على أسس معرفية.
وفي هذا السياق انتقد -أبو زيد- طريقة التأويلات النفعية للنصوص القرآنية المحكومة برؤى أيديولوجية، سواء بالنسبة للخطاب الأصولي أو الخطاب النهضوي "الاستشراقي"، فكل منهما قصر جهده على المعارك السجالية، كما انتقد النظرة الاختزالية للخطاب الديني السلفي، حيث اختزل أصحاب هذا الخطاب الإسلام في التراث، وتفسيرات الدين في الفهم الأشعري للنصوص القائم على النقل وإلغاء العقل، واختزل الآخر في الغرب المعتدي الكافر المحتل مع تهميش ومهاجمة كل ما يختلف مع تلك النظرة، مع تصدير شعار "الإسلام هو الحل" باعتباره القادر على حل كل أزماتنا الاجتماعية والاقتصادية، دون طرح آليات علمية وعملية للخروج من النفق المظلم.
بهذه الرؤية، يؤكد المفكر الراحل أبو زيد، على أن الخروج من أزماتنا على المستوى السياسي والاجتماعي، يتطلب معارك فكرية تتعلق بالفكر الديني تبدأ بالنقد الذاتي، والعمل على خلق منظومة معرفية قادرة على نقد التراث، ووضعه في سياقه التاريخي، مع تبني مناهج علمية حديثة في فهم النصوص الدينية وتأوليها، ولكي يحدث ذلك فلابد أولًا من خلق نظام تعليمي قادر على تنمية القدرات الفردية، وتنمية القدرة على التساؤل مع إتاحة مناخ من الحرية على جميع المستويات.



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقديم الصديق والرفيق المؤرخ عبد القادر ياسين للمجلد الثاني ع ...
- رؤية موضوعية تحليلية ، تاريخية وراهنة لتطور حركة التحرر العر ...
- بوضوح ....
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ...
- حاجة المثقف العربي إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة
- كيف يمكن للعرب أن يبحروا في خضم المجتمع العالمي الزاخر بالتغ ...
- في حضرة ليلى خالد
- لماذا أخفقنا كيساريين ماركسيين في الوطن العربي ونجح غيرنا ؟ ...
- بمناسبة الأول من أيار 2025: رؤية وموقف معزز بالبيانات والأرق ...
- غزة المنكوبة بالقصف والموت والجوع والمرض تستغيث وتستجير باخو ...
- وجهة نظر حول استمرار انسداد الوحدة القومية في الوطن العربي
- عن الهوية القومية العربية وفق المضمون الحداثي كشرط لتفاعل ال ...
- غزة لم تعد قادرة على صراخ الاستغاثة امام القصف والتجويع ومحا ...
- في الذكرى التاسعة والاربعين ليوم الأرض
- من وحي العدوان الهمجي على قطاع غزة ... رؤية استراتيجية حاملة ...
- باختصار، عن العلاقة بين التخلف المعرفي والتخلف الاجتماعي.
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
- نحو تشكيل حكومة توافق وطني أو حكومة وحدة وطنية
- ما هي المعرفة ، وما هو دور الممارسة في عملية المعرفة وأساسها ...
- وجهة نظر وموقف حامل لدعوة عاجلة لعقد مؤتمر وطني


المزيد.....




- قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
- -العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة ...
- وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
- الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
- شاهد/حاخام صهيوني يصدر فتوى بقتل أطفال غزة جوعًا: -لا رحمة ع ...
- كاتبة إسرائيلية: من يتجاهل مجاعة غزة ينتهك التعاليم اليهودية ...
- عاجل | بوليتيكو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولم ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المتطرف بن غفير باحات الم ...
- البرلمان العربي يدين اقتحام المستعمرين بقيادة بن غفير المسجد ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام -بن غفير- باحات المسجد ال ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غازي الصوراني - عن رواد الإصلاح الديني رفاعة الطهطاوي والافغاني ومحمد عبده والكواكبي و علي عبد الرازق و طه حسين وصولًا الى تبلور أفكار الإسلام السياسي وتأسيس حركة الإخوان المسلمين من خلال رشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب وانتشار التطرف الأصولي في معظم بلداننا العربية........