عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1829 - 2007 / 2 / 17 - 07:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرون هم الذين لا يرون في الوطن , أبعد من مصالحهم ضيقة الأفق , والثروات التي يجبونها منه , حيث نهبوا البلاد والعباد , وحولوا خزائن الوطن إلى خزانات جيوبهم المثقوبة , أيضاً هم يدّعون الوطنية , بل يزاودون عليك في ذلك, والبعض منهم يخوّنك لأنك مسست أسيادهم من حكام هكذا وطن, هؤلاء هم فرسان نفاق من الطراز الأول , والأكثر بؤساً أنهم يقبلون أن يكونوا من أردأ كلاب البوليس ,التي دُرِّبت لكي تشتم رائحة الشرفاء من على بعد , وذلك كون هؤلاء الذين أُتخموا بالخراب والارتزاق إلى درجة التماهي مع السلطات التي تكون أكثر فساداً وإفساداً 0 فهم نّباحون دائماً ومكشروا الأنياب , يوزعون سمومهم وأحقادهم على كل من يعترض طريقهم , أو طريق أسيادهم في نهب الوطن , ويصرون دائماً على جعل الوطن دريئة تتلقى السهام , إذ هم يختفون خلفه , ويحولون الأوطان إلى متاريس تحميهم , لأنهم يعلمون أن الأوطان مقدسة عند الشرفاء , لذا دائماً يتهمونك بوطنيتك , ويرفعون الصوت عالياً إذ يعلمون أنهم مسنودي الظهر من أزلام الأنظمة التي تحميهم , ويحاولون الظهور بمظهر المدافع الأمين عن القيم الوطنية , هؤلاء الذين ربطوا مصالحهم مع أنظمة القهر والإذلال هم شريحة من الانتهازيين , والمستغلين , واللصوص , الذين عافهم الضمير, ولم يعد يهمهم سوى جمع الثروات , لأنهم أصلاً باعوا الوطن لحماية أسيادهم , وهم بشكل أو بآخر يكونون قد أصبحوا شركاء جميعاً في نهب وسلب الوطن , وتجريده ليس من الأموال والممتلكات فقط بل أيضاً افراغه من مضمونه الوطني, الذي فصّلوه على قدر مصالحهم وحموه بأسيجة القهر والإذلال , حيث تظل العامة من الناس أكثر فقراً , وتعيش الفاقة , وتظل تحت رحمة هؤلاء الأجراء مهددة بكل قيمها , بما في ذلك قيم الانتماء للوطن , , فالجماهير الأوسع في هكذا بلدان تظل أسيرة الحرمان , وبحكم وجود القهر والإذلال , يتحول بعض الناس في هكذا أنظمة,بما في ذلك الأشد فقراً إلى مُدمجين بالنظام أسوة بالنباحين , بل أكثر بطشاً بأبناء جلدتهم, من الفقراء , وذلك بحكم الذل الذي يعانون , وليثبتوا لأسيادهم من الفئات المتدرجة في سلم الظلم الذي يقع عليهم أنهم أكثر غيرة على الأسياد , وكذلك تماهيهم مع المفهوم الوطني , الذي يماثل أسيادهم الذين هم أكثر ظلماً 0 أحياناً تراك تستغرب الوقاحة التي يمارسها عليك – مثقفوا – السلطة الذين أكلوا الطعم , وانحازوا بلا أي وازع من ضمير لصالح الجلاد , وتحولوا إلى أناس أكثر قهراً وظلماً وتشويهاً لأبناء شعبهم , وكذلك لقيم هذا الشعب , التي هي قيم الوطن الجميل والوادع, الذي يفترض أن تكون قيمه هي قيم المحبة والعدالة , 00
الانتهازيون تراهم يمجدون الحكم الذي هم إليه ينتمون, فإذا كان النظام – طائفياً – برروا لك الطائفية على أنها لمصلحة الأمة والوطن ,وإذا كان النظام ديكتاتورياً – جعلوا هذا الطاغية نبي عصره وفريد زمانه , وإذا كان النظام فئوياً , جعلوا هذه المسألة من أجل الوطن والشعب وإذا كان النظام شوفينياً – جعلوا ذلك من أجل مفهوم الأمة الخلاق , وهكذا هم جاهزون ودائماً لتخريب الوطن وتدميره على رؤوس أصحابه الشرفاء , وذلك كون هذا الوطن هو العباءة التي تقيهم الأذى , أو البقرة الحلوب التي يتحكمون ليس بحلبها فقط , بل أيضاً بتوزيع هذا الحليب على المهللين والمصفِّقين من مرتزقة الزمان من زملائهم في التخريب والخراب , كلما رأيت هؤلاء المنافقين , وأنت َ تراهم في كل مكان , تعلم تماماً أن الوطن ليس بخير , وأن هكذا أوطان تُسلم مقاليدها لتجار الأكاذيب وسماسرة مال الوطن , تعرف أن الوطن ليس بخير , هؤلاء يتكاثرون كالفطر على حساب خيراته ومزارعه , وهم لا يخجلون من احتكار الوطن وسجنه في أقفاص الخراب , خاصة أنّ لهم اليد الطولى في ذلك , وهذه المسألة تتوزع على الجميع , لأن البازار مشاع للكل , فكل من يدخل المزاد في هكذا ألاعيب له نصيب , فترى مدعي العلمانية , شركاء مع مدعي الدين الحنيف , وكذلك القومجيون , وتجار الوطنية الكاذبة وأصحاب الاشتراكية , الذين يشاركون زملاءهم في تقاسم الأرباح وهنا لايهم أن تكون شيوعياً , أو قوميا ً , أو اسلامياً , المهم أنك تقبل أن تساهم في أخذ نصيبك من تركة الوطن , فالشعارات موجودة على قارعة الطريق , فلتختر منها ما شئت , ليس هذا هو المهم الأهم أن تساهم في التخريب , وكلما كنت ممالئاً وأكثراً انعطافاً وترجرجاً , بين اليمين واليسار , وبين بين , تكون أكثر صدقاً وصلاحية للعمل الذي سوف تقوم به , لأنه يخدم الأهداف بلا أي مواربة , شيء عجيب وغريب 0
هؤلاء هم المدّاحون الأفّاكون , الذين بُليت بهم الأوطان , وكأن هذه الأوطان وهذه الشعوب التي تعيش في هكذا بلدان لا تعنيهم بشيء , هكذا هم يأسرون الشعب والوطن , تحت نير الجشع والطمع والاستغلال , حيث النهب محلل , وتخريب القانون شطارة , والوطن يتحول إلى حارة يحكمها الزعران , والكل فيها يدير رأسه , هكذا بلا ذرة حياء أو أي وازع من ضمير تجري الأمور , وكأن الوطن حانوت مستولى عليه 0 أو جثة تُقطع أوصالها , 0 أما الباقون من فئات الشعب فعليهم أن يتحولوا إلى خدم عند هؤلاء الأسياد الجدد , أو يكموا أفواهم لأنهم إذا ما قاموا بأي فعل فسيكونون ضد الوطن وأمنه وسلامته , والمقصود بذلك ضد أمن وسلامة نهابي الوطن , وسارقي الشعب وبذا يحاكمون الفئات التي تمثل ضميره , على أنها تخون الوطن , وبذلك يكونون قد قاموا من حيث يعلمون أو لا يعلمون – بتفريغ الوطن من محتواه الوطني , ووضعوا الشعب في مواجهة الوطن , وبذلك يتحول الناس إلى يائسين أو خانعين أو مهاجرين , ويظل الوطن للمستغِّلين والمتاجرين بالقيم , ومصاصي دماء الشعوب الذين يحولون الأوطان إلى مسرح يمثل فيه البلهاء , ويخرج العمل زعيم اللصوص , ويُسدل الستار على موت شعب ٍ وقهر أمة 0
ويظل السؤال هو هل المرتزقة وطنيون ؟ وهل الطغاة وطنيون وما هو حدود ذلك ؟ وكذلك كل من يعبث بأمن وسلامة الأوطان محمياً بالقوة والجبروت وأنظمة القمع التي تسبب الفساد والإفساد , وتخريب القيم الحقة هؤلاء جميعاً ما هي حدود وطنيتهم ؟ وهل القهر والظلم والاستغلال , وتخريب الثقافة والقيم , وتماهي الدجالين مع كل هذه المنتجات القيميّة للظالم هي تصب في نهر الوطنية ؟ وهل هؤلاء البؤساء المتماهين مع رنين الذهب على حساب إنسانيتهم , يشبهوننا في الخَلقْ ؟ سؤال غريب لا أستطيع الإجابة لا عليه ولا عنه ؟ 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟