أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الأبتر














المزيد.....

الأبتر


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 07:49
المحور: الادب والفن
    


( قصة )

وكان كَلْبهُ باسطاً ذراعيه وكان يطارد المارة والسَوقة وذباب وجهه, وكان يلعق أفكاراً صدأت في دماغه , وجههُ ينمُّ عن صفرة ٍ دائمة ٍ تهرشه وتحكًّه أماكنُ أخرى, ينام قاعياً يرجف من البرد , صقيع ٌ في داخله يهزّهُ دائماً يجعل نباحه صفيراً يكره الكتب والأطفال وفتيات المدارس يهزّ ذنبه كلما جاء سيده , الذي يقرب أبا جعلٍ يسير متدحرجاً على الرصيف , يَهيمُ على موائد الكرام وغالباً ما يأخذ كلبَهُ معه, وكان كلبه يكشر عن أنياب ٍ صفر تُشبهُ أرجل الحشرة " أم ّ الأربع والأربعين " بجسدها النحيل وشكلها المقزز تراها إذا مشت فوق جسد , يحتاج هذا الجسد لفترة طويلة للخلاص من آثار نجاستها بعد أن يُعَقمُ المكان ُ المصاب مرات كثيرة, وقد حدثني عبدُ القائل , قائلاً : أن الصغير الذي يُشبهُ الكرة تدحرج من بيته إلى بيت جاره وإذا بالجار لديه وليمة حيث كانت أطباق ُ الشحم تستفزّه , فمد يده دون استئذان , وبدأ بالدحو إلى أن شعر بالاختناق حيث بدأت كرشه تؤلمه , فنظر إليه المدعوون ولم يجدوا له رقبة , مما أدهش طفلاً كان جالساً حيث صاح ببراءة , ياالله , إنه بلا رقبة , وقال آخر : ولكنه برأس , أجاب آخر رأس ماذا ؟ أين الرأس ؟ والله لا أتصور ذلك !! أجاب أحدهم : ربما هي القدم , قدم ماذا ؟ والله إنني أشك في ذلك , ربما هي إحدى طيات البطن !! مما استدعى ذهابه إلى المشفى , حيث عملوا له غسيل معدة فملأ المشفى بالأفاعي التي تسعى في كل اتجاه , آلاف الأفاعي تخرج من معدته وعقارب شتى , مما جعل الذعر يدب بين المرضى الذين هرولوا خارج المشفى , هذا يحمل كيسه معه , والآخر يحمل رجله المكسورة وثالثة تتوكأ على عصا وتستند على الحائط ورابع يداوي جراحه ُ , ويخرج من غرفة العمليات رغم إصرار الأطباء أنه قد يموت , نافضاً عنه المخدر وهكذا تستنفر إدارة المشفى, والنجدة ُ, والإطفاء,والصليب الأحمر, وأجهزة الإنذار, ويبدأ الرجل الكَُرَة بمحاولة الهرب, يهرب من إحدى النوافذ تطارده ُ حياتهُ , وفجأة يتحول الشارع إلى حشد هائل من البشر 0 بشر كثيرون يحاولون اللحاق به , وهو يعدو , وتعدو خلفه العقارب والحيّات ! فيجد وليمة أخرى يدسُّ حَدْبَتهُ وسط الحشد , وإذا على الباب كلبهُ باسطاً ذراعيه ويردد أحدهم قوله تعالى : ( إن َّ شانأك هو الأبتر)
الرسالة الأخيرة
( 1 )
علا صوت صافرات الإنذار , حتى كاد أن يمزق غشاء طبلة أذنيه, كان قابع في بيته , قفز مسرعا ً كمن لو تلقى ضربة ٍ قوية من يديْ جلاد 0
كتب على عجل 0
حبيبتي أنا ذاهب للدفاع عن الوطن , لقاؤنا المعتاد تحت شجرة السنديان الكبيرة , سيكون بعد عودتي من الحرب , وضع الرسالة في المكان المتفق عليه في جذع شجرة السنديان 0
(2)
طمر الرسالة بأنفاسه , وتجمدت الدمعة في عينيه , كان نصفه يحوم حول شجرة السنديان,ونصفه الآخر يدفعه الواجب , التهمت خطواته التل , وبدأت بابتلاع السهل المترامي الأطراف, نظر إلى الطيور التي ترحل هي الأخرى, نظر خلفاً إلى قريته الوادعة , ثم الأشجار التي لوحت له بأناملها الخضراء , والحقول السندسية المعشوشبة التي رُصعت بالورود, أهذه هي قريته – كم تمنى لو يُقَبّل كل شيء فيها , أحجارها ناسها أطفالها , العشب والمطر هنا لهما لونان متميزان, ثغاء الخراف , وجبالها الشامخة , َحّدث نفسه عن أشياء وأشياء , ذكريات تتقافز في مخيلته, مثل شريط سينمائي لانهائي الأحداث 0
( 3 )
انه الماضي اللذيذ , والمعشوقة المعبودة , هذا الحلم الذي راوده منذ الصغر , يسافر هو وهي على أجنحة الطيور يحلقان بعيداً وكلما يأتي الصباح , يحمل بأنفاسه عطرها الأخاذ يحس أنّ للحياة طعماً آخر , هذا ما جعله يكون أكثر عشقاً إلى الحبيبة الأرض, والحبية الروح , مرة راح يهمس , أحب عينيك كثيراً ولكن أكره أن أرى فيهما غيوماً سوداء , ومرة قال : حين يصحو العاشق من الحلم تنزل أحلامه إلى الأرض , بعد أن كانت تعانق السماء , عندما تزهر أشجار الغابة , ينمو حب جديد 0 زمانان عندنا قال: زمن الزمن وزمن القوة , كما لو غرسنا جذعين في التربة , جذع زيتونة , وجذع سنديانة , فلربما تستظل الزيتونة بجذع السنديانة ولكن لن تستظل الصفصافة بجذع السنديانة , هو يتذكر كل شيء , ويتفحص جميع الأشياء , الجوع , الذل , القهر , مخالب المدينة المتقصفة , يندفع مسرعاً إلى حيث الحرب يدافع عن بلاده ولا ينسى أنه ودع رسالة في جذع السنديانة 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة اعتذار إلى مطربة الملائكة فيروز
- الديمقراطية والأديان عبر التاريخ
- أجنحة وفاء المتكسرة
- الحادي عشر من ايلول إنه ليوم عظيم
- كتب الغربة أقاصيصاً , ويكتب الآن قصة الوطن
- إذا كانت الأديان لله لماذا لا يوحدونها على الأرض ؟
- قدمان مائيتان
- نجيب محفوظ والفراعنة
- مأساة امرأة
- طير أوجعه ليل ُ الصيادين
- الحوار المتمدن وأصحابه الأخيار
- القصة الرقية
- كاسترو وأخوه 0 خالد بكداش وزوجته وبنوه
- فاتحة العذاب
- الفرات غريباً لا يثق بأهله
- أين أنتِ الآن يا بيروت ؟
- الحرب في بيروت , والقتل في بغداد 0
- المختاران من الله
- يبتعدون عن الدين , ويحقدون على العلمانية0
- أطفال بيروت يلعبون بالطائرات


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الأبتر