عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 09:47
المحور:
الادب والفن
أن تحاول إضاءة حياة كاتب ولوفي أسطر قليلة فأنت حتماً ستقع في الحرج لجملة أسباب , أهمها ,هوأنك لا تستطيع أن تعطي هذا الكاتب حقه , وثانياً لأنك لا تستطيع أن تسلط الضوء على الكتابة نفسها , ولكن أن تقول شيئاً أيّ شيء خير من أن لاتقول شيئاً بالمرة , ومن هنا محاولة هذه الكتابة البسيطة عن الكاتب والأديب – القاص : ( احمد المصارع ) الذي كتب القصة منذ عام 1968 م وفي الوقت ذاته رسم العديد من اللوحات الفنية المتميزة آنذاك , وبشكل مبكر مما أكسبه جوائز في القصة والفن التشكيلي على مستوى المحافظة , حيث كان له نشاط ملموس في ثانوية الرشيد بالرقة , وكان من اللذين ساهموا في إصدار – مجلة – نضال الطلبة عام 1970 ومن اللذين ساهموا في إصدار المجلة – الروائي: نبيل سليمان, الشاعر وفيق خنسة , القاص احمد مصارع , الفنان عبد الحميد فياض , القاص محمد جاسم الحميدي , الشاعر إسماعيل ونوس , القاص هيثم الخوجة, الأستاذ إسماعيل حجو الأستاذ منير حبيب والمرحوم القاص احمد محمود المصطفى الفنان طلال معلا , الأستاذ أنور قصيباتي , مدير أوقاف الرقة حالياً , الأستاذ احمد حميدي الخلف , وهكذا استمر الأديب أحمد مصارع في متابعة مسيرته الأدبية الطويلة : حيث كان عضو اتحاد كتاب فلسطين في الجزائر , وعمل في صحيفة الشعب الجزائرية عام 1977 , ومن ثم أسس مجلة التقدم في الجمهورية الليبية , وكتب أبحاثه ودراساته في اللغتين الإنكليزية , والفرنسية , وله عشرات المخطوطات في الفكر والأدب , والعديد من المجاميع القصصية والشعرية , والدراسات الفكرية , وهو يهم الآن لطباعة بعضها بعد هذه المسيرة الطويلة في الكتابة , ونحن هنا سوف نضيء بعض عوالمه في كتابة القصة ونأخذ قصة ( الإهتراء– مثلاً , فالقصة تحكي حكاية صديقين يلتقيان في حديقة في الصباح الباكر , ويحاولان أن يتعرفا على سرّ المدينة , عمقها غير المكشوف , هذا الذي لا يرى من الداخل إلا بالصعود , صعود الأسوار , أو صعود أعالي الأشجار , أنت لكي ترى الأسرار فعليك أن تصعد , لم يعد اللهو الطفولي هو الوحيد الذي يعلمك الأشياء , وتظل شجرة التوت , والنهر , والعصافير , وضوء الشمس , كلهن قيمات على رصد العبث الصبياني , في عوالم أحمد وصديقه , اللذين يعبثان بكل شيء , لأنهما يريدان أن يعرفا كل شيء , فالقصة طيعة وادعة كبراءتهما , في عالم لم يعد النوم هو سيد الحالة , إذ الشمس تدخل إلى العيون المغلقة , وتتآمر معها العصافير بغَردَهِا الفاضح صباحاً , لأن العصافير تحب الاستيقاظ باكراً , وفي هذه الحالة يظل السبيل الوحيد , هو الهروب إلى الحديقة , فالدخول إلى عمق الحديقة هو المتنفس الروحي , للدخول في عالم الإخضرار الجميل , ( هجرت الفراش لاعناً تلك الساعة التي جمعتنا معاً , الضوء والعصافير والنسمة الربيعية , قررت الصحو , وبين الرفض والأمر الواقع قررت الذهاب إلى الحديقة باكراً , شربت كأس ماء فراتي بارد , ورحت تحدو بحماسة فلاح يذهب نحو جني موسمه الوفير – الحقيقة في الحديقة , الحديقة فيها الحقيقة , أي فرق بين ساعة ودقيقة , لقد دخلت إلى الحديقة كما لو كنت قد تلقيت مجموعة من الصفعات , ومن الباب الغربي ’ بينما كان هو قد جاء من الباب الشرقي , فكيف تصادف لقاؤنا في منتصف الحديقة عند نافورة الماء , كنا نضحك من هذا اللقاء من غير موعد , هل ظلال اليوم في الحديقة مثل ظلال الأمس ؟ - كل شيء يجري , ولكن هناك أصل وفرع , أصل وصورة , شكل ومضمون , محتوى وغلاف , حتماً سيبقى النص الأول , كالحب الأول , ونظر إلى شجرة التوت , شجرة توت بألوان مختلفة , أحمر وأسود , وأبيض وأصفر , غريب ! سألته وما وراء هذا السور الشاهق ؟ ) ويظل السؤال عند الكاتب الأديب أحمد مصارع , ما هو السر الذي وراء هذا السور الشاهق ؟ ولماذا الفروع لا تشبه الأصل ؟ وما هو السر في ثمار شجرة التوت وألوانها الزاهية ؟ فالقصة تأخذ بعداً نفسياً , أي الغوص في الجذور , وتظل شجرة التوت هي السر , وكذا السور المانع الذي يحجب الرؤا , والثمار المحرمة في شجرة التوت لأنها ملك الغير , فرغم رحابة البيئة والمكان الضاج بالحياة ( الحديقة ) إلا أن السؤال لدى الكاتب احمد مصارع هو ما طعم ثمر التوت ؟ وما عمر الشجرة ؟ وما علاقة جذرها الضارب عميقاً في الزمن بفروعها اللامتناهية , والتي أثمرت يانعاً ملوناً , لم نعرف طعمه في القصة , ثم المنولوج الداخلي الذي يعيش , والذي مادته الخطف خلفاً , أو حاضراً بأشكال التعبير الجسدي غير المنطوق , والرصد النفسي التأملي في جذوع الشجرة وفروعها , وأشكال الدهشة , ثم الحوار الخفي مع الشمس والعصافير , والماء الفرات , والسور المانع للحقيقة , والثمر الممنوع على الرغبة , فعلى الرغم أن القصة جاءت بسيطة وعفوية , وسلسلة كما أغلب كتابات القاص احمد مصارع , إلا أن الدلالات تطرح أسئلة كبيرة , والقلق متحفز في جميع جوانب النص , وكذلك البحث عن سر التعامل بين الطبيعة والإنسان , أي أسئلة الوجود , فالحركة انتقالية وفي سياق عفوي , ولا تغيرات على شخوص القصة في الخارج , لأن الفعل الداخلي عميق ومتأرق , والتغيرات ماضية ضمن سياق الحركة, لكليْ الشخصين الفاعلين في النص , وتعاملهما مع المحيط , والمجاز هنا مقصود وعميق , رغم العفوية الشكلانية , وأنني أحب أن أسجل هنا أن قصص احمد مصارع , تتفرد في الدخول إلى غور النفس البشرية , والقصة عنده رغم قصرها تتألف من عديد من الحبكات , التي تربط بينهما خطوط غير مرئية , فهو يكثف العوالم , ويسلط الضوء عليها مجتمعة , في رصد نفسي عميق , حيث تتداخل الطبيعة مع الكائن , ويظل العمق , بينهما هو الوحيد المتجاذب رغم عدم التنافر بينهما , دراسة أدب الكاتب احمد مصارع, تحتاج إلى وساعة أكبر ونحن هنا نسلط بصيص ضوء على أدبه لا أكثر 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟