أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - نجيب محفوظ والفراعنة














المزيد.....

نجيب محفوظ والفراعنة


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


هلّت بشائر العالم عندما جاء , وكان الحرف يرحب به , ولم يعرف سيد الحرف أن أحد عشاقه قد ولد من محابر الآلهة , كانت السماء صافية والليل هادئ والسكون فرح بمولود قادم , سوف يزف له بشرى نورانية المعرفة , صناجات الشوق تتدفأ نار,ا لمودة لتعلن أن نجيباً قادماً , لا زال يطير على أجنحة الشوق, تلفه البراءة وتعطر جسده بأزاهير الحب , وكالعشب كان ينبت محملاً أزاهير المعرفة وأبدية المحبة , همست الفراشات لصويحباتها أن آن اخضرار العالم , فاحفظي رياحين النور , إذ سوف ينبلج الصبح عن قادم جميل من بني الإنس , فهزهزت الفراشات أجنحتها إنتشاءاً وفرحاً بالقادم الأمين , وإذا المولود مطر يرش على البرية أحرفاً كتبت على ألواح النور , وسماء اللحن الفياض , متناغماً مع رجة النسائم التي فاح منها النيل , وضمها الكرنك, مثلما ضم وداعة الطفل الذي امتد حبله السري إلى آلاف السنين , وأثنى عليه هودج النور 0 إذ ضمها معطرًا بالطيب , تحو تمس, وحوريس, ورمسيس الثاني , عمده النيل بزمزمه , وتماوج فوق عزته دافئ القطرات , كان الليل نيلّي الهوى , فأشرقت عيون الطفل , مصبِّحا كبرياء النهر , وملوحاً لإهرامات مصر , عبر الزمن , فكان الينبوع شيالاً لمدد حسيّ ثرَّ المعارف , وابتدأ الكلام , وكان عارفاً بأسرار البشر , وبدأ العارف ينسج على ألواح الكائنات سر الخلق , وكانت الخليقة متفتحة الأزاهير , والزمن المهفوف بالنفل, والريحان وأعشاب الخلد لا يفضّ فاه, إلا على دنائن الخمر , وشدو الأطيار , محبة بروح الكائن الجميل , الذي لا يودع سماءه أبداً , ويستظل بنورانية الخلائق , معمداً وجه العفة آنّا شاء , وأكبر الشاب ثالوث المعرفة , وراح يتعارف مع الكل , ويتصادق مع جميع الأ نوات , ويسبح بحمد الصفاء المبجل , واستمر يتما طر ثماراً على الخلق , هو السيد الرحيم بالتواصل , المتمادي شوقاً إلى رشاقة المعنى , وكان الصبح حاد العيون مزنراً بالحواري , والأزقة ,وجدائل بنات البلد , وبدأ العشب يخضر على صدور فتيان الحارة ( الحرافيش ) وهم يحملون نبابيتهم بوجه القهر , ويذودون عن ترب الأرض ,وعطر الفلاحات اللواتي يلوحن بمناجل الحصاد, ويغنن مع النواعير , أغاني العشق والحنين , وهن يهدهدن جرار الماء , فلم يكتف الرجل بمواله البلدي ( أولاد حارتنا ) أو إضاءة سراجات الليل, لتضيء طريق حرافيشه , فبعد أن غنى لسماوات البوح في الأقصر , ورادوبيسه , وبنات النيل , راح يعمد محبته بقاهرته الجديدة والقديمة , وشهده العسلي , وحتماً بدايته لم يكن لها نهاية, لا مع ثرثرته فوق النيل , ولا مع السمان والخريف , وهو استمر يطلق كلابه على اللصوص , حتى لو كان الذي يرى سراباً , إذ لم يتوقف طويلا مع – حضرة المحترم – ولا مع أزقة المدن العرجاء , فهو صديق دائم للخانات , ودخل في عمق القصور , ليسلط عليها مجاهيره التي تر ما لاتراه الأعين , هو المغني اللذي انتدبته الآلهة , ليصلح ذات بين أهله , ويفتح نوافذه على العالم , لأنه يعلم أن الماء والهواء ليسا ملكاً لأحد , وأن النسيم يستنشقه الناس جميعاً على واسع أكوانهم, ويعرف أن السيد المسيح سيقول كلمته , ولو كان ذلك يفضح الجهلة , ويعلم أن الدم الطاهر يسقي أشجار المحبة , ( حيث لا كرامة لنبي في قومه ) ومن أجل ذلك ترك قطرات دمه , تذهب عميقاً في نسيج الأرض , وجذور الأشجار , لتزهر المحبة بين الناس جميعاً من جديد , هو الصافح أبداً عن جزاريه , ومحاولي قتل قلمه , ليعلم الناس التسامح , إنه نّوار ومنور , كرفاقه اللذين في عصره الذي مضى , كان النور والتنوير سلاحهم الأمضى , ولم يكونوا يوماً من دعاة الكره والأحقاد , وهم يحبون الناس كما هم , فلم يطرحون الأشياء ولا المسميات إلا بالشكل المحترم ,الذي يليق بها , فأحمد النجار , وعلي السباك , وهائل الحذاء , وجاسم المزارع , ويوسف السائق , هكذا هي الأسماء لدى جيل نجيب محفوظ , إذ كانوا يحترمون الناس , ويريدون أن يحولوا مهنهم وأدوات رزقهم إلى مصالح, وليس إلى تعويم الأشياء , أو العودة إلى المجهول كما تفعل الطوائف الآن , فهم إن عادوا إلى التاريخ , فقط ليستعيروا منه مثلاً يحتذى به , فالروحانيات لديهم بريئة طاهرة , والدين ليشدَّهم بحبال الله التي تمنحهم العزيمة والمحبة , كل منا أنار زوايا مخيلته بمعارف نجيب محفوظ , وكل منا لازمه أحد كتبه أو شخوصه اللذين وزعهم على العقول جميعاً , وكلنا حزنا عندما طالته يد الإرهاب , وكل منا كان يقول من هو هذا –الغاندي- الوادع الذي تخرج إليك صورته من أية حارة , أو زاوية من بيوتات مصر , كان عميقاً وإنساناً وعلمنا المحبة , فتحية إكبار ووفاء إلى روحك الطاهرة يا صديق الأجلاء من الفراعنة , أيها الفرعون النابت في هذا الزمن يا صديق النيل 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة امرأة
- طير أوجعه ليل ُ الصيادين
- الحوار المتمدن وأصحابه الأخيار
- القصة الرقية
- كاسترو وأخوه 0 خالد بكداش وزوجته وبنوه
- فاتحة العذاب
- الفرات غريباً لا يثق بأهله
- أين أنتِ الآن يا بيروت ؟
- الحرب في بيروت , والقتل في بغداد 0
- المختاران من الله
- يبتعدون عن الدين , ويحقدون على العلمانية0
- أطفال بيروت يلعبون بالطائرات
- هل الدين عنصرياً , أم العنصرية ديناً ؟
- بيروت صامدة كنجمة وحيدة
- الحرية
- الويلات الأمريكية
- من اللذي تآمر على الشعب الفلسطيني العظيم ؟
- الذي تأبط شراً
- الحوار المتمدن وملف العلمانية
- مجد العصا , والدم


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - نجيب محفوظ والفراعنة