أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - أجنحة وفاء المتكسرة















المزيد.....

أجنحة وفاء المتكسرة


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 08:32
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



عندما تتكسر أجنحة الروح , تتلامع في الأفق , خيبات العمر , ويرشف الزمن الحجري روح الكائن بأوجاع , تثور من نوافذها صيحات وصيحات 0 ويتهالك الفم على وسائدها وينام 0 تَصْفّر ثعابين الحياة , ويعرج الوفاء على قدم واحدة , وَيَخِز دمل الروح أوجاع العمر , فتبدأ قيا ثر الآلام على درب الجلجة , هكذا تتلا قح أفكارك ومنذ البدء تقبض على أنفاسك مجموعة الأجنحة المتكسرة , ل س و ع للقاصة ( وفاء خرما) 0 فتراك تلم شتاتك , لتستقبل كل هذه الأوجاع التي نثرتها وفاء في وجه هذا الكون 0 جزع , ظلام , بئر , ستارة , غرق , ارتعاش , طوف , دقات قلب , ورأس يلاحق الكاتبة , رأس ممسوخ لعالم ممسوخ 0 ومن ثم قيء , اشمئزاز , ونفور 0 يا الله كم هو مربك ومؤلم وحزين هذا العالم , الذي يقتل صفاء البشر , ويشوَّه آدميتهم , ويجرهم إلى النفور , على مساحة المجموعة وعلى الحواف أيضا ,مرارات كثيرة في أغلب النصوص , فلنبدأ من القصة الأولى ( الباب المغلق ) 0 حيث تغلق الحياة في وجه البطلة الأم 0 ويبتر منها أعز أعضائها , يبتر أيضاً من يفترض أن يكون أعز الناس إليها , زوجها وتغلق أبواب الحياة بوجهها , وُيقبض على جناحيها المتكسرين وترمى كيسا فارغا إلى الشارع 0 (( الأولى لم تعد مناسبة يا بني , استبدلت, هيا بني نبحث عن الضائع حيث هَوَى )) ونهوي إلى قاع الكاتبة وفاء , نغوص في عوالم شخوص مجموعتها , الذين رَفّت أغربة الشقاء فوق رؤوسهم , وراح يصهل الرأس المحمحم فوقهم , حيث يبدأ المسخ هنا 0 رأس الرجل الحصان الذي يطاردها حيثما حلت , فهي تعيش بصمت,وتواجه المسخ , بقدرة أعصاب عجيبة على المواجهة , مخفية دموعها حدر الجفون 0 فالكابوس يلاحقها حيثما حلت , كابوس مرعب , يضيق بها ويُضَيّق عليها حياتها 0 حيث يختلط الحلم بالحقيقة في عوالم القص , وتترك العنان للخيال , ليرسم عوالم النص , وتُخرج دفين اللاشعور , وجوانياة النبض والمشاعر , التي تواجه هذا العالم الرصاصي 0 هي العادات والتقاليد , والإرث العفن , ممثلا برجال لا قلوب لهم , يترصدون أبطال الكاتبة , وينيخون بكل ارثهم المتزمت , على فيض مشاعرها , وأحاسيسها , فتلجأ إلى التوازن لا عن طريق المواجهة , بل عن طريق الحبوب المهدئة ,وهذا يمثل انكسارا مركبا , وشفافية عالية , رغم نكوصيتها , أي ارتدادها إلى الذات المعذبة , إذن الأسياد يدخلون إلى عوالمنا بعضاً من سيادتهم , فنهرب منهم / بمازوخية / أخرى 0 وتمضي الأجنحة المتكسرة ل 0 س و ع 0 فهي تتعرف على طبيب يتسلى بالقراءة , لأن عمله قليل في العيادة (( الشغل قليل ؟ 00 زميلك الجراح يكاد لا ينتزع يديه من الأحشاء المدماة للمرضى , ثراؤه غدا بلا حدود , وللجراح , أربع ضحايا هذا العام , آخرها طفل بزائدة دودية ملتهبة (( نقابة الأطباء برئته , أخرجته من جرائمه كالشعرة من العجين )) وهكذا ينط لنا من على صفحات القصة الطبيب , المجرم الذي يثري ثراءً فاحشاً , وهو يولغ بدم البشر , وكذا الرجل النتن الذي تتقيأ المرأة , أحشاءها للخلاص من رائحته المقرفة, ولا بد إذن من الاستئصال فالجراحة هي الحل لهذا الورم الخبيث 0 وإذا الطبيب المثالي قارئ الكتب النهم , وصاحب القيم والفضائل , يهاجر إلى الخليج ويتركها وموعد العملية والصمت , وإذا بها تحت ساطور الجراح (ص) فالكل هباء , والكل عدم , وفراغ موحش ومبضع لجراح بلا قلب , فتهوي المرأة من ساطور القيم والمبادئ الزائف , إلى ساطور الجراح الذي يميت , فهذه القصة البسيطة غير المتكلفة , تتركنا أسيري دهشة الفراغ والوهم والجريمة , وتلوب الروح باحثة عن ملجأ وأي ملجأ في أمان , فالرصد للحركة الداخلية للحدث إنساني , وعميق , ودافئ , وحميم , ومبسط , إلى درجة أنه يأتيك من القلب إلى القلب , ومن الجرح إلى الجرح , ومن الحزن الشفاف والحاد , إلى المشاعر التي تتلقى مبضع الجراح 0 وهكذا تراك تتابع الصفحات إلى أن تصل إلى ( قصص قصيرة جدا ) 0 حيث نقرأ مع الكاتبة :
- عجــــــــــــز –

مات مقهورا 0 فقد تمكن طيلة حياته من أن يشتري بأمواله كل ما يشاء ومن يشاء , إلا جنازة مهيبة لعدد كبير من المشيعين 0
حسرة

فوق المكان الذي اعتاد الجلوس فيه أحدث اختراق رصاصة طائشة ثقباً في السقف القرميدي , ولما كان هذا قد حدث في غيابه فقد ردد وهو ينظر إلى الثقب متحسرا يا لسوء حظي 0

عقد

تشكل الغضب في داخلي , فخرج على هيئة دمعة , أطلقت الحسرة , ودمعة أخرى , دفع الألم بدمعتها الثالثة أما الرابعة فقد تكفل بإراقتها الحزن الدفين 0 أمسكت بالعقد اللؤلؤي الباهر في دموعها , زينت به صدرها ثم أغلقته على عنقها بقفل محكم صنعته من الخيوط الفولاذية , لإرادة الحياة في كيانها 0
إن القصص القصيرة جدا في مجموعة الكاتبة والتي بلغ عددها سبع عشرة قصة تأتي في أغلبها – مؤدية
للغرض الأدبي , حيث اللغة جميلة بسيطة متماسكة , وفيها استخدام عميق للجملة القصصية " أغلقته على عنقها بقفل محكم , صنعته من الخيوط الفولاذية لإرادتها " هو لاشك سبك جميل واستخدام باطني لحالة الألم / قفل / أحكام / صناعة / إرادة فعل الإطلاق للدمعة , الذي يوحي بفعل خارجي , أي فعل داخلي , أقام بفعل خارجي , هو مكنون ألم دفين ,أدى إلى فعل خارجي, أي إلى متعة التخلص من الحصار – دمعة ثالثة مدفوعة بفعل الألم , أي حركة ألم داخلية / أي فعل حرية / وفي الدمعة الرابعة / إفصاح " فقد تكفل بإراقتها الحزن الدفين " 0
هكذا ترانا نعيش مع قصص الكاتبة وفاء , هذا العجين المتخمر , لذات متأرقة بالأحزان , مقمرة على سدرة الوجع , تتناغم– لتحلم فيخرج دفين الألم أشواكاً , وأبراً تَخِزُ دمّل الروح , روحها فتدب في شرايينها سموم الحياة 0
هذه حالة توصيفية داخل القصص القصيرة جدا أما الحالة الأدبية لمجموع القصص فهي متموجة بين القصص المكتملة فنيا والتي فيها بعض الهنات , ذاك لجلي لمن يقرأ المجموعة التي عنونتها الأجنحة المتكسرة ل 0 س و ع 0
حقا أبطال المجموعة معذبون , منكسرون , ولا ننسى جماليات الخيال ودقة التصوير المأساوي لأبطال العمل , فالكاتبة وفاء تأتيك واثقة الخطوة وهي تكتب القصة , رغم المحاولة الأولى , الكاتبة لم تأتي من فراغ فمحاولتها هذه توحي بأنها تمتلك جميع أدوات فن القصة , فهي تمتلك وعياً حقيقياً وعميقاً لأسرار الحياة وقصصها, وهذا برأيي هو العامل الجوهري لكل كاتب مجد يريد أن يعري محيطه وفق أبجدية المعرفة, الأدبية ,وإنني أجزم حتما أن المجموعة القادمة والتي عنوانها " البرج " قد تجاوزت هذا العمل فنيا وأدبيا وإبداعيا 0 عدا عن أننا يجب أن نحكم دائماً على الأعمال الأولى للكاتب من خلال المقدرة على الكتابة وآفاقها , لا على الهنات التي يمكن لطلاب الثانوي أن يتعلموها , إذ أردنا أن نساعد على وجود أدباء موهوبين أصحاب رؤى وخبرة , لا على صناعات باهتة يخلقها الحدادون والنجارون وسواهم , فعمل الكاتبة (وفاء خرما) يستحق القراءة حتما , ولو أننا لم ندرس بشكل واسع الراوي , اللغة الحدث , فالراوية أي الكاتبة جاءت بالحدث بشكل واضح فيه عمق نفسي , ونفاذ إلى واقع شخوص القص , ونحن هنا لم نتدخل بحرية الكاتبة في الكتابة وتناولها الأشياء , أما السرد فجاء متواتر مكثف وفيها ذكاء فني خاص , أما اللغة كما أسلفنا فكانت متواترة تضمينية , ذات أفكار مختلفة , وهي تركت بعض معاني القص مفتوحة للقارئ , ورغم الدلالات الفنية المعقدة أحياناً للغة , إلا أنها تركت المعاني مفتوحة في النصوص 0
الأجنحة المتكسرة ل 0س و ع
الناشر : دار الحقائق – حمص 0
تصميم الغلاف والرسوم الداخلية : الفنان إدوار شهدا
مقدمة الأديب : شوقي بغدادي
مع شهادة للأديب الروائي : وليد إخلاصي



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحادي عشر من ايلول إنه ليوم عظيم
- كتب الغربة أقاصيصاً , ويكتب الآن قصة الوطن
- إذا كانت الأديان لله لماذا لا يوحدونها على الأرض ؟
- قدمان مائيتان
- نجيب محفوظ والفراعنة
- مأساة امرأة
- طير أوجعه ليل ُ الصيادين
- الحوار المتمدن وأصحابه الأخيار
- القصة الرقية
- كاسترو وأخوه 0 خالد بكداش وزوجته وبنوه
- فاتحة العذاب
- الفرات غريباً لا يثق بأهله
- أين أنتِ الآن يا بيروت ؟
- الحرب في بيروت , والقتل في بغداد 0
- المختاران من الله
- يبتعدون عن الدين , ويحقدون على العلمانية0
- أطفال بيروت يلعبون بالطائرات
- هل الدين عنصرياً , أم العنصرية ديناً ؟
- بيروت صامدة كنجمة وحيدة
- الحرية


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - أجنحة وفاء المتكسرة