أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - حمزة رستناوي , وطريق بلا أقدام















المزيد.....

حمزة رستناوي , وطريق بلا أقدام


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 10:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تستمر سيدة الرمال ( تدمر ) طاحونة خرساء , تتلذذ بهرس اللحم الآدمي , أنخابها الدماء وأنفاسها صرخات الموجوعين , وسادتها أشراس أجلاف مرضى , لا يعتدل توازنهم النفسي , إلا بالتلذذ بعذابات الآخرين , وتظل تدمر صرخة وجع في خاصرة الوطن ,
( تدمر مظهر ُ الأسباب
عليق تنامى في زنازنها
وغرد مشهد الساق الوحيدة
وبدأت منقوصاً
أبجل ملتقى وهني
وأدهس ضوء نافذتي
الضريرة
اكتفي بالماء
وينبئني مصير الناي )
* ُيظهر الشاعر – حمزة رستناوي في قصيدته الطويلة والتي نشرها في ديوان واحد أسماه/ سيدة الرمال / يُظهر الألم الدفين لهؤلاء السجناء اللذين التهمهم السجن , والذي خرّب إنسانيتهم وشوّه القيم التي من أجلها استحق الإنسان أن يسود الحياة 0
( تناهشتك معاقل
ومشت عليك سنابل
وطرقتُ بابك
حاملاً مفتاحك الخشبي
في معراج ذاتك
دّقة ٌ أولى : قطار الموت أسند ظهره
في الدّقةِ الأخرى : خلعتَ الرأس
واستلقيت َ مصباحاً
ضرير الضوء
تأتيك الأوامرُ
أن أفق
لكنَّ أفقك جنة المأوى
لم تكن " طفل المعاني "
لم تكن في لجة التأويل
إعجازاً
لتسطح نحوك ( السبع المثاني )
لم تكن إلا رضيعاً
في مهب الريح يبكي
ثم يبكي
ثم لا يبكي
لأن الريح أسلمت البكاء
يا إلهي
نحن لا نخشاك
نخشاهم
ونعبد كل آلهة الطغاة
لا تجعل التنور
في غدنا يفور
فنحن إرهاصاتُ ما قبل التبني
نحن أضحية ُ تقدس مالكيها
صمت ديوث القمامة
في خباء المخبرين )
وهنا لايهم الشكل الخارجي في النص , كل المراد هو تسليط الضوء على هذا الألم الكبير , الذي يحيق بالإنسان ويشوه آدميته , حيث لا عذاب إلا عذاب الزنازن , والطغاة هم أسياد الأرض وما عليها , فالألم أكبر من أن تستوعبه الكلمات , ويفيض الإحساس الداخلي الذي لا يملك إلا الاشمئزاز والإدانة , من هذا الظلم المقزز الذي أضحى عشاءاً يومياً عند الجلادين وزبانيتهم , وتستمر القصيدة التي هي من /90 / صفحة في الديوان ترسم لنا الجحيم الذي يصطلي به نزلاء سجن تدمر ,
( لا لم يكن وجهاً لتأكله المقابر
الفارس المفقود يركب اسم بغلتنا
ويمضي في متاهات السنين
ماعاد لي صوت
فبرد قبيلتي
شفة ٌ وريق ٌ في الترهل
قد سكن
ولسانُ مرآتي
حدائق ُ صرها
مهماز ناطحة الوطن )
وتستمر القصيدة ذات البعد الملحمي في الدخول إلى عوالم شتى في دهاليز الموت وصُنّاعه , ومن الرهافة المعجونة بحناء مجد الإنسان الضحية , يتعرى الإنسان الجلاد الذي سكن دماغه وأحاسيسه , ألف وحش ضار , قــُدَّ من خراب , أدْمَنَ التحطيم , وكره نفسه فوشى بها لجلاده الآخر , وهكذا يستمر عالم الخراب في ديوان سيدة الرمال لدى الشاعر حمزة رستناوي 0
أما ديوانه الأول طريق بلا أقدام فلنعرج إليه لندخل في عوالمه0
* صحيح إن الشعر طويل سلمه , وصحيح أن الشعر كتابة من نوع آخر , ولكن الأكثر صحة أن الشعر رحب وجميل ومتسع لدرجة أنه يحترم جميع المشاعر , وصدره العالم , لذا تراه اتسع كل العوالم الجميلة والكائنات الرائعة , فكل من في الطبيعة يكتب قصيدته الجمالية بالشكل الذي يريد , وكذلك بالشكل الذي تحدده له ظروفه الموضوعية والذاتية , فأنت مثلاً لا تستطيع أن تقول للفراشة لماذا تطير بهذا الشكل , أو لما جناحاك أزرقان وبقية جسمها منقش بألوان آخُر, مثلما لا تستطيع أن تقول للأيل لما في عينيك لغة السماء , وفي جيدك عزة الكرماء , وكذلك تدهشك الجبال بعنفوانها , وتكون أكثر إدهاشاً عندما تلتقي عيناك بعيني من تحب , وحينئذ ٍ تفقد اللغة طعمها ويرتقي الصمتُ ليسموا مع قدسية المشاعر , هذا هو الجمال المنفلت من عقاله في عالم الحرية , فلكُلٍ عالمه, والعالم شَكّلَ العصافير بأنواعها وألوانها وَغَرَدِهِا عبر مالا يُدْرَكُ من السنين , التي نسجت هذا الوَشِيِّ المتناغم في عالم الحرية , هذا الذي أسمه الطبيعة , وكان الكائن الشاعر سيد الخلائق جميعاً , والأقرب إلى الحياة , لأنه أقرب الناس جميعاً إلى المحبة والحرية , وكذا الجمال , وكلما كان جميلا, زادوا له مكائل القهر, وحاولوا قتل العصفور في داخله , وفي كل هذه الأحوال يزداد الشاعر أنسنة , ويخرج متفولذاً بالحرية والجمال ولغة العصافير , ومجد الفراشات, فالشاعر, أيّ شاعر قادر على خلق فضاءاته الخاصة , ومبتعداً عن سجون القهر التي تحاول أن تحيكها له إغراءات البشر العاديين , ليسمو بروحه على حبائل النسيم , إلى عوالم الحرية و الجمال , ويتسلق سلالم الروح إلى برزخ الشعر , إذ أنّ الشاعر لا ينظر بين قدميه بل ينظر إلى غزل النجوم , ويشطح بالحرف إلى سماوات العشق , ليُخَلد كينونته ومجده المتفرد في صولجان الجمال , وأنا هنا أريد أن أعرج إلى شاعر موهوب لا زال على الدرجة الأولى من سلم الشعر , ولكنّهُ يجدُّ ودائماً إلى الإرتقاء , وأنا أبَُشَّر أنّه إذا ما استمر في الجد الذي هو عليه , سيكون شاعراً حقيقياً في عالم الحرف , فالشاعر : حمزة رستناوي , قرأت له أكثر من مجموعة شعرية , ومثلما هو طبيب باطني استطاع أن يدخل إلى بواطن الحرف في مجموعته – طريق بلا أقدام –
( ثمة روحٌ تنبع مني تترقرقُ
تُزهر في صحراء القلب وتورقُ
إني أسّاقط
في هادية النور الأولى
أتفحم عشقاً
أتناثر في فَلَكِ المادون
تحت اللوح النائي
يُنشدني مزمار الكون
فأمضي نهراً ياقوتّي المجرى ِ
يبحث عن ماء )
فعلى الرغم من أن الشاعر روح نبّاعة , فقلبه صحراء مورقة, فهو يسقط في هاوية المعرفة , وتمتصه الأفلاك إلى اللوح الذي هو رمز الجمال , فيذيب المزمار أسماعه, ويَلْحَنُ اللحنِ المزماري, ويُصَيّرُ نفسه ُ نهراً , وما أعطش الماء إلى الماء , لأن من الماء كل شيء حي , فالنهر الشاعر الفياض الروح بالسمو , ليس لديه ماء , فأي شاعر لا يبحث عن الماء ؟ فالعطش الروحي مميت والكل يريد أن يذهب بالشاعر إلى موت الكلمات, لأن الشاعر متأرق بالحرية , ومؤرَّق بالمعرفة , وفي عالمه سفائن للتيه , وأطياراً تلجه عوالم التشوق , ( أأكون جسراً فوق نهر الصحو
يوقظه المطر
يوم يمر من الحياة مجرراً
قلبي المعمد بالنهر )
( متلعثماً في زحمة الأحجار
نهر من الأحزان يجتاز اللسان )
( يتراقص القنديل في صدري
ينوس فأرتوي
أرجوك َ لاتهمل بقية ظلمتي
لاتنطفي
لاتنطفي )
فالصحو والمطر والنهر , والظلمة أشياء تنوس في أعماق الشاعر , مفردات الطبيعة تتراقص في مخيلته , والتوتر يلف الحالة التي يعيش , فالشاعر , يتماهى مع سرمد الحياة , أو تجره الحياة إلى نهائيات الوهمي , فالمعادلة لديه , أنا الشاعر – الطبيعة – المُعاش , فالشاعر طفل يحبو في ملكوت المعرفة , والطبيعة تأخذ كل الأشياء إلى المجهول , وهو موجود بلا وجود , طريق تذهب إلى العدم , وكائن , يرصد الأفلاك بذهول (حار درب الله بالكلمات
قافلة كما اليخضور تزهو
لاشراع سوى الرصاص المخملي
يخيم في حاكورة النعرات )
وتظل سيدة الرمال غول يفترس كل الكائنات الحية , وتظل الكائنات تشبه البشر , تتلمس الخطا , تحت ظل أعمدة الرمال التي تصُبّحها ,أغوالاً لتُـدَثَر روح البشر , فالصوت الوحيد المسموع هو أغنية الرمل , وكل الأفواه التي تصدح تُكَمّ بالرمل , فرغم التلعثم أحياناً في صياغة الجملة , والإرباك بين الجملة والحالة الدفوقة عند الشاعر , إلا أنه حتماً سيمتلك – حمزة رستناوي, أدواته الفنية أكثر فأكثر , فهو جاد في لعن سيدة الرمال0
صدر للشاعر الأعمال التالية :
- طريق بلا أقدام – دار آرام – الطبعة الأولى 2001
- ملكوت الأرض – اتحاد الكتاب العرب 2003
- ديوان سيدة الرمال 2005 – إصدار خاص 0
- وديوان قرمطونا – لصالح موقع – فوانيس الأدبي 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناجي العلي – ثمة سؤال
- مظفر النواب, النورس الحالم
- فريد الغادري يدعو لطرد العلويين من دمشق
- الأبتر
- رسالة اعتذار إلى مطربة الملائكة فيروز
- الديمقراطية والأديان عبر التاريخ
- أجنحة وفاء المتكسرة
- الحادي عشر من ايلول إنه ليوم عظيم
- كتب الغربة أقاصيصاً , ويكتب الآن قصة الوطن
- إذا كانت الأديان لله لماذا لا يوحدونها على الأرض ؟
- قدمان مائيتان
- نجيب محفوظ والفراعنة
- مأساة امرأة
- طير أوجعه ليل ُ الصيادين
- الحوار المتمدن وأصحابه الأخيار
- القصة الرقية
- كاسترو وأخوه 0 خالد بكداش وزوجته وبنوه
- فاتحة العذاب
- الفرات غريباً لا يثق بأهله
- أين أنتِ الآن يا بيروت ؟


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - حمزة رستناوي , وطريق بلا أقدام