أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - مخاطر العولمة المتوحشة بين تدمير الوسط الطبيعي واستلاب الذات اليشرية، مقاربة جذرية














المزيد.....

مخاطر العولمة المتوحشة بين تدمير الوسط الطبيعي واستلاب الذات اليشرية، مقاربة جذرية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 09:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مقدمة
العولمة المتوحشة، بوصفها الشكل المتطرف للعولمة الاقتصادية والثقافية، ظاهرة معقدة تتجاوز حدود التكامل الاقتصادي لتشمل تأثيرات عميقة على البيئة الطبيعية والذات البشرية. يُشير مصطلح "العولمة المتوحشة" إلى التوسع غير المنظم للرأسمالية العالمية، المدفوعة بمنطق السوق الحر والاستهلاكية الجامحة، دون مراعاة للتوازن البيئي أو القيم الإنسانية. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل مخاطر العولمة المتوحشة من خلال بعدين رئيسيين: تدمير الوسط الطبيعي واستلاب الذات البشرية، معتمدةً على مقاربة جذرية تركز على نقد الهياكل الاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي تؤدي إلى هذه المخاطر. تعتمد هذه الدراسة على مقاربة جذرية مستمدة من الفكر النقدي، وبالأخص أعمال كارل ماركس وهربرت ماركوز، بالإضافة إلى نظريات ما بعد الحداثة والبيئة الاجتماعية. تُركز المقاربة الجذرية على تحليل الهياكل الرأسمالية التي تدفع نحو الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية وتُنتج أشكالاً من الاغتراب الذي يُفقد الإنسان هويته ومعناه الوجودي. كما تستلهم الدراسة أفكار المفكرين البيئيين مثل فاندانا شيفا، التي تنتقد العولمة المتوحشة بوصفها أداة للهيمنة الاستعمارية الجديدة. فماهي العولمة المتوحشة؟ وماهي مخاطرها؟ وكيف يمكن الحد منها؟
أولاً: تدمير الوسط الطبيعي
الاستغلال المفرط للموارد:
تُعتبر العولمة المتوحشة محركاً رئيسياً لاستنزاف الموارد الطبيعية. تعتمد الشركات متعددة الجنسيات على استخراج الموارد بمعدلات غير مستدامة لتلبية متطلبات السوق العالمي. على سبيل المثال، تُظهر بيانات الأمم المتحدة أن استهلاك الموارد الطبيعية قد تضاعف ثلاث مرات منذ عام 1970، مما أدى إلى تدهور التنوع البيولوجي بنسبة 68% خلال الفترة نفسها.
التلوث والتغير المناخي:
يؤدي الإنتاج الصناعي المكثف إلى انبعاثات غازات الدفيئة، مما يُفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2023 يُشير إلى أن العولمة المتوحشة، من خلال التصنيع غير المنظم، ساهمت في ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمعدل 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
الاستعمار البيئي:
تنقل الشركات متعددة الجنسيات أنشطتها الملوثة إلى دول العالم الثالث، حيث القوانين البيئية ضعيفة. هذا الشكل من "الاستعمار البيئي" يُفاقم التفاوتات العالمية ويُدمر الأنظمة البيئية المحلية، مثل إزالة غابات الأمازون لصالح الزراعة الصناعية.
ثانياً: استلاب الذات البشرية
الاغتراب الاقتصادي:
بحسب ماركس، يؤدي النظام الرأسمالي إلى اغتراب العامل عن منتجه، عن عملية الإنتاج، وعن ذاته. في سياق العولمة المتوحشة، تتفاقم هذه الظاهرة بسبب ظروف العمل غير الإنسانية في المصانع العالمية، حيث يُعامل العمال كأدوات إنتاج وليس ككائنات إنسانية.
الاستهلاكية وفقدان الهوية:
تُروج العولمة المتوحشة لثقافة استهلاكية تُحول الفرد إلى مستهلك سلبي. يُشير ماركوز إلى أن هذا النمط يُنتج "إنساناً أحادي البعد"، يفقد قدرته على التفكير النقدي ويُصبح أسيراً للإعلانات والموضة العالمية. هذا الاستلاب يُفقد الفرد ارتباطه بثقافته المحلية وهويته الذاتية.
التفاوت الاجتماعي:
تزيد العولمة المتوحشة من الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يُعزز الشعور بالتهميش والاستلاب لدى الطبقات المهمشة. تقرير أوكسفام لعام 2024 يُظهر أن 1% من سكان العالم يمتلكون أكثر من 50% من الثروة العالمية، مما يُعمق الشعور بالاغتراب الاجتماعي.
المقاربة الجذرية: نقد وتفكيك الهياكل الرأسمالية
تدعو المقاربة الجذرية إلى تفكيك الهياكل الرأسمالية التي تدعم العولمة المتوحشة. يتطلب ذلك:
إعادة تعريف التنمية: الانتقال من نموذج النمو الاقتصادي غير المحدود إلى تنمية مستدامة تركز على العدالة البيئية والاجتماعية.
تعزيز الاقتصادات المحلية: دعم المجتمعات المحلية لتقليل الاعتماد على الأسواق العالمية، مما يُقلل من استغلال الموارد ويُعزز الهوية الثقافية.
التشريعات البيئية والاجتماعية: فرض قوانين صارمة على الشركات متعددة الجنسيات لضمان حماية البيئة وحقوق العمال.
التعليم النقدي: تعزيز الوعي الاجتماعي بالآثار السلبية للعولمة المتوحشة من خلال التعليم والإعلام.

خاتمة
تُظهر العولمة المتوحشة وجهها المدمر من خلال استنزاف الوسط الطبيعي واستلاب الذات البشرية، مما يهدد استدامة الحياة على الأرض. من خلال المقاربة الجذرية، يمكننا نقد الهياكل الرأسمالية التي تغذي هذه الظاهرة وطرح بدائل تركز على العدالة البيئية والإنسانية. تتطلب المواجهة جهوداً عالمية ومحلية متكاملة لإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان، المجتمع، والطبيعة. فكيف يمكن تأسيس عولمة عادلة بديلة؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار إنهاء الحرب في غزة بين دور ترامب ومواقف حماس وإسرائيل
- الثقافة الوطنية والنضال من أجل الحرية حسب فرانز فانون، مقارب ...
- مقاربة استراتيجية حول الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة
- شروط الرد الحضاري على ميكانيزمات النزعة الاستعمارية الجديدة ...
- استعادة الفكر التنويري في عصر الفراغ الأكسيولوجي واللايقين ا ...
- تجاوز الأزواج الميتافيزيقية نحو إطلاق سراح الحياة، الإبداع، ...
- مستقبل الوطن العربي بين التعدد الإثني والخلافات السياسية وبي ...
- غاستون باشلار والتحليل النفسي للمعرفة العلمية بين القطيعة ال ...
- ثورة في العلم الحديث حسب فيرنر هايزنبرج من خلال دراسة العلاق ...
- الحضارة الغربية في منحدر خطر من منظور ماكس فيبر، مقاربة سوسي ...
- الالتجاء إلى الحرب بين الدوافع اللاشعورية الجمعية والمطامع ا ...
- الضمير الإنساني بين الجرح الفلسطيني والألم العربي - مقاربة إ ...
- الاحتفاء بالفنون بين إقامة المهرجانات الموسمية وتخليد الذكري ...
- ألكسندر كوجيف بين اعادة قراءة فلسفة التاريخ عند هيجل وكتابة ...
- العدالة كأرقى فضائل الحياة السياسية وغياب الوفاق العملي حول ...
- معالم القول السياسي والاجتماعي لما بعد الحداثة الفلسفية
- أزمة المثقف في الوطن العربي وتحديات التكنولوجيا وشروط إمكان ...
- أنطونيو غرامشي بين الثوري عابر للثقافات وتغيير المحاور نحو ع ...
- الفلسفة هي فن طرح الأسئلة الصحيحة، بدلاً من الحصول على إجابا ...
- مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري


المزيد.....




- وسطاء من مصر وقطر يلتقون خليل الحية قبل بدء مفاوضات شرم الشي ...
- الجنائية الدولية قد تكون -ساحة المحاكمة القادمة لدونالد ترام ...
- تصعيد إسرائيلي يسبق جلسة الحكومة: قتيلان في استهداف سيارة جن ...
- لا يعرفون سوى الحرب.. عن أطفال غزيين ولدوا يوم 7 أكتوبر 2023 ...
- ألمانيا تتهم روسيا بالوقوف خلف المسيرات والأخيرة تنفي
- تفاقم الأزمة السياسية في فرنسا.. ما الحل؟
- إيران تعلن تبرئة مواطن فرنسي - ألماني موقوف على أراضيها بتهم ...
- دعوات لحل البرلمان واستقالة الرئيس الفرنسي؟
- فرنسا: لوكورنو يقدم استقالته بعد أقل من 24 ساعة على تشكيل حك ...
- ارتفاع قتلى الفيضانات العارمة في الهند ونيبال


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - مخاطر العولمة المتوحشة بين تدمير الوسط الطبيعي واستلاب الذات اليشرية، مقاربة جذرية