أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح














المزيد.....

سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح


حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنّ أخطر ما تواجهه سورية اليوم ليس غياب القانون والعدالة فحسب، بل تفلّت الفصائل المسلحة التي تنتشر بأعداد كبيرة من دون أي مساءلة أو محاسبة. فهؤلاء القادة الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، خصوصاً في الساحل السوري والسويداء، ارتكبوا جرائم ذات خلفيات طائفية بغيضة، بل تجاوزوا ذلك بالاعتداء على أبناء الطائفة السنية المعتدلة نفسها. وما زالوا حتى اللحظة يستبيحون الأعراض والممتلكات والحريات بلا وازع أخلاقي أو إنساني.

وأمام هذا الواقع المرير، يتساءل المواطن السوري، ومعه كل صاحب ضمير حي:
أين هي العدالة الانتقالية؟
أين دولة القانون والعدالة الاجتماعية والمحاسبة يا سيادة "الرئيس المؤقت" أبو محمد الجولاني؟

لقد ضحّى السوريون بما يقارب مليون شهيد، ومئات الآلاف من المفقودين والمعاقين، لا ليُستبدل طاغية بآخر أشد قسوة وتطرّفاً، بل من أجل بناء وطن حرّ يليق بتضحياتهم. غير أنّ الطغاة، كما في كل زمان، لا يقبلون بحكم لامركزي ولا بدولة مؤسسات، بل يسعون إلى تكريس سلطتهم الفردية مهما كان الثمن.

إنّ المرحلة التي نعيشها اليوم أشد خطورة من حقبة الانقلابات العسكرية في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي. فبرغم أنّ تلك الانقلابات أطاحت بحكومات ورؤساء، إلا أنها لم تجر البلاد إلى حروب طائفية أو صراعات مذهبية وعرقية. بل على العكس، شهدت تلك الحقبة حضوراً واضحاً للمكوّن الكوردي في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومات، وهو ما يعكس روح التعددية التي نفتقدها اليوم.

أما في ظل "الحكومة المؤقتة" التي تقودها، فقد تحوّلت دولة القانون إلى دولة الطوائف والولاءات الضيقة. وبات كل طرف يدافع عن طائفته لا عن الوطن، وعن مصالح جماعته لا عن سيادة الدولة.

ومن جديد يسأل السوريون:
أين ذهبت الوعود التي أُطلقت مع بداية سقوط النظام؟
أين شعار الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة؟
أين العقلية الجديدة التي يفترض أن تؤسس لسورية لكل السوريين؟

كان الأجدر بك، أيها الرئيس المؤقت، أن تقف على مسافة واحدة من جميع السوريين، بمذاهبهم وطوائفهم ومكوّناتهم، لتفرض سلطة الدولة على الجميع وتطبّق القانون بعدالة ومساواة. فالدول لا تُبنى تحت هيمنة "أمراء الحرب" من أمثال أبو عمشة وأبو شقرا وأبو قصرة وأبو عائشة وغيرهم، بل تُبنى حين يخضع الجميع لحكم القانون لا لقوة السلاح.

إنّ استقواءك بالقوى الخارجية، وفي مقدمتها تركيا، في كل شاردة وواردة تخص الشأن السوري، خطأ استراتيجي قاتل. فالقضية السورية شأن داخلي، وحلولها يجب أن تُصاغ من الداخل، بما ينسجم مع تطلعات السوريين لا عبر وصفات مستوردة من الخارج. فتركيا ليست حريصة على سورية ولا على استقرارها، بل تسعى بالدرجة الأولى إلى محاربة قوات سورية الديمقراطية "قسد"، خشية أن تتحوّل إلى كيان مستقل في المستقبل القريب، وهو ما تعتبره تهديداً مباشراً لأمنها القومي.

وبهذه العقلية الشوفينية والإقصائية المتطرّفة، لن يختلف مصيرك عن مصير بشار الأسد، إذ لا تختلف عنه لا سياسياً ولا عسكرياً ولا أخلاقياً ولا سيادياً. فكلاكما تمارسون العقلية القمعية ذاتها، وتعتمدون على الطائفية والإقصاء، في وقتٍ دفع فيه السوريون ثمناً باهظاً خلال أربعة عشر عاماً من القتل والتشريد والتدمير والجوع والاعتقال. ولم تكن تلك التضحيات من أجل استبدال طاغية بآخر، بل من أجل الحرية والكرامة.

إنّ ما تمارسونه اليوم منذ استيلائكم على السلطة بطرق غير شرعية يمثّل كارثة وطنية حقيقية. بدءاً من "الحوار الوطني" الذي غُيّب عنه الصوت الحر، مروراً بالإعلان الدستوري وقوانين الانتخابات الشكلية، وصولاً إلى الاستثمارات الوهمية والإعلام المأجور الذي يحرّض على القتل ويشوّه صورة سورية التي كانت يوماً مهد الحضارات.

لقد آن الأوان لتدركوا أنّ الاستمرار في هذا النهج لن يقود إلا إلى مزيد من الخراب، وأن الشعب السوري الذي صمد طويلاً لن يقبل باستبداد جديد يرتدي عباءة "الثورة".



#حجي_قادو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية
- الكورد في سوريا بين سياسات البعث وجريمة الحزام العربي
- سورية بين فتات التبرعات وحكومات التسوّل
- الكورد بين قرنٍ من المعاناة وتحديات الحاضر
- عن -الشرعية- التي يمنحها ترامب لأردوغان .
- إلى من يهمّه الأمر في الشأن السياسي السوري
- اتفاق العاشر من آذار... بين السقوط السياسي وتكريس الإقصاء
- فلسطين وكردستان ... قراءة في مفارقة العلاقات والتحالفات
- احمد الشرع : من سردٍ فاشل إلى خطاب كاذب الأمم المتحدة
- قتل على الهوية والانتماء: تقارير حقوقية تكشف الجرائم المغيبة
- تفاهمات جنوب سوريا .... بين ضرورات الأمن ومخاطر التنازلات
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير في نيويورك حول القضية الكردية ...
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير حول القضية الكردية في سوريا
- ازدواجية المواقف وحق الشعوب في تقرير مصيرها
- نحو الحل الوطني الشامل للأزمة السورية
- تشكيل مرجعية كردية في سوريا
- مشاريع تحالفات جديدة
- ردٌ على تصريحات أحمد الشرع


المزيد.....




- انفصال نيكول كيدمان وكيث أوربان بعد زواج دام قرابة 20 عامًا ...
- -صورة العمر الجديد-.. أنغام تتألق في -رويال ألبرت هول-.. الأ ...
- تحذيرات للسكان وإقفال المدارس.. تفعيل الإنذار الأحمر في مناط ...
- لأول مرة منذ نحو 6 سنوات.. واشنطن على أبواب إغلاق حكومي وترا ...
- إيطاليا تنسحب من مرافقة -أسطول الصمود- المتجه إلى غزة
- ولية عهد هولندا ووريثة العرش الأميرة أماليا تبدأ الخدمة العس ...
- الحكومة المغربية تعرب عن تفهمها للمطالب الاجتماعية وتؤكد است ...
- أمريكا: هل يتوجه ترامب نحو عسكرة السياسة؟
- إيران: عودة العقوبات بعد عشر سنوات؟
- توقيف ابنة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في فرنسا بطلب م ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح