علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 14:13
المحور:
قضايا ثقافية
رواية قصيرة بقلم: المحامي علي أبو حبلة
الفصل الأول: البداية – أرض الحكاية
في قرية صغيرة تُدعى عين الزيتون، كان الطفل آدم يجري بين الحقول، يحفظ رائحة التراب وصوت العصافير.
جلس جده الشيخ إبراهيم على صخرة قريبة، ينظر إلى شجرة زيتون معمّرة ويقول لحفيده:
– "هذه يا آدم أكبر من عمري، هي شاهدة على أننا هنا منذ الأزل، وستبقى بعدنا لتشهد أننا لم نرحل."
كان البيت متواضعًا، لكن قلبه عامر بالقصص. كانت الأم ليلى تزرع الأمل في قصص صغيرة، رغم أن جدران المعزل تحاصر الضوء.
ثم جاء الغرباء، أقاموا الأسوار العالية، وقطعوا أوصال القرية، وصارت عين الزيتون معزلاً لا يفتح أبوابه إلا بإذنٍ مذل.
الفصل الثاني: الذروة – المشهد الفاصل
في صباحٍ كئيب، استيقظ آدم على صراخ في الخارج. خرج مسرعًا ليرى جرافة ضخمة تتقدم نحو الزيتونة العتيقة، والجنود يحيطون بها. ركض الطفل وهو يصرخ:
– "اتركوها! هذه شجرتنا!"
لكن صرخاته تلاشت أمام هدير الجرافة. اقتُلعت الزيتونة بجذورها، ارتجفت الأرض، وسقط آدم على ركبتيه يبكي. كان الشيخ إبراهيم يقف بعيدًا، يضع يده على صدره، كأن جذوره هي الأخرى تُنتزع معه.
هرعت ليلى لتحمل والدها المريض، الذي اشتد عليه الألم. أسرعت إلى الحاجز العسكري تطلب الدواء، لكن الجندي قال ببرود:
– "العبور ممنوع اليوم."
صرخت:
– "إنه يحتضر! هذا أبي، يحتاج دواءه فورًا!"
ابتسم الجندي باستهزاء وأدار ظهره.
عودوا إلى البيت، والشيخ يتصبب عرقًا، وصوته متقطع:
– "لا تبكوا… لا تحزنوا… الزيتونة لم تمت… لقد دخلت دمنا."
كانت تلك الليلة الأطول في حياة آدم. فقد أدرك أن الجدار لا يحاصر الأرض فقط، بل يحاصر الروح والذاكرة. ومنذ تلك اللحظة، حمل في قلبه وصية جده: "لن نرحل، لن نستسلم."
الفصل الثالث: الخاتمة – الحلم الذي لا يموت
رحل الشيخ إبراهيم بعد أيام، لكن جنازته داخل المعزل تحولت إلى قسم جماعي. وقف آدم أمام الجموع الصغيرة وقال:
– "جدي صار زيتونة جديدة، لا تُقتلع."
كبر آدم، وصار يكتب على الجدران كلمات الحرية. وأمه ليلى واصلت زرع الأزهار في أواني معدنية صدئة، لتقول لكل من يراها: "الأمل لا يموت."
وفي الأمسيات، يجتمع أبناء المعزل ليسمعوا من آدم الحكاية: عن الزيتونة التي اقتلعت، وعن الدواء الذي مُنع، وعن الشيخ إبراهيم الذي رحل جسدًا لكنه بقي في الذاكرة.
وهكذا، صارت القصة أسطورة حيّة:
شعبٌ يُعاقَب بالنهب والحصار، يعيش في معازل تشبه المعتقلات، لكنه يتمسك بجذوره، مؤمنًا أن الحرية قدرٌ لا يُلغى، وأن الأرض لا تخون أصحابها.
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟