أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن زهري - بين النبوءة والواقع: قراءة نقدية لأحداث نهاية الزمان














المزيد.....

بين النبوءة والواقع: قراءة نقدية لأحداث نهاية الزمان


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 17:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمثل روايات نهاية الزمان جزءًا أصيلًا من الموروث الديني في الديانات الإبراهيمية الثلاث بطوائفها ومذاهبها المختلفة، وقد ساهمت تلك الروايات في تشكيل مخيلة ملايين البشر عبر العصور. مع تطور العلوم الاجتماعية والدراسات التاريخية، بات من الضروري التمييز بين ما هو نصوص دينية ذات وظيفة روحية وأخلاقية، وبين ما يتم توظيفه سياسيًا وإعلاميًا لإثارة الهلع أو توجيه الرأي العام أو تبرير ممارسات عدوانية غير أخلاقية.

إن النصوص التي تتحدث عن علامات الساعة والمسيح الدجال ونزول السيد المسيح عليه السلام تحمل في جوهرها رسالة تربوية إيمانية تتمثل في تذكير الناس بقيم الخير والعدل، والتحذير من الفتن والظلم. يلاحظ أن معظم علماء الدين الكبار أكدوا أن الغرض منها ليس إثارة الخوف، بل شحذ الضمير الإنساني لتعزيز الأخلاق الرفيعة والرقي الإنساني.

تعلمنا أحداث التاريخ أن المجتمعات في أوقات الأزمات تميل إلى إنتاج وتأويل نبوءات مختلفة عن نهاية العالم. هذه الظاهرة درسها علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع، ورأوا أنها أداة لفهم القلق الجماعي، فظهور حكايات نهاية العالم ليس حكرًا على الإسلام أو المسيحية، بل موجودة في كل الثقافات تقريبًا، من حضارات المايا إلى الهندوسية.

شهد القرنان العشرين والحادي والعشرين استخدام هذه الروايات لتبرير مواقف سياسية معينة، على سبيل المثال تربط بعض الروايات ضرورة قيام دولة إسرائيل وتأجيج الصراع في العالم القديم كشرط لبداية حروب آخر الزمان. أضف إلى ذلك أن بعض التيارات الدينية الغربية استخدمت فكرة “إعادة بناء الهيكل” لدعم أجندات سياسية. هذا التوظيف السياسي يُبعد الفكرة عن بعدها الروحي، ويحولها إلى أداة للصراع.

إن العلم الحديث يقدم العديد من الأدوات لفهم الظواهر الطبيعية والاجتماعية بعيدًا عن الخوف الماورائي والتفسير العقابي لهذه الظواهر "الطبيعية.". على سبيل المثال، بدلاً من ربط الزلازل أو الأوبئة بنهاية العالم، تُدرَس أسبابها في الجيولوجيا والطب والبيئة. هذا لا يلغي البعد الديني، لكنه يقدّم تفسيرًا عمليًا يساعد على التعامل مع الواقع بوعي.

في ضوء ما سبق، لابد أن ينصب اهتمام البشرية في الوقت الراهن على تقديم خطاب عقلاني يركز على المسؤولية الإنسانية بدلاً من انتظار أحداث خارقة لتغيير العالم. نحن، أبناء هذا العصر، مسؤولون عن مواجهة الظلم وحماية البيئة وتقليل آثار التغيرات المناخية وبناء السلام ومكافحة الجهل والمرض، سواءً كنا ذلك الجيل الذي سيشهد نهاية الزمان أو كنتا جيلاً غيره. بهذا المعنى تصبح “نهاية الزمان” لحظة رمزية لكل إنسان حين يواجه ضميره ويمارس مسؤوليته الأخلاقية تجاه نفسه وتجاه الآخرين.

ختاماً، لابد أن نتيقّن أن المشكلة لا تكمن في النصوص الدينية ذاتها، بل في القراءة الحرفية المتعجلة التي تعطل التفكير وتزرع الخوف. لذلك فإنني أدعو الجميع لقراءة متوازنة تجعلنا نأخذ من الموروث الديني قيمه الأساسية المتمثلة في العدل والرحمة ومحاربة الشر، دون أن نغرق في هواجس المؤامرات أو ننتظر خلاصًا سحريًا يعتمد على تدمير الآخر، أيّا كان هذا الآخر.

إن تفكيك هذه الروايات لا يعني إنكار المعلوم من الدين بالضرورة، بل يعني تحرير الدين من التوظيف السياسي والإعلامي، وإعادته إلى دوره الأصلي في تهذيب الإنسان وصناعة الأمل والسعي لحياة كريمة لكافة الخلائق.



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى ينقرض البشر؟
- الهجرة النظامية: هل توقف الهجرة غير النظامية؟
- جيل ألفا: جيل المستقبل الذي سيحمل عبء شيخوخة العالم
- بين الماضي والحاضر: هل يصلح حاضر المجتمعات بما صلح به ماضيها ...
- الذكاء الاصطناعي: أداة قديمة في ثوب جديد
- فقه الفضاء وفقه الفقراء: صراع الأولويات في الفكر الإسلامي ال ...
- التجليات الإجرائية للنص القرآني في المجال العام المصري
- التجليات الإجرائية للنص القرآني في المجال العام المصري
- نهاية النمو؟ ملامح التحول السكاني في القرن الحادي والعشرين
- بمناسبة اليوم العالمي للاجئين: قراءة في تقرير الاتجاهات العا ...
- هل ينجح ترامب في طرد المهاجرين؟
- موسم الرَّد إلى الجنوب
- حكم تارك الصلاة وتطور الحياة بين الثوابت والمتغيرات
- To Migrate´-or-not to Migrate: هل هذا هو السؤال؟
- اللاإنجابية في مصر: قرار فردي أم ظاهرة اجتماعية؟
- الهجرة والتعاون الأوروبي-الأفريقي: بين عملية الخرطوم وعملية ...
- أزمنة التشظّي
- اليوم الدولي للمهاجرين 2024: هل من جديد؟
- مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 في ذكراه الثلاثين
- عصر الإتاحةِ المدمّرة


المزيد.....




- حرس الثورة الإسلامية: ردنا على أي عدوان سيكون قاتلا
- المالكي: الانتخابات ستحصّن العراق من عودة الدكتاتورية والطائ ...
- خارجية الاحتلال تهاجم بريطانيا وتتهم -الإخوان- بالوقوف خلف ق ...
- بابا الفاتيكان عن غزة: لا مستقبل يتأسس على العنف والنزوح الق ...
- -قساوسة ضد الإبادة-.. 550 رجل دين مسيحيا ينادون بوقف الحرب ع ...
- بابا الفاتيكان يجدّد تضامنه مع غزة: لا مستقبل بالعنف والتهجي ...
- بابا الفاتيكان يندد بتشريد سكان غزة: نتضامن مع أشقائنا في ال ...
- الاحتلال يفرض إغلاقاً شاملاً على الضفة وينشر كتيبتين إضافيتي ...
- السوربون جامعة فرنسية بدأت كلية لتعليم المسيحية على ضفاف نهر ...
- الأحد في بيروت.. مورغان أورتاغوس من الإنجيلية إلى اليهودية؟ ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن زهري - بين النبوءة والواقع: قراءة نقدية لأحداث نهاية الزمان