أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أيمن زهري - موسم الرَّد إلى الجنوب














المزيد.....

موسم الرَّد إلى الجنوب


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 17:53
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في الزمن الذي توشك فيه الجغرافيا على الذوبان تحت ضغط العولمة، ما زالت الحدود تُرفع في وجه الإنسان الجنوبي، لا باعتباره إنسانًا فارًّا من خطر، بل باعتباره خطرًا يهدد دولة الرفاه الأوروبية، حيث تُعامَل تحركاته بوصفها تهديدًا اقتصاديًا وثقافيًا يجب ضبطه، حتى لو كان الثمن تجاهل القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، التي كانت ثمرةً مباشرة لتجربة اللجوء الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، إضافةً إلى الاتفاقيات الأوروبية الإطارية التي تنظّم وضع اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي ذاته.

اللاجئ القادم من الجنوب، الذي أُجبر على الرحيل بسبب استمرار الممارسات ما بعد الاستعمارية — من الحروب المصنّعة، إلى النهب المؤسسي، مرورًا بالتغير المناخي غير العادل — يجد نفسه مدفوعًا إلى أبواب المستعمر القديم، يستجدي ملاذًا في عواصم ساهمت بالأمس في تفكيك بنيان بلاده.

لكن الأبواب موصدة.

وإن أفلح هذا اللاجئ في اختراق تلك الأبواب، بمهارة الهارب من موتٍ مؤجَّل، سيجد نفسه ضحية اتفاقيات إعادة. يعود منها لاجئًا مهزومًا إلى البلد ذاته الذي فرّ منه، أو يُرحَّل إلى بلدٍ آخر ربما تكون الحياة فيه أشد قسوة من وطنه الأصلي.

وفي مشهد سريالي لا يخلو من التهكّم، لا مانع لدى صانعي السياسات في الشمال من تصنيف دولٍ تعاني الفوضى والمجاعات والنزاعات — كالصومال أو السودان — على أنها "بلدان آمنة"، فقط لتبرير إعادة اللاجئين إليها، ولو كانت خطورتها تفوق كل منطق إنساني.

هكذا، بلا خجل ولا اعتذار، تتعاون أوروبا مع الأنظمة التي ساهمت في تدميرها يومًا، بهدف إعادة الجنوبي إلى "مكانه الطبيعي": في الهامش، في العراء، في نقطة الصفر.

اللافت أن هذا "الرد إلى الجنوب" لم يعد مؤقتًا، بل بات موسميًا ومنهجيًا، جزءًا من استراتيجية احتواء الهجرة، تُدار فيها الحدود ليس كجدران جغرافية، بل كآليات فرز أخلاقي. من يستحق الحياة؟ ومن عليه أن يتحمّلها فقط؟ من يُرحَّب به كعقل مهاجر؟ ومن يُقذف به كجسد فائض؟
لقد تحوّلت الهجرة من فعل خلاص فردي إلى ملف تفاوض سياسي، تتداخل فيه الحسابات الأمنية مع الكوابح الاقتصادية، وتذوب فيه حقوق الإنسان أمام اعتبارات السيادة الوطنية.

الخلاصة مرّة:
ما أرخص الجنوبي في سوق الجغرافيا السياسية.
ما أوهن حمايته في زمن الاتفاقيات والصفقات الثنائية.
وما أكثر ما يشبه الماضي، هذا الحاضر.



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم تارك الصلاة وتطور الحياة بين الثوابت والمتغيرات
- To Migrate´-or-not to Migrate: هل هذا هو السؤال؟
- اللاإنجابية في مصر: قرار فردي أم ظاهرة اجتماعية؟
- الهجرة والتعاون الأوروبي-الأفريقي: بين عملية الخرطوم وعملية ...
- أزمنة التشظّي
- اليوم الدولي للمهاجرين 2024: هل من جديد؟
- مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 في ذكراه الثلاثين
- عصر الإتاحةِ المدمّرة
- سياحة التقاعد في مصر
- لا تجلدوا محمد حسين يعقوب
- هل زادت الرغبة في الهجرة؟
- سكان مصر في العشرية الأخيرة 2011-2021
- ذكريات العيد وحلوياته
- مصر ما بعد الكورونا
- فيروس كورونا ومستقبل الحراك البشري
- توضيح بشأن المدعو حمّو بيكا
- مصر وأفريقيا بين الماضي والحاضر!
- في مفهوم المواطنة والدين
- الخروج من المأزق: كيف يتقدم العرب؟
- هل مازلنا بحاجة لمعرض للكتاب؟


المزيد.....




- قصة السر المدفون بين ترامب وإبستين... هل تنفجر -قنبلة ماسك-؟ ...
- ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟
- الجيش الإسرائيلي يؤكد أن العقوبات ضد الحريديم غير كافية ويعت ...
- ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة
- ترامب: الصين وافقت على استئناف توريد المعادن النادرة إلى الو ...
- -هذا زفاف وليس غرفة نوم-.. عروسان يثيران الجدل بمشهد جريء في ...
- ترامب: إذا لزم الأمر.. سنفرض عقوبات جديدة على روسيا وعقوبات ...
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: 110 شهداء و583 إصابة و9 مفقو ...
-  أبرز صحافي في إسرائيل: تتبع أكاذيب نتنياهو مهمة شاقة تتطلب ...
- قتلى وجرحى فى اشتباكات بين المليشيات فى ليبيا وإلغاء صلاة ال ...


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أيمن زهري - موسم الرَّد إلى الجنوب