أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - نهاية النمو؟ ملامح التحول السكاني في القرن الحادي والعشرين














المزيد.....

نهاية النمو؟ ملامح التحول السكاني في القرن الحادي والعشرين


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 8400 - 2025 / 7 / 11 - 02:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(في مناسبة اليوم العالمي للسكان: 11 يوليو)

في الحادي عشر من يوليو من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للسكان، وهو مناسبة لا تقتصر على التذكير بحجم سكان الكوكب فحسب، بل تدعونا أيضًا إلى التأمل في المسارات العميقة التي تعيد رسم خريطة الوجود البشري. فقد اقتربت البشرية من نقطة تحول تاريخية قد تُحدث انقلابًا في فهمنا للسكان والنمو والتنمية: نقطة الصفر في الزيادة السكانية.

النمو السكاني يقترب من قمته
بحسب توقعات شعبة السكان في الأمم المتحدة، بلغ عدد سكان العالم حوالي 8.1 مليار نسمة في منتصف عام 2025، لكنه لن يستمر في الزيادة على نفس الوتيرة. فبينما شهد العالم زيادات ضخمة خلال القرنين الماضيين – من مليار نسمة في 1800 إلى أكثر من 7 مليارات في 2011 – تشير السيناريوهات الحالية إلى أن العالم سيبلغ ذروته السكانية في النصف الثاني من القرن الحالي، تحديدًا ما بين عامي 2080 و2090، عند مستوى يتراوح بين 9.5 و10.4 مليار نسمة، قبل أن يبدأ في التراجع.
السبب؟ انخفاض معدلات الخصوبة، وهو التحول الأهم في تاريخ السكان بعد انخفاض الوفيات.

خصوبة مرتفعة في بعض المناطق ... ولكن!
رغم هذا الاتجاه العام، لا يزال معدل الخصوبة مرتفعًا في أجزاء واسعة من العالم، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث تصل الخصوبة في بعض الدول إلى أكثر من 5 مواليد لكل أنثى في سن الحمل. في المقابل، انخفضت الخصوبة إلى ما دون مستوى الإحلال (2.1 مولود حي لكل أنثى في سن الحمل) في معظم بلدان العالم، بما فيها الصين والهند، بل وصل المعدل إلى حدود متدنية في كوريا الجنوبية (1.0) وإيطاليا (1.2) وإسبانيا (1.3).

مصر، كمثال على الدول النامية ذات الوزن السكاني الكبير، تشهد حاليًا معدل خصوبة يبلغ حوالي 2.7 مولود حي لكل أنثى في سن الحمل (2025)، وهو أعلى من المعدل العالمي (2.3) وأعلى من مستوى الإحلال، ما يشير إلى استمرار الزخم السكاني لفترة قادمة، خاصة في ظل التركيب العمري الفتي.

إفريقيا: مخزن شباب العالم
بينما تتجه أوروبا وبلدان شرق آسيا نحو الشيخوخة والانكماش، تتقدم إفريقيا لتكون مركز الثقل السكاني الجديد. فبحلول عام 2100، يُتوقَّع أن يسكن واحد من كل ثلاثة من سكان العالم في إفريقيا، وأن تضم نيجيريا وحدها أكثر من 700 مليون نسمة، ما يجعلها من أكبر دول العالم من حيث عدد السكان.

إفريقيا لا تملك فقط الكثافة السكانية المستقبلية، بل تملك أيضًا التركيب العمري الأكثر شبابًا، إذ تقل أعمار أكثر من نصف سكان القارة عن 20 عامًا، وهذا يمنحها ميزة ديموغرافية قد تتحول إلى رافعة اقتصادية عالمية، إذا ما توافرت شروط التعليم، والرعاية الصحية، والبنية الأساسية، وسوق العمل الذي يستطيع تأهيل هذا الزخم السكاني.

الشيخوخة في الشمال: أوروبا والصين في مأزق
في المقابل، تدخل مناطق أخرى من العالم في مسار ديموغرافي معاكس. فقد بدأت الصين، أكبر دولة من حيث عدد السكان حتى وقت قريب، في فقدان سكانها بالفعل، حيث تراجع عدد السكان لأول مرة منذ ستة عقود في عام 2022، وتستمر التقديرات في توقع انخفاض مستمر قد يؤدي إلى فقدان مئات الملايين من السكان بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين.

أما أوروبا، فتعيش بالفعل حالة من الشيخوخة المزمنة، حيث يزيد العمر الوسيط في بعض الدول عن 45 عامًا، وترتفع نسبة المسنين (65 سنة فأكثر) إلى أكثر من 20% من السكان. هذه الديناميكيات السكانية تُنذر بأزمات في سوق العمل، ونظم التقاعد، والخدمات الصحية.

الهجرة: مفتاح التوازن السكاني
وسط هذه التناقضات الديموغرافية، تظهر الهجرة الدولية باعتبارها إحدى أدوات التوازن العالمي. فالدول التي تعاني من شيخوخة سكانية ونقص في الأيدي العاملة قد تجد ضالتها في تدفقات المهاجرين الشباب القادمين من بلدان الجنوب.

لكن الهجرة لا تزال ملفًا شائكًا، تعترضه العقبات السياسية والثقافية، في ظل تصاعد التيارات اليمينية والشعبوية في دول الشمال. مع ذلك، فإن الهجرة قد تكون الأداة الوحيدة المتاحة لإعادة ضبط المعادلة السكانية عالميًا، والتي لابد منها لتأمين الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول.

الختام: ما بعد النمو؟
إن الوصول إلى نقطة التباطؤ ثم الصفر في النمو السكاني لا يعني بالضرورة حلول الكارثة، لكنه يمثل نهاية مرحلة تاريخية طويلة من النمو المتسارع، وبداية عهد جديد يقوم على إدارة التحولات السكاني بذكاء. ستواجه بعض الدول تحديات فائض الشباب، بينما تواجه دول أخرى نقصًا في القوى العاملة. والحل لا يكمن في العزلة، بل في التعاون الدولي، والتخطيط السكاني، وسياسات الهجرة، والتعليم، وتمكين المرأة.

في اليوم العالمي للسكان، نحن مدعوون ليس فقط لعدّ الناس، بل لفهم ما وراء الأرقام: التغيرات العميقة في تركيب المجتمعات، والفرص والمخاطر المصاحبة، والتفكير في الإنسان، لا بوصفه رقما في تعداد، بل طاقة كامنة وشريكًا في مستقبل مشترك.



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة اليوم العالمي للاجئين: قراءة في تقرير الاتجاهات العا ...
- هل ينجح ترامب في طرد المهاجرين؟
- موسم الرَّد إلى الجنوب
- حكم تارك الصلاة وتطور الحياة بين الثوابت والمتغيرات
- To Migrate´-or-not to Migrate: هل هذا هو السؤال؟
- اللاإنجابية في مصر: قرار فردي أم ظاهرة اجتماعية؟
- الهجرة والتعاون الأوروبي-الأفريقي: بين عملية الخرطوم وعملية ...
- أزمنة التشظّي
- اليوم الدولي للمهاجرين 2024: هل من جديد؟
- مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 في ذكراه الثلاثين
- عصر الإتاحةِ المدمّرة
- سياحة التقاعد في مصر
- لا تجلدوا محمد حسين يعقوب
- هل زادت الرغبة في الهجرة؟
- سكان مصر في العشرية الأخيرة 2011-2021
- ذكريات العيد وحلوياته
- مصر ما بعد الكورونا
- فيروس كورونا ومستقبل الحراك البشري
- توضيح بشأن المدعو حمّو بيكا
- مصر وأفريقيا بين الماضي والحاضر!


المزيد.....




- قانون الإيجارات المعدل في مصر: تهديد صامت للسلم الاجتماعي وم ...
- محاولة جديدة لكسر الحصار.. سفينة مساعدات تبحر من صقيلية نحو ...
- العيد الوطني الفرنسي: استعراض عسكري تحت عنوان -المصداقية الع ...
- الهند: جمعيتان للطيارين ترفضان نتائج التحقيق في تحطم طائرة - ...
- كيف يبدو مخيم نور شمس بعد 6 أشهر من التوغل الإسرائيلي؟
- 6 أسئلة بشأن اشتباكات السويداء في سوريا
- أميركا قد ترحل مهاجرين إلى -بلدان ثالثة- بعد 6 ساعات من إخطا ...
- صفقة دفاعية ضخمة.. فيديو يعرض خوذة ميتا التي أثارت البنتاغون ...
- أصوات من غزة.. حرمان الأطفال من عامين دراسيين بسبب الحرب
- اشتباكات السويداء.. وزير الداخلية السوري يكشف -السبب والحل- ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - نهاية النمو؟ ملامح التحول السكاني في القرن الحادي والعشرين