أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية














المزيد.....

التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 16:32
المحور: المجتمع المدني
    


يُعتبر التبني من القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تناولتها الشرائع الدينية والقوانين الوضعية بطرائق متباينة. فبينما عُرف التبني في الحضارات القديمة كوسيلة لضمان النسب أو تعويض العقم، جاء الإسلام بمنهج وسطي حافظ على الأنساب وفي الوقت نفسه لم يهمل حاجة الطفل للرعاية والاحتضان.

أولًا: التبني في القرآن والإسلام

أبطل الإسلام التبني الذي كان شائعًا في الجاهلية، حيث كان الرجل يتبنى غلامًا فينسبه إلى نفسه ويعامل معاملة الابن الصلبي في الإرث والميراث. وقد نص القرآن الكريم على ذلك بوضوح:

> "وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" (الأحزاب: 4-5).



فالنسب حق أصيل لا يجوز التلاعب به، ولا يزول إلا بالطرق الشرعية المقررة (كاللعان). ومن هنا فرّق الإسلام بين التبني المحرّم الذي يغيّر النسب، والكفالة المشروعة التي تعني رعاية الطفل ماديًا وتربويًا ونفسيًا دون تغيير اسمه أو إرثه.

وقد حث النبي ﷺ على كفالة اليتيم بقوله: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" (رواه البخاري)، مما يدل على البعد الإيماني والروحي لهذا العمل.

الفرق بين كفالة الفقير وكفالة اليتيم

كفالة الفقير: تقتصر على الدعم المالي أو المعيشي، دون علاقة أبوية أو احتضان دائم.

كفالة اليتيم: تتضمن الرعاية الكاملة (التربية، التعليم، الحماية) ضمن بيئة أسرية، لكنها لا تساوي نسبه بالأسرة الكافلة.


حكم تبني من له أبوان على قيد الحياة

لا يجوز شرعًا تبني طفل له أب وأم على قيد الحياة، لأن ذلك يؤدي إلى ظلم الوالدين وقطع العلاقة الطبيعية بين الطفل وأسرته. الشرع أوجب على الوالدين القيام بواجباتهم تجاه أبنائهم، وأي نقل للنسب أو تبديل له يُعد باطلًا.

اللقيط في الإسلام

اللقيط هو الطفل الذي يُعثر عليه مطروحًا بلا أهل أو نسب معروف. وقد قرر الفقهاء أن اللقيط مسلم بحكم الدار (ابن قدامة، المغني)، وأن نفقته على بيت مال المسلمين إن لم يوجد متبرع. كما أن له حقوقًا كاملة في الرعاية والحماية، ولا يجوز أن يُنسب إلى من وجده، بل يُعطى اسمًا مستقلًا يحفظ له كرامته وهويته.

التبني في الديانات الأخرى

اليهودية: لم تمنع التبني لكنه لا يغير النسب، فالابن المتبنى لا يُعتبر من نسل الكهنة أو اللاويين مثلًا.

المسيحية: أجازت التبني الكامل، وجعلت الطفل المتبنى جزءًا من العائلة قانونًا واجتماعيًا، مستندةً إلى فكرة "البنوة لله بالتبني" الواردة في رسائل بولس الرسول (أفسس 1:5).

الهندوسية: اعتبرت التبني وسيلة لاستمرار النسل والإرث، خصوصًا في حالة غياب الوريث الذكر.


الأبعاد الاجتماعية والنفسية للتبني

الطفل المتبنى إذا عومل كابن صلبي ثم اكتشف لاحقًا حقيقة نسبه قد يتعرض لصدمة نفسية وشعور بالخذلان.

المجتمع أحيانًا ينظر بعطف إلى كافل اليتيم، امتثالًا للحديث الشريف، لكن قد يتعامل بحذر أو سلبية مع مجهول النسب (اللقيط) بسبب الوصمة الاجتماعية.

الدراسات النفسية الحديثة تؤكد أن الوضوح منذ الصغر بشأن هوية الطفل أفضل من إخفاء الحقيقة، لأنه يمنحه استقرارًا نفسيًا ويجنب الصدمات المستقبلية.


القوانين الغربية والتبني

القوانين الغربية (المستمدة غالبًا من التقاليد المسيحية) تجيز التبني الكامل، حيث يقطع الطفل صلته القانونية بأهله الأصليين وينتسب إلى العائلة الجديدة، ويرث منها كما يرث الابن الصلبي. وهذا يخالف الفقه الإسلامي الذي يحفظ النسب ويرفض إلحاقه بغير والده، لكنه في الوقت نفسه يشجع على الوصية للمتبنى بما لا يزيد عن الثلث، ضمانًا لحقه في الرعاية.


---

خلاصة

الإسلام حرّم التبني إذا غيّر النسب، لكنه أباح الكفالة التي تحقق الرعاية والاحتضان. وقد وازن بين حفظ الأنساب ومصلحة الطفل المحتاج، وشرّع للقيط حقوقًا تكفل له حياة كريمة بلا عار أو ظلم. بينما تختلف المواقف في الديانات الأخرى بين السماح بالتبني الكامل (المسيحية والهندوسية) والإبقاء على النسب الأصلي مع الرعاية (اليهودية). أما من الناحية الاجتماعية والنفسية، فإن الكفالة الشرعية تُعد أكثر انسجامًا مع حاجات الطفل وهويته، لأنها تجمع بين الحماية العاطفية وحفظ الحقائق النسبية، وهو ما يجعلها نموذجًا متوازنًا في معالجة قضية التبني.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غسيل الدماغ بين الواقع العلمي والخيال
- هل ستحصل الدوحة على حق الرد على أسرائيل؟
- أدارة الوقت بين ظاهرة التسويف وضغط اللحظات الأخيرة
- أمريكا ببن الجدار الأخضر والتخبط السياسي
- الأنسان بين الانتماء الطبيعي والمكتسب
- العدو الصغير والقائد الثائر
- القصف الأسرائلي على الدوحة بين الأستهتار الأسرائلي والخنوع ا ...
- أحتمالات المواجهة الفينزوالية الأمريكية وتأثيرها على الساحة ...
- الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟
- تحالفات الكبار بين أحلال السلام والهيمنة (مجموعة شنغهاي)
- الفجور والتقوى لدى النفس البشرية
- التخنث وسط الشباب العراقي
- حزب الله بين الأيدلوجية المذهبية وشعار المقاومة
- الأغتصاب الجنسي بين التحريم والتجريم والعار الأجتماعي
- البداوة وأثرها في بناء المجتمعات
- البداوة وأثرها في نشأت المجتمعات
- الأنتخابات البرلمانية العراقية ٢٠٢٥ ...
- القوات الأمريكية تغادر العراق...قرأة موجزة
- قمة ترامب وبوتين… خارطة نفوذ جديدة وتوازنات خفية
- الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة


المزيد.....




- الرئيس الفلسطيني يخاطب الأمم المتحدة عبر الفيديو بعد رفض واش ...
- اعتقال خطباء القدس يتواصل.. الاحتلال يبعد الشيخ سرندح عن ا ...
- (محدث) الأمم المتحدة تصوت لصالح مشاركة الرئيس بخطاب مسجل في ...
- الشرطة الإسرائيلية تحاول فض اعتصام عائلات الأسرى أمام مقر نت ...
- الأمم المتحدة تُقرّ مشاركة محمود عباس عبر خطاب مُسجل
- الاحتلال يعترف باحتجاز 2800 من غزة دون محاكمة.. يواجهون التع ...
- مالطا تبلغ أبو مازن اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم ...
- الأونروا: تكلفة النزوح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع تبلغ 318 ...
- النائبة العامة السودانية للجزيرة نت: نرفض توسيع تفويض المحكم ...
- مشرعون يعتزمون اقتراح مشروع قرار على الكونغرس الأمريكي لحماي ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية