أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - داس كابيتال














المزيد.....

داس كابيتال


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 02:30
المحور: الادب والفن
    


داس كابيتال، أو "رأي" المال..
قصيدة: حكمت الحاج*

كان شابًّا يظنُّ أنَّ الكلماتِ تكفي
لإشعالِ ثورةٍ في قلبِ امرأةٍ واحدة،
يُسقِطُ المجاز على أوراقٍ صفراءَ
ويبعثرُ التشبيهَ فوقَ سَعْفِ النخيل.
كان يكتبُ شعرًا لا يستمعُ إليهِ أحدٌ،
وحبًّا لا يعترفُ بهِ قلبٌ آخر.
المالُ في الزاويةِ يبتسمُ بخبثٍ،
«يا صاح، هذي القصائدُ بلا سوقٍ
لن تُطعمَ جائعًا ولا تُعيدُ المحبوبَ إلى بيته».

كارل الشابُّ يُصغي إلى ضحكات الشغالين،
يدوّنُ اسمَ الحبِّ ثم يشطبهُ،
يستبدلُ المعشوقة بفكرةٍ أكثرَ جموحًا،
«ربما هيَ الكلماتُ التي تُخلّصنا،
لكنها تحتاجُ إلى فكرٍ يُحرّرها من عبوديةِ الذهب».
يضحكُ، فيسقطُ القلبُ في جيبٍ مثقوبٍ،
يلملمُ نفسهُ من بقايا قصائدَ مرفوضة،
يمزجُ مرارةَ الفشلِ بطعمِ القهوةِ الرخيصة،
ويبدأُ رحلةَ البحثِ عن سببِ خضوعِ البشرِ لرأي المال.

يرفعُ رأسَهُ إلى السماء،
يستحضرُ أرواحَ الرفاق في السجوم المظلمة،
: «يا أصدقائي، الحبُّ لا يُشترى،
لكنّ حياتنا تبيعُها الأسواقُ كلَّ يومٍ».
يقرأُ كارل المستقبل،
يُفكِّكُ لغةَ العقودِ والبورصات،
ويجدُ في الاحتراب شعرًا من نوعٍ آخر،
شعرًا لا يكتبُهُ قلبٌ عاشق،
بل تكتبهُ أيادي المطحونين.

وفي آخرِ الليلِ، حينَ يصمتُ العالمُ المرهَق،
يتذكّرُ كارل قصائدَهُ الأولى، وقبلات الصبا
والمرأة التي أحبته في إهاب خادمة
يبتسمُ بأسى: «كانت حبيبةٌ واحدةٌ تكفي لإنقاذِ
شاعرٍ فاشل، لكن شعوبًا كاملةً انتظرت من يقولُ لها
إنَّ المالَ ليسَ إلا رأيًا يفرضُ نفسهُ بالقوةِ على الحقيقة».
هكذا تحولَ الفشلُ إلى بوصلةٍ لطريقَ العدالة،
وتحول الخيالُ إلى قوةٍ توكد الكائنات،
ورأى كارل إن «الحقيقةَ حين ترتدي ثيابَ الشعرِ
تستطيعُ أن تهزمَ الداس كابيتال».
(بغداد، 1995).

* لم تنفع الحيل المعتادة التي يعرفها الشعراء لتفادي منع النشر وسوء التأويل. لم ينفع حذف "ماركس" والإبقاء على "كارل"، لم ينفع تمويه "رأس المال" بصيغة "رأي المال"، لم ينفع استعمال "الشغالين" بدلا من العمال أو الشغيلة. لم تنفع كل تلك التنازلات اللغوية في ذلك الزمن الصعب، وفي تلك البلاد المشتبكة، وبقيت القصيدة في درج مقاومة النسيان. وها هي اليوم بعد ثلاثين عاما بالتمام والكمال، تحاول أن ترى النور ولو ضعيفا، رغم فوات الوقت عليها وانتفاء أهميتها الفنية والفكرية، لكنها تبقى قطعة من تاريخي الشخصي الذي كان "هناك"، واليوم أطل عليه بلا أدنى ضغينة، من "هنا والآن"، بتعبير "هايدغر"، درءا للنسيان فحسب.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا نقطة في بحرك
- يناير 1904 قصيدة لقسطنطين كافافي نشرت بعد وفاته
- سبتمبر: قصيدة مترجمة لكافافي
- أربع أغنيات
- ما هو الله: قصيدة لفريدريتش هولدرلين
- سأريك الأمل في حفنة طين
- الأمل طائر الروح
- السر الأعظم أو سِرِّ الأَسرار الرواية المنتظرة من دان براون
- ست قصائد للشاعرة دوروثي باركر مع تقديم
- لماذا يجب عليك قراءة المزيد من الشعر 1-3
- يا تونس ويكأنك
- الفلسفة والشعر: أية علاقة (2)
- شِراك السرد ومرآة الهوية: العراق في أربع روايات عالمية
- هنالك نهران في السماء: العراق في رواية أليف شفق المرشحة لنوب ...
- ستة نصائح إلى كاتب شاب
- ليلى أبو العلا: حين تكتب الروح المهاجرة عن الروح المهاجرة
- تجزئة السرد ووعي التجزئة: في الأدبين، العالمي والعربي
- الغيمة.. قصيدة شيللي بترجمتها الكاملة
- الغيمة
- الشعر والفلسفة: أية علاقة


المزيد.....




- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...
- فنانون عراقيون في مواجهة الحرب بمعرض في طهران + فيديو
- بغداد تتنفس -ثقافة- بمهرجان الكتاب الدولي وقطر ضيف شرف في قل ...
- مهرجان الإسكندرية يكشف عن أقوى 10 أفلام سياسية في تاريخ السي ...
- متحف الأوسكار يحتفي بالذكرى الـ50 لـ-الفك المفترس- بـ200 قطع ...
- الشاعر حامد بن عقيل يفك شفرة العالم في -الوحدة حرّية حزينة- ...
- متحف اليمن الوطني.. صرح تاريخي طاله التخريب الإسرائيلي
- دمشق تطلق غدا أول تظاهرة سينمائية عن الثورة السورية


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - داس كابيتال