أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إنهم يقتلون أحفاد المكزون السنجاري: مجازر في قرى كردية في الساحل















المزيد.....

إنهم يقتلون أحفاد المكزون السنجاري: مجازر في قرى كردية في الساحل


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنهم يقتلون أحفاد المكزون السنجاري:
مجازر في قرى كردية في الساحل
إلى د. علي ولقمان طالب الطب سنة ثالثة نجلي صديقي المربي بهيج علي حسن وهما يختصران مأساة مجازرالساحل.

إبراهيم اليوسف
ثمة أصدقاء تترسخ أسماؤهم في الذاكرة، نتيجة وفائهم وإخلاصهم وتقبل رؤاهم، فلا يمكن للزمن أن يمحو آثارهم، ويفرحني أن لي الآن الكثير من الأصدقاء الذين تعرفت عليهم في محطات حياتية. منهم أبناء القرية، زملاء الدراسة، عوام كتاب، صحفيون، رفاق الحزب أو رفاق الموقف، الوجوه التي تعرفت عليها في مغترباتي: الدوحة، الشارقة، ألمانيا، ناهيك عمن تعرفت عليهم في مدن وعواصم كثيرة زرتها خلال سنوات عمري. لقد علق اسم بهيج حسن في ذاكرتي بعد أن تعارفنا في أواخر الثمانينيات وكان لنا أن نعيش معاً تحت سقف واحد بضعة أشهر. حدثني عن الكثير من رؤاه وخصوصياته:

أنا كردي الأصل.
ومست العبارة زر اهتمام كبير في قلبي وذاكرتي ووجداني، إذ رحت أسأله عن قرى الساحل وجبال الكرد هناك، والمكزون السنجاري، وأحدثه عن أصدقاء أوفياء في الساحل منهم صقر عليشي قبل أن أتعرف على كثيرين منهم محمد غانم، دانيال سعود ومفيد خنسة، وصار يساررني يحدثني عن رؤاه، عن الحياة في الساحل، وكيف أنه ينظر إلى العلويين أنهم سلطة إلا أنهم في الحقيقة مفقرون، إذ كان نظام حافظ الأسد لا يهمه في سبيل تكريس حكمه ليكون وقفاً على عائلته إلى الأبد مهما كانت ضريبة ذلك.
انقطعت العلاقة بيننا بعد تلك المحطة التي جمعتنا، إلا أن اسمه ظل عالقاً في شباك الذاكرة: طيبته، إنسانيته، أخلاقه العالية، صدقه، وفاؤه. قال لي بعض من أعرفهم إنه يعمل في الخليج. ما إن بدأت العمل حتى سرعان ما سألت عنه إلا أنني فشلت. قبل أيام كتب الصديق بهيج حسن مسعود. ابن سويداء الكرامة، مقالاً، عني في صفحته، على الفيس بوك. و كان اسم بهيج ابن السويداء يحيلني إليه، كلما قرأت له، وحدث أمر جد غريب، عندما حاولت الاتصال ببهيج السويداء لأسأل:
هل تعرف بهيج صديقي ابن اللاذقية؟
كانت المفاجأة أن يكتب بهيج اللاذقي إليه مستفسراً كيف له أن يلتقيني. كانت فرحتي جد كبيرة عندما سمعت صوته لأول مرة بعد ست وثلاثين سنة، وما إن سألته عن نجله علي، اسم أبيه، حتى انفجر بكاء وهو يقول: لقد استشهد هو وشقيقه لقمان طالب السنة الثالثة ـ طب بشري. وكنت قد وثقت اسمي الشهيدين من دون أن أنتبه أنهما من أبناء صديقي. عاتبت أصدقاء لي في الساحل لم لم يعلموني بذلك؟
بحثت في وسائل التواصل عن تفاصيل وكيفية استشهاد الدكتورين المدنيين البريئين علي ولقمان فحصلت على أكثر من فيديو وزعه دواعش باسم ـ محبي التبليطة والفشيش ـ إذ يبدو في الفيديوين الشهيدان وشقيقهما إبراهيم منبطحون أرضاً، مع آخرين، بعد أن تم إنزال أبناء صديقي من الطابق العلوي من البناية التي تسكن أسرة صديقي بهيج ـ مدرس الرياضيات القدير ـ في طابقها الثالث، بينما الطابقان الأول والثاني لأقرباء العائلة، وكان صديقي من الطلاب الأوائل على جامعة تشرين، كما حمل أكثر من شهادة دبلوم تربوي، أعمال إلخ.
خلال سنوات عمله ربى أولاده خير تربية، كما هي أخلاقه، فكان أبناؤه وابنته من الطلبة الأوائل، بفضل تربية والديهم اللذين هما أبعد عن أية عصبية، نتيجة إنسانيتهما ونبلهما، كما هو شأن أفراد الأسرة الذين لم يكونوا في يوم ما في أي تنظيم سياسي، ولا أية جمعية مدنية أو سياسية، إلا إنه عندما تمت مداهمة قرى ومدن الساحل فإنه تمت مداهمة منزل صديقي أ. بهيج واقتيدت زوجته وأبناؤها الثلاثة إلى أسفل البناية التي دخلوها بعد كسر الأقفال بالرصاص. أبطحوهم أرضاً، طلبوا منهم العواء، رفض د. علي وشقيقه لقمان الاستجابة الذليلة، فتعرضا للشتم وإطلاق النار عليهما ضمن المجموعة التي أنزلت من البيوت المجاورة وتم إعدامهما فيما تسمى- ساحة الحمام- في اللاذقية يوم الجمعة 7/3/2025.
ما اسمك؟
علي.
لم ملابسك أنيقة؟
أنا طبيب وأبي مدرس في الخليج.
لا، أنت شبيح.
اعو.
لا، لن أعوي.
فأطلق الجنجويد الداعشي الرصاص على رأسه وصدره، كما أطلقوا الرصاص على ظهر شقيقه لقمان، وسمحوا لشقيقهما الصغير إبراهيم بالعودة إلى العمارة بعد أن كانوا فتشوا حقيبة د. علي المحمولة وفيها مفتاحا سيارته وأمه وبعض الذهب والمال، بالإضافة إلى هويتيه الشخصية والنقابية ورخصة قيادة السيارة. كما أطلق الرصاص على قريب العائلة في العمارة التي تحتل أسرة صديقي الطابق الثالث، بينما الطابقان الآخران لخؤولة زوجة صديقي بهيج. إذ نجا من عوى- ولا معابة أمام ضباع ووحوش عديمي الدين والأخلاق والقيم والرجولة- ليكون ولدا صديقي بهيج من عداد شهداء قرى: الدالية، بيت عانا، المنصورة، صنوبر جبلة، المختارية، برابشو، حي القصور في بانياس، عين الكروم، وادي الغار… من القرى والمناطق التي يسكنها الكرد، وهي كثيرة منذ أيام المنقذ الكردي، المكزون السنجاري الكردي (1187–1240م)، الذي جاء مرتين لمؤازرة العلويين بجيش كردي بلغ عدده في المرة الأولى عشرة آلاف مقاتل سنة 623هـ/1226م، بينما بلغ عددهم في المرة الثانية عشرين ألفاً سنة 625هـ/1228م، فانهزم في الأولى وانتصر في الثانية، فارضاً السلام. وظل هؤلاء في قرى محددة من الساحل سوف أتوقف عندها في مقال آخر، لتكون هناك أسر كردية بعضها حافظ على الكردية حتى الأمس القريب، بينما دخلت معجم المنطقة مفردات كردية، كما في بعض قصائد المكزون، وإن نجد الكثير من هذه العائلات ستنسب إلى قبائل وأسماء عربية.
كنت أتلظى ألماً وأنا أسمع صديقي بهيج دون بهجته التي طالما عهدتها فيه، يكلمني بحرقة والغصة في حلقه:
إبراهيم، خسرت فلذتي كبد لم يشاركا يوماً في مظاهرة أو شأن سياسي. لقد استشهدا وهما صائمان. سألت أمهما عنهما فقيل لها: سنحقق معهما ويأتيان، لكنهما أُعدما مقابل العمارة، ورُمي جسداهما على بعد مئات الأمتار. أحمل الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وزير الداخلية، وزير الدفاع مسؤولية دماء ولدي، وأطالبهم بتقديم كل من كانوا وراء الجريمة أو نفذوها، أو خططوا لها وأمروا بتنفيذها إلى المحكمة، والقصاص العادل لهما، أمام الكاميرات، من جنس فعل القتلة الإرهابيين.
من يعيد لعيني صديقي بهيج بريقهما بعد أن أُطفأت رصاصات الغدر بهجته وحياة نجليه ؟ من يعيد لزوجته أم الشهيدين دفء عليها ولقمانها، وقد خبت أصواتهما في البيت إلى الأبد؟ من يعيد آلاف الشهداء الذين سقطوا في قرى الساحل والسويداء وغيرهما إلى الحياة؟ إن الدماء التي سالت لا تستعاد، والأرواح التي غادرت لا تعود، لكن بوسع الكلمة أن تصرخ، وبوسع الذاكرة أن ترفض النسيان، وبوسع القصاص أن يكون وعداً لا يسقط بالتقادم.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزكين حسكو تتنفس برئتي الكتابة والحلم
- ثنائية الشجاعة والتهور على حافة الوعي واللاوعي
- البنية المزدوجة في نص زكريا شيخ أحمد من النَفَس الملحمي إلى ...
- بطاقات الصباح جسور ضد العزلة والشتات
- الكرد والظاهرة الصوتية تحت تأثير ثقافة الشركاء
- الإعتاميون: حين يتحول الإعلام إلى منبر للكراهية
- مزكين حسكو إبداع وروح لا تهدآن كلما ضاقت المساحات
- قارعو طبول الإبادة وأبواق الفتن والقتل والدمار مشروع تفكيك ا ...
- قارعو طبول الإبادة وأبواق القتل والدمار مشروع تفكيك المكونات ...
- لماذا استهداف آل الخزنوي؟ من محمد طلب هلال إلى البغدادي إلى ...
- نورالدين صوفي ومحاولة لسداد جزء من دين متأخر
- بين مؤتمري دمشق والحسكة وامتحان الوطنية السورية
- كرسي النهاية سرّ التهافت عليه!
- وثيقة الجنرال كركيزة فحسب: الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب ...
- زياد رحباني شاعراً وهو في الثالثة عشرة من عمره مجموعة- صديقي ...
- سوريا بعد أربع عشرة سنة: ضرورة إعادة تدقيق تعريفي الثورة وال ...
- السيد أحمد الشرع من الجائزة الكبرى إلى مأزق الدم خياران خطير ...
- اللجنة الوطنية للتحقيق في مجازر الساحل تدق آخر مسمار في مصدا ...
- على هامش سقوط تصريح باراك وسقوط حلم المتبركين به
- الانتخاء باسم العشائر خدعة تأسيسية لحرب أهلية مؤجّلة مجاهدون ...


المزيد.....




- نيبال تشهد تعيين أول سيدة كرئيسة وزراء في تاريخها بعد احتجاج ...
- مالذي يعنيه خفض التصنيف الإئتماني لفرنسا؟
- أي مسار بعد إعلان -نيويورك- نحو دولة فلسطينية؟
- أول لقاء بين رئيس وزراء قطر مع نائب ترمب ووزير خارجيته بعد ه ...
- أسامة حمدان: محاولة اغتيال وفد حماس إطلاق نار مباشر على ورقة ...
- فيدان: الاعتراف بجرائم إسرائيل في غزة خطوة نحو العدالة الدول ...
- جنوب لبنان.. إصابة شخصين جراء استهداف مسيرة إسرائيلية
- عشرات القتلى في غزة بغارات ونيران إسرائيلية
- لغز الرصاصة البعيدة.. أميركا تبحث عن -القناص الشبح-
- الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إنهم يقتلون أحفاد المكزون السنجاري: مجازر في قرى كردية في الساحل