أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - وثيقة الجنرال كركيزة فحسب: الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب كامل!















المزيد.....

وثيقة الجنرال كركيزة فحسب: الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب كامل!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 03:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وثيقة الجنرال كركيزة فحسب:
الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب كامل!

إبراهيم اليوسف

ما إن تُطو صفحات المعارك الكبرى حتى يظهر للملأ أن البنادق لن تعود وحدها قادرة على صياغة العقود السياسية، لاسيما في زمن الاختصاصات الأكثر دقة، مهما بلغ رنين النصر في حناجر المنتصرين، وإن كانوا خير حماة للحقوق والمواثيق. ذلك أن التفاوض على مصائر الشعوب لا يشبه إدارة الجبهات، ولا توزيع المهمات القتالية، ولا تكفيه الكاريزما ولا يسوّغه الإجماع العاطفي، ولا تُحسم فيه القيادة بالرتبة العسكرية. فالميدان يحكمه الإقدام، أما القرار السياسي فيُحتكم فيه إلى من فوّضه الناس، لا من صفّق له الجنود.
من هنا فإن الجنرال مظلوم عبدي، بما له من سجل لافت في قيادة قوات سورية الديمقراطية، قدّم نموذجاً بالغ التأثير في كسر حلقات الإرهاب، ونجح، بأناة وشجاعة، في تثبيت خطوط الدفاع الكردي في لحظة من أكثر اللحظات اشتعالاً. حيث استطاعت قواته أن تحقّق تقدماً حقيقياً لا يُنكر في وجه المجهول المتربّص. إلا أن هذه المكانة العسكرية لا تتيح له، تلقائياً، التحوّل إلى مرجعية سياسية مفوضة في القضايا الوجودية للكرد السوريين. إذ إن التمثيل السياسي لا يُنتج في غرف العمليات، ولا يُنجز عبر التوقيع السريع على وثائق جزئية، بل عبر توافق يُبنى حجراً حجراً، ويتجسّد في الوفد الذي ارتضته الأطراف الكردية في مؤتمرها الأخير في يوم 26 نيسان الماضي 2025 في مدينة قامشلي، وبدعم أمريكي وفرنسي كما ومعروف.
لقد تداول بعض المقرّبين من الميدان- عند توقيع الجنرال مظلوم عبدي الوثيقة- أنها لا تتجاوز الجانب العسكري، إذ قيل إنها تتعلق بترتيبات ميدانية لا بخيارات استراتيجية كبرى، ولم تكن معنية بملف الحقوق القومية للكرد في سوريا، ولا بمسألة التمثيل السياسي الرسمي. إلا أن ما جرى لاحقاً هو قلب لمعنى الوثيقة، ومحاولة لتوسيع تأويلها خارج السياق الذي وُقّعت فيه، حتى بدت في يد مناوئي التفاوض كأنها تفويض شامل يتجاوز الوفد المتّفق عليه، ويُلغي القرار السياسي الجماعي. من هنا فإن الإلحاح على اعتبارها مرجعية أو بديلًا عن مسار التفاوض لا يعدو كونه تزويراً مكشوفاً، يسعى لفرض وقائع وهمية على حساب تمثيل شرعي جرى تثبيته علناً، وتحت أنظار الراعيين الدوليين أنفسهم.
إن ما يلوّح به بعض الوسطاء من التعامل مع توقيع الجنرال مظلوم على وثيقة أولية كأنه قرار نهائي باسم الكرد، لا يعدو اعتباره ابتزازاً سياسياً مفضوحاً، يراد به الالتفاف على مسار التفاوض الحقيقي الذي تقرر في ذلك المؤتمر، حيث اختارت القوى السياسية الكردية موفداً رسمياً للتفاوض مع دمشق حول الحقوق الدستورية والقومية والمجتمعية، استناداً إلى ما أجمعت عليه إرادة تمثيلية دقيقة. وإن رفض بعض الأطراف- المحلية أو الإقليمية- لهذا الوفد لا يلغي شرعيته، بل يكشف حجم التواطؤ مع روايات تتعامى عن الكرد وتزيّف الوقائع.
إن المعركة اليوم لم تعد على مشارف" الجزيرة أو ديرالزور والرقة"، كما يراد أن يقال- ولي رأيي الشخصي في وجود أية قوة عسكرية خارج مكانها- بل في عمق التمثيل السياسي؛ فبين أن يُختزل الكرد السوريون في شخص واحد مهما بلغت رمزيته، أو أن يُعاد تثبيت تمثيلهم الوطني والقومي في مؤسساتهم واختياراتهم، فارق جوهري. إذ إن من انتزع بندقية، ليس بالضرورة من يحسن انتزاع اعتراف دستوري، والعكس صحيح. وهكذا فإن توزيع المهمات وتحديد الصلاحيات بين الموفد السياسي والقيادة العسكرية أمر لا ينال من هيبة الجنرال، بل يصون الدور ويوطّد التوازن ويمنع الفوضى التمثيلية.
وبدهي أنه لا يجوز، في مناخ التحولات المصيرية، أن يُطلب من الشعب الكردي أن يسلّم أوراقه إلى جهة لم تُفوّض من قبله في هذا النوع من القضايا، ولا أن تُفرض عليه وثيقة "أولية" جرى تمريرها تحت ضغط اللحظة أو برعاية أطراف لا تؤمن أصلاً بحقوق الكرد، بقدر ما تستخدمهم في تقاطع مصالحها. وإن الاستقواء بهذه الوثيقة، أو تقديمها كبديل عن التفاوض مع الوفد المُجمع عليه، لا يعكس سوى منطق فوقي يريد مصادرة إرادة شعب لم تعد تنطلي عليه ألاعيب المحاور المتبدّلة.
تأسيساً على ذلك، فإن مَن يريد العبور إلى حل دستوري عادل لا بد أن يتعامل مع الوفد الكردي المعتمد، لا أن يلتف عليه باسم الحرب أو السلم. فكما أنّ هيئة تحرير الشام إلى جانب فصائل أخرى منها فصيل " العمشات" سيء الذكر للمجرم أبي عمشة صعدت إلى سدة القرار بقوة السلاح ونتيجة صفقات ومخطط معروف، فإن الكرد اختاروا سلوك المسار المختلف، عبر التفاوض القائم على التفويض السياسي لا التفوق العسكري. وإن محاولات القفز على هذا الفارق الجوهري ما هي إلا امتداد لسياسات الإنكار التاريخي التي لم تفضِ يوماً إلى حل.
من هنا فإن أي حوار عسكري يستوجب، طبعاً، تواصلَ الموفد مع الجنرال عبدي ومن معه من القادة، حيث لا فصل بين المسارين إلا من باب التخصّص. لكنّ العكس غير جائز. فلا يحق لقيادة ميدانية، مهما بلغ احترافها واحترامها، أن تحل محلّ التمثيل السياسي في توقيع أو تفاوض أو التزام. إذ إننا نعيش في عصر لا يكرّم إلا من احترم حدود دوره، ولا يمنح الشرعية إلا لمن اختارته القواعد، لا من صنعت له اللحظة رصيداً.
وإن كانت بعض القوى الداخلية لا تزال ترفض الاعتراف بمواطَنة السويداء أو الساحل حين تلوح بوثائق الدستور، فكيف يمكن الوثوق بأنها تحترم توقيعاً لم يُفوّض بتوقيعه أحد، ولا يشكل أكثر من خطوط أولية؟ فالمجازر التي طالت أولئك المواطنين لم تردع المخطّطين، ولا جعلت المداد الذي كتب به الدستور أكثر خجلاً. بل إن العناوين التي حملت تلك الجرائم ما زالت تتصدر مشهد الدولة، أو ما تبقى منها.
وبهذا فإن العودة إلى أصل التفويض تعني شيئاً وحيداً: أنّ الوفد الكردي الذي اختارته قواه السياسية، هو الجهة الوحيدة المخوّلة بالنقاش في القضايا المصيرية. أما الجنرال مظلوم، فله المجد الميداني الذي لا يُنتقص، وله الحق في أن يُستشار في أي بعد عسكري، وأن تُحترم رؤيته في كل ما يتصل بالدفاع. لكنّ الانتقال من ساحة المعركة إلى ساحة التفاوض دون توافق، لن يُفضي إلا إلى اختلال جديد في التوازن السياسي، يُضعف الكرد بدل أن يقوّيهم.
أجل. إن الخلط بين المهمات، وتزييف التفويض، ومحاولة تمرير وثيقة لم تُنجز بعد، كلّها عناوين خاطئة لا تقع على الجنرال وحده، بل على من أراد له أن ينوب عن شعبٍ لم يسلّمه مفتاح مستقبله، بل سلّمه أمانة الدفاع عنه، وشتّان بين الأمانتين.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زياد رحباني شاعراً وهو في الثالثة عشرة من عمره مجموعة- صديقي ...
- سوريا بعد أربع عشرة سنة: ضرورة إعادة تدقيق تعريفي الثورة وال ...
- السيد أحمد الشرع من الجائزة الكبرى إلى مأزق الدم خياران خطير ...
- اللجنة الوطنية للتحقيق في مجازر الساحل تدق آخر مسمار في مصدا ...
- على هامش سقوط تصريح باراك وسقوط حلم المتبركين به
- الانتخاء باسم العشائر خدعة تأسيسية لحرب أهلية مؤجّلة مجاهدون ...
- نزع صاعق القنبلة المحرمة: العشيرة مظلة تعايش وقيم عالية ومسم ...
- السويداء مدينة منكوبة! و-حبل الدمار على الجرار- إن لم نتعظ!؟
- الحرب على الدروز- سباق للتفوق على جرائم الأسد
- الشيخ الدرزي الذي قتل مرتين حلاقة الشاربين تمهيداً لإبادة طا ...
- لا حياد لأصيل أمام الظلم ضد المتجبر حتى لو كنت أنا
- حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول الم ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لا ضير أن نتابع الميثاق- طائع ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لاضير أن نتابع الميثاق- طائعي ...
- شاعر جميل على سرير الشفاء حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- طبول الحرب على الكرد. قرابين بريئة على مذبح سلام موهوم!
- سقوط مشروع باراك وفضيحة الصمت الدولي المناطق الكردية من التف ...
- -ملأكة- الشيطان وشيطنة الملائكة
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...


المزيد.....




- -هل من صحوة؟-.. مفتي سلطنة عُمان يهاجم سعي بعض العرب للتطبيع ...
- بلد عربي على رأس القائمة.. ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة عل ...
- رسائل بين دمشق وتل أبيب.. المبعوث الأمريكي: الشرع شريك يمكن ...
- اكتشاف مدينة غامضة تحت البحر يرجح أن عمرها أقدم من أهرامات م ...
- الولايات المتحدة: أبل تسجل أرباحا قياسية مع ارتفاع مبيعات آي ...
- اعتداءات بالضفة والمستوطنون يتأهبون لاقتحام واسع للمسجد الأق ...
- الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ درع أميركا الداخلي لمواجهة ...
- مبعوث ترامب يزور موسكو وزيلينسكي ينفي سقوط مدينة بالشرق
- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - وثيقة الجنرال كركيزة فحسب: الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب كامل!