أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول المذبحة














المزيد.....

حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول المذبحة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول المذبحة
تأسيسًا على المسار الطويل لإفناء الهوية الدرزية، لا يبدو أن المسألة متعلقة بحادثة أو خلاف طارئ، بل ها نحن أمام صفحة جديدة من كتاب ممدود بالحقد، تُضاف إليه في كل عقد ورقة نار. حيث لم يكن التاريخ الدرزي سلسلة من الانعزال عبثًا، بل ثمرة جراح طاردت هذا المكوّن منذ القرن الحادي عشر، فألجأته إلى قلاع الجبل ومخازن الصمت، ليحفظ وجوده فيما يشبه الانكماش الوقائي. وإن تسرب الضوء إلى داخله تدريجيًا، فلم يكن ذلك إلا بجهد أبنائه الذين انشقوا عن العرضي لا عن الجذور الجامعة، ومنهم أولئك الذين التقيتهم على امتداد مسار محطاتي الحياتية في سوريا والشتات، فكانوا من أوفى الأصدقاء، وأنبلهم، وأوفاهم، وأكرمهم، وأصدقهم، وقد كان الحزب الشيوعي السوري ال-ي يراد وأده، ولست إلا مع جوانبه الأصيلة المضيئة، لا الجانحة، جسرًا إلى تلك المعرفة، إذ لم يكن جسدًا أيديولوجيًا بقدر ما كان بابًا إلى وجدان أرحب.
من هنا، فإن موقفي حيال ما يجري في السويداء لا ينبع من موروث خارجي، بل من تماس مباشر مع أولئك الذين لا ينظرون إلى أنفسهم كضحايا، بل ككائنات سورية أصيلة تسكنها الوطنية لا الطائفة، وتضمر قلقًا شفافًا على الإنسان لا على مجرد مجتمع أو أفرد بيئة. إنهم من أقل الفئات تلبّسًا بالاصطفاف الروحي العدائي، بل من أكثرها انتماءً إلى فكرة الكرامة الفردية، وهي التي تهتز اليوم تحت وقع العدوان.
إذ يتكرر المشهد ذاته الذي رأيناه في عفرين، وتل أبيض، وسري كانيي" رأس العين"، بل على غرار ما شهده ولما يزل يشهده الساحل، كأن الترسيمة واحدة والعدسة واحدة، والمتفرج هو ذاته، والمخرج لا يبدّل أدواته. حيث التجييش على الدروز لم يبدأ من اختطاف بائع خضار، بل سبقته تهديدات واضحة وتحريضات مباشرة، بلغت ذروتها" حتى ما قبل" حوادث جرمانا وصحنايا، منذ أن ترافقت مع دعوات لاقتلاع كل من لا يرضخ لنموذج طائفي محدد في كامل الشروط، سواء كان كرديًا أو علويًا أو مسيحيًا أو درزيًا، وحتى عربياً غداً، وهوما لم يتم الحديث في مدى أخطاره بالمستوى المطلوب بعد. وهكذا بدا أن ساعة الجبل قد دقّت، وأن السيناريو جُهّز بدقة كي يتم إنزاله على الرقعة السورية كلها، بلا مواربة.
إنما ما يُخشى منه ليس فقط الفعل، بل التواطؤ. حيث تظهر أجهزة النظام كمراقب لا يميل إلى الإنصاف، بل ينزلق إلى شبهة التحيّز، بل إلى ممارسة فعل القهر الصريح. وما شريط الفيديو الذي جرى فيه حلق شارب شيخ مسنّ لم إلا تكرار لمشهدية الذل التي مارستها تنظيمات مثل "داعش"، من قبل، لا سيما في إعداماتها الميدانية التي كانت تسعى إلى الترويع لا إلى الانتصار. من هنا، فإن قراءة ما يحدث لا يمكن فصلها عن أدوار متشابكة، تبدأ- تحديداً- من أجهزة السلطة، ولا تنتهي عند السماسرة المحليين الذين يبرعون في إشعال العصب وتفتيت النسيج.
أما ما يُحكى عن "سرقات"، و"إحراق للمنازل"، و"انتهاك للحرمات"، فهو جزء من مخطط أوسع يحاكي نموذج المغول. فالمسألة ليست ردّ فعل على حادثة، بل مشروع منظم للاستباحة، يسعى إلى خلق صراع داخلي يلتهم الداخل بأنيابه، بينما يصفق الخارج بيديه، ويجمع الغنائم بالهدوء نفسه الذي يُراقب فيه سقوط البيوت.
إنما ما يزيد المشهد قتامة هو توازي الهجوم على الدروز مع حملة تهديدات ممنهجة تطال الكرد، حيث باتت المنصات الاجتماعية -بموافقة غير معلنة من دوائر رسمية- ساحة لتلك التهديدات. يذهب بعض مروّجيها إلى الجهر بأن الكرد هم الهدف القادم، باعتبارهم "الخطر الأكبر"، وهكذا يكتمل عقد الكراهية لدى رعاة المخطط وأدواته القميئة، تحت دعاوى وشعارات براقة ملفقة، باسم الوطنية، لاسيما من كانوا في سلوكهم ورؤاهم ضد هكذا رؤى وثقافة، حتى الأمس القريب. إذ ليس من قبيل المصادفة أن يُشتم الدروز وتُهان كراماتهم، فيما تُطلق الشتائم نفسها على الكرد، حتى في إطار الفيديو الواحد، ويُعاد استحضار خطاب إبادتهم، كما لو أن الزمن أعيد إلى الخلف، وكل الأقنعة قد سقطت.
تأسيسًا على ذلك، فإن العيون يجب ألا تُغمض أمام ما يُحاك، لأن ما يُمارس في السويداء اليوم ليس "فتنة عابرة"، بل امتداد مباشر لسياسة تفكيك وتكريس واقع البلد على أساس مناطقي، طائفي، وعرقي، بعكس مزاعم من هم وراء هذا المخطط من العميان ال-ين يترجمون ما يراد منهم وماتسول به أنفسهم وثقافتهم من غرائز عدوانية مشبعة بعفونة طحلبية ملتبسة الثقافة. وها هو الجبل يُمتحن، تمامًا كما امتحنت كوباني وعفرين من قبل، وتمامًا كما عاين الساحل لحظة الغرق في لغة الدم.
إن الوقوف إلى جانب المكوّن الدرزي اليوم ليس تضامنًا مع طائفة، بل هو انحيازنبيل- بغض النظر عن حقيقة أدوات من صميم المخطط من بين هؤلاء- انحياز إلى ما تبقّى من إمكانية للبقاء سورياً، جامعاً، كما حلم به كل المخلصين لرابط الوطني. إذ لم تعد الحرب مؤجلة، بل بدأت بصمت ثم دوّت، وكل من يظن أنه بعيد عنها، لم يقرأ جيدًا فصولها التي كُتبت بمداد أسود على جدران الخراب.
وإنما يبقى السؤال: هل يستفيق السوريون، قبل أن يصبحوا -كلهم- من ضحايا السيناريو ذاته؟



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لا ضير أن نتابع الميثاق- طائع ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لاضير أن نتابع الميثاق- طائعي ...
- شاعر جميل على سرير الشفاء حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- طبول الحرب على الكرد. قرابين بريئة على مذبح سلام موهوم!
- سقوط مشروع باراك وفضيحة الصمت الدولي المناطق الكردية من التف ...
- -ملأكة- الشيطان وشيطنة الملائكة
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...
- مكر بعض ال- نخب- من السوريين: حين يصبح الاعتدال ستارًا لطمس ...
- الشيخ سعيد بيران في مئوية ثورته وإعدامه: مقاربة لدحض الرواية ...
- السجن السياسي تاجٌ ودافعٌ للحفاظ على كرامة الذات والآخر لا ج ...
- عشر سنوات على قرار ميركل: إنقاذ حياء وجه العالم وسوريا في ال ...
- عمن لم يبدلوا جلودهم: شهادة على زيف أبوة الثورة لدى بعضهم
- عودة فلول الإرهاب إلى البلد الخراب
- المسيح الذي صلب في الدويلعة!
- -طفل إبسن- في بلاد اللحى: من قال لا؟
- عندما تصير الأغنية وزارتي ثقافة ودفاع الأغنية توأم جبال الكر ...
- الشرق الأوسط الكبير: لماذا لا تكون المبادرات داخلية بدلًا عن ...
- هل بدأ العد التنازلي لفاتحة حربٍ عالمية ثالثة؟ أنباء عن استخ ...
- أما آن للعالم أن يطوي حقبة الحروب؟ الطغاة يدفعون الأبرياء إل ...


المزيد.....




- التعرّق في المطارات قد يُطلق أجهزة الإنذار الأمنية.. تعرّف إ ...
- -مملة للغاية-.. شاهد رد فعل ترامب حول سبب اهتمام الناس بقضية ...
- ترامب يعلن عن استثمارات ضخمة لدعم الذكاء الاصطناعي والطاقة ف ...
- ما صواريخ جاسم؟ وهل سيرسلها ترامب إلى أوكرانيا؟
- بعد تصريحات ترامب والسيسي.. هل يشهد ملف -سد النهضة- انفراجة؟ ...
- القناة 13 الإسرائيلية تكشف -مسودة اتفاق غزة- الجديد والمؤقت ...
- رئيس إنفيديا: الذكاء الاصطناعي الصيني -محفز للتقدم العالمي- ...
- روسيا تدمر 8 مسيرات أوكرانية وتقصف مدنا أوكرانية بالمسيرات
- إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية بسبب تهريب مليوني لتر من الوقود ...
- سوريا.. تعبير السعودية عن -ارتياحها- وتعليق وئام وهاب يثير ت ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول المذبحة