أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - كي الوعي والقصف المتعمد..الأبراج في غزة














المزيد.....

كي الوعي والقصف المتعمد..الأبراج في غزة


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 13:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما حملت الأبراج وهي مبان شاهقة، رمزيات مختلفة عبر التاريخ.فبينما ارتبطت في العصور الوسطى بالرمزية الدفاعية، فإنها في العصر الحديث حملت رمزية العظمة الهندسية والقوة الاقتصادية والتطور والنمو للمدن.
وغزة واحدة من هذه المدن، إلا أن لها خصوصيتها من حيث المساحة والكثافة السكانية. ولذلك فقد لجأت إلى بناء الأبراج، فكان أول برج بني على أرضها هو برج فلسطين، وهو برج سكني وتجاري تم إنشائه عام ١٩٩٤ في حي الرمال بساحل مدينة غزة. ثم توالت عملية بناء الأبراج، فكان برج مشتهى وبرج السوسي، والرؤيا التجاري ورؤيا السكني، وقد تم تدميرها كلها في شهر سبتمبر/٢٠٢٥ خلال عملية "جدعون٢". أما برج فلسطين الآنف الذكر فقد دمرته طائرات الاحتلال عصر يوم السبت، السابع من أكتوبر/٢٠٢٣, وكان أول الأبراج بناءا وأولها انهيارا.

وهذا ليس العدوان الأول على الأبراج ففي كل عدوان صهيوني على قطاع غزة على مدار سنوات كانت تحتل صدارة المشهد وهي تنهار تحت القصف الجوي المتوحش.
فما الذي يجعل الأبراج المدنية في غزة، بما تمثله من بنى سكنية وتجارية، على رأس قائمة الأهداف؟ ولماذا تصر دولة الاحتلال على هدمها؟

تعتبر الأبراج في غزه بالإضافة إلى كونها أماكن للسكن والتجارة، رمزا للحياة في منطقة تحاصر منذ أكثر من ١٧ عاما، ويمنع عنها النمو العمراني الطبيعي، وتحارب في أدق تفاصيل البقاء، وبالتالي فإن هذه الأبراج تمثل في نظر أهل غزة، ناطحات أمل أكثر منها ناطحات سحاب. ولذلك فإن في كل تفصيلة فيها يكمن معنى لا يفهمه إلا أهلها. وبالتالي، فإن استهداف الأبراج يسحق هذا المعنى.

ودولة الاحتلال تدرك هذه الرمزية جيدا، لذلك فإن استهداف الأبراج يأتي في صلب العقيدة العسكرية الصهيونية المسماة ب "كي الوعي"، الذي يهدف في الأساس إلى قتل الوعي الجمعي، والنسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى القضاء على أي بقايا للأمل في الحياة.
والرسالة هنا واضحة ومقصودة، وهي أن "كل ما تبنونه سندمره، وكل ما تحاولون الحفاظ عليه سنحوله إلى رماد". وبالتالي فإن هذا العدو الخطير يشتغل على سياسة تهديم منظم للهوية ومفهوم أهل غزة عن المستقبل.

وتأتي مبررات هذا الفعل الشنيع والتي
يتم تسويقها بخباثة في الإعلام الدولي أن "المقاومة الفلسطينية تستخدم الأبراج لتخزين السلاح"، أو "تستعملها كبنى تحتية". ورغم افتقار هذه المزاعم للأدلة الملموسة، إلا أن العالم بمؤسساته ومنظماته، يقف ما بين عاجز أو متواطئ.

كما أن لتدمير الشواهق من المباني في غزة، وظيفة داخلية في دولة الاحتلال. فالقيادة الصهيونية الفاشلة التي عجزت عن تحقيق أهداف الحرب التي أعلنها "نتنياهو" منذ السابع من أكتوبر، تسعى اليوم ومن خلال عملية التدمير هذه إلى استعادة زمام المبادرة عبر صور "الانتصار" المزعوم. فانهيار برج مكون من عدد من الطوابق على الهواء مباشرة، يشكل بالنسبة لها مادة دسمة للإعلام العبري، ورسالة انتخابية وسياسية ناجحة لجمهور الشتات.

وفي الوقت نفسه، فإن تدمير هذه الأبراج يهدف لقطع شريان الحياة الاقتصادي والاجتماعي عن أهلنا في غزة. فكثير من الأبراج تضم مكاتب إعلامية، وعيادات طبية، ومحلات تجارية وغيرها، وبتدميرها تعم الفوضى.

وفي النهاية إن ما تقوم به دولة الاحتلال من استهداف للأبراج ما هو إلا استمرار لعقيدة قديمة ترى في "تكسير الروح الجماعية وتحطيم الإرادة" سياسة، دون أن تدرك أن تحت الركام بذرة لجيل جديد يرى وطنه من خلال إرادة الصمود وأن كل برج يهدم، يبنى بدلا منه وعي أرسخ، وأن الصراع على أن من يملك الحق، هو الذي يجب أن يبقى ويحيا، أما المعتدي فهو الذي يجب أن يموت أو يغادر.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضربة في الدوحة..صاروخ صهيوأمريكي على طاولة التفاوض
- صواعق كهربائية مطورة ورصاص مطاطي في سجون الاحتلال
- لا مجاعة في غزة..-غوغل و-إكس- في خدمة البروباغاندا الصهيونية
- *عصا موسى* مقابل -جدعون ٢
- الشيخ رضوان يشهد ليلة دموية وسط صمت العالم
- ثلاثية أمنية في الزيتون والصبرة وخان يونس...جيش الاحتلال ومأ ...
- مستشفى ناصر يُقصف… والعرب في سبات عميق
- من التحذير إلى الاعتراف.. ماذا بعد إعلان المجاعة في غزة؟
- قراءة في عملية -جدعون٢
- رؤية يمينية متطرفة..-E1- كأداة لتثبيت واقع استيطاني لا رجعة ...
- اغتيال الحقيقة..أنس الشريف وشهداء الكلمة في غزة
- إنها -حرب دينية-..قالها -آريه إلداد-
- غزة لا تُحتل مرتين..التاريخ يُعيد دروسه لمن لا يقرأ
- من -الثورة- إلى -الإرهاب-..كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الرواي ...
- زيارة -ويتكوف- إلى رفح،استعراض إنساني يخفي تواطؤا سياسيا
- عسقلان موعدنا..والأكلة على القصعة
- من سرق البيت لا يحق له ادعاء ملكيته
- غزة بين فصول المجاعة وأبواب الموت الجماعي
- يحيى لم يمت وحده..هذا العالم كله يحتضر
- غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأز ...


المزيد.....




- مسلسلات تركية.. الموسم الثاني من -حلم أشرف-.. إليكم التفاصيل ...
- استمر لعقود.. جانيت هيوبرت تتحدث عن آخر مستجدات خلافها مع وي ...
- تشارلي كيرك.. ماذا نعرف عن اغتيال الناشط الأمريكي اليميني وع ...
- نيبال.. -جيل زد- يحرق منزل رئيس الوزراء وينقذ زوجة وزير بعد ...
- من هو تشارلي كيرك، الناشط اليميني وحليف ترامب الذي دعم حيازة ...
- تشارلي كيرك: مؤثر محافظ وصاحب آراء مثيرة للجدل
- حماس: الهجوم على الدوحة محاولة لاغتيال مسار التفاوض
- ستارمر يُقيل سفير بريطانيا في واشنطن.. الحكومة تؤكد: لم يُفص ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- مقتل الناشط كيرك يحدث صدمة في أمريكا ويعيد النقاش حول العنف ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - كي الوعي والقصف المتعمد..الأبراج في غزة