أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الأخلاقُ والمحبة والتجديد… ثلاثيةُ الرسالة في خطبة الوزير














المزيد.....

الأخلاقُ والمحبة والتجديد… ثلاثيةُ الرسالة في خطبة الوزير


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 11:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأخلاقُ والمحبة والتجديد…
ثلاثيةُ الرسالة في خطبة الوزير
Facebook: @NaootOfficial

"أين نحن من الرسالة؟" سؤالٌ أطلقه وزيرُ الأوقاف الدكتور "أسامة الأزهري" في كلمته الرفيعة بمناسبة "المولد النبوي الشريف"، فكان كجرسٍ مدوٍّ يوقظ الضمائر، ويفتح باب المحاسبة أمام أمّة تحتفل بميلاد صاحب الخُلق العظيم بينما واقعها مثخن بالتشرذم والانقسام والشكلانية التي تغفل عن “الجوهر”.
احتفال هذا العام بالمولد النبوي له خصوصية نادرة. ففي عام ١٤٤٧ هجريًا، نقف على عتبة رأس المئة الخامسة عشرة للهجرة، التي بشّر بها الحديث الشريف: "إن الله يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة مَن يجدّد لها دينها". وإذ نقترب من إتمام ١٥ قرنًا على مولده الشريف، تتذكّر الأمة الإسلامية أنها أمام محطة فاصلة لمراجعة النفس وتجديد الروح. هذا التزامن أضفي فرادةً للمناسبة، وجعل من خطبة الوزير بيانًا فكريًا يرسم للأمة خارطة طريق نحو المستقبل، تتكئ على أعمدة ثلاثة: التجديد، الأخلاق، الإحسان. فالتجديد يحرّر العقل من الجمود، والأخلاق تحرّر السلوك من التدني، والإحسان يرفع الأداء إلى مستوى الإبداع. إنها ثلاثية الترقي لأمّة تبحث عن ذاتها في زمن التيه.
بعد عقودٍ مُثقلة بالصراع مع فكر الإرهاب الذي فتّت دولًا ودمّر شعوبًا، جاء صوت الوزير ليذكّر بأن مواجهة الظلام لا تكون إلا بالتجديد. وأشار إلى الفارق بين "الحديث عن التجديد" في المؤتمرات، وممارسته بالفعل. فالأول كلام يردَّد، أما الثاني فصناعة عسيرة. التجديد ليس شعارًا يُرفَع، بل منظومة تعليمية ومعرفية تقتضي التبحّر في علوم الشريعة، والإحاطة بعلوم الواقع، والقدرة على وصل الاثنين وصلًا منتجًا وواعيًا. عندها فقط يُولد جيلٌ مثقفٌ يملك أدوات تفكيك أزمات العصر، بوسعه مواجهة الغلوّ والانغلاق بوعي ومعرفة. واستشهد بمقولة الشيخ "محمد أبو زهرة”: "التجديد هو أن يُعاد الدين إلى روحه، ويُزال عنه ما علِق به من أوهام، ويُبيَّن للناس صافيًا كجوهره النقيّ في أصله.”
المحور الثاني في الخطبة كان "الأخلاق”. فأشار الوزيرُ إلى أن أكثر من ثلثي الأحاديث النبوية، بعد غربلة المكرَّر، تدور حول "الأخلاق والآداب والفضائل والأدب والذوق الرفيع في جميع تفاصيل الحياة"، بينما لا يتجاوز الثلثَ ما يتصل بالفرائض والشعائر. هذي النسبة تكشف أن الرسالة المحمدية أخلاقيةُ الجوهر. هنا أطلق الوزيرُ تساؤله الصاعق: "أين نحن من ذلك؟!”. سؤالٌ يضعنا نحن المسلمين أمام مرآة قاسية، فهل يحق لنا أن نحتفل بالمولد الشريف بينما نقصِّر في حمل جوهر رسالته؟! فالأخلاق ليست مكمّلات للدين، بل هي روحُه. وقسّم الوزيرُ منظومة الأخلاق إلى شقّين متكاملين: قيمُ البقاء التي تحفظ الإنسانَ والمجتمعات من التآكل والاندثار، مثل: الصبر والصفح والعفو والبرّ، وقيم الانطلاق التي تدفع الأمم إلى العمران والمدنيّة وبناء المؤسسات وصناعة الحضارة، مثل: الإبداع والإتقان والابتكار وتعظيم العلم وتعارف الحضارات وصناعة الجمال الذي يحبه الله وبناء العقول ونكران الذات والترقي والتعلق بصناعة القيم العليا. فتلك أعظمُ مقاصد الشريعة، والشرارة التي تُبقي المجتمعات حيّة وقادرة على تجاوز الأزمات. وتساءل الوزيرُ: "أين أنتم أيها المسلمون من كل هذا؟ أين أنتم أيها العلماء والفقهاء؟ أين أنتم أيها الخطباء والدُّعاة؟. سؤال عصيّ يُحاصر الضمير الجمعي ويذكّر بأننا ما زلنا قاصرين عن حمل جوهر الهَديْ النبوي الذي سنُسأل عنه يوم القيامة. ثم أكد الوزير على أن الفرصة ما زالت قائمة للاستدراك، والعمل، والوفاء برسالة العدل. ومن هنا انتقل الوزير ليؤكد أن العدالة ليست وعظًا، بل التزام عملي برفض البغي والعدوان، مشيدًا بالموقف المصري متمثلا في الرئيس "عبد الفتاح السيسي" الرافض لتهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم، والداعم لحقهم الأصيل في إقامة دولتهم المستقلة على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

القضية الثالثة التي أبرزها الوزير هي "الإحسان"، الذي يتجاوز العطاء إلى الإتقان. هو العطاءالممزوج بالمحبة والرضا. هنا يتحوّل أداءُ الواجب من فعل ثقيل إلى فعل جمالي، يتفننُ فيه المرءُ ويبدع؛ فيغدو الإحسانُ قيمة حضارية تُثري العلاقات الإنسانية، وتجعل من الحياة ساحة جَمال لا ساحة كَدّ. قد يتصدق المرء وهو ضجِر، لكن الإحسان أن يتصدّق بفرح؛ فيغدو قيمة عليا، تجمع بين جمال الروح، ورقيّ السلوك، وإتقان العمل. وهو ما نحتاجه في مؤسساتنا، في عمراننا، في صناعتنا للعلم والفكر والفن.
جعل وزير الأوقاف من ذكرى المولد الشريف هذا العام محطة مراجعة، لا مجرد طقس احتفالي. مراجعة تبدأ من عقولنا، وتمرّ بقلوبنا، وتنتهي بأيدينا التي تبني وتزرع وتكتب وتصنع. فإذا نجحنا في أن نحيا بروح التجديد، ونسلك سلوك الأخلاق، ونتقن صنعة الإحسان، نكون قد استجبنا لنداء الخطبة الرائعة، وامتثلنا لجوهر الرسالة التي جاء بها الرسولُ عليه الصلاة والسلام.



***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زجاجُ سيارتي المصدوع… والفلاسفة
- “نجيب محفوظ-… سيدُ المفارقات
- الضحايا جلاّدون … في The 8 Show
- “مريم-… أيقونةُ الحنوّ الكوني
- في مديح -العُسر- … و-التصوّف-
- أبي … وأبي الروحي
- موسمُ الرياض سعوديًّا… وعقلٌ لا يعجبه العجب!
- أقلامُهنَّ … في ميزان البحث الأكاديمي
- احترامُ جلال الموت
- -مصرُ- و -غزّة”… التاريخُ يشهدُ بما يُغنينا عن الكلام
- فيروز … هاكِ مِنديلي لتُخبّئي دموعَك
- -كتالوج-... الأبوة والأمومة
- الأميرُ النائم … والساهرون على حُلمه
- نغتالُ الوترَ … ونرقصُ على نغمِه!!
- لماذا نكرهُ مَن يحبُّ؟!
- كرامةُ المعلّم… ة
- بين القمحِ والفكر… شكرًا د. “حسام بدراوي-
- مشرقاتٌ … في -منتدى القيادات النسائية-
- صالون العدل
- القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر


المزيد.....




- القدس: الاحتلال يعتقل مدير لجنة رعاية المقابر الإسلامية
- هيومن رايتس ووتش: هجمات تنظيم الدولة الإسلامية تتصاعد في الن ...
- رئيس الشؤون الدينية التركي: نبذل قصارى جهدنا لضمان حرية فلسط ...
- الرئيس الإيراني: على الدول الإسلامية إدانة جرائم الكيان الصه ...
- دعوى ضد مسؤولة أممية بعد اتهامها منظمات مسيحية بتمويل -الإبا ...
- قائد الثورة الاسلامية يمنح عفوًا ويصادق على تخفيف عقوبات للم ...
- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة toyour el-janh kides tv .. ...
- جائزة المصطفى (ص) لعام 2025 تُمنح لثلاثة علماء من نخبة العال ...
- مصطفى العقاد.. مخرج حمل رسالة الإسلام إلى هوليود
- قائد الثورة الاسلامية يجيز بصف جزء من اموال الخمس لأهلي غزة  ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الأخلاقُ والمحبة والتجديد… ثلاثيةُ الرسالة في خطبة الوزير