أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر














المزيد.....

القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial

رجلٌ من أنبل رجال العالم، آمن بأن التعليمَ حقٌّ أصيل لأطفال الفقراء قبل الأغنياء. القديس"يوحنا دي لا سال"، أحد رجال القرن السابع عشر، الراهبُ الذي وضع حجر الأساس لأول نظام تعليمي حديث ومجاني، رغم انحداره من أسرة أرستقراطية فرنسية نبيلة، إلا أنه آمن بأن العلم حقٌّ طبيعي ومقدس للإنسان كالماء والهواء.
لم يزر مصرَ أبدًا، لكن له أياديَ بيضاءَ نبيلةً على مصرَ أجيالا في إثر أجيال. ورغم عدم زيارته المحروسة؛ إلا أن حضوره طاغ في مدرسة " فرير سان بول شبرا" التي نحتفل اليوم بإشعال شمعتها رقم ١٣٥.
بمجرد أن تخطو قدمُك حديقة المدرسة سوف يصافحُك تمثالُ رجل نحيل على وجهه سيماءُ الزهد، وفي عينيه تستشفُّ الحنوَّ الذي دعاه للانتصار لحقّ أبناء الفقراء، ليس في التعليم المجاني وحسب، بل في التعليم الرفيع، ليكون العلمُ عونًا لهم على مواجهة الحياة، ودرعًا واقيًّا يحميهم من الوقوع في الزلل. كوّن هذا الراهبُ مجموعة من رجال التعليم الذين آمنوا برسالته النبيلة في حق الفقراء في التعليم؛ وأطلق عليهم: "الإخوة أو Les Frères لكي يأسسوا صروحًا تعليمية لا تغلقُ أبوابها في وجه الفقير، مستمرٌ عطاؤها؛ رغم مرور ثلاثة قرون على رحيله عن عالمنا.
فعل هذا في زمن كانت الأميةُ فيه منتشرة، والتعليمُ حكرًا على أبناء النبلاء والأثرياء من ذوي الياقات العالية في أوروبا ق.١٧، فكان سابقًا ومواكبًا لعصر التنوير الأوروبي. ولأن النورَ لا يعرفُ التشرنقَ والانغلاق؛ بل ينتشرُ رغم أنف الظلام ويهزمه، انتشر فكرُه الإصلاحي في جميع أرجاء العالم حتى وصل مصرَ، وتأسست أولى مدارسهم الراقية في الأسكندرية عام ١٨٨٨، ثم "فرير سان بول شبرا" عام ١٨٨٩ التي احتفلنا بعيد ميلادها الخامس والثلاثين بعد المائة في حفل حاشد أنيق حضره محافظ القاهرة الدكتور "إبراهيم صابر"، ونخبة من قادة مدارس الفرير والمؤسسين ورجالات التعليم والثقافة، وكذلك بعض الرموز ممن تعلّموا على مقاعد هذه المدرسة العريقة مثل اللواء أ.ح. “محب حبشي” محافظ بور سعيد، الذي ألقى عبر بثٍّ تليفزيوني كلمة مؤثرة عن مدرسته وذكرياته فيها؛ وذكر أن إدارة المدرسة النبيلة أعفته من مصاريف الدراسة في أحد أعوام الحرب؛ لأن والده كان مقاتلا في القوات المسلحة. ما يؤكد أننا لم نكن نحتفل بمرور الزمن على جدران هذا الصرح التعليمي العريق، بل نقف في حضرة فكرة، وشهادة حبّ لرجل آمن بأن التعليم رسالة إنسانية وتحضّر.
وخلال كلمة جميلة ألقاها مديرُ المدرسة مسيو "هاني وديع" تكلّم عن تاريخ القديس "دي لا سال" المشرق، الذي أنار جنبات مصر بالتعليم الوازن خلال مدارس الفرير التي أخرجت لمصرَ أجيالا من المتحضرين علمًا وخلقًا. فإلى جانب التعليم الممتاز، تحرص مدارس الفرير الديلاسالية، على تدريب أبنائها على العمل التطوعي والخدمي والمجتمعي، حتى تكتمل الشخصية الإنسانية النبيلة التي تؤمن بأن خدمة الآخرين فرضُ عين على كل إنسان، لكي يكون إنسانًا. ولهذا أطلقت "فرير سان بول" شبرا مشروع "نافذة على الحياة" وهو منصة واقعية يُمنح الطلابُ فيها فرصة الإبحار في تجارب من تجاوزوا محيط الفصل الدراسي، للتعلم من قادتهم، وفتح نوافذ تُطلُّ على الحياة الحقيقية بكل تفاصيلها. إنه تكريم للفكر الديلاسالي في إقامة جسرٍ بين التعليم النظري والعالم الواقعي الذي يمنحهم المعرفة العملية.
مازلتُ أذكر كلمةً ألقاها المهندس "إبراهيم محلب"، أحد أعظم رؤساء مجالس الوزراء المصريين، قال فيها إنه بعد توفيق الله تعالى، يدينُ لمدرسة الفرير "دي لا سال" تعلّمه الانضباط والالتزام والوطنية، إلى جوار القيم والأخلاق والصدق والتسامح، فضلا عن التعليم الرفيع وإتقان اللغات الأجنبية، ما فتح أمامه آفاقا ممتازة. ومن تلك المدرسة تخرج زعماءُ آخرون مثل: "إسماعيل باشا صدقي"، "عبد الفتاح باشا يحيى"، "مصطفى باشا فهمي"، "ممدوح سالم"، المهندس "طارق الملا"، والدكتور "عصمت عبد المجيد” وغيرهم.
في وطنٍ طيّب الأثر كــ مصر، لا تُقاس المؤسسات التعليمية بعدد مقاعدها، بل بما تغرسه في العقول من بذور النور، وفي النفوس من كرامة، وفي القلوب من رحمة. شكرًا لجميع حاملي المشاعل في مدارس الفرير، وشكرًا للمسيو "هاني وديع"، الرجل الذي جمع بين الانضباط الفرنسي والروح المصرية البسيطة، فحافظ على هوية المدرسة وجعلها واحة للعلم وسط زحام التشويه والتسليع، حاملا المشعلَ الذي تسلّمه من أسلافه قادة “فرير سان بول شبرا”، التي ليست مجرد صرحٍ أكاديميّ عظيم، بل صفحة من تاريخ مصر الثقافي المشرق. كل عام وهي إحدى منارات العلم في مصر الطيبة.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيني ترى… لا شيءَ اسمُه: -العمى-
- “صبحي- … فارسًا يكشفُ المستور
- في -عيد الأب-… أقدّمُ لكم أبي
- هجرةُ النساء في ...”ليلة العيد-
- يرشقون نوافذَ القطارات! مِقصلةُ الفرص الجميلة!
- -سميحة أيوب- … عِناقٌ أخير
- مباركٌ شعبي مصر
- رسالة إلى -مصر الخير-…. -المتوحّدون- وحيدون!
- -فرير الخرنفش- … يستثمرون في الشمس
- “دقّة قديمة-… عزفٌ على أوتار الهُويّة المصرية
- عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!
- -الحُبُّ- يسقطُ …. في أرض السلام و-الحب-!!!
- مدارسُ الراهبات
- أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-
- “صلاح دياب-… عاشَ ليحكي
- -فرحًا مع الفرحين- … عيد قيامة مجيد
- البابا …. غاسلُ أقدامِ الكادحين


المزيد.....




- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر