أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مباركٌ شعبي مصر














المزيد.....

مباركٌ شعبي مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 10:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



إنها مصرُ الفريدةُ، التي يحجُّ إليها كلُّ ناشدِ أمانٍ غابَ عن وطنه، وكلُّ عائزِ دفءٍ لم يجده في أرضه، وكلُّ رافضٍ بطشَ باطشٍ احتلَّ بلادَه. مصرُ التي أرضُها ملاذٌ، وسماءُها مظلّة، وشمسُها دفء، ونيلُها نبعٌ للريّ والعزاء.
في غُرّة يونيو من كل عام، تتجدد ذكرى وطنية فريدة، توقِفُنا أمام لحظةٍ فارقة من لحظات المجد الروحي والتاريخي تختصُّ بها مصرُ دون سائر بلاد الدنيا. ذكرى دخول العائلة المقدسة أرض مصر، حين حلَّت السيدةُ مريم العذراء، وطفلُها، رسولُ السلام الذي جال يصنعُ الخير حاملا رسالة محبة عبرت القلوبَ قبل أن تعبر الجغرافيا. جاءتنا العائلةُ المقدسة هربًا من بطشِ "هيرودس" في الناصرة، تبحث عن الأمان. فوجدت في مصر حضنًا وسَكنًا. فمثلما كانت مصرُ مهدًا للحضارات ومأوى للأنبياء والحكماء والفلاسفة والعلماء منذ فجر التاريخ، فتحت ذراعيها لهذا الوفد السماوي الكريم؛ لتنطبعَ خُطاهُم فوق ترابها، وتحلَّ البركةُ على أرضها، فكان التاريخُ شاهدًا، والسماءُ راضية.
ما من بلدٍ في الدنيا يملك هذا المجدَ الحصري، إلا وطنُنا الاستثنائي. وحدها مصرُ، اختصّها اللهُ باستقبال العائلة المقدسة لتحطَّ رحالَها بين ربوعها، من بيت لحم إلى رفح، فالمطرية، فالمعادي، فسمنود، فدير المحرّق، فأسيوط، في مسارٍ روحيٍّ يمتدّ على أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر، ليُغدو صفحةً من أجمل وأنبل ما كُتب في سِفر الإنسانية.
ولكن، ولفرط الأسف، ما زلنا لا نُعطي هذا الحدث ما يستحق من معرفة، وتقدير، وتوظيف، لا في المناهج التعليمية ولا في الوعي العام والإعلام، رغم اهتمام الرئيس السيسي بالأمر! وكأننا نملك كنزًا لا نعرف قدرَه! بل بيننا مَن لا يعرفُ بوجوده أصلا! مع أنه يُمكن أن يكون جسرًا للسلام المجتمعي، ومصدرًا لتعزيز هويتنا المشتركة، ورافدًا اقتصاديًا وسياحيًا لا ينضُب.
لكن شعلة الأمل لا تنطفئ، بفضل مثقفين أحبّوا مصرَ في صمت، وعملوا لأجلها بلا صخب. على رأس هؤلاء يضيءُ اسمُ السيد/ "منير غبور" رجل الأعمال المثقف، الذي أخذ على عاتقه منذ عقود طوال، من خلال مؤسسة "نِهرا للتنمية"، مسؤولية إحياء مسار العائلة المقدسة، وتنميته، وتقديمه للعالم بما يليق بجلال الحدث. فطوّر البنية التحتية في عددٍ من المحطات، وساهم في توثيق المسار علميًا وتاريخيًا، وأنتج أوبريتات جابت العالم للإعلان عن عظمة الرحلة التاريخية، ونسّق مع الدولة خطّةً للعمل، ليضع هذا المشروع على خريطة السياحة الروحية العالمية. لكنّه في النهاية مشروعٌ مؤسسي ضخم يجب أن تتضافرَ فيه جهودُ جميع رجال الأعمال الوطنيين، وتُيسّرَ له مؤسساتُ الدولة المعنية ووزاراتُها. فهو ليس مشروعًا سياحيًا وفقط، بل رسالةُ حبّ وسلام من مصر للعالم، وإعلانًا بأن مصر أمينةٌ على أمجادها وهِباتِها.
على الصعيد الوطني والمعرفي، يجبُ إدخال قصة دخول العائلة المقدسة في المناهج المدرسية، لا بوصفها حدثًا دينيًا، بل باعتبارها واحدًا من مكونات الشخصية المصرية، وقيمةً تربويةً عُليا، تغرس في نفوس الأطفال معنى الرحمة، والتسامح، وغوث المظلوم، وتُعلّمهم أن مصرَ كانت دومًا وطنًا للجميع، لا يُقصي، ولا يُغلق بابه في وجه الطارقين. حين يعرف التلميذُ أن السيد المسيح ووالدته البتول، اللذين يُجلّهما المسلمون والمسيحيون، قد دخلا وطنَه بحثًا عن الأمن، فإن الطائفية ستسقط من قلبه قبل أن تسكنَه. فالتعليمُ، حين يكونُ وطنيًا وإنسانيًا، قادرٌ على تشكيلَ وعي الجيل الجديد على أسس الاحترام والتنوع وقبول الآخر.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن مشروع “مسار العائلة المقدسة” يُعدُّ من أغنى وأعرق وأثمن المسارات السياحية الدينية التي يمكن أن تنافسَ عالميًا، لو أُحسن تخطيطه وتسويقه. فمسيحيو العالم، بل جميعُ السياح المثقفين المعنيين بفرادات التاريخ على اختلاف عقائدهم، يتوقون لمشاهدة الأماكن التي مرّت بها العائلة المقدسة في مصر، بوصفها جزءًا حيًّا من كتاب التاريخ نابضًا بالعجائب والفرادة.
نحتاج إلى بنية تحتية مدروسة مناسبة للسياح في نقاط الرحلة وفنادق إقامة محترمة، وخرائط إرشادية دقيقة، وتدريب مرشدين مثقفين على سرد القصة بروحٍ جامعةٍ لا مُفرّقة، كل ذلك يُمكن أن يُدرّ دخلًا ضخمًا للدولة، تمامًا كما تفعل دولٌ أخرى بمواقع أقلّ قداسة وأقلّ تاريخًا.
لكن مصر، كما نعرفها، لا تتعامل مع قدسيتها بمنطق السوق فقط، بل بمنطق الروح. وما أروع أن نربح الروح والدخل معًا، إذا عرفنا كيف نُدير هذا الإرث العظيم بعينٍ وطنية وقلبٍ مثقف.
في هذا اليوم، نُجدّد وعيَنا بهويتنا، ونُذكّر أنفسنا بأن مصر لم تكن يومًا أرضًا عادية، بل كانت دائمًا وجهةً للمحبة، وبوصلةً للسلام. "مباركٌ شعبي مصر"، كما قالها السيد المسيح، ومباركةٌ هذي الأرض التي ما خذلت ضيفًا، ولا صدّت طارقًا، ولا فرّقت بين بنيها. ستظل مصرُ على مرّ الأزمان: أرضَ العبور، وأمَّ الحضارات، وملتقى السماء بالأرض.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى -مصر الخير-…. -المتوحّدون- وحيدون!
- -فرير الخرنفش- … يستثمرون في الشمس
- “دقّة قديمة-… عزفٌ على أوتار الهُويّة المصرية
- عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!
- -الحُبُّ- يسقطُ …. في أرض السلام و-الحب-!!!
- مدارسُ الراهبات
- أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-
- “صلاح دياب-… عاشَ ليحكي
- -فرحًا مع الفرحين- … عيد قيامة مجيد
- البابا …. غاسلُ أقدامِ الكادحين
- -السَّعفُ-… حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ
- -ماكرون-… -السيسي- وشعبُه… هذي مصرُ المشرقة
- التهجير... هدرٌ للدم المصري والعربي
- “لام شمسية- … حين تخجلُ الشمسُ
- عيدُ الفطر … ذكرياتُ الفرح
- أنا … -أمٌّ مثالية-... لابنٍ مثاليٍّ
- مع الكُرد العظماء …. في عيدهم


المزيد.....




- “أغاني طول اليوم هتسلي أطفالك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2 ...
- إدارة ترمب تتهم جامعة كولومبيا بممارسة التمييز ضد الطلاب الي ...
- آية الله خامنئي( دام ظله) يدعو الحكومات الإسلامية لمواجهة ال ...
- “بهذا التوقيت رسميا” دار الإفتاء تحدد مواعيد صلاة العيد 2025 ...
- الإخوان على رادار واشنطن.. هل اقترب تصنيفها -إرهابية-؟
- حققي طلباتهم .. قائمة تردد قنوات الأطفال 2025 عبر نايل سات م ...
- غني مع الأطفال طول اليوم في سعادة ومرح “تردد قناة طيور الجنة ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- الإسلام السياسي ينشط في أوروبا – فما العمل؟
- بزشكيان يهنئ قادة وشعوب الدول الإسلامية بعيد الأضحى المبارك ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مباركٌ شعبي مصر